السلام عليكم
السؤال: كيف يحفظ الطالب المتون العلمية (أي: ما هي آلية الحفظ)؟

الجواب: بالنسبة لآلية الحفظ يحتاج فيها الإنسان إلى ما يلي:


أولاً: تقويم ما يريد أن يحفظه الطالب، فالإنسان إذا حفظ شيئاً على وجه الخطأ، فلا فائدة من حفظه له، مثل كثير من الذين يقرءون القرآن، ويتقدمون أئمة للناس وهم يخطئون ويكسرون في كل كلمة، فما فائدة حفظ هؤلاء؟! لو حفظوا آية واحدة متقنة لكانت خيراً لهم من حفظ القرآن كله على وجه الخطأ، فلذلك لابد من التصحيح نمذجي مفصل أولاً. إذاً: أول خطوة في الحفظ هي: تصحيح نمذجي مفصل ما تريد حفظه.

ثانياً: أن يأخذ الإنسان الشيء الذي يستطيع حفظه، فتجد بعض الطلاب يريد مسابقة الزمن، فهو يريد أن يحفظ صفحات في وقت واحد، هذا غير صحيح، خذ أسطراً يسيرة، فإذا أحكمت حفظها وأتقنتها فأنت رابح، لا تتعب نفسك بصفحة كاملة أو صفحتين في وقت واحد، فهذا متعب للذهن، خذ الشيء اليسير، ثم الشيء اليسير بعده، ثم الشيء اليسير بعده، وكلما كان التجزيء ممكناً يكون أفضل في الحفظ وأقوى.

ثالثاً: الوقت المختار للحفظ، وهو إما آخر الليل وإما أول النهار، هذا أحسن وقت للحفظ، السدس الأخير من الليل أو الصباح الباكر، بعد صلاة الفجر، فهذا أحسن وقت للحفظ؛ لأنه أصفى للذهن؛ ولأن الإنسان في هذا الوقت في الغالب لا يسمع كثيراً من الأصوات المزعجة، ولا يشم كثيراً من الروائح المزعجة، ولا ينشغل بكثير من الانشغالات، وأي وقت آخر ليس فيه انشغالات، ويجد فيه الإنسان راحة جسمية وقلبية، فهو أيسر للحفظ.

رابعاً: كثرة التكرار، فإذا أردت حفظ حديث واحد مثلاً، أو أربعة أسطر من كتاب كامل، أو خمسة أبيات؛ فاجلس وكررها كثيراً حتى ترسخ ويتقوم بها لسانك، ثم احفظها عن ظهر قلب من غير نظر إليها، ثم اتركها فترة لتتخمر في ذهنك، ثم عد إليها واقرأها وأكثر من التكرار؛ لأن التكرار الأول لابد بعده من فترة تخمير، وهو عبارة عن امتحان شامل للنفس، ثم تعود إلى هذا التكرار مرة أخرى ولو كانت محفوظة لديك، فلابد أن تكررها، ويمكن أن تضع لنفسك عدداً معيناً من التكرار، ويوجد شيخ من العلماء المشاهير كان متقناً لكثير من الكتب ويحفظها مع كبر سنه، فسئل: ما السبب؟ فقال: كنت أكررها ألف مرة، أكرر النص أو المتن ألف مرة، وأكرر الشرح مفصل مائة مرة! فلذلك لابد أن يفرغ الإنسان وقتاً للحفظ، فإذا كانت أربعة أبيات أو خمسة أبيات، أو حديثاً واحداً، وتأتي بهذا العدد من التكرار، فسيرسخ المحفوظ رسوخاً بيناً، وبالأخص إذا كان التكرار متقطعاً، مثلاً: تكررها مائة مرة الآن وتنقطع عنها في الصباح، ثم مائة مرة في وقت الظهيرة، ثم مائة مرة في المساء، ثم مائة مرة في الليل، فيكمل لك ألف تكرار في مدة قصيرة، وسترسخ لديك رسوخاً بيناً، ومع تقدم سنك لا يضعف حفظك لها ولا إتقانك لها، بينما الأمور التي قرأتها فقط أو كررتها أربعين مرة أو عشرين مرة فإنه إذا تقدم بك العمر فستنساها.

خامساً: اللمراجعة شاملة الدائمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال في حفظ القرآن: (تعاهدوا القرآن فلهو أشد تفلتاً من صدور الرجال من الإبل في عقلها)، ومثله المحفوظات كلها، فإذا كان القرآن الذي هو نور ووحي يتفلت من الصدور، فكيف بما سواه من كلام البشر؟! فلذلك تحتاج إلى لمراجعة شاملة مبرمجة، كل أسبوع يكون عندك يومان لللمراجعة شاملة، ليس فيهما استزادة، لا تحفظ فيهما، عطل الحفظ يومين من الأسبوع للمراجعة شاملة ما حفظته طيلة الأسبوع. وهكذا الذي يريد حفظ القرآن، فما حفظه في النهار من القرآن يصلي به في الليل حتى يرسخه في ذهنه. ولابد أن تأخذ يوماً كاملاً من الشهر تعتزل الناس فيه، وتراجع كل محفوظاتك التي حفظتها خلال الشهر. وبعض الكتب قد تحفظها في ستة أشهر مثلاً، فإذا حفظتها حفظاً متقناً في ستة أشهر، فينبغي عليك أن تعطي كل شهر يوماً لتراجعها فيه، وبذلك يرسخ ما حفظته، ولا تحتاج بعد هذا للرجوع إليه. إذاً: هذه بعض وسائل الحفظ وثباته، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.


إليكم مثالا رائعا ... تتضح به نتيجة و عاقبة من صبر على طريقة "التكرار" في الحفظ ... المذكورة في الأعلى ...

ذكر الشيخ العلامة محمد سالم ولد عدود ..أن طالبا من طلاب العلم الشناقطة كان يبحث عن شيخ علمه في صدره ... لا يستعين في إلقاء دروس مفصلةه بكتاب كامل ...

و كان كلما جلس بين يدي شيخ و قال له: أريد ان أتعلم ...فتناول الشيخ كتاب كاملا يستعين به ... يقوم هذا الطالب عنه! و يتركه ... لأنه ليس على شرطه ...

و هكذا دامت حاله بين أهل العلم يبحث عن بغيته ... حتى ذُكر له شيخ يتحلى بالصفة التي يريد ..كان يتّجر بالملح .. يحمله من السباخ على إبله ....فيذهب ليبيعه ...

فجاءه هذا الطلب و قال له: أريد أن أتعلم ... فقال له الشيخ: هيا ابدأ بقراءة الدرس.... ـ و كان الشيخ مشغولا بعمله ـ فانتظر التلميذ بعض الوقت وهو يمشي وراء شيخه يظن أنه سيسير قليلا ثم يجلس فيُقبل عليه بالشرح مفصل و التدريس ...

فلما طالت الحال .... أعاد التلميذ الطلب ... فقال: أريد أن أتعلم ....فقال له الشيخ ـ وهو يسير مع الإبل ـ : هيا ابدأ ...فانتظر التلميذ مرة أخرى .... ثم اعاد الطلب برغبته في التعلم .... فقال له الشيخ ـ وهو على الحال التي ذكرنا من الشغل و العمل ـ : ألم أقل لك ..ابدأ!!


انتقتها لكم أختكم في الله ^^


اللهم نجحنا في الشهادة الباكالوريا 2014




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©