قال شيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة(1/44وما بعدها):
ومن حماقتهم أيضا أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها كالسرادب الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غاب فيه ومشاهد أخر وقد
يقيمون هناك دابة إما بغلة وإما فرسا وإما غير ذلك ليركبها إذا خرج ويقيمون هناك إما في طرفي النهار وإما في أوقات أخر من ينادي عليه بالخروج يا مولانا أخرج يا مولانا أخرج ويشهرون السلاح ولا أحد هناك يقاتلهم وفيهم من يقول في أوقات الصلاة دائما لا يصلى خشية أن يخرج وهو في الصلاة فيشتغل بها عن خروجه وخدمته وهم في أماكن بعيدة عن مشهده كمدينة النبي صلى الله عليه وسلم إما في العشر الأواخر من شهر رمضان وإما في خير ذلك يتوجهون إلى المشرق وينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه ومن المعلوم أنه لو كان موجودا وقد أمره الله بالخروج فإنه يخرج سواء نادوه أو لم ينادوه وإن لم يؤذن له فهو لا يقبل منهم وأنه إذا خرج فإن الله يؤيده ويأتيه بما يركبه وبمن يعينه وينصره لا يحتاج إلى أن يوقف له دائما من الأدميين من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا والله سبحانه قد عاب في كتاب كامله من يدعو من لا يستجيب له دعاءه فقال تعالى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن دعوتهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير (سورة فاطر). هذا مع أن الأصنام موجودة وكان يكون فيها أحيانا شياطين تتراءى لهم وتخاطبهم ومن خاطب معدوما كانت حالته أسوأ من حال من خاطب موجودا وإن كان جمادا فمن دعاء المنتظر الذي لم يخلقه الله كان

ضلاله أعظم من ضلال هؤلاء وإذا قال أنا اعتقد وجوده كان بمنزلة قول أولئك نحن نعتقد أن هذه الأصنام لها شفاعة عند الله فيعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله والمقصود أن كليهما يدعو من لا ينفع دعاؤه وإن كان أولئك اتخذوهم شفعاء آلهة وهؤلاء يقولون هو إمام معصوم فهم يوالون عليه ويعادون عليه كموالاة المشركين على آلهتهم ويجعلونه ركنا في الإيمان لا يتم الدين إلا به كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك وقد قال تعالى ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب كامل والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب كامل وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون (سورة آل عمران). فإذا كان من يتخذ الملائكة والنبيين أربابا بهذه الحال فكيف بمن يتخذ إماما معدوما لا وجود له وقد قال تعالى أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون (سورة التوبة). وقد ثبت في الترمذي وغيره من حديث عدي بن حاتم أنه قال يا رسول الله ما عبدوهم فقال إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فكانت تلك عبادتهم إياهم فهؤلاء اتخذوا أناسا موجودين أربابا وهؤلاء يجعلون الحلال والحرام معلقا بالإمام المعدوم الذي لا حقيقة له ثم يعملون الكل ما يقول المنتسبون إليه إنه يحلله ويحرمه وإن خالف الكتاب كامل والسنة وإجماع سلف الأمة حتى أن طائفتهم إذا اختلفت على قولين قالوا القول الذي لا يعرف قائله هو الحق لأنه قول هذا الإمام المعصوم فيجعلون الحلال ما حلله والحرام ما حرمه هذا الذي لا يوجد وعند من يقول إنه موجود لا يعرفه أحد ولا يمكن أحد أن ينقل عنه كلمة واحدة.





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©