موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة
عندما تمر الأيام وتطوي أوراق الذكريات.... وحين يقفل كل يوم مضى ستائره ليتركنا مهاجرا من أذهاننا، وقد تكون هجرته تلك إلى منفى ،، فتكون عودته إلى أذهاننا شبه مستحيلة ... وربما كانت هجرته قريبه فيعاودنا من وقت لاخر ... لما كان له من أثر في قلوبنا ووقع في نفوسنا فكان يصعب علينا نسيانه .....
كنت في الصف الأ ول المتوسط ....عندما تعرفت عليها فكانت تجلس بجواري ....ومرت الأيام .. أصبحت علاقتنا قوية وتوطدت صداقتنا....
كانت صديقتي كثيرة الحديث عن والدتها وعن مدى حبها لها وعن الصداقة المتينة التي تربطها بها ..... إلا أنني كنت الاحظ دائما لمعة الحزن في عينهاكلما تحدثت عن والدتها... إلى ان تجرأت ذات يوم لأسألها عن سر تلك الدموع المختنقة في عينيها كلما تحدثت عن والدتها.... ومالبثت أن أكمل سؤالي لصديقتي إلا وقد أجهشت بالبكاء... وأخذت تجيبني عن سؤالي بصوت متحشرج...
فأمها مصابة بالمرض الخبيث منذ مدة ولم تكشف المرض إلا قريبا وقد أنتشر في جسدها كله ... إلا أنها وفي خضم حديثها عن مرض أمها وبكائها عليها أستدركت حديثها بصوت أرتفع وقد علاه نبرة الأمل وهي تقول "أن أمها قد سافرت ليلة البارحة للعلاج في الخارج وأن رحلتها ستستمر لمدة شهر واحد لتعود بعد ذلك وقد شفيت تماما "
وكانت صديقتي متيقنة كل اليقين من أن والدتها ستشفى وتعود...

بعد مرور أسبوعين عن حديثها معي عن مرض والدتها .... دعتني صديقتي إلى زيارتها في منزلها ....
ذهبت اليها ... فكانت مفاجئتي !!....فلم يخلو ركن أو زاوية في المنزل من شرائط الزينة والبالونات .... وعلق على كل باب من ابواب المنزل بعض العبارات الجميلة ... والكلمات المعبرة ...مثل : " أحبك يا أمي " و " حمدا لله على سلامتك يا أمي " ...
حينها ..التفت الى صديقتي في سعادة وسألتها : "هل عادت أمك؟؟ " .... فقالت لي في ثقة " هي ستعود... ستعود بعد أسبوعين وقد شفيت تماما من المرض.... فرأيت أن أجهز المنزل لعودتها من الاَن ! " .......
ذهلت لجوابهــــا!! إلا أنني فضلت الصمــت ....





وبعد مرور ايام قليلة لزيارتي لصديقتي ... تغيبت صديقتي عن المدرس مفصلة ثلاثة ايام متتالية ... فأنتابني القلق فسألت عنها أحدى جاراتها وقد كانت بالصف المجاور ... فوجئت بالخبر ينزل علي كالصاعقة!!!
فقد توفيت والدتها! .... كانت الصدمة قوية ... فبكيـــــــت ..... بكيـــــت كثيـــــرا ....
وكنت كلما تذكرت تلك العبارات المعلقة ... إزداد بكائي ... فقد خطف الموت تلك الأم من بين أبنائها.... لترحل رحلتها الأبدية... إلى عالم اَخر....
عادت صديقتي بعد طول أنتضار وترقب مني للمدرس مفصلة.... ولم يكن لأحد أن يعرف مأساتها .. ولم يلتفت شخص اليها ... كانت جامدة كقطعة ثلج... فقد كان هول المصيبة أقوى منها وكانت العاصفة أعظم منها... لم تبــــك! .... لم تصــرخ !... لم تذرف الدموع الحارقة!......لم تظهر تلك النار التي اشتعلت بداخلها... بل سقطت أرضا بخيبتها بموت أمهــــا... كما تسقط قطرات الندى.. من أوراق الزهر .


ملاحظه : ( قصتي حقيقيه عندما كنت في الثالثة عشر من عمري ،،،وصديقتي الان بصحة ومتزوجه وسوف تنجب صغيرة جميلة تحمل أسم والدتها... نوره!)



موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©