الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا

امابعد
من المعلوم ايها الاخوة في الله ان مسائل الشرع مسائل مجمع عليها من اهل السنة لا يجوز الاحتهاد فيها ولا احداث قول ثالث
ومسائل خلافية متنازع فيها فيقدم الراجح ويترك المرجوح منها ولا يترتب على هذه المسائل هجر وبغضاء ورمي بسوء الالقاب لان القائل به ائمة ولهم حق الاجتهاد بين الاجر والاجرين كما يتفرع عن الاصل الثاني فرع وهو اذا اجتهد اناس ليسوا من اهل الاجتهاد وليس لهم اهلية وانما اتوا اقوال محدثة بارائهم واجتهادهم ليس لها مستند ولا دليل ولامام مجتهد قال برايه فهذا صاحبه صاحب هوى لابد ان ينصح ويذكر
من خلال هذا الطرح نناقش مسالة الخروج على الحاكم الجائر فلابد من التفصيل اذا كان الخارج على الحاكم الجائر لايراعي لا الى المصلحة ولا الى المفسدة فهذا القول هو راي المعتزلة الذين عندهم الاصول الخمسة والاصل الخامس هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكرويقصدون به الخروج على الحكام وان جاروا ولا يراعون لا الى مصلحة ولا الى مفسدة
اما القول الذي قال به بعض اهل السنة والجماعة يجوز الخروج على الحاكم الجائر بشرط اذا لم يرتب عليه مفسدة وجمع بين النصوص التي والقواعد العام التي تعتر حجة بالاحتجاج بها كدفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى فيرتكب ادنى المفسدتين ضررا لتحقق مصلحة اعظم من المفسدة التي ارتكبت وللتنبيه انا اتكلم على مسالة التاصيل لا مسالة التنزيل على الواقع المعاش لان مسال التنزيل تكون لاهل العلم الراسخين
قال المعلمي في التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (1/ 187)
وقد جرب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشر ، خرج الناس على عثمان يرون أنهم إنما يريدون الحق ثم خرج أهل الجمل يرى رؤساهم ومعظمهم أنهم إنما يطلبون الحق فكانت ثمرة ذلك بعد اللتيا والتي أن انقطعت خلافة النبوة وتأسست دولة بني أمية ثم اضطر الحسين بن علي إلى ما اضطر إليه فكانت تلك المأساة ، ثم خرج أهل المدينة فكانت وقعة الحرة ، ثم خرج القراء مع ابن الأشعث فماذا كان ؟ ثم كانت قضية زيد بن علي وعرض عليه الروافض أن ينصروه على أن يتبرأ من أبي بكر وعمر فأبى فخذلوه ، فكان ما كان ، ثم خرجوا مع بني العباس فنشأت دولتهم التي رأى أبو حنيفة الخروج عليها ، واحتشد الروافض مع إبراهيم الذي رأى أبو حنيفة الخروج معه ولو كتب له النصر لاستولى الروافض على دولته ، فيعود أبو حنيفة يفتي بوجوب الخروج عليهم !
هذا والنصوص التي يحتج بها المانعون من الخروج والمجيزون له معروفة ، والمحققون يجمعون بين ذلك بأنه إذا غلب على الظن أن ما ينشأ عن الخروج من المفاسد أخف جداً مما يغلب على الظن أنه يندفع به جاز الخروج وإلا فلا . وهذا النظر قد يختلف فيه المجتهدان ، وأولاهما بالصواب من اعتبر بالمادة التاريخ وكان كثير المخالطة للناس والمباشرة للحروب والمعرفة بأحوال الثغور ، وهكذا كان أبو إسحاق
ولهذا عقب الشيخ الالباني في فهرسته على التنكيل بقوله "بحث جيد في الخروج على ائمة الظلم "
وان كان التعليق فصله وبينه في اشرطته في سلسلة الهدى والنور
ويقول المفسر الشهير محمد رشيد رضا في تفسير المنار (1/ 375)
وَإِذَا كَانَ فُقَهَاؤُنَا يَقُولُونَ: بِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُنْبَذُ عَهْدُهُ إِلَّا بِالْكُفْرِ الصَّرِيحِ دُونَ الظُّلْمِ وَالْفِسْقِ، فَإِنَّمَا يَقُولُونَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ وُقُوعِ الْفِتْنَةِ؛ لَا لِأَنَّ الظَّالِمَ أَهْلٌ لِلْإِمَامَةِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ
فِي اخْتِيَارِهِ وَبَيْعَتِهِ الْعَدَالَةَ، وَمِنْ قَوَاعِدِهِمْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ وَالِاسْتِمْرَارِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ
وقال الحافظ في فتح الباري (13/ 8)
وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِي أُمَرَاءِ الْجَوْرِ أَنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى خَلْعِهِ بِغَيْرِ فِتْنَةٍ وَلَا ظُلْمٍ وَجَبَ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ الصَّبْرُ
وقال الحافظ في فتح الباري (13/ 11)
قال بن بطال وفي هذا الحديث أيضا حجة لما تقدم من ترك القيام على السلطان ولو جار لأنه صلى الله عليه و سلم أعلم أبا هريرة بأسماء هؤلاء وأسماء آبائهم ولم يأمرهم بالخروج عليهم مع اخباره ان هلاك الأمة على أيديهم لكون الخروج أشد في الهلاك وأقرب إلى الاستئصال من طاعتهم فاختار اخف المفسدتين وأيسر الأمرين
فهولاء المجيزون من اهل العلم بجواز الخروج على الحاكم الجائر اذا لم يترتب عليه مفسدة اعظم من جلب المصلحة اما من يجيز الخروج مطلقا سواء تعلقت مصلحة او مفسدة فهذا القول كما ذكرنا هوالاصل الخامس من اصول المعتزلة
وانما ذكرت اقوال هؤلاء المجيزين الخروج على الحاكم الجائر أذا، تحققت مصلحة لا لأني اتبنى قولهم بل للذب عن اجتهادهم وان مأجورن على اجتهادهم لكن لا نتابعهم على زللهم وخطأهم
فاني كنت اتبنى هذا الرأي ثم تراجعت عنه بعد النظر في كلام اهل العلم وبالذات سماع شريط الشيخ الالباني ـرحمه الله ـ ثم بعد البحث وقفت على كلام الحافظ في الفتح انه يشترط شرطين كما ذكرذالك الالباني ،
قال الحافظ في فتح الباري (13/ 8)
فَإِنْ أَحْدَثَ جَوْرًا بَعْدَ أَنْ كَانَ عَدْلًا فَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ إِلَّا أَنْ يَكْفُرَ فَيَجِبُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ
وقال الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ في تفسير المنار (12/ 152)
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ حُجَّةٌ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَلَوْ جَارَ
وقال الحافظ في فتح الباري (13/ 7)
وَأَنَّ طَاعَتَهُ خَيْرٌ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ وَتَسْكِينِ الدَّهْمَاءِ وَحُجَّتُهُمْ هَذَا الْخَبَرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسَاعِدُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنَ السُّلْطَانِ الْكُفْرُ الصَّرِيحُ فَلَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ بَلْ تَجِبُ مُجَاهَدَتُهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا كَمَا فِي الحَدِيث

ولحديث النبي ـصلى الله عليه وسلم ـلا ان تروا كفرا بواحا "فهذا شرط والشرط الثاني ان تكون مصلحة راجحة برهان ذالك مكثه ـصلى الله عليه وسلم ـفي مكة يرى الكفرالصراح ولم يؤذن له بالجهاد وكلام اهل العلم كشيخ الاسلام وغيره من اهل العلم
قال شيخ الاسلام في ((مجموع الفتاوى)) (4/ 442 - 443).
((أن القتال إذا كانت مفسدته أكبر من مصلحته: فهو قتال فتنة ... ))
ولهذا انصح طلبة ان يتكلموا بلسان العلم والحكمة وانصحهم بنصيحة الشيخ محمد رشيد رضا
في تفسير المنار (12/ 153)
وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْخُرُوجِ عَلَى الظَّلَمَةِ وَمُنَابَذَتِهِمُ السَّيْفَ وَمُكَافَحَتِهِمْ بِالْقِتَالِ، بِعُمُومَاتٍ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَكَرْنَاهَا أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ مُطْلَقًا، وَهِيَ مُتَوَاتِرَةُ الْمَعْنَى كَمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ لَهُ أَنَسَةٌ بِعِلْمِ السُّنَّةِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحُطَّ عَلَى مَنْ خَرَجَ مِنَ السَّلَفِ
الصَّالِحِ مِنَ الْعِتْرَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، فَإِنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ، وَهُمْ أَتْقَى لِلَّهِ وَأَطْوَعُ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ مِنْ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ . انتهى
كذلك لا ينبغي ان نحط من قدر اهل العلم الذين ذهبوا الى هذا الرأي لان لهم مستند وتعليل باحكام معللة والعلة تدور مع الحكم وجودا وعدما





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©