الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

قال الإمام الترمذي رحمه الله (2402) قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي، ويوسف بن موسى القطان البغدادي، قالا: حدثنا عبد الرحمان بن مغراء، أبو زهير، عن الأعمش، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يود أهل العافية، يوم القيامة، حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض.
.
قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه بهذا الإسناد، إلا من هذا الوجه، وقد روى بعضهم هذا الحديث، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن مسروق، شيئا من هذا.

تابع محمد بن حميد ويوسف بن موسى عن ابن مغراء كل من:
نصر بن موسى بن دينار كما عند البيهقي في الكبرى 3/526 والخليلي في الإرشاد 2/666.

والفضل بن غانم عند ابن عساكر 35/457.

وكذلك محمد بن عمرو بن بكر التميمي رواه أبو أحمد الحاكم نقله عنه ابن عساكر 35/457.
وقال (أي الحاكم) رواه غير واحد من أصحاب أبي زهير اهـ. وستأتي تتمة كلامه.

أما عبد الرحمان بن مغراء فقد وثقه أبو خالد الأحمر وقال أبو زرعة صدوق وقال الساجي من أهل الصدق فيه ضعف وهذا أقرب وخاصة في حديثه عن الأعمش وحديثه هذا منها:

قال ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 5/471:
حدثنا ابن أبي عصمة، ومحمد بن خلف، قالا: حدثنا محمد بن يونس سمعت علي عبد الله يقول عبد الرحمن بن مغراء أبو زهير ليس بشيء كان يروي، عن الأعمش ستماية حديث تركناه لم يكن بذاك.
قال الشيخ: وهذا الذي قاله علي بن المديني هو كما قال إنما أنكرت على أبي زهير هذا أحاديث يرويها، عن الأعمش لا يتابعه الثقات عليها وله عن غير الأعمش غرائب، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم.

وخالفه أبو عبيدة بن معن، فرواه عن الأعمش، قال: سمعتهم يذكرون عن جابر مرسلا.
ذكره الدارقطني في العلل 13/348.
وأبو عبيدة بن معن وثقه ابن معين والعجلي وقال : وكان ختم على الأعمش القرآن.

وقد مضت إشارة الترمذي إلى ضعف الحديث وكأنه جعل المقطوع على مسروق هو المحفوظ والمرفوع خطأ * وكذلك ممن ضعف هذا الحديث أبو أحمد الحاكم :
قال أبو أحمد الحاكم كما نقل ابن عساكر عنه عساكر 35/457:
وقال رواه غير واحد من أصحاب ابي زهير وهو حديث منكر لا أصل له من حديث ابي الزبير ولا من حديث الأعمش ولا يعرف للأعمش سماع من أبي الزبير ولا رواية من وجه يصح.

وابن الجوزي في الموضوعات 3/203:
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال على بن المدينى: عبد الرحمن بن مغراء ليس بشئ.

وحديث مسروق الذي أشار إليه الترمذي:
رواه نعيم بن حماد في زوائده على الزهد لابن المبارك 2/25:
قال: أنا مالك بن مغول، عن طلحة، عن مسروق قال: «إن أهل البلاء في الدنيا إذا أثيبوا على بلائهم حتى إن أحدهم ليتمنى أن جلده كان قرض في الدنيا بالمقاريض».

وكذلك خرجه أحمد بن حنبل في الزهد من طريق محمد بن سابق عن مالك بن مغول 2047.

لكن رواه ابن أبي شيبة بزيادة راو بين طلحة ومسروق قال:
34880 - ابن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن طلحة، عن ابن عميرة، عن مسروق، قال: «ود أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض»

وكذلك رواه عن عبد الرحمن بن مهدي أحمد بن حنبل في الزهد 2046.

قال البخاري في المادة التاريخ الكبير :
2444- الحارث بْن عميرة عَنْ مسروق، قَولَهُ قالهُ جَرير، عَنِ الأَعمش، عَنْ طلحة حديثُه فِي الكوفيين.

ولم أقف على من عدله.

وقد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله:
أخرجه ابن أبي شيبة 35601 - حسين بن علي، عن زائدة عن رجل من النخع عن ابن مسعود قال: يود أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض.

وفيه سنده مبهم كما هو ظاهر.

وقد رواه الطبراني في الكبير 8777 عن زائدة عن يزيد بن أبي زياد .

ورواه أيضاً 8777 من طريق علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن أبي زياد.

يزيد بن أبي زياد ضعيف.

وقد جاء عند الطبراني في الكبير 12658 وابو نعيم في الحلية 91/3 من طريق السري بن سهل قال حدثنا عبد الله بن رشيد قال حدثنا مجاعة بن الزبير عن قتادة عن جابر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤتى بالشهيد يوم القيامة فينصب للحساب ثم يؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان فيصب لهم الأجر صبا حتى أن أهل العافية ليتمنون في الموقف أن أجسادهم قرضت بالمقاريض من حسن ثواب الله عز وجل لهم.

وهذا الإسناد مسلسل بالضعفاء:
مجاعة بن الزبير :
قال أحمد: لم يكن به بأس في نفسه.
وضعفه الدارقطني.
وقال ابن عَدِي: هو ممن يحتمل ويكتب حديثه.

عبد الله بن رشيد قال البيهقي لا يحتج به وقال ابن حبان مستقيم الحديث.

السري بن سهل:

قال ابن حجر في اللسان:
3363 - (ز): السري بن سهل عن عبد الله بن رشيد.وعنه عبد الصمد بن علي بن مكرم. لا يحتج به، وَلا بشيخه قاله البيهقي.
قلت: ولعله السري بن عاصم (3364).

والسري بن عاصم متهم متروك :

قال الذهبي في الميزان:
3089 - السري بن عاصم بن سهل، أبو عاصم الهمداني، مؤدب المعتز بالله، وقد ينسب إلى جده روى عن ابن علية وهاه ابن عدي، وقال: يسرق الحديث حدث عن حرمى ابن عمارة أيضا، وكذبه ابن خراش.

وعدهما ابن الجوزي واحداً كما في العلل المتناهية 2/50.

وكأن الشيخ مقبل رحمه الله مال إلى ذلك كما في تراجم رجال الدارقطني 1/234.

وجزم بذلك محققو المسند 6/188.

ولعل ما يرجح أنهما رجل واحد توافق الكنيتين فالسري بن سهل ذكر ابن ماكولا في الإكمال 2/437 أن كنيته أبو سهل وكذلك السري بن عاصم كما عند الخطيب 9/192 ومادة التاريخ الذهبي 6/88 والدارقطني في السنن 1/59 وقد جاء في ترجمته في الميزان أبو عاصم وتابع الذهبي على ذلك في اللسان وأظنه خطأ.

كذك ما يرجح أنهما رجل واحد ما قول الذهبي عن السري بن عاصم بن سهل .. وقد ينسب إلى جده.

لكن يشكل على ذلك أمور:

الأول نسبته فقد نسبه غير واحد إلى جنديسابور والسري بن عاصم نسبوه إلى همدان.

الثاني ذكر جده فقد ذكر ابن ماكولا في الإكمال 2/437 أن جده اسمه خربان وليس سهلاً فقال: أبو سهل السري بن سهل بن خربان الجنديسابوري وذكر صاحب إرشاد القاصي والداني اسمه 317: السري بن سهل بن علقمة خَزبان الخزباني الجُنْدَيْسَابُوري.


وجاء في معجم الصحابة لابن قانع 1/280 تسميته السري بن سهل بن علقمة.

الثالث سنة وفاته فقد ذكر الذهبي في مادة التاريخ الإسلام وفاة السري بن سهل سنة الثانية89 وأما السري بن عاصم فذكر ابن قانع وفاته في 258.

وروي عند الثعلبي في تفسيره 8/225:
أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه الدينوري بقراءتي عليه، حدثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق السني حدثنا إبراهيم بن محمّد بن الضحاك حدثنا نصر بن مرزوق حدثنا أسد بن موسى حدثنا بكر بن خنيس عن ضرار بن عمرو عن زيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلم «تنصب الموازين يوم القيامة، فيؤتى بأهل الصلاة فيؤتون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصيام فيؤتون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة فيؤتون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الحج فيؤتون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان، ويصب عليهم الأجر صبا بغير حساب، قال الله تعالى: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ حتّى يتمنى أهل العافية في الدّنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل».

ورواه أسد بن موسى في الزهد ح:70 مختصراً.


وكذلك قوام السنة في الترغيب والترهيب 1/333:
أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، أخبرنا أبو بكر بن مردويه، ثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن عبد الوهاب، ثنا آدم، ثنا بكر بن خنيس، ثنا ضرار بن عمرو، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم به.

وهذا سند تالف متهالك:

بكر بن خنيس ضعفه النسائي وغيره وقال ابن معين لا يبلغ الترك وقال : لا شيء لايحتج به و وقال الدارقطني متروك *قال الجوزجاني: كان يروي كل منكر عن كل منكر.

ضرار بن عمرو:
قال البخاري: فيه نظر وقال ابو زرعة: منكر الحديث وقال ابن معين: ليس بشيء ، ولا يكتب حديثه وقال ابن عدي: منكر الحديث وقال الدارقطني: متروك.

يزيد الرقاشي:
كان شعبة يقول: لأَن أزني أحب إلي من أن أحدث عَن يزيد الرقاشي وقال أحمد: ليس ممن يحتج به وفي موضع آخر: منكر الحديث وقال البخاري: كان شُعبة يَتَكَلَّم فيه وقال النسائي: بصري متروك الحديث.

ومن كان عنده فائدة متصلة لإتمام هذا البحث فلا يبخل بها..

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©