روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول "إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً".

يقول بن حجر العسقلاني في فتح الباري "الْمَعْنَى لَا تَجِدُ فِي مِائَةِ إِبِلٍ رَاحِلَةً تَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ ، لِأَنَّ الَّذِي يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَطِيئًا سَهْلَ الِانْقِيَادِ ، وَكَذَا لَا تَجِدُ فِي مِائَةٍ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَصْلُح لِلصُّحْبَةِ بِأَنْ يُعَاوِنَ رَفِيقَهُ وَيُلِينُ جَانِبَهُ" ثم يقول عن الخطابي" وَأَمَّا أَهْلُ الْفَضْلِ فَعَدَدُهُمْ قَلِيلٌ جِدًّا ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الرَّاحِلَةِ فِي الْإِبِلِ الْحَمُولَةِ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }"

يقول بن بطال في شرح مفصل هذا الحديث "أن الناس كثير والمَرْضِّى منهم قليل، كما أن المائة من الإبل لا تكاد تصاب فيها الراحلة الواحدة وهذا الحديث إنما يراد به القرون المذمومة فى آخر الزمان، ولذلك ذكره البخارى فى رفع الأمانة، ولم يرد به - صلى الله عليه وسلم - زمن أصحابه وتابعيهم؛ لأنه قد شهد لهم بالفضل فقال: « خير القرون قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجئ بعدهم قوم يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون.. » الحديث، فهؤلاء أراد بقوله: « الناس كإبل مائة » والله الموفق."

أقول إن هذا الحديث ينطبق على حالنا اليوم و إنه من دلائل نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم فلو شاهدتم حالنا مع التوحيد الخالص لله جل و علا الخالي من الشرك و الرياء لوجدتم حالنا كالإبل المائة لا تكاد تجد فينا راحلة و لو شاهدتم حالنا في التأسي بالنبي صلى عليه وسلم و اتباع سنته و العض عليها بالنواجد و الابتعاد عن الابتداع و بغض المبتدعة لوجدتم حالنا كالإبل المائة لا تكاد تجد فينا راحلة و لو أخبركم عن حالنا مع الصلاة و كيف أصبحت تصلى في غير أوقاتها و تنقر نقر الديك و لو أحدثكم عن حال المساجد كيف هجرت من روادها خاصة صلاة الفجر لوجدتم حالنا كالإبل المائة لا تكاد تجد فينا راحلة و لو نظرنا في حالنا مع القرآن لصدق فينا قول ربنا جلا و علا "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا" والله لقد هجرناه قراءة و تدبرا و عملا و حكما، و لو نظرتم حالنا مع الصدقة و الإيثار و الجود بالمال لوجدتم حالنا أيضا كالإبل المائة لا تكاد تجد فينا راحلة ولو تأملنا حالنا مع أفات اللسان من غيبة و نميمة وقول الزور و الكذب و القول على الله بغير علم لوجدنا أنفسنا كالإبل المائة لا تكاد تجد فينا راحلة ولو ولو ولو قد يطول الحديث عن ما تعانيه أمتنا من البعد عن دين ربنا و ماذكرت كان على سبيل التمثيل لا الحصر رجاء الموعظة و التذكير لنفسي أولا ثم لكم و ها هو باب التوبة لا يزال مفتوح فلنغتنمه قبل فوات الأوان قبل أن تقول نفس يا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله، فلنحرص أيها الفضلاء على الخير و نسمو بأنفسنا حتى نصيرها كالإبل الراحلة.





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©