عقدة الخوارج ومن لفّ لفّهم في الحاكمية ويسميها أهل العلم قديما بـ (الإمامة )

الخطأ الفادح الذي أصاب المسيرة الإسلامية المعاصرة هو تفسير الإسلام تفسيرا سياسيا وحصر الإسلام في السياسة والإمامة ومن هنا إختلت الموازين
وإنقسمت الأمة إلى قسمين قسم كافر عندهم وقسم مؤمن لا يضره مع السياسة ذنب وقد شابهوا المرجئة في هذا حين قالوا لا يضر مع الإيمان ذنب
وياليت القوم يراجعون أنفسهم ويعلموا أن الإسلام دين شامل مُحكّم في العقيدة والعبادة والسلوك وليس في الأحكام والحدود فقط
فالإمامة ليست من أصول الدين أبدا فتأمل كلام شيخ الإسلام
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله
إن قول القائل: (إن مسألة الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين.) كذب بإجماع المسلمين سنيهم، وشيعيهم، بل هذا كفر.
فإن الإيمان بالله، ورسوله أهم من مسألة الإمامة، وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فالكافر لا يصير مؤمنا حتى يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله ، وهذا هو الذي قاتل عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكفار أولا ، كما استفاض عنه في الصحاح، وغيرها أنه قال: ( «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله.) ، وفي رواية : ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، فقد عصموا مني
دماءهم، وأموالهم إلا بحقها» .) .
وقد قال تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} [سورة التوبة: 5] ، فأمر بتخلية سبيلهم إذا تابوا من الشرك، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة [وكذلك قال. لعلي لما بعثه إلى خيبر] .
وكذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسير في الكفار، فيحقن دماءهم بالتوبة من الكفر لا يذكر لهم الإمامة بحال، وقد قال تعالى بعد هذا: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} [سورة التوبة: 11] ، فجعلهم إخوانا في الدين بالتوبة (4 وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ولم يذكر الإمامة بحال.
ومن المتواترأن الكفار على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا أسلموا أجرى عليهم أحكام الإسلام، ولم يذكر لهم الإمامة بحال ، ولا نقل هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد من أهل العلم لا نقلا خاصا ، ولا عاما، بل نحن نعلم بالاضطرار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يكن يذكر للناس إذا أرادوا الدخول في دينه الإمامة لا مطلقا، ولا معينا، فكيف تكون أهم المطالب في أحكام الدين؟ .
ومما يبين ذلك أن الإمامة - بتقدير الاحتياج إلى معرفتها - لا يحتاج إليها من مات على عهد النبي. - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة، ولا يحتاج إلى التزام حكمها من عاش منهم إلى بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يكون أشرف مسائل المسلمين، وأهم المطالب في الدين لا يحتاج إليه أحد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ أوليس الذين آمنوا بالنبي. [- صلى الله عليه وسلم -] في حياته، واتبعوه باطنا، وظاهرا، ولم يرتدوا، ولم يبدلوا هم أفضل الخلق باتفاق المسلمين: أهل السنة، والشيعة؟ فكيف يكون أفضل المسلمين لا يحتاج إلى أهم المطالب في الدين، وأشرف مسائل المسلمين؟ .
==============================
من كتاب كامل منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام بن تيمية





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©