الفرع الثاني : دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب
قال الشيخ رحمه الله معرفا بالدعوة الوهابية(9) وبشيخها وقائدها الأول ابن عبد الوهاب (5/32):


" قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة دينية فتبعه عليها قوم فلقبوا بالوهابيين، ولم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه ، فإن أتباع النجديين كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين ، يدرسون الفقه في كتب الحنابلة ، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد، فإن أتباعه كانوا ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين أهل إثبات وتنـزيه، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار، ويصدقون بالرؤية ويثبتون الشفاعة، ويترضون عن جميع السلف، ولا يكفرون بالكبيرة ، ويثبتون الكرامة.
وإنما كانت غاية ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع ، في الأقوال والأعمال والعقائد، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير و زيغهم المبين".


فانظر إلى إنصافه ووصفه لأتباع الشيخ ابن عبد الوهاب وللحنابلة بأنهم أهل إثبات وتنـزيه، وأين هو من وصف الأشعرية لأهل السنة عموما وللحنابلة خصوصا بأنهم مجسمة ومشبهة وحشوية؟ وانظر كيف وصفهم بأنهم:" سنيون سلفيون"! وإن وصفا كهذا لا يصدر إلا من موافق لأهل الحق إن شاء الله تعالى. أما عن تلقيب أهل السنة بالوهابية ، فلم يكن مقرا له حيث قال رحمه الله تعالى :"وأصبحت الجماعة الداعية إلى الله يدعون من الداعين إلى أنفسهم (الوهابيين)".
وربما كان أدلة موافقته أنه قال ذلك بعد أن اتهم بالوهابية، فلم ينكر الموافقة بل انتقل ليهاجم الخصوم ويدافع عن الوهابيين بالكلام الذي ذكرنا،
ثم قال (5/103):" لا والله ما كنت أملك يومئذ كتاب كاملا واحدا لابن عبد الوهاب، ولا أعرف من ترجمة حياته إلا القليل، ووالله ما اشتريت كتاب كاملا من كتبه إلى اليوم، وإنما هي أفيكات قوم يهرفون بما لا يعرفون، ويحاولون إطفاء نور الله ما لا يستطيعون، وسنعرض عنهم اليوم وهم يدعوننا وهابيين، كما أعرضنا عنهم بالأمس وهم يدعوننا عبداويين، ولنا أسوة بمواقف أمثالنا مع أمثالهم من الماضين.." (10).
وقال في موضع آخر في الرد على مبطل من خصوم الدعوة (5/282-283):


" ثم يرمي الجمعية بأنها تنشر المذهب الوهابي،أَفَتَعُدُّ الدعوة إلى الكتاب كامل والسنة وما كان عليه سلف الأمة، وطرحِ البدع والضلالات واجتنابِ المرديات والمهلكات نشرا للوهابية، أم أن نشر العلم والتهذيب وحرية الضمير وإجلال العقل واستعمال الفكر واستخدام الجوارح نشر للوهابية ؟


إذا فالعالم المتمدن كله وهابي ! فأئمة الإسلام كلهم وهابيون ! ما ضرنا إذا دعونا إلى ما دعا إليه جميع أئمة الإسلام".
ولما كانت تهمة الوهابية قد شملت الشيخ رحمه وجميع إخوانه العاملين معه وقد كانت تذرعت بها السلطة المادة الفرنسية الغاشمة لتوقيف نشاط الشيخ الطيب العقبي رحمه الله





حيث جاء في منشور التوقيف الذي أصدره "ميشال" الوالي الفرنسي آنذاك ما يلي :" إن القصد العام من هذه الدعاية [ يقصد دعوة الشيخ العقبي ] هو نشر تعاليم والأصول الوهابية بين الأوساط الجزائرية بدعوى الرجوع بهم إلى أصول الدين الصحيح، وتطهير الإسلام من الخرافات القديمة التي يستغلها أصحاب الطرق واتباعهم"(البصائر السنة الأولى العدد31ص4).






©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©