بسم الله الرحمن الرحيم
شيخ من شيوخ مجلة الإصلاح حبيب إلى قلوبنا والحق أحب إلينا منه
لأبي عبد الله مسعود مسعودي الجزائري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وسيد الثقلين وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد استمعت إلى كلمة قالها شيخ من شيوخ مجلة الإصلاح بالجزائر العاصمة، حبيب إلى قلوبنا فألفيتها قد حوت على الباطل الذي يجب ردّه وبيانه، فالحق أحبّ إلينا منه، وأسأل الله عز وجل أن يهدينا وإياه إلى سواء السبيل.
وقد ابتدأ كلمته تلك بأن الحق هو الغاية وهو بغيته، كما نبّه على مسألة عظيمة زلت فيها أقدام الكثير من الناس، بل تفرقت الأمة بسبب الإنحراف فيها ، ألا وهي تعظيم أناس ثم تقديسهم ثم الموالاة في حق أو في باطل ، ثم ترك الحق والإعراض عنه بسبب التعصب لهم والإتباع لضلالهم.
وهذا الكلام كما ذكر هو من صميم المنهج السلفي، فعملا بموجبه رأيت أن الشيخ غفر الله لي وله قد وقع فيما حذر منه ونبّه عليه، لكونه قد اتبع هذا بكلام يُشمُّ منه التعصب وترك الحق.
فأذكر كلام الشيخ وفقنا الله جميعا لإتباع الحق ثم أتبعه إن شاء الله بالبيان سائلا الله التوفيق والسداد.
قال حفظه الله تعالى ونفع به في الخير: " فمن عُرف فينا بالحق، وبالتحري والتجرد فيه والعلم وعُرف دينه واستقامته هذا الذي أمرنا بأن نجالسه وأن نأخذ عنه".
قلت: إن هذه الكلمات جميلة وحق لكننا نخشى أن تكون مما قال في جنسها علي بن أبي طالب رضي الله عنه كلمة حق أُريد بها باطل. هذا الباطل يتمثل في الدعوى إلى التعصب ونبذ الحق الذي يأتي من عند المخالف.
وقد ذكر الشيخ ربيع أن الحق لا يُقبل من المخالف عقوبة له كما بينته في مقال " جِيد النقد في الرد على هذيان المقلد نويجم سعد".
وأصل التقليد سببه هذا، الغلو في المدح، ثم التعصب الأعمى الذي به يُرد الحق عياذا بالله تعالى.
وأكّد الشيخ هذا الذي حذر منه أهل السنة بقوله في تلك الكلمة وهو يُهاجم بعض أهل السنة بقوله: " الذي جعل من عرض الشيخ ربيع دينا له، يطعن فيه كما جعل الشيعة أعراض الصحابة دينا لهم".
فوصل الحال بالشيخ غفر الله لي وله أن يقيس الشيخ ربيعا على الصحابة، أين ربيعا وأين الصحابة يا شيخ؟!
إن الصحابة رضوان الله عليهم جاءت النصوص تترى ببيان فضلهم والسكوت عن ما شجر بينهم، وأن لا يُذكروا بسوء، وقد ماتوا على الخير، أما الشيخ ربيع فهو من أهل القرن الخامس عشر، وقد بدرت منه هنات وهنات وكان الواجب عليك وعلى أمثالك أن تسألوا عن الحجة والبرهان كما هي طريقة أهل السنة { ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ } [سورة البقرة:111] .
ثم إننا لا ندري بما يُختم للشيخ ربيع ولا بما يُختم لغيره. والواجب علينا جميعا أن نرجع إلى الكتاب كامل والسنة على ما كان عليه سلفنا الصالح.
إن الطعن في الصحابة طعن في الدين، وإسقاط للسنة، أما الشيخ ربيع فلا يضر إلا نفسه والدين محفوظ وعدٌ من الله جل وعلا.
واما قولك دينا له، فهذا من التقول عليه بالباطل، وإلا فهو لا يتعبد الله عز وجل بالطعن في الشيخ ربيع، وإنما يتعبد الله عز وجل ببيان الخطأ والنصيحة في الدين، أم أن بيان الأخطاء في حق الشيخ ربيع طعن، وفي حق الشيخ الألباني وغيره من العلماء نصيحة ودين.
{ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ } [سورة يونس:35]
ثم قال الشيخ غفر الله لي وله" إن لم تكن لهذا الرجل [ أي الشيخ علي بن حسن السلفي] إلا هذه السيئة كونه فتح هذا المنتدى لأمثال هؤلاء الأشرار يكفيه شرا ويكفيه خبثا..".
نعم هكذا فليكن العلم، لا يضرُّ مع الثناء على الشيخ ربيع سيئة ولا بدعة، كما أنه لا ينفع إيمان ولا سنة مع الطعن في الشيخ ربيع.
لقد صدق الشيخ مقبل بن هادي الوادعي حين قال: " لا يقلد عصري إلا هابط".
يا أهل السنة لقد أُضيف أصل جديد: لا يمكنهم أن يكونوا سلفيين إلا بالاعتراف بالشيخ ربيع وإلا كانوا أشرارا وخبثاء.
ندعوك يا شيخ إلى أن تتوب من هذه البدعة المخزية النكراء التي بسببها تفرقت الأمة، وأن نعود جميعا إلى الكتاب كامل والسنة فما نطقا به نطقنا به وما سكتا عنه نسكت عنه رحمة بأمة الإسلام.
والسنة هي التي تجمعنا ولما كان هذا هو ديدن الأيمة الكبار: ابن باز والعثيمين والألباني رحمهم الله تعالى، كان الاجتماع أكثر من الفرقة، وأما بعدهم لما حدثت هذه البدعة وهي إيجاب الرجوع للشيخ ربيع حدث التفرق والاختلاف.
وكما أخرج أبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح مسلم (ج1/ص36) وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنا بعدي إلا هالك. ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ".
وأما مسألة الطعن في الشيخ ربيع وأنها تخرج من السلفية فأظنك يا شيخ لا تفرق بين المنهج والمعصية؟ أم أن المعصية عندكم تخرج من السلفية، اعلم أن الطعن في الشيخ ربيع إن كان بغير حق هو من قبيل المعصية وليس من قبيل المنهج.
يقول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الشريط رقم (613) جوابا عن سؤال من جعل الطعن في العلماء من المنهج: "يا أخي هذا ليس منهجا، بارك الله فيك، هذه معصية".
وقال: "خلاصة الكلام: الأستاذ يريد أن يفرِّق بين أن تقول أنت ولاّ غيرك بأن الجماعة جاؤوا بمنهج جديد شو الدليل؟ طعنوا في المشايخ. نسبوهم إلى الفسق، ما جاؤوا بمنهج لكن جاؤوا بمعصية كان ينبغي عليهم أن يترفعوا عنها".
وقال رحمه الله تعالى: "المنهج أليس هو الذي يمشي عليه الإنسان صاحب المنهج طِيلة حياته، أليس كذلك ؟
فأجاب السائل: لاشك. فقال الشيخ : طيب، هذون في حياتهم الطعن في العلماء؟ فقال السائل: لا ..".
وقال الشيخ: "المنهج أليس هو السبيل والطريق الذي يحياه الإنسان منذ أن تبين هذا المنهج إلى آخر رمق من حياته؟ قلتَ: نعم. طيب، هؤلاء يَضَلون يطعنون وليس عندهم إلا تطبيق منهج الطعن في العلماء؟ قلتَ: لا.
فإذًا هذا مو منهج بارك الله فيك، هذا من الغلو في الدين..أولا: أن تسمى الأشياء بغير أسمائها. وثانيا: أن تحمِّلُوا الناس أكثر من واقعهم.
يا أخي طعنوا في العلماء بمناسبة الاستعانة بالكفار، ... خَلَص انتهت المشكلة. خطأ وقع منهم. معصية وقعت منهم، لكن هذا ليس من منهجهم باعترافك، أي ليس من ديدنهم الطعن في العلماء، سبحان الله هذا الغلو..
منهجنا أن نعدِل دائما مع الناس حتى مع الكفار حتى مع الفساق".
قال الشيخ غفر الله لي وله:" سلفنا الصالح أصّلوا لنا في هذا الباب أصلا عظيما أن هذا العلم دين، فلينظر أحدكم عمن يأخذ دينه".
نعم إن هذا النص الجليل من إمام من أئمة المسلمين ألا وهو ابن سيرين لحري بالمسلم أن يعضّ عليه بالنواجذ، وأن يفهمه على وفق عمل السلف رضوان الله عليهم.
فعن إبراهيم النخعي قال: "كانوا إذا آتوا الرجل يأخذون عنه العلم نظروا إلى صلاته وإلى سنته وإلى هيأته ثم يأخذون عنه". وكذلك قال الحسن.
وقال أبو العالية: "كنا نأتي الرجل لنأخذ عنه فننظر إذا صلى فإن أحسنها جلسنا إليه وقلنا هو لغيرها أحسن وان أساءها قمنا عنه وقلنا هو لغيرها أسوأ". كما تراه في سنن الدارمي.
وقال يحيى بن معين : « آلة الحديث الصدق ، والشهرة ، والطلب ، وترك البدع ، واجتناب الكبائر »
وقال شعبة : « حدثوا عن أهل الشرف ، فإنهم لا يكذبون » قال الخطيب رحمه الله تعالى: " هذا كله بعد استقامة الطريقة وثبوت العدالة والسلامة من البدعة ، فأما من لم يكن على هذه الصفة فيجب العدول عنه واجتناب السماع منه". كما في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع.
والشيخ علي بن حسن ولله الحمد والمنة كان ولا زال من أهل السنة، فقد اشتهر بالسنة وطلبها ومحاربة البدع والنهي عنها، وأثنى عليه الكبار واستفاد منه الصغار والكبار، بل لقد طلب منه الشيخ ربيعا بالتقديم لبعض كتبه، ولا نبرِّؤه من الخطأ لا هو ولا غيره، فلِما الغمز ولِما اللمز وقد أمر الله بالعدل: { ٹ ٹ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ } [سورة الأنعام:152].
ثم هناك فرق بين أخذ العلم وبين قبول الحق ممن جاء به، فإذا وصلك الحق فالواجب الأخذ به ولو كان من المخالف، فالحكمة ضالة المؤمن أين وجدها فهو أحق بها.
قال الشيخ غفر الله لي وله: " هذا الرجل [ أي علي بن حسن] كان يُعرف فينا وأنه من أهل السنة خاصة بعد أن كان الشيخ الألباني عليه رحمة الله في بلدتهم أو في موطنهم في الأردن".
قلت: إن الشيخ علي بن حسن عُرف بالسنة ونشرها وأثنى عليه الألباني وغيره، وكذلك أشاد به الشيخ ربيع، ولا زال ولله الحمد على السنة.
والحلبي نسبة إلى حلب وهي مدينة في دولة سوريا فهذا هو الأصل.
قال الشيخ غفر الله لي وله: " لكن كان في حياة الشيخ بدأت تظهر منهم هنات وزلات ومسائل كانت تنكر عليهم وكان أهل العلم يسترونها ولا يظهرونها متابعة لهم بالنصيحة ورجاء رجوعهم وانتباههم منها إلا أنه في كل مرة ما كان يصدر منهم إلا الإمعان في المخالفة والانحراف ".
قلت: هذه دعوى عريضة كبيرة، لا دليل عليها ولا برهان، فما عُرف عنهم إلا السنة، وإن كان بعض المشايخ قد رأى أن ما وقع فيه الشيخ علي بن حسن خطأ، فمن هو وما هو الخطأ؟
ولو أنك عكست الأمر لكان هو الأصوب. فأخطاء الشيخ ربيع التي نبّه عليها الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، بل ونصحه بتركها قد سترها مشائخ الشام ولم يُظهروها طمعا في استقامته ورجوعه إلى السنة، فلما أصرّ على خطئه كان لزاما عليهم البيان وقد فعلوا فجزاهم الله خيرا.
قال الشيخ غفر الله لي وله: " حتى وصل به الأمر بهذا الحلبي إلى أن خرج تلك الخرجة الخبيثة في الإشادة بالكفر والضلال من خلال إشادته بما يعرف برسالة عمان وما تحويه من الكفر الصريح للدعوة إلى توحيد الأديان نسأل الله عز وجل العفو والعافية".
قلت: كان عليك أن تتحلى بالأمانة العلمية والإنصاف، فالشيخ علي بن حسن أشاد برسالة عمان، أما الكفر والطغيان فلم يُشد به فهذا من لوازم الأقوال التي ذكرت أنها من أول مزالق الأقدام، ولازم القول ليس بقول كما هو مقرر عند أهل السنة إلا بعد أن يلتزم القائل بذلك.
قال الشيخ غفر الله لي وله: " اعتذر له من اعتذر بأنه لا يعتقد بهذا التوحيد الباطل ولا يقول بهذا الكفر، هذا اعتذار من اعتذر له وفي نفسه، وأما هو فقد صدر عنه من غير شك ولا ريب في هذه المسألة".
قلت: إن الذين اعتذروا له كان حول الإشادة برسالة عمان، أما الكفر والتوحيد الباطل فلم يرفعوا بذلك رأسا، ولا نسبوه له إلا إن كان مِن مَن لم يقف على حقيقة الأقوال واكتفى بما تملُونه عليه، لأنه لم يصدر منه ولا قاله فاتق الله وكن من الصادقين، وإذا كان عدم الريب والشك عندكم طريقه هو هذا فقل: على الأمة السلام.
قال الشيخ غفر الله لي وله: "وأنا يخبرني من هو قريب منه وهو على شاكلته عبد المالك رمضاني بأنه أخبره بهذا الأمر، وقال: بأنني لا أستطيع أن أتراجع عن هذه المسألة لأنها متعلِّقة بالملك، ولو تراجعت عنها ربما سجنت أو ما إلى ذلك".
قلت: أولا هنا مغالطة وهي نسبة ذاك الكفر للشيخ علي بن حسن وهذا باطل، ولم يقله لكنه أثنى على رسالة عمان.
ثانيا: لماذا يكون عبد المالك رمضاني على شاكلة علي بن حسن؟ لأجل فقط أنه اعتذر للشيخ علي بن حسن حول ثنائه على رسالة عمان، وعمل بقول الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز: " لاتظنن بكلمة خرجت من في أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا" وهو ثابت ومخرج في رسالتي (قعدات على وقفات).
أو أنه بثنائه على الشيخ علي بن حسن أصبح هو كذلك يثني على رسالة عمان، فإن كان الأمر فقل: على العقول السلام.
وعملا بقاعدتهم تلك وهي أن من أثنى على شخص أو رسالة فقد أثنى وأقرّ باطله، فنقول إن شيوخ مجلة الإصلاح يقولون أيضا بحرية الأديان لأجل ثنائهم على الشيخ ابن باديس.
يقول ابن باديس كما في الآثار ( 3- 119،120) : "أيها الشعب الكريم! ... وما أصدقاؤك إلا الذين يحترمون الإنسانية في جميع أجناسها وجميع أديانها ويرحمون الضعيف وينصرون المظلوم..
كن كلك ضد كل متعصب ضد أي جنس وأي دين ....
ليسقط الظلم والاستعباد! ليسقط أضداد الأجناس وحرية الأديان والأفكار!".
وقال أيضا في (3- 179) : "احذر من التعصب الجنسي الممقوت فإنه أكبر علامة من علامات الهمجية والانحطاط. كن أخا انسانيا لكل جنس من أجناس البشر وخصوصا ابن جلدتك المتجنس بجنسية أخرى، فهو أخوك في الدم الأصلي".
وغيرها من النصوص التي فيها الدعوة إلى هذا الأمر، وها أنتم إلى هذه اللحظة تثنون عليه بل وتجعلونه سلفيا وتؤلفون في الدفاع عنه، مع أنكم جماعة ولستم مثل الشيخ علي بن حسن لوحده.
فهل أنتم لا تقرؤون أم أنكم تتسترون أم ترون المصلحة في الدعوة؟!
فعليكم بالرجوع إلى الله تبارك وتعالى والتبرؤ من حرية الأديان، ومن الدعوة إلى إسقاط مبدأ الحب في الله والبغض في الله، وإلا فأنتم مثل من قال تلك المقالة بل أنتم شر منه لكونه قد انتقل إلى ربه ولا نعلم ما عذره خلافا لكم.
ثالثا: لقد أنطق الله الشيخ بما يُعتذر به للشيخ علي بن حسن إن صح عنه، وهذا يدل على أن الشيخ علي بن حسن اجتهد في تقدير المصلحة وهو معذور لأن المصلحة موكولة لمن وقع في الأمر وليس لها دخل في بلوغ رتبة الاجتهاد، وإلا كانت الأمة كلها ملزمة ببلوغ رتبة الاجتهاد حتى يجتهدوا في تقدير مصالحهم وما يدفع عنهم المفاسد.
ومن جهة أخرى إن مثل هذا الاعتذار قد يُحمل على أن الشيخ علي بن حسن اتبع الباطل وهو يعلم أنه باطل وهذا معناه أنه فعل المعصية لكونه يعلم بحرمتها وليس معناه أنه فعل البدعة لأجل أنه لا يتعبد الله بهذا العمل.
والمعصية كما هو معلوم لا تخرج من جماعة أهل السنة أم أن الإخراج خاص بالشيخ علي بن حسن دون غيره؟!
ولقد أجاب علي بن المديني في المحنة ومع ذلك لم يبدعه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ولا أقام الدنيا عليه.
وكان عليكم والحال هكذا إن كنتم من أهل السنة حقا أن تقولوا للشيخ علي بن حسن تعال إلينا إن كنت خائفا من الملك، فنحن ننصرك ونعينك كما كان الصحابة رضوان الله عليهم، فهذه هي أخلاق المؤمنين. لا أن توضع في الأرشيف مدّة ثم بعد ذلك يُعاب بها فهذه صفة الخليل الماكر كما في الحديث.
قال الشيخ غفر الله لي وله: " ولنا سلف في أئمة الإسلام أبو الحسن الأشعري ، قام على المنبر وتبرأ من عقيدته التي كان عليها الباطلة، وأعلن في الناس أنه يرجع إلى عقيدة الإمام أحمد إمام أهل السنة عليه رحمة الله تبارك وتعالى".
قلت وفي هذا الكلام مغالطات منها:
وصفه للشيخ أبي الحسن الأشعري بأنه إمام من أئمة الإسلام، وليس الأمر كذلك عند أهل السنة، بل هو إمام وعالم لكنه لا يحشر مع أئمة الإسلام، وكيف يكون كذلك وقد وقعت منه هنات وهنات حتى في طوره الأخير الذي رجع فيه إلى عقيدة الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وقد اعتذر له شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بكونه لم يكن راسخا في معرفة السنة وآثار السلف وكلام الأئمة ولذلك وقع فيما وقع فيه، ولم يبدعه مع وقوعه فيها.
المغالطة الثانية: الحادثة التي ذكرها الشيخ عن أبي الحسن الأشعري كانت في طوره الثاني، وهو إعلانه البراءة من مذهب المعتزلة وانتقاله إلى مذهب الكلابية، أما انتقاله إلى عقيدة إمام أهل السنة الإمام أحمد فكانت في طوره الثالث، ولم يقم لا على المنبر ولا على غيره، ولذلك تمسك أصحابه به وشككوا في خروجه من مذهب الكلابية.
قال الشيخ غفر الله لي وله: " وكان هذا الواجب على هذا الرجل وقد نصح ونصحه المشايخ، فرمى بهذه النصيحة عرض الحائط، بل عوض أنه يأخذ ما فيها من الحق إلا أنه أعرض عنها وأخذ يتهكم هو ومن معه من أتباعه الذين يكتبون في منتداه... الذي جعله منتدى للطعن في أهل السنة وعلى رأسهم أئمتهم كالشيخ ربيع وغيره من مشايخنا أسأل الله عز وجل أن يحفظ الجميع".
قلت:أما أنه رمى بالنصيحة فليس الأمر كذلك، بل بيّن موقفه من وحدة الأديان ومن حرية الأديان، بل وذكر أن في رسالة عمان أخطاء، ولكن من يعكر الماء الصافي ليصطاد فيه لم يَقبل ذلك، وعند الله تجتمع الخصوم.
وأما أنتم فلم نر منكم التوبة من حرية الأديان التي دعا لها ابن باديس عليه رحمة الله.
وقد قال عباد بن عباد الخواص الشامي كما في سنن الدارمي ج1/ص168،189: " ولا تَكْتَفُوا من السُّنَّةِ بِانْتِحَالِهَا بِالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ بها فإن انْتِحَالَ السُّنَّةِ دُونَ الْعَمَلِ بها كَذِبٌ بِالْقَوْلِ مع إِضَاعَةِ العلم.
ولا تَعِيبُوا بِالْبِدَعِ تَزَيُّنًا بِعَيْبِهَا فإن فَسَادَ أَهْلِ الْبِدَعِ ليس بِزَائِدٍ في صَلَاحِكُمْ ولا تَعِيبُوهَا بَغْيًا على أَهْلِهَا فإن الْبَغْيَ من فَسَادِ أَنْفُسِكُمْ.
وَلَيْسَ يَنْبَغِي للمطبب ان يُدَاوِيَ الْمَرْضَى بِمَا يُبَرِّئُهُمْ وَيُمْرِضُهُ فإنه إذا مَرِضَ اشْتَغَلَ بِمَرَضِهِ عن مُدَاوَاتِهِمْ وَلَكِنْ يَنْبَغِي ان يَلْتَمِسَ لِنَفْسِهِ الصِّحَّةَ لِيَقْوَى بِهِ على عِلَاجِ الْمَرْضَى فَلْيَكُنْ أَمْرُكُمْ فِيمَا تُنْكِرُونَ على إِخْوَانِكُمْ نَظَرًا مِنْكُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَنَصِيحَةً مِنْكُمْ لِرَبِّكُمْ وَشَفَقَةً مِنْكُمْ على إِخْوَانِكُمْ
وأن تَكُونُوا مع ذلك بِعُيُوبِ أَنْفُسِكُمْ أعنا مِنْكُمْ بِعُيُوبِ غَيْرِكُمْ وأن يستفطم بَعْضُكُمْ بَعْضًا النَّصِيحَةَ وان يَحْظَى عِنْدَكُمْ من بَذَلَهَا لَكُمْ وَقَبِلَهَا مِنْكُمْ وقد قال عُمَرُ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَحِمَ الله من أَهْدَى إلي عُيُوبِي تُحِبُّونَ ان تَقُولُوا فَيُحْتَمَلَ لَكُمْ وان قِيلَ لَكُمْ مِثْلُ الذي قُلْتُمْ غَضِبْتُمْ تَجِدُونَ على الناس فِيمَا تُنْكِرُونَ من أُمُورِهِمْ وَتَأْتُونَ مِثْلَ ذلك".

وأما تهكمه على الشيخ ربيع وغيره من مشائخ أهل السنة وأئمتهم، فلم نسمع به ولم نره، بل إلى غاية كلمتك هذه كان يَعتذر له، ويخطئه في ما يخالف الكتاب كامل والسنة وما عليه الأئمة بأدب جم يعرفه كل من قرأ له، واستمع إليه.
وهاك مثالا على أدبه مع الشيخ ربيع مع ظُلمه له ، قال الشيخ علي بن حسن في صد التشنيع (ص 161 "قلت : فرجائي الشديد - جدا جدا- من الشيخ ربيع -هداه الله- وهو الشخصية المهمة (جدا) -اليوم- ! أن يحذر البطانة السيئة من جهة! وأن يحاذر من دسها ودسائسها -من جهة أخرى!!- فهي موجودة ...نعم موجودة... فلا أرى -والله- أكثر هذه الملاحظات ولا جل تلك المؤاخذات إلا ناشئة منهم! أو منبثقة عنهم!! أو راجعة إليهم!!!! -بصره الله بهم وكشفهم -بمنه-له كما كشف له- سبحانه- من قبلهم! وهو بهم خبير!- وليس فضيلته -اليوم- بأفضل وأجل من الألباني وابن باز - بالأمس - رحم الله الجميع -أحيانا وأمواتا ...."
وأما أتباعه فالشيخ علي بن حسن ليس له أتباع إنما معه إخوانه من أهل السنة سواء تلاميذ أو مشايخ أو غيرهم رأوا الظلم والبغي عليه فناصروه فجزاهم الله خيرا، عملا بقوله عليه السلام: " من ردّ عن عرض أخيه ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة ".
ومن نصائح الإمام عباد بن عباد الخواص الشامي قوله كما في سنن الدارمي ج1/ص168: " فَاللَّهَ اللَّهَ ذُبُّوا عن حُرَمِ أعيانكم وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ إلا من خَيْرٍ"
وإذا كان في بعض إخوانه شدة على الشيخ ربيع فليس بمسؤول عنها ولا تُنسب له، ولكنه لا يُلزم غيره بما يراه، لأنه يعلم أن لا إلزام إلا بما في الكتاب كامل والسنة، بل اكتفى بالتوجيه كعادته في أن تُترك الشدة . حفظه الله تعالى ونفع به العباد والبلاد.
وأما قولك بأن الشيخ ربيعا إمام من أئمة أهل السنة وعلى رأسهم فهذا لا يعني السكوت عن باطله، وموافقته في ظلمه وبغيه، ثم فيه من لا يعرفه من كبار العلماء كما هو الحال بالنسبة للشيخ الغديان رحمه الله تعالى، وكذلك الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى، وواحد يخرق الإجماع فما بالك باثنين بل وأكثر.
وأما قولك وغيره من مشايخنا الذين هم من رؤوس أئمة أهل السنة. فسمِّ لنا واحدا إن كنت صادقا. ولا أظنك تجده ولا في الأحلام.
قال الشيخ غفر الله لي وله: " فهذه الأمور المشينة جدا التي تنبئ عن نوايا خبيثة وعن مقاصد دنيئة عند هؤلاء".
قلت: لم تذكر إلا وحدة الأديان والتهكم، وقد تقدم أن وحدة الأديان لم يقل بها، وأما التهكم فكذلك لم يصدر منه في حق الشيخ ربيع إلى مادة التاريخ كلمتك تلك، وأما غيره من أئمة أهل السنة فإلى الآن لم يصدر منه ورحم الله امرئ أمسك عن ما لا يعلم.
وأما الدخول في النوايا، فأظن أنك قد تعدّيت قدرك، ودخلت في علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل .
ولم تستفد من نصائح كبار العلماء للشيخ ربيع من تحذيره من هذا الأمر، وعلى رأسهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى.
قال الشيخ غفر الله لي وله: "وقد تكلم أتباعه ..بالكلام الحقير الخبيث في علمائنا في من كان هذا علي بن حسن يشيد بهم ويعتقد أنهم من أئمة الإسلام يقولون فيهم الكلام الساقط النازل. لهم من الله جل وعلا ما يستحقون".
قلت: دعك يا شيخ من العصبية، وقل كما يقول أهل السنة في كل زمان ومكان : { ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ } [سورة البقرة:111]، والشيخ ربيع لا تؤمن عليه الفتنة، ولا يُحكم عليه بجنة ولا بنار فلِما التعصب؟
فمن جاءك بالحجة والبرهان فاقبل منه، كائنا من كان، ومن لم يأت بها فدعه هذا خير لك وأفضل.
وأما الإشادة فكل منهما كان يشيد بالآخر وينصح به، وأهل السنة يقولون مالهم وما عليهم، خلافا لأهل البدع الذين يقولون مالهم ويتركون ما عليهم.
بل لقد وقف الشيخ ربيع مع الشيخ علي بن حسن ضد كبار العلماء ، خلافا لموقفه الأخير الذي ناقض به ما كان منه أولا.
وأما ما نسبته للشيخ مختار طيباوي من كونه قد ذكر أن مشايخ العاصمة يسرقون الأموال، فهذا من ذرّ الرماد في العيون، وإلا فإن طيباوي شكك في مصدر المجلة لاغير. والتشكيك من عادة الجماعة المدخلية فلِما الغضب؟ أحلال عليكم حرام عليه ؟!
قال الشيخ غفر الله لي وله: "وكما يروى وإن كان في إسناده مقال من كلام عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وقال عمر...".
قلت: إعط القوس باريها يا شيخ واسأل الشيخ علي بن حسن عنه. هل فعلا في إسناده مقال أم لا ؟، ولا تجتهد فيما لا تعلم.
هذا أثر صحيح أخرجه عبد الرزاق في مصنفه كما في جامع بيان العلم وفضله ج2/ص195 لابن عبد البر، وكذلك في التمهيد (8/208)، وله طريق آخر عند الإمام أحمد (3121) والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/376، 377، 378).
وأما التشكيك في الآثار من غير حجة ولا برهان فطريق أهل الزيغ لا طريق أهل الإيمان.
قال الشيخ غفر الله لي وله: "ووالله الذي لا إله غيره لو أن الشيخ الألباني كان حيا وصدر من هذا الرجل مثل هذه المقالات الشنيعة لكان هو أول من يتبرأ منه، لأن هذا باطل لا يرضى به أحد".
قلت: أولا: إن كنت تعني مقالة وحدة الأديان فهذا من الكذب عليه، فلم يقل بذلك، وإن كنت تعني الثناء على رسالة عمان فالشيخ الألباني رحمه الله تعالى قد اعتذر لمن دخل مع الماسونية باجتهاد كرشيد رضا أفلا يعتذر للشيخ علي بن حسن وهو أفضل من رشيد رضا ؟
ثانيا: قولك يتبرأ منه، هذا الكلام لا يقوله إلا من لم يعرف منهج الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في التعامل مع الأخطاء، وإلا فإنه رحمه الله تعالى يدعو إلى الإصلاح وإلى النصيحة، ويُفرق بين العقيدة والمنهج وبين الأسلوب الذي قد تزل فيه أقدام بعض أهل السنة وهذا منها.
وثالثا: عليك أن تكفِّر عن يمينك وأن تستغفر من ذنبك، وأن تتحلل من الشيخ علي بن حسن ومن وقعت في عرضه قبل يوم لا ينفع جاه ولا سلطان ولاجماعة.
قال الشيخ غفر الله لي وله: "ومن يدافع عنه إنما يدافع عنه بغير حق".
قلت: قد تبين مما سبق من الذي يدافع بالحق ومن الذي يدافع بالباطل والعصبية الجاهلية. فإخوانه قد قرؤوا للجميع وحكموا بما دل عليه الكتاب كامل والسنة، وأما غيرهم فلم يقرؤوا إلا لطرف واحد ثم خاصموا بعد ذلك، ورحم الله حسان بن عطية القائل: " من أعان على خصومة لا علم له بها أوقعه الله في ردغة الخبال يوم القيامة حتى يخرج عما قال".
قال الشيخ غفر الله لي وله: "هذه المسائل مهوش أمثالنا الذين يتكلمون فيها ولا أمثال هذا الرجل، هذه المسائل تكلم فيها الكبار من أهل العلم،...، وهؤلاء أصحاب هوى يعلمون أن المشايخ تكلموا في هذه المسائل لهم كلام مجمل وكلاك مفصل، وهم يأخذون من كلامهم ما يوافق هواهم، فيأخذون بالمجمل أحيانا ويعرضون عن المفصل إتباعا للهوى ونصرة لما يعتقدون من مثل هذه الأمور،..."
قلت: هل نفهم من هذا أن العلماء يتكلّمون بالضلال، ويستعملون أصول أهل البدع يا شيخ؟
إن التلفظ بالمجمل من القول ضلال عند الشيخ ربيع، فهل أنت معه في ذلك؟
فإن كنت ممن يخطئه فلِما لم تقم بواجب البيان وقد وقع الشيخ في مثل هذا الخطأ المُعلن بل وولى وعادى من أجله، وأصبحت كلمته ملك للأمة لا ملكا له.
ثم إن قياس منع الشيخ علي بن حسن من الكلام وإلحاقه بنفسك ألا ـرى أنه من التكلم بغير علم.
فما دُمت قد حكمت على نفسك بأنك لست ممن يحق له التكلُّم، فلا يحق لك كذلك أن تحكم على غيرك بعدم التكلم لكونك لست أهلا لذلك باعترافك، ولو سكتَ من لا يعلم لقل الخلاف.
وأما الشيخ علي بن حسن فلقد تكلّم في المسائل الكبار وما مُنع من ذلك، بل ناصره العلماء ومنهم الشيخ ربيع نفسه، ونُصح به في زمن الأئمة الكبار وطلب منه الشيخ ربيع بالتقديم لبعض كتبه، أما أنت فليس لك شيئ من ذلك ، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه.
قال الشيخ غفر الله لي وله: "بعض الناس قالوا بجواز الاختلاط في الجامعة عندنا، وجابوا كلام الشيخ العثيمين،...، وكلام الشيخ العثيمين معروف تفصيله في هذه المسألة، ولا يقول بمثل هذا أبدا، يعني بجواز الاختلاط".
قلت: أذكر نفسي وأذكر الشيخ بقوله عليه الصلاة و السلام: " و من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع ، و من قال في مؤمن ما ليس فيه حبس في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال ".
لا يوجد يا شيخ من قال بجواز الاختلاط، وليس لك أن تنسب لمن قال بجواز أكل الميتة للمضطر أنه يقول بالجواز المطلق.
ثم إنه لم يقل واحد منهم إن الاختلاط جائز بل قال بعضهم تجوز الدراسة في الاختلاط وهذا يشعر بتحريم الاختلاط وإنما جاز المحرم لغيره إذا عارضه ما يُوقع في الحرج. أم أنك لا تفرق بين الأمرين؟!
وثالثا: ألا يقول بذلك مفتي مجلة الإصلاح وبهذا يعمل ، بل وعَمِل كلّ من عبد المجيد جمعة وعبد الحكيم دهاس الوهراني بمثل ما قال مخالفك، أم أن الكيل بمكيالين جائز عندكم، أم أنهم أصحاب هوى ولم تحِن الفرصة للكلام فيهم؟!
ثم ما رأيك في من يقول بقولك وينكر بإنكارك ثم نراه يُدخل فلذة كبده إلى المدارس ويُشجعهم على ذلك، أترى أن هذا من العدل والدين ؟!
وهل هذا الحكم عندكم يا شيخ خاص بالمدارس ويجوز في المكتبات والحافلات وسيارت الأجرة؟
فإن كان عاما فنرجو منك بيان هذا الحكم لمن يحضر الجمعة وينتقل من أماكن بعيدة لأجل سماع العلم، وإن كان خاصا فنأمل منكم بيان الفرق والله ولي التوفيق.
هذا تنزلا معك، وإلا فخذ هذا الكلام من المشايخ وانظر هل هو من قبيل المجمل أم من قبيل المفصل؟:
جاء في الفتوى رقم 3633 ومادة التاريخ 15/5/1401هـ ما يلي:
"فعلى ولاة الأمور أن يخصصوا للطلاب معاهد ومدارس وكليات وكذا الطالبات ، محافظة على الدين ، ومنعا لانتهاك الحرمات والأعراض والفوضى في الحياة الجنسية وبذلك يتمكن ذووا الغيرة والدين من الانتظام في سلك التعليم والتعلم دون حرج أو مضايقات . وإذا لم يقم ولاة الأمور بواجبهم ، ولم يتم فصل الذكور عن الإناث في دور التعليم ، ولا الأخذ على أيدي الكاسيات العاريات لم يجز الانضمام في سلك هؤلاء إلا إذا رأى الشخص من نفسه القدرة على تقليل المنكر ، وتخفيف الشر ببذل النصح والتعاون في ذلك مع أمثاله من الزملاء والأساتذة ، وأمن على نفسه من الفتنة ". كما في كتاب كامل الدعوة إلى الجماعة والإتلاف (ص159) لعبد الله المعتاز مع تقديم الشيخ صالح الفوزان.
فهل هذا من قبيل المجمل أم المفصل يا شيخ ؟
وانظر إلى ورع الشيخ العثيمين وسعة صدره في المسائل النوازل، فقد سئل: - هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة يختلط فيها الرجال والنساء في قاعة واحدة علماً بأن الطالب له دور في الدعوة إلى الله ؟
فقال: - الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أو امرأة أن يدرس بمدارس مختلطة وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته ونزاهته وأخلاقه فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة إذا كان إلى جانبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة ولاسيما إذا كانت جميلة ومتبرجة لا يكاد يسلم من الفتنة والشر . وكل ما أدى إلى الفتنة والشر فإنه حرام ولا يجوز ، فنسأل الله - سبحانه وتعالى - لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لا تعود إلى شبابهم إلا بالشر والفتنة والفساد .. حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة يترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط ، فأنا لا أرى جواز هذا وربما غيري يرى شيئاً آخر ".
وكذلك سئل رحمه الله تعالى كما في نور على الدرب: يقول: جميع المدارس بمحافظتي وهي محافظة إدلب مدارسها مختلطة شباب وفتيات، وهن سفور فوق العادة وخاصة في مدرستي، ولا يمكن بل ولا يستطيع المرء إلا أن يتحدث معهن من خلال الدروس مفصلة. والمطلوب: ما حكم الشرع في ذلك أفيدونا جزاكم الله ألف خير؟
فأجاب رحمه الله تعالى : الذي يجب عليك أيها الأخ أن تطلب مدرسةً ليس فيها هذا الاختلاط الذي وصفت حال أهله؛ لأن ذلك فتنة عظيمة، ولا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه للفتن، فإن الرجل قد يثق من نفسه قبل أن يقع في الفتنة ،قد يقول: أنا حافظٌ لنفسي، وأنا لا أميل إلى هذا الشيء، وأنا أكرهه. ولكن إذا وقع في الحبائل أمسكته، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع بالدجال أن ينأى عنه). أن يبعد عنه، وقال: (إن الرجل يأتي وهو يرى أنه مؤمن، ولكنه يضل بما يقذف به من الشبهات). فعلى كل حال نقول: أيها الأخ يجب عليك أن تتطلب مدرسةً ليس هذا وضعها، فإن لم تجد مدرسةً إلا بهذا الوضع وأنت محتاجٌ إلى الدراسة، فإنك تقرأ تدرس، وتحرص بقدر ما تستطيع على البعد عن الفاحشة والفتنة، بحيث تغض بصرك وتحفظ لسانك، ولا تتكلم مع النساء ولا تمر إليهن."
وأيضا سئل: السؤال: إني تلميذة في إعدادية للبنين ومعي عدد قليل من الطلبة وتعلمون أننا نختلط بهم ونتكلم معهم فهل هذا حرام أم حلال؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن هذا له خطره العظيم ويقع غالباً بدون حجاب ولا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها ويديها للأجانب منها أي غير المحارم لا في المدرسة ولا في غيرها ولهذا يجب على وزراء التعليم في الممالك الإسلامية أن يجعلوا للبنين مدارس وللبنات مدارس حتى يحصل التمييز بين الجنسين ويبتعدوا عن الشبهات وعن الفتن لأن هذا من الفتن العظيمة وكم من مفاسد حصلت بسبب هذا الاختلاط.
فعليك أيها الأخت أن تحتشمي الاحتشام المشروع بالاحتجاب الكامل عن هؤلاء وألا تجلسي إلي جنب الولد وأن تكوني أنت وزميلاتك في جانب من الغرفة محتشمات فبهذا يخف الضرر وتخف الفتنة وإن كان الواجب على ولاة الأمور كما قلنا أن يجعلوا للذكور محلاً وللإناث محلاً ".
وغير هذا كثير فما رأيكم بارك الله فيكم؟
وكذلك ما ذكره في مسألة الانتخابات، ونفيه أن يقول إمام من أئمة المسلمين بها بإطلاق، وليته اقتدى بالشيخ ربيع حين ذُكر له أن الشيخ عبد المحسن العباد وعلماء أخر قالوا بجواز الانتخاب في ليبيا فلم ينف، كما في جلسته مع الليبيين، ولكنه ذكر كلاما فيه نوع استهانة بهم كقوله: مساكين.
والمسألة الخلاف فيها معروف في اختيار الأصلح لا في الترشح ، يعرفه كل من له اتصال بالعلم وأهله.
وليت الأمر وقف عند مسألة الاختلاط فقط بل تعدى ذلك إلى تحريم الوظائف في الدولة التي تحكم بالدستور كما هي فتوى الشيخ ربيع بن هادي مع الليبيين، والحجة في ذلك أن العمل يلزم منه الاعتراف بالدستور والاعتراف به اعتراف بالكفر وهذا لا يجوز.
فحتى الإمام لا يجوز له العمل لأنه سيعترف بالدستور، وهذا لا يجوز عند الشيخ ربيع بن هادي.
قال الشيخ غفر الله لي وله: "الحق غايتنا فمن وافقه أخذنا بقوله ومن خالفه تركنا قوله وأحسنا به الظن إذا كان من أهل الاجتهاد، لأن المجتهد قد يجتهد ويخطئ،...ولسنا ملزمين بقوله ولا الأمة ملزمة بقوله".
قلت كلام حق فهلاّ أخذت به ونظرت في الحق فاتبعته.
قال الشيخ غفر الله لي وله: "ولا بد أن نفرق في مثل هذه المسائل بين كوننا طلبة علم أتباع للحق ولنا أهلية النظر في الأدلة، والتقديم والتأخير، وبين المقلد الجاهل الذي لا يفقه من الأشياء شيئا، هذا إذا قلد عالما ثبتا وإماما قدوة وأخذ بقوله تقليدا له بحسن الظن به فهو على دين من أفتاه، يعني برئت ذمته عند ربه جل وعلا، وأما طالب العلم وهو طالب حق في الدرجة الأولى هذا له أهلية النظر في الأدلة لا يكون مقلدا أو متعصبا ناهيك أن يكون متعصبا. نسأل الله عز وجل العفو والعافية".
قلت: من أين جئت بهذا التفريق في إبراء الذمة يا شيخ ؟ وأنت تعلم أن من أصول أهل السنة إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام.
والله عز وجل جعل الناس قسمين عالم وغير عالم، وأمر غير العالم بسؤال العالم، قال عز وجل: { ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ } [سورة النحل:43].
وأما الاعتذار لهذا دون هذا فهذا من المحدثات، وقد قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى إن طالب العلم إذا اجتهد في معرفة الحق وأخطأ فهو معذور وإن أصاب له أجران. مثله مثل المجتهد كما في الأجوبة الألبانية.
فنرجو أن تتوب من هذه البدعة.
ثم إن قولك هذا يخالف ما قلتَه سابقا من أن الصغار ليس لهم الكلام في هذه المسائل ثم أنت الآن تلزمهم بالكلام، بل وتؤصل لهم وقد حكمت على نفسك من قبل بأنك صغير، فاللهم لطفا.
قال الشيخ غفر الله لي وله: "ولهذا أنا هذا الصنف من الناس أحذر إخواني من مجالستهم حتى يرجعوا إلى ربهم، وينتهجوا منهج أهل الحق ويراجعوا أنفسهم ويصححوا أخطاءهم ويعرفوا قدر أنفسهم ."
قلت: من أنت؟ ألست من الصغار وهذه المسائل لا يتكلم فيها إلا الكبار ؟!
ثم هل الرجوع إلى الله لا بد فيه من الاعتراف بالشيخ ربيع أم يكتفى بالكتاب كامل والسنة وما كان عليه سلف الأمة ؟!
وما هي هذه الأخطاء، هل العمل بالأدلة وترجيح ما رجحه الكبار مثل الشيخ الألباني والعباد وغيرهم يُعد من ألأخطاء التي تُوجب التحذير والهجر ؟!
إني أعظك أن تكون من الجاهلين.
وليكن في علمك أنك تخالف الكبار في مثل هذا التحذير، ولا بأس أن أنقل لك ما قاله الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في من خطؤه أعظم من خطأ ذالكم الطالب.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى كما في الشريط رقم (613): " أنا أحذر من معاصيهم ولا أحذر منهم".
وقال أيضا رحمه الله تعالى: " نحن نحيا الليل كله مع ناس بعيدين عنا جدا جدا، فكيف لا نحيا الليل والنهار معا مع ناس هم منا وفينا كل ما في الأمر أنه فيه هناك بعض الإشكالات هذا نحن يسرنا ونعتقد بأنه يقربنا إلى الله زلفا، أن نستمر في مثل هذه المناقشة للدفاع عن عرض بعض إخواننا في الغيب يعيشون معنا، ونعيش معهم، في العقيدة وفي المنهج، في سبيل إزالة سوء تفاهم الذي وقع بينه أو بين بعض إخواننا من أمثالكم..
أنا كل الدندنة هو أن لا نغالي، ..وهذا واضح جدا نسمي المعصية منهجا، هذا خطأ بلا شك، خطأ في المنهج، هذاك ما أخطأ في المنهج، هذاك أخطأ أنه خالف الشرع وهو أنه طعن في العالم، بغير حق." وقد تقدم أيضا ما يدل على ذلك.
وأختم هذا البيان بما قاله الشيخ غفر الله لي وله: "الواجب على الإنسان مهما كان إذا وقع في خطأ..ولا هو ولا غيره ولا نحن جميعا معصوم من الخطأ أن يرجع إلى الحق وأن يتوب إلى الله تبارك وتعالى وأن يشكر الناصح له على نصحه له قبل أن يلقى ربه تبارك وتعالى".
فمما تقدم من كلمة الشيخ يظهر منها أنه وقع في جملة من البدع والأخطاء منها:
التفريق المحدث والتكلُّم بما لم يتكلم به السلف، وجعل الشيخُ الشيخ ربيعا كالصحابة وأن الكلام فيه سيئة وهذه السيئة كافية في إبطال باقي الحسنات.
وكذلك التشكيك في بعض الأثار التي تلقاها الأئمة بالقبول وذكروها في مصنفاتهم استدلالا واحتجاجا بها دون أن يذكر أي حجة على ذلك، وكذلك نسبة الباطل لمن لم يقل به.
أرجو أن تجد مثل هذه النصيحة الصدر الواسع عند الشيخ، فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©