بسم الله.الرحمن.الرحيم
الحمد لله.رب.العالمين والصلاة والسلام على أشرف.الأنبياء والمرسلين وبعد:
السلام.عليكم و رحمة.الله و بركاته
طرح هذا السؤال : هل الإنسان هو العاقل الوحيد في الكون
الرابط : هنـــــا
جعلني أبحث حول هذا التساؤل في القرآن وتركيز الشرح مفصل على بعض المفردات في بعض الآيات ولكم الآتي:

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) سورة الإسراء
كرم

- الكرم إذا وصف الله تعالى به فهو اسم لإحسانه وإنعامه المتظاهر، نحو قوله: }إن ربي غني كريم{ [النمل/40]، وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه، ولا يقال: هو كريم حتى يظهر ذلك منه. قال بعض العلماء: الكرم كالحرية إلا أن الحرية قد تقال في المحاسن الصغيرة والكبيرة، والكرم لا يقال إلا في المحاسن الكبيرة، كمن ينفق مالا في تجهيز جيش في سبيل الله، وتحمل حمالة ترقئ دماء قوم، وقوله تعالى: }إن أكرمكم عند الله أتقاكم{ [الحجرات/13] فإنما كان كذلك لأن الكرم الأفعال المحمودة، وأكرمها وأشرفها ما يقصد به وجه الله تعالى، فمن قصد ذلك بمحاسن فعله فهو التقي، فإذا أكرم الناس أتقاهم، وكل شيء شرف في بابه فإنه يوصف بالكرم. قال تعالى: }فأنبتنا فيها من كل زوج كريم{ [لقمان/10]، }وزروع ومقام كريم{ [الدرخان/26]، }إنه لقرآن كريم{ [الواقعة/77]، }وقل لهما قولا كريما{ [الإسراء/23]. والإكرام والتكريم: أن يوصل إلى الإنسان إكرام، أي: نفع لا يلحقه فيه غضاضة، أو أن يجعل ما يوصل إليه شيئا كريما، أي: شريفا، قال: }هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين{ [الذاريات/24]. وقوله: }بل عباد مكرمون{ [الأنبياء/26] أي: جعلهم كراما، قال: }كراما كاتبين{ [الانفطار/11]، وقال: }بأيدي سفرة * كرام بررة{ [عبس/15 - 16]، }وجعلني من المكرمين{ [يس/27]، وقوله: }ذو الجلال والإكرام{ [الرحمن/27] منطو على المعنيين.
فضل
- الفضل: الزيادة عن الاقتصاد، وذلك ضربان: محمود: كفضل العلم والحلم، ومذموم: كفضل الغضب على ما يجب أن يكون عليه. والفضل في المحمود أكثر استعمالا، والفضول في المذموم، والفضل إذا استعمل لزيادة أحد الشيئين على الآخر فعلى ثلاثة أضرب:
فضل من حيث الجنس، كفضل جنس الحيوان على جنس النبات.
وفضل من حيث النوع، كفضل الإنسان على غيره من الحيوان، وعلى هذا النحو قوله: }ولقد كرمنا بني آدم{ [الإسراء/70]، إلى قوله: }تفضيلا{ (الآية: }ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا{ سورة الإسراء: آية 70).
وفضل من حيث الذات، كفضل رجل على آخر. فالأولاد جوهريان لا سبيل للناقص فيهما أن يزيل نقصه وأن يستفيد الفضل، كالفرس والحمار لا يمكنهما أن يكتسبا الفضيلة التي خص بها الإنسان، والفضل الثالث قد يكون عرضيا فيوجد السبيل على اكتسابه، ومن هذا النوع التفضيل المذكور في قوله: }والله فضل بعضكم على بعض في الرزق{ [النحل/71]، }لتبتغوا فضلا من ربكم{ [الإسراء/12]، يعني: المال وما يكتسب، وقوله: }الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض{ [النساء/34]، فإنه يعني بما خص به الرجل من الفضيلة الذاتية له، والفضل الذي أعطيه من المكنة والمال والجاه والقوة، وقال: }ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض{ [الإسراء/ 55]، }فضل الله المجاهدين على القاعدين{ [النساء/95]، وكل عطية لا تلزم من يعطي يقال لها: فضل. نحو قوله: }واسألوا الله من فضله{ [النساء/ 32]، }ذلك فضل الله{ [المائدة/54]، }ذو الفضل العظيم{ [آل عمران/74]، وعلى هذا قوله: }قل بفضل الله{ [يونس/58]، }ولولا فضل الله{ [النساء/83].

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) سورة البقرة
خلق
- الخلق أصله: التقدير المستقيم، ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء، قال: }خلق السموات والأرض{ [الأنعام/1]، أي: أبدعهما، بدلالة قوله: }بديع السموات والأرض{ [البقرة/117]، ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء نحو: }خلقكم من نفس واحدة{ [النساء/1]، }خلق الإنسان من نطفة{ [النحل/4]، }خلقنا الإنسان من سلالة{ [المؤمنون/12]، }ولقد خلقناكم{ [الأعراف/11]، }خلق الجان من مارج{ [الرحمن/15]، وليس الخلق الذي هو الإبداع إلا لله تعالى، ولهذا قال في الفصل بينه تعالى وبين غيره: }أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون{ [النحل/17]، وأما الذي يكون بالاستحالة، فقد جعله الله تعالى لغيره في بعض الأحوال، كعيسى حيث قال: }وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني{ [المائدة/110]، والخلق لا يستعمل في كافة الناس إلا على وجهين: أحدهما في معنى التقدير كقول الشاعر:
- 149 - فلأت تفري ما خلقت وبع *** ض القوم يخلق ثم لا يفري (البيت لزهير من قصيدة مطلعها:
لمن الديار بقنة الحجر *** أقوين من حجج ومن شهر
وهو في ديوانه ص 29؛ وديوان الأدب 2/123)
والثاني: في الكذب نحو قوله: }وتخلقون إفكا{ [العنكبوت/17]، إن قيل: قوله تعالى: }فتبارك الله أحسن الخالقين{ [المؤمنون/14]، يدل على أنه يصح أن يوصف غيره بالخلق؟ قيل: إن ذلك معناه: أحسن المقدرين، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أن غير الله يبدع، فكأنه قيل: فاحسب أن ههنا مبدعين وموجدين، فالله أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون، كما قال: }خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم{ [الرعد/16]، }ولآمرنهم فليغيرن خلق الله{ [النساء/119]، فقد قيل: إشارة إلى ما يشوهونه من الخلقة بالخصاء، ونتف اللحية، وما يجري مجراه، وقيل معناه: يغيرون حكمه، وقوله: }لا تبديل لخلق الله{ [الروم/30]، فإشارة إلى ما قدره وقضاه، وقيل معنى: }لا تبديل لخلق الله{ نهى، أي: لا تغيروا خلقه الله، وقوله: }وتذرون ما خلق لكم ربكم{ [الشعراء/166]، فكناية عن فروج النساء (قال مجاهد في الآية: تركتم أقبال النساء إلى أدبار الرجال وأدبار النساء. راجع: الدر المنثور 6/317). وكل موضع استعمل الخلق في وصف الكلام فالمراد به الكذب، ومن هذا الوجه امتنع كثير من الناس من إطلاق لفظ الخلق على القرآن (قال السمين: قوله هذا يشعر بأن لا مانع من إطلاق الخلق على القرآن إلا ذلك، وليس الأمر كذلك، بل القرآن كلامه غير مخلوق. انظر عمدة الحفاظ: خلق)، وعلى هذا قوله تعالى: }إن هذا إلا خلق الأولين{ [الشعراء/137]، وقوله: }ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق{ [ص/7]، [والخلق يقال في معنى المخلوق، والخلق والخلق في الأصل واحد، كالشرب والشرب، والصرم والصرم، لكن خص الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة] (ما بينا القوسين ذكره المؤلف في الذريعة ص 39). قال تعالى: }وإنك لعلى خلق عظيم{ [القلم/4]، وقرئ: }إن هذا إلا خلق الأولين{ (سورة الشعراء: آية 137، وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وأبو جعفر والكسائي. انظر: الإتحاف ص 333). والخلاق: ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه، قال تعالى: }ما له في الآخرة من خلاق{ [البقرة/102]، وفلان خليق بكذا، أي: كأنه مخلوق فيه، ذلك كقولك: مجبول على كذا، أو مدعو إليه من جهة الخلق. وخلق الثوب وأخلق، وثوب خلق ومخلق وأخلاق، نحو حبل أرمام وأرمات، وتصور من خلوقة الثوب الملامسة، فقيل: جبل أخلق، وصخرة خلقاء، وخلقت الثوب: ملسته، واخلولق السحاب منه، ، أو من قولهم: هو خليق بكذا، والخلوق: ضرب من الطيب.

أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) سورة لقمان
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) سورة الضحى
نعم
- النعمة: الحالة الحسنة، وبناء النعمة بناء الحالة التي يكون عليها الإنسان كالجلسة والركبة، والنعمة: التنعم، وبناؤها بناء المرة من الفعل كالضربة والشتمة، والنعمة للجنس تقال للقليل والكثير. قال تعالى: }وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها{ [النحل/18]، }اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم{ [البقرة/ 40]، }وأتممت عليكم نعمتي{ [المائدة/3]، }فانقلبوا بنعمة من الله{ [آل عمران/174] إلى غير ذلك من الآيات. والإنعام: إيصال الإحسان إلى الغير، ولا يقال إلا إذا كان الموصل إليه من جنس الناطقين؛ فإنه لا يقال أنعم فلان على فرسه. قال تعالى: }أنعمت عليهم{ [الفاتحة/7]، }وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه{ [الأحزاب/37] والنعماء بإزاء الضراء. قال تعالى: }ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته{ [هود/10] والنعمى نقيض البؤسى، قال: }إن هو إلا عبد أنعمنا عليه{ [الزخرف/59] والنعيم: النعمة الكثيرة، قال: }في جنات النعيم{ [يونس/9]، وقال: }جنات النعيم{ [لقمان/8] وتنعم: تناول ما فيه النعمة وطيب العيش، يقال: نعمه تنعيما فتنعم. أي: جعله في نعمة. أي: لين عيش وخصب، قال: }فأكرمه ونعمه{ [الفجر/15] وطعام ناعم، وجارية ناعمة. [والنعم مختص بالإبل]، وجمعه: أنعام، [وتسمية بذلك لكون الإبل عندهم أعظم نعمة، لكن الأنعام تقال للإبل والبقر والغنم، ولا يقال لها أنعام حتى يكون في جملتها الإبل] (ما بين [ ] نقله البغدادي في الخزانة 1/408). قال: }وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون{ [الزخرف /12]، }ومن الأنعام حمولة وفرشا{ [الأنعام/142]، وقوله: }فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام{ [يونس/24] فالأنعام ههنا عام في الإبل وغيرها. والنعامى: الريح الجنوب الناعمة الهبوب، والنعامة: سميت تشبيها بالنعم في الخلقة، والنعامة: المظلة في الجبل، وعلى رأس البئر تشبيها بالنعامة في الهيئة من البعد، والنعائم: من منازل القمر تشبيها بالنعامة وقول الشاعر:
- 449 - وابن النعامة عند ذلك مركبي
(هذا عجز بيت، وشطره:
ويكون مركبك القعود ورحله
وهو لعنترة في ديوانه ص 33؛ والمجمل 3/874. وقيل: هو لخرز بن لوذان)
فقد قيل: أراد رجله، وجعلها ابن النعامة تشبيها بها في السرعة. وقيل: النعامة باطن القدم، وما أرى قال ذلك من قال إلا من قولهم: ابن النعامة، وقولهم تنعم فلان: إذا مشى مشيا خفيفا فمن النعمة.
و (نعم) كلمة تستعمل في المدح بإزاء بئس في الذم، قال تعالى: }نعم العبد إنه أواب{ [ص/44]، }فنعم أجر العاملين{ [الزمر/74]، }نعم المولى ونعم النصير{ [الأنفال/40]، }والأرض فرشناها فنعم الماهدون{ [الذاريات/48]، }إن تبدوا الصدقات فنعما هي{ [البقرة/271] وتقول: إن فعلت كذا فبها ونعمت. أي: نعمت الخصلة هي، وغسلته غسلا نعما، يقال: فعل كذا وأنعم. أي: زاد، وأصله من الإنعام، ونعم الله لك عينا.
و (نعم) كلمة للإيجاب من لفظ النعمة، تقول: نعم ونعمة عين ونعمى عين ونعام عين، ويصح أن يكون من لفظ أنعم منه، أي: ألين وأسهل.
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) سورة المائدة
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) سورة الأنفال
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) سورة النحل
وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) سورة النحل
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) سورة النحل
وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) سورة الصافات
فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49) سورة الزمر
خول

- قوله تعالى: }وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم{ [الأنعام/94]، أي: ما أعطيناكم، التخويل في الأصل:إعطاء الخول، وقيل: إعطاء ما يصير له خولا، وقيل: إعطاء ما يحتاج أن يتعهده، من قولهم: فلان خال مال، وخايل مال، أي: حسن القيام به. والخال: ثوب يعلق فيخيل للوحوش، والخال في الجسد: شامة فيه

علم
- العلم: إدراك الشيء بحقيقته؛ وذلك ضربان:
أحدهما: إدراك ذات الشيء.
والثاني: الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له، أو نفي شيء هو منفي عنه.
فالأول: هو المتعدي إلى مفعول واحد نحو: }لا تعلمونهم الله يعلمهم{ [الأنفال/ 60].
والثاني: المتعدي إلى مفعولين، نحو قوله: }فإن علمتموهن مؤمنات{ [الممتحنة /10]، وقوله: }يوم يجمع الله الرسل{ إلى قوله: }لا علم لنا{ (الآية: }يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا{ سورة المائدة: آية 109) فإشارة إلى أن عقولهم طاشت. والعلم من وجه ضربان: نظري وعملي.
فالنظري: ما إذا علم فقد كمل، نحو: العلم بموجودات العالم.
والعملي: ما لا يتم إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات.
ومن وجه آخر ضربان: عقلي وسمعي، وأعلمته وعلمته في الأصل واحد؛ إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار سريع، والتعليم اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم.
قال بعضهم: التعليم: تنبيه النفس لتصور المعاني، والتعلم: تنبه النفس لتصور ذلك، وربما استعمل في معنى الإعلام إذا كان فيه تكرير، نحو: }أتعلمون الله بدينكم{ [الحجرات/16]، فمن التعليم قوله: }الرحمن * علم القرآن{ [الرحمن/1 - 2]، }علم بالقلم{ [العلق/4]، }وعلمتم ما لم تعلموا{ [الأنعام/91]، }علمنا منطق الطير{ [النمل/16]، }ويعلمهم الكتاب كامل والحكمة{ [البقرة/129]، ونحو ذلك.
وقوله: }وعلم آدم الأسماء كلها{ [البقرة/31]، فتعليمه الأسماء: هو أن جعل له قوة بها نطق ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه في روعه وكتعليمه الحيوانات كل واحد منها فعلا يتعاطاه، وصوتا يتحراه قال: }وعلمناه من لدنا علما{ [الكهف/65]، }قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا{ [الكهف/66]، قيل: عنى به العلم الخاص الخفي على البشر الذي يرونه ما لم يعرفهم الله منكرا، بدلالة ما رآه موسى منه لما تبعه فأنكره حتى عرفه سببه، قيل: وعلى هذا العلم في قوله: }قال الذي عنده علم من الكتاب كامل{ [النمل/40]، وقوله تعالى: }والذين أوتوا العلم درجات{ [المجادلة/11]، فتنبيه منه تعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها.
وأما قوله: }وفوق كل ذي علم عليم{ [يوسف/76]، فعليم يصح أن يكون إشارة إلى الإنسان الذي فوق آخر، ويكون تخصيص لفظ العليم الذي هو للمبالغة تنبيها أنه بالإضافة إلى الأول عليم وإن لم يكن بالإضافة إلى من فوقه كذلك، ويجوز أن يكون قوله: }عليم{ عبارة عن الله تعالى وإن جاء لفظه منكرا؛ إذ كان الموصوف في الحقيقة بالعليم هو تبارك وتعالى، فيكون قوله: }وفوق كل ذي عليم{ [يوسف/76]، إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كل واحد بانفراده، وعلى الأول يكون إشارة إلى كل واحد بانفراده.
وقوله: }علام الغيوب{ [المائدة/109]، فيه إشارة إلى أنه لا يخفى عليه خافية.
وقوله: }عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول{ [الجن/26 - 27]، فيه إشارة أن لله تعالى علما يخص به أولياءه، والعالم في وصف الله هو الذي لا يخفى عليه شيء كما قال: }لا تخفى منكم خافية{ [الحاقة/18]، وذلك لا يصح إلا في وصفه تعالى.
والعلم: الأثر الذي يعلم به الشيء كعلم الطريق وعلم الجيش، وسمي الجبل علما لذلك، وجمعه أعلام، وقرئ: (وإنه لعلم للساعة) (سورة الزخرف: آية 61، وهي قراءة شاذة، قرأ بها الأعمش. انظر: الإتحاف ص 386) وقال: }ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام{ [الشورى/32]، وفي أخرى: }وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام{ [الرحمن/24]. والشق في الشفة العليا علم، وعلم الثوب، ويقال: فلان علم، أي: مشهور يشبه بعلم الجيش. وأعلمت كذا: جعلت له علما، ومعالم الطريق والدين، الواحد معلم، وفلان معلم للخير، والعلام: الحناء وهو منه، والعالم: اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض، وهو في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم به، وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة، والعالم آلة في الدلالة على صانعه، ولهذا أحالنا تعالى عليه في معرفة وحدانيته، فقال: }أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض{ [الأعراف/185]، وأما جمعه فلأن من كل نوع من هذه قد يسمى عالما، فيقال: عالم الإنسان، وعالم الماء، وعالم النار، وأيضا قد روي: (إن لله بضعة عشر ألف عالم) (أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله تعالى: }رب العالمين{ قال: الإنس عالم، والجن عالم، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال: إن لله عز وجل ثمانية عشر ألف عالم. الدنيا منها عالم واحد. انظر: الدر المنثور 1/34)، وأما جمعه جمع السلامة فلكون الناس في جملتهم، والإنسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب حكمه، وقيل: إنما جمع هذا الجمع لأنه عني به أصناف الخلائق من الملائكة والجن دون غيرها. وقد روي هذا عن ابن عباس (انظر: البصائر 4/95؛ والدر المنثور 1/34). وقال جعفر بن محمد: عني به الناس وجعل كل واحد منهم عالما (انظر: البصائر 4/95)، وقال (انظر تفصيل النشأتين ص 78) : العالم عالمان الكبير وهو الفلك بما فيه، والصغير وهو الإنسان لأنه مخلوق على هيئة العالم، وقد أوجد الله تعالى فيه كل ما هو موجود في العالم الكبير، قال تعالى: }الحمد لله رب العالمين{ [الفاتحة/1]، وقوله تعالى: }وأني فضلتكم على العالمين{ [البقرة/47]، قيل: أراد عالمي زمانهم. وقيل: أراد فضلاء زمانهم الذين يجري كل واحد منهم مجرى كل عالم لما أعطاهم ومكنهم منه، وتسميتهم بذلك كتسمية إبراهيم عليه السلام بأمة في قوله: }إن إبراهيم كان أمة{ [النحل/120]، وقوله: }أو لم ننهك عن العالمين{ [الحجر/70].

ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) سورة الجاثية
شرع
- الشرع: نهج الطريق الواضح. يقال: شرعت له طريقا، والشرع: مصدر، ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له: شرع، وشرع، والشريعة الاسلامية، واستعير ذلك للطريقة الإلهية. قال تعالى: }لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا{ [المائدة/48]، فذلك إشارة إلى أمرين:
أحدهما: ما سخر الله تعالى عليه كل إنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح العباد وعمارة البلاد، وذلك المشار إليه بقوله: }ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا{ [الزخرف/32].
والثاني: ما قيض له من الدين وأمره به ليتحراه اختيارا مما تختلف فيه الشرائع، ويعترضه النسخ، ودل عليه قوله: }ثم جعلناك على الشريعة الاسلامية من الأمر فاتبعها{ [الجاثية/18]. قال ابن عباس: الشرعة: ما ورد به القرآن، والمنهاج ما ورد به السنة (انظر: البصائر 3/309؛ وتفسير الماوردي 1/51)، وقوله تعالى: }شرع لكم من الدين ما وصى بها نوحا{ [الشورى/ 13]. فإشارة إلى الأصول التي تتساوى فيها الملل، فلا يصح عليها النسخ كمعرفة الله تعالى: ونحو ذلك من نحو ما دل عليه قوله: }ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر{ [النساء/136]. قال بعضهم: سميت الالشريعة الاسلامية تشبيها بالشريعة الاسلامية الماء (وهذا قول الليث بن المظفر، وهو الذي نحل الخليل بن أحمد تأليف كتاب كامل العين، وقيل: هو أكمله. انظر: اللسان (شرع) ؛ والعين 1/252) من حيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة روي وتطهر، قال: وأعني بالري ما قال بعض الحكماء: كنت أشرب فلا أروى، فلما عرفت الله تعالى رويت بلا شرب. وبالتطهر ما قال تعالى: }إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا{ [الأحزاب/33]، وقوله تعالى: }إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا{ [الأعراف/163]، جمع شارع. وشارعة الطريق جمعها: شوارع، وأشرعت الرمح قبله، وقيل: شرعته فهو مشروع، وشرعت السفينة: جعلت لها شراعا ينقذها، وهم في هذا الأمر شرع، أي: سواء. أي: يشرعون فيه شروعا واحدا. و (شرعك) من رجل زيد، كقولك: حسبك. أي: هو الذي تشرع في أمره، أو تشرع به في أمرك، والشرع خص بما يشرع من الأوتار على العود.
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) سورة القلم
غيب
- الغيب: مصدر غابت الشمس وغيرها: إذا استترت عن العين، يقال: غاب عني كذا. قال تعالى: }أم كان من الغائبين{ [النمل/20]، واستعمل في كل غائب عن الحاسة، وعما يغيب عن علم الإنسان بمعنى الغائب، قال: }وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب كامل مبين{ [النمل/75]، ويقال للشيء: غيب وغائب باعتباره بالناس لا بالله تعالى؛ فإنه لا يغيب عنه شيء، كما لا يغرب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض. وقوله: }عالم الغيب والشهادة{ [الأنعام/73]، أي: ما يغيب عنكم وما تشهدونه، والغيب في قوله: }يؤمنون بالغيب{ [البقرة/3]، ما لا يقع تحت الحواس ولا تقتضيه بداية العقول، وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهم السلام، وبدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد، ومن قال: الغيب هو القرآن (وهو قول زر بن حبيش، حكاه عنه الماوردي. انظر: تفسير الماوردي 1/65)، ومن قال: هو القدر (أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1/36 عن زيد بن أسلم، وفيه ضعف) فإشارة منهم إلى بعض ما يقتضيه لفظه. وقال بعضهم (وهو أبو مسلم الأصفهاني، انظر: تفسير الرازي 2/27) : معناه يؤمنون إذا غابوا عنكم، وليسوا كالمنافقين الذين قيل فيهم: }وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون{ [البقرة/14]، وعلى هذا قوله: }الذين يخشون ربهم بالغيب{ [فاطر/18]، }من خشي الرحمن بالغيب{ [ق/33]، }ولله غيب السموات والأرض{ [النحل/77]، }أطلع الغيب{ [مريم/78]، }فلا يظهر على غيبة أحدا{ [الجن/26]، }لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله{ [النمل/65]، }ذلك من أنباء الغيب{ [آل عمران/44]، }وما كان الله ليطلعكم على الغيب{ [آل عمران/179]، }إنك أنت علام الغيوب{ [المائدة/ 109]، }إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب{ [سبأ/48]، وأغابت المرأة: غاب زوجها. وقوله في صفة النساء: }حافظات للغيب بما حفظ الله{ [النساء/34]، أي: لا يفعلن في غيبة الزوج ما يكرهه الزوج. والغيبة: أن يذكر الإنسان غيره بما فيه من عيب من غير أن أحوج إلى ذكره، قال تعالى: }ولا يغتب بعضكم بعضا{ [الحجرات/12]، والغيابة: منهبط من الأرض، ومنه: الغابة للأجمة، قال: }في غيابة الجب{ [يوسف/10]، ويقال: هم يشهدون أحيانا، ويتغايبون أحيانا، وقوله: }ويقذفون بالغيب من مكان بعيد{ [سبأ/53]، أي: من حيث لا يدركونه ببصرهم وبصيرتهم.
وأسأل الله التوفيق لنا ولكم
والله ورسوله أعلم
و السلام.عليكم و رحمة.الله و بركاته







©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©