الشيعة في الجزائر .. الخطر المحدق بالأمن والإسلام

الدعوة إلى التشيع





غير أن أول بروز علني لشيعة الجزائر كان منذ عامين خلال الاحتفال بيوم عاشوراء، بحيث خرج مجموعة من المتشيعين إلى شوارع مدينة عين تيموشنت الواقعة في غرب الجزائر في صورة لا تختلف عن احتفالات الشيعة بهذه اليوم، سواء في إيران أو العراق أو جنوب لبنان.

وقد كانت هناك خلايا شيعية كانت تنشط بالخصوص في مدينة وهران الساحلية الغربية وبعض مدن الشرق وخاصة سطيف وباتنة.

وفي العاصمة هناك متشيعون في باب الوادي وبلكور والقبة. وكانت هذه الأحياء في السابق معاقل أساسية لحركات الحزبية المدعية لحب الإسلام خاصة الجبهة الإسلامية للإنقاذ وأيضا جماعة الهجرة والتكفير وجماعات التبليغ.....
وقد حاول الشيعة اللعب بورقة البربر من خلال دغدغة عواطفهم وتبني قضيتهم التي تحركها دوائر أجنبية وبأياد جزائرية. خاصة أن دعوات التحريض التي نشرت باللهجة البربرية على موقع "شيعة الجزائر" أعطت صورة واضحة حول الخط العام لشيعة الجزائر وأهدافهم الإستراتيجية. ولذلك لم تتوان مصادر جزائرية عن اتهام جهات استخباراتية أجنبية بإدارة خيوط شبكة التشيع العنكبوتية، وخاصة إيران التي تنفق أموالاً ضخمة لنشر المذهب الشيعي خدمة لقضياها السياسية والعسكرية.

وهذه الشبكة تستخدم نفس الأساليب التي استخدمتها جماعات التنصير من خلالا استغلال الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة التي تعاني منها شريحة واسعة في الجزائر وأيضاً حالة عدم الاستقرار النفسي والديني التي أوجدتها سنوات الإرهاب الهمجي.....

وفي إيران بالتحديد يوجد جزائريون تشيعوا وتمكنوا من بلوغ درجات متقدمة في الحوزة العلمية بعد أن أصبحت الجزائر في أعلى قائمة الدول التي تحظى باهتمام المسؤولين في إيران بسبب موقعها الجغرافي ومكانتها الدولية وخيراتها الباطنية.



تدنيس المصحف الشريف.. الإرهاب.. وزواج المتعة



وأعلنت مصالح الأمن الجزائرية أنها تشك في وجود عمليات منظمة لتدنيس المصحف الشريف بمدينة "عين تيموشنت" غرب البلاد. واتهمت تلك المصالح صراحة شيعة قالت إنهم زحفوا من مدينة وهران القريبة وقاموا بتلطيخ بعض نسخ القرآن بفضلات بشرية ورموها في المزابل العمومية وشوهوا أخرى من خلال كتاب كاملة طلاسم ومخطوطات غربية فوق آيات وحذف أخرى من سورة البقرة والأحزاب والتي تبرئ السيدة عائشة رضي الله عنها مما نسب إليها من طعن في شرفها من قبل المنافقين.

وتناقلت الصحف شهادات تائبين من أفراد الجماعات الإرهابية الذين تحدثوا عن تأثر بعض الجماعات بحزب الله والمذهب الشيعي، خاصة بعد انتشار فتاوى زواج المتعة التي كانت تخول لأفراد تلك الجماعات اختطاف الفتيات وهتك أعراضهن بدعوى "الضرورة القتالية"، كما اعتراف بعض من تشيعوا بأن زواج المتعة كان باعثاً أساسياً لإتباعهم المذهب. ولذلك فقد دأب العديد منهم على زيارة إيران ولبنان وسوريا لهذا الغرض.

إلا أن هذه الدعوات ليست جديدة.... فقد أشارت السلطات في عام 1992 إلى أنها تشم رائحة تورط إيران في إشعال نار الفتنة بين السلطة والجبهة الإسلامية للإنقاذ. وردت السلطات آنذاك بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ورحيل السفير الإيراني. ..وظلت الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام التابعة لها تتحدث عن تورط شيعي في المجازر التي كانت تقترف ضد الأبرياء وتوسيع دائرة الاقتتال بينها وبين الجماعات المسلحة الأخرى....

وقد كان من الصعب على العديد من المتتبعين للتيار الجزائري تصديق ....حقيقة تورط حزب الله وإيران في الفتنة الجزائرية. إلا أن النموذج مقترح العراقي أعطى فهما واضحا للعديد من الأحداث الدامية التي كانت الجزائر مسرحا لها ...

وفي حين اعتبرت بعض الأوساط الجزائرية المد الشيعي جزءاً من إستراتيجية تهدف إلى تفكيك الجزائر وتقسيمها مثلما يحدث في العراق ولبنان وسوريا، اعتبرتها شخصيات أخرى تجسيداً لأحقاد قديمة يتم توظيفها خدمة لأغراض سياسية ودينية، وتبدو هذه الجدلية معضدة وذات أبعاد غامضة. لان الجزائر بحكم موقعها الجغرافي المتميز لا تزال محط أطماع الغزاة المستعمرين. ...ولذلك فهي تبدو من الناحية العملية في مرمى المشروع الاستعماري، بسبب أنها كانت دائماً القاعدة الخلفية لكل المشاريع مادة اللغة العربية والإسلامية وحاضنة للعديد من مبادرات التسوية ومنطلقا لعمليات مصالحة عديدة.

وهناك أيضاً من يشير إلى قضية التنصير التي تحولت أيضاً إلى قضية وطنية ومصيرية، ليس فقط في الجزائر ولكن في دول المغرب العربي قاطبة.... وهناك على ما يبدو من يسعى إلى تحويل اهتمام السلطات الجزائرية من خلال تشتيت عمل الأجهزة الأمنية، وتبدو الرسالة واضحة.

فهناك رغبة استعمارية جامحة لتقسيم الجزائر إلى كانتونات طائفية سنية ومسيحية وشيعية متعايشة بجدران عازلة.

وبالرغم من أن السلطات الجزائرية واجهت حملة التنصير بحزم من خلال إصدار قانون يحرم التنصير والدعوة إليه، وقامت بمحاصرة المنصرين وتحديد تحركاتهم، إلا أن هذه الخطوة لم تعجب الدوائر الغربية، ليس في فرنسا وألمانية وبلجيكا فقط ولكن امتدت إلى واشنطن، التي بدأت تمارس ضغوطاً شتى لتعطيل عمل القانون من خلال التدخل المباشر عن طريق تكثيف زيارات المسؤولين الأمريكيين كتلك التي قام بها ديفيد وولش "مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع نهاية شهر فبراير المنصرم، بغرض الاستفهام حول القانون الجزائري المنظم لممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين والذي صدر في عام 2014... أو من خلال دعم بعض الجهات في الجزائر وخاصة بعض الجمعيات المشبوهة وبعض الصحف ذات التيار الفرنكوفوني، التي تدعو إلى الاعتراف بإسرائيل وتلوح بعصا الهوية البربرية وتشوه صورة الجزائر في الحافل الدولية.

كما ذهب العديد من الباحثين إلى القول بأن الدول مادة اللغة العربية تتعرض لمؤامرة دولية تحت شعار الهلال الشيعي والذي لا يهدف إلى محاربة إسرائيل والمشروع الصهيوني في المنطقة وإنما إلى مساعدة إيران وواشنطن في تنفيذ مخططاتهما التوسعية. وهناك من يتهم أمريكا بالتواطؤ مع إيران لخلق تهديد جديد للمنطقة بدل التهديد الشيوعي.

وتساند هذه الفرض رائعية دراسة أمريكية حملت إيران مسؤولية نشر التشيع في الجزائر، وقالت الدراسة التي صدرت في تموز الماضي واعدها الباحث الأمريكي أوليفي كيتا ونشرت في موقع "ميدل إيست تايم" إن بلدان شمال أفريقيا أصبحت هدفا لحملة تشييع خطيرة تقودها إيران، التي قادت حملة مماثلة ضد سوريا.. واتهمت الدراسة أفرادا في القوات المسلحة الرواندية بالتحول من وظيفة القتل إلى نشر التشيع في الجزائر يقودهم طالب درس في جامعة قم الإيرانية.
وفي حين يصعب التأكد من حقيقة المعلومات التي حملتها صفحات تلك الدراسة.... خاصة أن التشيع في الجزائر لم يكن بحاجة إلى دعم من جنود مرتزقة ومن رواندا. إلا أن هذه الدراسة تشير بطريقة غير مباشرة إلى الدور الأمريكي المريب.... فأمريكا .... اتحدت مع شيعة العراق الموالين لإيران وخططت لغزو العراق والإطاحة بحكم البعث.... كما تحالفت مع الطائفة الشيعية لإنشاء حكومة متطرفة في العراق موالية سياسيا لطهران وعقائديا لقم.
كما تحالفت مع إيران لوقف الهجمات الإرهابية التي كانت تنفذها ميليشيات شيعية أو عناصر استخباراتية إيرانية في العراق.

وفي أفغانستان تحالفت أمريكا مع جماعة رشيد دستم الشيعية في الشمال ومع إيران لوقف زحف طالبان ... وتبادلت معهما المعلومات الاستخباراتية وأيضاً عناصر القاعدة وحركة طالبان الذين اعتقلتهم الاستخبارات الإيرانية في أفغانستان وباكستان، أو قامت باستدراجهم إلى إيران.


الفاطميون.. وأمازيغ شمال أفريقيا



إلا أن ما يثير في دعوة المتشيعين الجزائريين اعتمادهم على مصادر مادة التاريخية غير دقيقة تدعي أن منطقة شمال أفريقيا كانت محضنا للمذهب الشيعي الذي كان يعتنقه الفاطميين قبل أن يقوموا بغزو مصر واحتلالها....وقد لعب الفاطميون حسب مصادرا أخرى دورا خبيثاً في محاربة المذهب السني ونشر التشيع من خلال الترويج لمذهب الإسماعيلية، نسبة للإمام إسماعيل بن جعفر الصادق, إبان حكم الأدارسة عام 172 هجرية. وتذهب تلك المصادر إلى تأكيد أن بربر شمال إفريقيا اعتنقوا المذهب الشيعي وبايعوا الفاطميين على النصرة والولاء.
وبالاستناد إلى تلك المصادر يسعى شيعة الجزائر إلى استدراج البربر إلى مواجهة مع السلطة... ليست هذه المرة الأولى... فقد ادعت فرنسا أنهم مسيحيون واستخدمت قضيتهم لأكثر من ستة عقود لابتزاز الحكومات المتعاقبة، واعتبرتهم مصادر مادة التاريخية يهودية يهوداً بعد أن اعتنقت زعيمتهم، التي كانت تسمى " الكاهنة " الديانة اليهودية وحاربت القائد العربي عقبة بن نافع...

والآن يقول من تشيعوا من أبناء المنطقة والذين يمارسون التقية لكي يخفوا انتماءهم الجديد، إن الأمازيغ شيعة "بالفطرة" ولكنهم لا يعلمون، واستدل هؤلاء بالعادات المنتشرة في المنطقة والتي تتشابه مع طقوس شيعية.... ولعل أبرزها:
- تأثرهم بمذهب الفاطميين ونصرتهم لهم
- لا يأكلون لحم الأرنب المحرم عند الشيعة.
-لا يسمون أبناءهم بأسماء الصحابة المغضوب عليهم من قبل الشيعة ويقدسون علياً رضي الله عنه ويتحدثون بالسوء عن عائشة رضي الله عنها.
وإذا كانت هذه العادات متأصلة في أمازيغ الجزائر فهي بالتأكيد لا تثبت تشيعهم... فالبدع والخرافات العقدية منتشرة في الجزائر وخاصة في القرى الصغيرة والنائية بشكل كبير، بسبب تفشي الجهل وغياب الوعي الديني... بشكل كبير، بسبب تفشي الجهل وغياب الوعي الديني.

إلا أن مادة التاريخ المدّ الشيعي في الجزائر يعود إلى السبعينيات من القرن المنصرم، بحيث تزامن بروزه مع قدوم مدرسين وموظفين من سوريا ولبنان والعراق للعمل في الجزائر، وتزامن أيضاً مع انتصار الثورة الإيرانية التي لاقت ترحيباً واضحاً ليس في الجزائر فقط ولكن في معظم البلاد مادة اللغة العربية، بحيث ساهمت المنشورات والكتب التي كانت توزع مجاناً في المساجد والجامعات وتتحدث بشكل مهيب عن "كرامات" الخميني وتضحيات الشعب الإيراني في تعبيد الطريق أمام انتشار المذهب في الجزائر، ومع بداية التسعينيات بدأ بعض الأفراد ممن ذهبوا إلى إيران للدراسة بالعودة إلى الجزائر وخاصة في العاصمة وولايات الغرب وأبرزها وهران وعين الدفلى والشلف وعين تيموشنت وتيارت... ولم يضيع هؤلاء الوقت، خاصة أنهم استفادوا من حالة الفوضى التي عمت الجزائر آنذاك بعد تبني دستور 1989 الذي فتح الباب أمام التعددية الحزبية والدينية والإعلامية. وقد تمكن المتشيعون آنذاك من التستر خلف عباءات حزبية متعددة قبل أن يبدأ الصدام المسلح بين السلطة والجبهة الإسلامية للإنقاذ.
...ويرى بعض الباحثين أن الإرهاب الهمجي الذي تبناه بعض من ينسبون أنفسهم للسنة كان سببا رئيسياً في خروج البعض عن الدين كلية واتباع المسيحية أو التشيع واتباع المذاهب الأخرى التي انتشرت في الجزائر خلال العشرية الماضية بسبب الجهل...
وتجدر الإشارة هنا إلى الدور الخبيث الذي لعبه بعض المهاجرين الجزائريين في فرنسا وعموم أوروبا في انتشار المد الشيعي، وخاصة في الولايات الغربية.

ولذلك يؤكد جزائريون تشيعوا أن المذهب يزداد ... بشكل سري في قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري، وخاصة في العاصمة وباتنة وسطيف وتيارت وسيدي بلعباس.....

إلا أن الباحث الجزائري فريد مسعدي يؤكد أن ما يعيق تطور المذهب الشيعي في الجزائر إلى مستوى الظاهرة الصرامة التنظيمية للحركات الإسلامية العاملة في الجزائر التي لا تتردد في انتقاد الخطاب الشيعي وبعده الخرافي.... والعامل الثاني الدور المشبوه لإيران في الساحة العراقية.

وبالرغم من ذلك فقد لجأ حزب "حمس" التابع للكتلة الإخوانية إلى التحالف مع شيعة منطقة عين تموشنت في الانتخابات التشريعية التي تمت في عام 2014.


معقل شيعة الجزائر


تقول بعض المصادر الجزائرية إن مدينة سيدي خالد التابعة لولاية بسكرة (جنوب الجزائر) تعتبر المركز الروحي لشيعة الجزائر.... إذ في هذه المدينة يوجد ضريح رجل يدعى خالد بن سنان العبسي، وتدعى بعض المصادر المادة التاريخية غير المدققة أنه كان نبيا وضيعه قومه أهل الرس من أذربيجان، وكان وراء إطفاء نار الحرتين التي عبدها العرب المجوس وانتقلت إلى بلاد فارس.... ويذهب البعض بعيداً في تقديس النبي المجهول، إذ يؤمن هؤلاء بأنه بعث نبيا للبربر في منطقة تسمى (نارا) بمنطقة المنعة في باتنة بالشرق الجزائري.
وبالرغم من أن الأحاديث الصحيحة نفت نبوته إلا أن قبره المزعوم اتخذ مزاراً من قبل شيعة الجزائر...

إلا أن الضريح تسهر عليه قبيلة تسمى "أولاد خليفة" أو "أولاد نايل" ويعتقد هؤلاء أنهم "أشراف" وأن أصولهم تعود للإمام علي رضي الله عنه... وقد عرف هؤلاء بين القبائل يأخذ أموال الناس بالباطل وهو ما يعرف عند الشيعة بالخمس... ونقلت بعض المصادر أن الضريح يستخدم خفية لقضاء ليلة عاشوراء وممارسة الشعائر الشيعية.

ولعدم تمكن شيعة الجزائر من الحج إلى الأماكن المقدسة الشيعية خارج الجزائر فهم يحجون إلى أي مكان فيه ذكر للآل البيت، حتى أن بعض المصادر تحدثت عن حجّهم لموضع بجبال مغرس بولاية سطيف (شرق الجزائر) يعتقدون أنه يحتوي على أثر قدم فرس علي رضي الله عنه.


حزب الله المغاربي


وتشير مصادر أخرى إلى تلقي بعض الشيعة الجزائريين دعما من قبل الملحق الثقافي الإيراني في الجزائر... وقالت مصادر برلمانية جزائرية العام الماضي إن هناك مخططاً لإعلان حزب الله المغاربي يتزعمه شيعي مغربي يقيم في ألمانية يتعاون مع جزائريين لديهم علاقات قوية "بحزب الله" اللبناني.

ويتزعم المخطط الشيعي في منطقة شمال إفريقيا تونسي يسمى محمد التيجاني السماوي، وقد لفت إليه الأنظار بعد أن ألف كتاب كاملاً بعنوان "ثم اهتديت"، ولهذا الشخص علاقات قوية بإيران والعراق ويعد من أبرز الشخصيات الشيعية في العالم، كما تربطه بأمين حزب الله حسن نصر الله علاقات مصاهرة.
وقالت المصادر إن التيجاني بعث برسالة إلى متشيعين جزائريين قدموا من بريطانيا وفرنسا قال فيها "إذا كان للقاعدة الوهابية قواعد في المغرب والشام والحجاز فإنه يجب لحزب الله أن يتوسع لكسر شوكة الإرهابيين وصيانة مكتسبات الأمة المادة التاريخية من الأنظمة العميلة الفاسدة". مشيراً إلى أن حزب الله المغاربي "سيكون امتداداً للمقاومة والثورة التي تستمد نورها من جيل صنع المعجزة في إيران ويصنع الكبرياء اليوم في لبنان". ولذلك يرفع شيعة الجزائر شعارا "من المدرسة المصاليةإلى المدرسة الخمينية"، نسبة إلى زعيم المقاومة الوطنية مصالي الحاج.


بداية المواجهة



وأمام هذه التصريحات المريبة فقد أصبح واضحاً أن منطقة شمال أفريقيا مقبلة على مرحلة من الاضطراب الطائفي، خاصة إذا استمر سكوت بعض حكومات شمال أفريقيا وتواطؤ مع المد الشيعي... وتدرك السلطة الجزائرية على الأقل أن التهاون في ملف التشيع قد يدفع باتجاه تعاظم خطره وتكرار تجربة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي تحولت إلى حرب أهلية استمرت لأكثر من 15 عاماً وحصدت في طريقها أكثر من مئتي ألف قتيل وأكثر من مليون بين جريح ويتيم ومهجر ومفقود.

ومن هذا المنطلق هاجم إسلاميون جزائريون إيران، وقال الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية علماء المسلمين في تصريح للتلفزيون الجزائري، إن "الجزائر سنية وستبقى كذلك"، وانتقد الشيخ أبو عمران رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الصحابة والمذهب السني كما عقدت ملتقيات تطرقت إلى قضية التشيع، وقال الداعية الجزائري الشيخ أبو عبدالله في محاضرة ألقاها في إحدى المناسبات "إن إيران تسعى لتكرار التجربة اللبنانية في الجزائر والمغرب العربي عبر صناعة ميليشيا بنفس التوجهات تعمل على إيهام الشباب بأن المذهب الشيعي سوف يجعلهم يدخلون الجنة. ..متناسين أن لمذهب الشيعي قائم على عبادة القبور وتأليه الحسين رضي الله عنه وقذف الصحابة الأجلاء رضوان الله عليهم بأبشع صور القذف والسب ونكاح الدبر وزواج المتعة ومضاجعة الرضيعة والحقد الأعمى والكذب المسمى التقية".
لا تتوفر أرقام رسمية حول عدد الشيعة في الجزائر، وبحسب مراقبين لا يزال الحضور الشيعي محتشما في الجزائر مقارنتا بذلك الحضور المسجل في بعض البلدان المغاربية كالمغرب الذي يبدو واضحا من خلال وجود ثلاث جمعيات شيعية ثقافية معترف بها على الأقل وهي "الغدير" و"البصائر" و"التواصل".
وإذا كان الحضور الشيعي في الجزائر محتشما، ويمكن ملاحظته في بعض الولايات والمدن مثل الجزائر العاصمة، باتنة ، تبسة ، خنشلة ، تيارت ، سيدي بلعباس....

ويؤكد الباحث الجزائري فريد مسعودي أن انتشار المذهب الشيعي في الجزائر يعد ذاتي بالدرجة الأولى لأن وسائل الدعاية المتبعة تعتمد على الانتشار السري، بسبب عوائق موضوعية تتعلق بمدى قابلية المحيط لهذا النوع من الفكر، بمعنى أنه قد لا يتطور إلى درجة الظاهرة الاجتماعية.

هذا ويرى المراقبين أن التشيع يتوسع وينتشر بفضل الدعاة النشطين الذين يتواجد أغلبهم بالمؤسسات التربوية، وتوفر المراجع الشيعية المتداولة كالمجلات والنشريات والكتب أبرزها:
مرآة الأنوار، مشكاة الأسرار، تفسير العسكري، مجمع البيان، تفسيرالكاشي، تفسير العلوي، تفسير السعادة للخرساني، ومجمع البيان ...وغيرها من المراجع الأخرى التي كانت متداولة ببعض المساجد وبين عامة المصلين والطلبة لعدم معرفةحقيقتها وخطرها على الكثير من القراء.
كما كان لوجود جاليات شيعية من العراق وسوريا ولبنان في الجزائر دور في انتشار المذهب بين أهل البلاد حسب ما أشار إليه العامري : " إخوتنا العراقيون والسوريون واللبنانيون عندما كانوا في الجزائر كأساتذة ومدرسين لعبوا دورا في الدعوة وكانوا من الممهدين لقبول فكرة الولاء لمحمد وآله صلوات الله عليهم، وعندما اندلعت الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة وجد خط الإمام الخميني (قدس الله سره) أرضية خصبة لنشاطه في أرض الثورة والرفض" !.

وتذكر "الجيرواس" وهي فتاة جزائرية من أصل بربري، أحد أعضاء شبكة شيعة الجزائر، عدة أمثلة للتأكيد على أن الأمازيغ كانوا يعتنقون المذهب الشيعي، وذلك على حسب قولها:

- بعض مناطق الأمازيغ لا يأكلون لحم الأرنب وهم لا يعلمون لماذا ؟! ومعلوم أن اللحم محرم عندنا نحن الشيعة.

- في عاشوراء يتوقف الأمازيغ عن العمل ويقولون إن العمل في مثل هذا اليوم يجلب النحس وأن ما اكتسبته خلال ذلك اليوم لا بركة فيه.

- يذبحون في عاشوراء دجاجا أو طيرا، فالمهم هو إسالة الدم في ذلك اليوم معتبرين أن هذا أمر مباركا دون أن يعلموا أن هذه الدماء رمز للتذكرة بدماء الحسين عليه السلام وأصحابه الذين استشهدوا في كربلاء.

- عند الأمازيغ لا تجد أحدا اسمه أبو بكر أو عمر أو عائشة الخ .. لكنّك كثيرا ما تجد اسم سيد علي، وسيد احمد وكلمة ( سيد ) لا تجدها في أسماء أخرى عدا اسم علي واسم احمد الذي هو في حد ذاته محمد.

- إذا ذكر الأمازيغ اسم فاطمة سلام قالوا "للا فاطمة" أي السيدة فاطمة، وإذا ذكروا عائشة لم يدرجو لقب (لالّا).


وكانت هناك دويلة أخرى قامت في الجنوب الغربي للجزائر وجنوب المغرب إلى جانب الدولة الرستيمة، سميت دولة سجلماسة (أو الدولة المدارية) (758 - 909 م) وهي دولة كالرستمية أسسها شيعة لكنهم على المذهب الصفري، وقد قضى الفاطميون عليها كذلك.

ومع قيام الدولة الفاطمية (910 – 973م)، انتشر التشيع بالطريقة الفاطمية التي كانت إسماعيلية باطنية في الجزائر وسائر مناطق المغرب العربي.....إلا أن الشيعة انقرضت بعد عهد الفاطميين ولم يعد لها أثر، ولم يأت ذكرها إلا أن ظهر التشيع الحديث مع ظهور الخميني بعد انتصار "الثورة الإسلامية في إيران" بالطريقة المنتشرة بإيران لمذهب الإمامية لأثنى عشرية الجعفرية نهاية السبعينيات..

لا يعرف للشيعة في الجزائر أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم وآرائهم في الشأن الوطني، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل، كون لا يوجد لهم أية صحيفة ناطقة باسمهم، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية، ولكن ظهر لهم حديثا عدة مواقع إلكتروني في الشبكة العالمية جعلوا منها منبرا لهم، للحديث عن تواجدهم والتعبير عن آرائهم دون التدخل في شؤون الدولة بحكم أن لديهم – حسب زعمهم - مهمة أسمى من ذلك بكثير، ألا وهي تقديم النصيحة وكشف الحقيقة..
ويرى "محمد العامري" المشرف العام على "شبكة شيعة الجزائر" أنه : "والحمد لله لا نعاني من أيّ مشاكل مع النظام حاليا وكما أن الشيعة لم يعتدوا على أيّ مادة من الدستور أو رمز من رموز الدولة، وإن كانت هناك بعض التحفظات عبر تصرفات بعض من يعتبرون أنفسهم فوق القانون، فهم بالنسبة لنالا يمثلون شيئا بل هم يزيدون من انتشار التشيّع دون أن يشعروا بذلك لأن المظلوم منتصر عاجلا أو آجلا".
ويبرز العامري أنه لا يوجد أي عائق يعترض التشيع في الجزائر، ويفسر ذلك بعدم وجود أيّ "ممانعة من حيث المبدأ من قبل السلطات الجزائرية لانتشار التشيع"، مشيرا إلى أن المادة 61 من الدستور الجزائري تنصّ على "الحرية الفردية لكافة الشعب في اختيار معتقداتهم التي يختارونها"(..).
وقال العامري أن معانات الشيعة في الآن مقتصرة مع المنظومة التربوية الجزائرية"(..)، وذلك نتيجة "تمرّدهم على البرامج المسطرة لهم أو المفروض رسميةة عليهم من طرف وزارة التربية والتعليم" !.
هذا وبين القرار الأخير لوزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد، توقيف 11 مدرّسا شيعيا من المدارس التعليمية التي كانوا يشتغلون فيها، مدى اختراق الشيعة المدارس الجزائرية، وتفسيرا لمدى تدمر المدعو العامري من المنظومة التي تشرف عليها الوزارة.
إلا أن الذي تنساه العامري أن الوزارة قامت بتحويل المبعدين إلى "أجهزة أو مناصب إدارية"، وكان الهدف من إبعادهم تأمين وحماية الوسط المدرسي وتجنبا لتأثير الشيعي المباشر على التلاميذ بالمؤسسات التربوية، وكذلك إبعاد المدرسة الجزائرية عن الولاءات والصراعات، سواء بين الأحزاب السياسية أو بين المذاهب الدينية.

وجاء قرار وزارة التربية الوطنية، بعد أن ناشد مجموعة من الأولياء بمدينة الالشريعة الاسلامية (ولاية تبسة) الجهات المعنية للتحرك بقوة لوضع حد من خطر المد الشيعي ببعض المؤسسات التربوية، أي يعمد بعض الأساتذة كما جاء في رسالة موقعة من قبل بعض الأولياء، لتمرير معتقدات وتوجهات شيعية والمعتمدة أساسا على تقديس آل البيت والطعن في بعض الصحابة وشتم بعضهم.

وغير بعيد عن مدينة الالشريعة الاسلامية أرسلت مديرية التربية مؤخرا لجنة تحقيق لإحدى المن التعليم المتوسطات ببئر مقدم على إثر شكوى من مدير المن التعليم المتوسطة مفادها أن أستاذا قام أثناء إحدى الحصص بسب وشتم أحد الصحابة الكرام أمام مسمع التلاميذ الذين أبلغوا أولياءهم بالحادثة، حيث تحرك الأولياء بقوة وأخذت القضية أبعادا وتداعيات كبرى، كانت محل متابعة حتى من قبل المسؤولين بالمنطقة، وعلى الرغم من محاولات عدة أطراف طي الملف وتطويق المشكلة من خلال مطالبة بعض الجهات المسؤولة من الأستاذ الذي شتم الصحابة، تقديم اعتذار أمام الأولياء والتلاميذ، إلا أن البعض مازال يبدي تخوفا من أن تكون هذه السلوكات بداية لإحياء دعوة شيعية، خاصة وأن هناك معلومات تؤكد أن منطقة بئر مقدم والالشريعة الاسلامية وتبسة يوجد بها عناصر من اتباع المذهب الشيعي، البعض منهم لا يتورع في الجهر بذلك والبعض الآخر مازال يستعمل كما يعرف عند الشيعة "التقية" درءا لأي مشكلة قد تلحق به.


كيف تشيعوا ؟


تكشف كتاب كاملات بعض الشيعة في الجزائر على شبكة الانترنيت، الظروف التي انتقلوا فيها من المذهب السني (المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.
ويظهر جليا أن ذلك ناتج عن علاقاتهم بأقربائهم وأصدقائهم،أو باحتكاكهم بالشيعة المقيمين بالبلاد أو بالسفر، كما أن للمراجع والكتب الشيعة أثر في قبولهم فكرة التشيع نتيجة الخواء الروحي وفقر الخطاب الذي أتبع العشرية الدموية، نهيك على انتشار الفضائيات الشيعية.. كما أن عديد الشباب تأثروا بنضال "حزب الله" اللبناني مما جعلوهم يغيرون المذهب بقصد الانخراط في صفوفه أو المشاركة في نضاله المسلح ضد الكيان الصهيوني..

ومن أسباب التشيع أيضا عند بعض الجزائريين كما يذكر الباحث فريد مسعودي، هو زواج المتعة حيث اكتشف من خلال جلسته مع الشباب الشيعي الجزائري أنه "مدمن" على زواج المتعة.
واللافت للانتباه أن أغلب هؤلاء بعد "استبصارهم" واعتناقهم مذهب آل البيت أصبحوا ينظرون نظرة "دونية" للمذهب السني لا تخلو من "السخرية " وعدم "الاحترام".


العلاقات مع إيران


بعض الأصوات التي ارتفعت في عدد من البلدان مادة اللغة العربية تحذر من التوسع الشيعي، لم تخف أن وراء هذه الظاهرة يقف "مخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة" وأنها تعكس "تسلل وخطورة المشروع الإيراني في المنطقة".

..وهناك من يشير إلى دور إيراني في دعم شيعة الجزائر وهو دعم معنوي بالأساس ويتمثل في توفير المراجع والكتب الشيعية وتمكين الراغبين في مواصلة دراستهم في الحوزات العلمية...الخ
ويقدمون في هذا الصدد عدة دلائل منها العثور على كتب شيعية لدى بعض الطلبة في المن التعليم الثانويات والجامعات، بالإضافة إلى وجود عدد من الجزائريين الذين يدرسون بالحوزات العلمية في قم (إيران) وسورية ومنهم من رجع خلال المدة الأخيرة إلى الجزائر....



الموضوع منقول





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©