الفتوى رقم: ١١٤٦

الصنف: فتاوى الأشربة والأطعمة - الأطعمة
الملون الغذائي الأحمر [E١٢٠]

السؤال:

بعد حظر الموادِّ الملوِّنة التي تدخل في صناعة «الكاشير» وغيرها من الصناعات الغذائية لِما فيها من أضرارٍ صحِّيَّةٍ، استُبدلت بمادَّةٍ هي عبارةٌ عن خنافسَ يتمُّ حرقُها، واستعمالها يعوِّض تمامًا دور المادَّة الملوِّنة، فهل ثَمَّ حرجٌ في اعتماد هذه الطريقة في تصنيع الكاشير وغيره؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالملوِّن الغذائيُّ الأحمر المستخرَج من هذه الخنافس الذي يُرمز إليه ﺑ: [E١٢٠] لا يجوز استخدامه كأحد المركَّبات الصناعية الغذائية، ولا يجوز استهلاكه -وخاصَّةً مع طغيان لونه-، لأنَّ هذه الخنافس معدودةٌ من الحشرات المستخبثة طبعًا عند جمهور أهل العلم(١)، حيث تندرج تحت عموم قوله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧]، فقد أكرم الله المؤمنين بالطيِّبات في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢]، وخاطبهم بما خاطب به الرسل عليهم الصلاة السلام حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ [المؤمنون: ٥١].

وخالف مالكٌ -رحمه الله- في المسألة ورأى جواز أكل الخنفساء وغيرها من الحشرات والتداوي بها قياسًا على جواز أكل الجراد المنصوص على جوازه في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ: فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ»(٢)، وينقل الباجيُّ –رحمه الله- هذا الحكمَ بقوله: «قال ابن حبيبٍ: كان مالكٌ وغيره يقول: من احتاج إلى أكل شيءٍ من الخشاش لدواءٍ أو غيره فلا بأس به إذا ذُكِّيَ كما يُذَكَّى الجراد كالخنفساء والعقرب وبنات وردان والعقربان والجندب والزنبور واليعسوب والذَّرِّ والنمل والسوس والحِلْم والدود والبعوض والذباب وما أشبه ذلك»(٣).

والذي يترجَّح -عندي- من القولين السابقين هو مذهب الجمهور لقوَّته، ذلك لأنَّ الخنفساء لا تقبل التذكية إذ لا دم لها سائل، وكلُّ ما لا يُقتدر فيه على ذكاته فحكمُه التحريم لأنه مَيْتةٌ، وقد جاء التنصيص القرآنيُّ -جليًّا- يحرِّم الميتةَ ويأمر بتذكية ما يجوز تذكيتُه ويقبلها، قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: ٣].

ولا يخفى أنَّ قياس الخنفساء وغيرِها من الحشرات على الجراد غير متَّجهٍ لأنه قياسٌ على ما خالف القياس، وما كان خارجًا عن عموم تحريم الميتة بالنصِّ فلا يُعتبر إلحاقُه به لأنه مستثنًى ورد على خلاف القياس عملاً بقاعدة: «مَا ثَبَتَ عَلَى خِلاَفِ القِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لاَ يُقَاسُ».

علمًا أنَّ مالكًا -رحمه الله- وغيره أباحوه بشرط تذكيته، فيسمِّي اللهَ عند وخزه بالشوك وغرزه بالإبر ونحو ذلك ويُلحقونه بالجراد في الحكم(٤)، ويغيب هذا الشرط في المادَّة ذات اللون القِرْمِزيِّ(٥)، إذ يتمُّ حرقُها أو سحقُ جسدها وأعضائها جميعًا لاستخراج هذه المادَّة الحمراء.

فالحاصل أنَّ الملوِّن الغذائيَّ الأحمر المستخرج من هذه الخنافس بغضِّ النظر عن خبثها وعدم قبولها للتذكية فإنها -من جهةٍ أخرى- تسبِّب أضرارًا جسمانيةً متفاوتة الخطورة من الحساسية للأطفال والربو وأمراضٍ مسرطنةٍ وغيرها من الأعراض والأمراض، لذلك تُمْنَع عملاً بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ»(٦).

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٩ جمادى الثانية ١٤٣٣ﻫ

الموافـق ﻟ: ٢٠ مــايـو ٢٠١٢م

(١) انظر: «المغني» لابن قدامة (٨/ ٥٨٥)، «المجموع» للنووي (٩/ ١٠)، «المبسوط» للسرخسي (١١/ ٣٩٩).

(٢) أخرجه ابن ماجه في «الأطعمة» باب الكبد والطحال (٣٣١٤) وأحمد في «مسنده» (٥٧٢٣) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحَّحه الألباني في «إرواء الغليل» (٢٥٢٦).

(٣) «المنتقى» للباجي (٣/ ١٢٩).

(٤) المصدر السابق الجزء والصفحة نفسها.

(٥) القِرْمِز: صبغٌ إرمنيٌّ لونه أحمر يكون من عصارة دودٍ يكون في آجامهم [انظر: «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (٦٧٠)، «المعجم الوسيط» (٢/ ٧٣٠)]

(٦) أخرجه ابن ماجه في «الأحكام» باب من بنى في حقِّه ما يضرُّ بجاره (٢٣٤٠) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٢٥٠).
http://www.ferkous.com/site/rep/Bq148.php
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(مقطع صوتي) فتوى في [e441] للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-

هنا رابط مباشر


http://archive.org/download/e441fatw...eekhferkos.WAV

أو هنا

http://archive.org/download/hokmcoca...2hautevoix.wav

قال تؤخد من جلود الخنزير و تصير إلى جيلاتين


هنا التفريغ فرغته ابنة السلف

فتوى في الملون الغذائي [e441] للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس (تفريغ)
بسم الله الرحمن الرحيم

تفريغُ فتوًى لفضيلةِ الشيخِ:
أبي عبد المعزّ فركوس -حفظهُ اللهُ-
عن حُكمِ بعضِ أنواعِ الملوِّن الغذائيّ
،،،

السّؤالُ:
"..بعضُ النّاسِ يتكلّمونَ عن مشروباتِ (كوكا كولا) بأنها [لا تصحّ][1]؟


جوابُ فضيلتِهِ:
المشروباتُ -عمومًا- بحسبِهَا؛ إذا كانتِ هذه المشروباتُ كحوليّةً؛ فلا شكّ أنها لا تصحُّ؛ لأنها خمرةٌ
وفي الحديث يقولُ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»[2]، والمسكراتُ -هذه- محرّمةٌ ككلٌّ
المشروباتُ التي خلتْ من إسكارٍ؛ جازَ شربُهَا إذا لم تكن هناكَ إذايةٌ للشخصِ
فإذا كان هناكَ إذاية؛ كمريضِ السكري -مثلاً- ونحوِ ذلك؛ إذا حصلَ لمريضِ السكري إذايةٌ في شربِ المشروباتِ الغازيّةِ وغير الغازيّةِ، فحصلَ له أذًى؛ فيُمنعُ المشروبُ لَهُ فقط؛ دون سائرِ الناسِ
فالشّرابُ جائزٌ لسائرِ النّاسِ، أما هو فباعتبارِ أنه يؤذيهِ ويتضرَّرُ به، والحديثُ قالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»[3]
فيُصبحُ هذا ممنوعًا له، ولا يُمنَعُ لسائرِ الناسِ.
إذا احتوى المشروبُ على موادَّ نجسةٍ، أو على موادَّ محرمةٍ، أو احتوى على سمومٍ، أو احتوى على أيِّ شيءٍ يمكنُ أن يقضيَ على الإنسانِ مع مرِّ الزمانِ؛ ففي هذه الحالِ يُقال له:
إذا ثبتَ هذا طبيًّا وصحيًّا؛ يُقالُ إنه لا يجوزُ تناولُهُ لأنّه مضرٌّ؛ خشيةَ أن يُسبِّبَ أضرارًا، والضّررُ أُمرنا أن نُزيلَهُ؛ لقولهِ صلى اللهُ عليه وسلّمَ:
«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، والضررُ يُزال.
أما الموادُّ الأخرى التي ليسَ فيها ضررٌ، وليس فيها موادّ تَحْرُم، وليس فيها -أيضًا- موادّ أخرى تُدخَلُ من غيرِ جنسِ المشروباتِ؛ لأن هناكَ بعضُ المشروبات التي ربَّما تحتوي على موادَّ تدخلُ في جنس (الخبائثِ)!
فاللونُ الأحمرُ هذا الذي يؤخذُ من بعضِ الحشراتِ؛ مثلُ الموجودةِ في الصبارِ؛ وهي حشراتٌ صغيرةٌ حمراءُ، فتُؤخذ هذه ولها لونٌ أحمرُ
ونظرًا لأنَّ هذه الموادّ الصبغيّة في عمومِ الصناعاتِ الغذائيةِ، مادة أذكرها [..] هذه المادّةُ الصبغيّةُ
فاللون الأحمرُ إمَّا أن يُؤخذ من أصلٍ نباتيٍّ وهو -كما هو معروفٌ-: الشمندر السكريّ
أو أصلٍ آخر وهو: أصل حيوانيّ، وهو إما أن يُؤخذَ من الدّماءِ المسفوحةِ من عمومِ المجازرِ!
فتُؤخذُ هذه الدماءُ، ثم تُصَيَّرُ إلى موادَّ صبغيةٍ للموادِّ الغذائيةِ
أو أن تُؤخذَ من هذهِ الحشرةِ التي لها صبغةٌ حمراءُ! بحيثُ إذا وُضِعَتْ على أيِّ سائلٍ ولو شيئًا يسيرًا؛ صيَّرتْهُ أحمرَ [قاتمًا]
فالحشرةُ -هذه- تعصرُ! ثم تُقولبُ إلى قوالبَ تُستعملُ في الصناعةِ الغذائيةِ سواء في الموادّ ذات الصّبغةِ الحمراءَ، وممكن أن تكون في الموادِّ المأكولةِ اللحميّةِ، وكذا الموادُ الأخرى يمزجُ فيها هذه [..]، وهي التي تكون فيها الشفرة [إي 120][4]، وهي عبارةٌ عن حشرة! يُستخرجُ منها المادةُ الحمراءُ
وهناكَ: [إي 441][5] ، هذه تؤخذُ من جلودِ الخنزيرِ! ثمَّ تُصيَّرُ إلى جيلاتين، أو تدخلُ في الموادّ؛ فهذه لا تصحّ!
أما بقيةُ الشفرات؛ فيختلفُ حكمُها باختلافِ ما إذا كانت ضارّةً؛ فلا نستطيعُ أن نجزمَ فيها، وبالتالي الأصلُ في ذلك الحِلُّ .. والعلمُ عندَ اللهِ".اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - لعل الكلمة [لا تجوز].
[2] - [صحيح مسلم]
[3] - [سلسلة الأحاديث الصحيحة (250)]
[4] - [e120]
[5]- [e441]

منقول




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©