موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة
ترتبط صفات الأنوثة منذ نشوء العبودية بالخضوع والطاعة والاستسلام للمصير الأنثوي. منذ الولادة تدرك الطفلة بالوعي الطبيعي و صحي و صحي للغاية الفطري أنها لا تقبل الخضوع ولن تستسلم للظلم. منذ الطفولة الأولى تدرك البنت القيود التي تفرض عليها، وهي تقاومها على نحو طبيعي و صحي و صحي للغاية تلقائي، إنها تتمرد على القيود بالوعي الذي ولدت به، ولكن هذا التمرد سرعان ام يتوقف حين يختفي الوعي الطبيعي و صحي و صحي للغاية تحت طبقات الوعي المزيف مع نمو الأنا العليا الاجتماعية المزيفة، المضللة بالقيم الأنثوية السائدة، والقيم الأخلاقية التي يؤمن بها المجتمع. تتحول الطفلة إلى زوجة خاضعة يحكمها قانون الطاعة، وإلى أم مثالية مضحية من أجل أطفالها وأسرتها تملأ الرفوف في بيتها بالمساحيق والكتب التي تشيد بالأنوثة الكاملة، والأمومة العظيمة، تردد ما تقوله أمها والنساء من حولها، قد تفوز بجائزة الأم المثالية، أو الطبيبة المثالية، أو الأديبة المثالية، وكلها جوائز تؤكد بها أنوثتها وأمومتها وقدرتها على الخضوع للقيم التي يحترمها الناس في المجتمع.
في الحلم قد تتضخم الأنا الاجتماعية المزيفة وتصبح عملاقاً كبيراً يشبه الصنم الضخم أو الإله المعبود تحمله فوق رأسها كالتاج، يتحول في الحلم إلى حيوان مفترس أو ثعبان يهبط من رأسها ويلتف حول عنقها. تصحو من الحلم مذعورة ثم تنام وفي الصباح تنسي الحلم، إن لم تنسه وحكته لأحد أطباء النفس يفسر لها الحلم على الشرح طريقة طريقة الفرويدية الحديثة، هذا الثعبان هو اللاوعي أو الأنا الدنيا أو (الإد) غير الواعي حيث تكمن غريزة الحياة أو شهوات الجنس، ينصحها الطبيب النفسي أن ترقي بنفسها إلى القيم العليا أو الأنا العليا لتكون امرأة مثالية محترمة من الجميع ولا يتهمها أحد بالتمرد أو عدم التكيف مع المجتمع. وتقول لها جدتها: هذا الثعبان في الحلم هو عدوك فاقتليه قبل أن يقتلك. وتنسى الفتاة أحلامها وكلام جدتها لأنها تخاف من الثعبان ولا تعرف كيف تقتله.
النسيان هو المقبرة الذي يدفن فيه الإبداع أو الوعي الحقيقي الطفولي الذي أصبح يحمل اسماً علمياً لا يدل عليه وهو (اللاوعي)، والذي أصبح يشتمل على غريزة الحياة ومعها غريزة الجنس والشهوات وكل ما يبعث على الخزى والعار في حياة المرأة المثالية ذات الأنا العليا المتضخمة.
هذا التناقض هو أساس الفكر العبودي السائد في العالم حتى اليوم. إن غريزة الحياة التي هي أقدس شيء في الحياة تحافظ على حياة الانسان هي نفسها شهوة الجنس أحط شيء في نظر الناس خاصة بالنسبة للمرأة. هذا التناقض نفسه موجود في العلم والطب النفسي. إن أقدس شيء في الحياة (غريزة الحياة أو شهوة الجنس) يكمن في اللاوعي أو ما يسمونه اللاوعي، أو الأنا الأدنى، أو الشيطان محطم الإنسان، والحقيقة أن الأنا الأعلى هي التي تقتل في الانسان أقدس ما لديه وهو حياته وعقله وإبداعه الفطري الطبيعي و صحي و صحي للغاية.
وأصبح على الانسان (امرأة أو رجل)، أن يحطم هذه الأنا الأعلى المزيفة من أجل أن يكون مبدعاً. أصبح على المرأة المبدعة أن تحطم هذا الصنم المزيف المصنوع اجتماعياً منذ الطفولة حتى الموت.
إنها عملية صعبة، قد تبدو مستحيلة في حياة النساء، لهذا تعيش وتموت أغلب النساء دون أن يسهمن في الأعمال الإبداعية، ويتساءل نقاد الأدب: (لماذا يزيد عدد الأدباء المبدعين عن عدد النساء؟! لماذا يزيد عدد العباقرة من الرجال عن عدد النساء؟!) لا يدرس مفصلون التاريخ منذ نشوء العبودية، لا يعرفون شيئاً عن القيم الطبقية الأبوية السائدة حتى اليوم، لا يعرفون شيئاً خارج تخصصهم (النقد الأدبي) ويردون على أنفسهم قائلين: (العبقرية صفة ذكورية).
إن أفلتت امرأة من القيود وحطمت الأنا الأعلى المزيفة ومعها القيم الطبقية الأبوية السائدة وأبدعت شيئاً في مجال العلم أو الأدب فإنهم لا يفهموه، يبدو لهم إبداعها نوعاً من الخروج عن القيم، يحكمون عليه حكماً أخلاقياً أو سياسياً دون أن يفهموه. وكم تدفن الأعمال الإبداعية للنساء لهذا السبب. يتم تجاهلها باعتبارها غير أخلاقية أو غير وطنية أو غير مؤمنة بالدين، وقد يشخصها أطباء النفس بأنها غير معقولة أو غير عاقلة ومكانها الصحيح هو المستشفى النفسي.

موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©