http://www.alukah.net/Sharia/0/52795...A%D8%B9%D8%A9/



بليل عبدالكريم


مِن مصائب الدهور على المسلمين - ومصابهم جلل - أن يعود بهم الزمن ليُعبد اللات والعُزى، بعد أن كانت لهم تماثيل كعادٍ الأولى، صار لهم أضرحة ومشاهد وقباب لأصحابها الصفات المثلى، فكانت الأصنام الأُوَل زلفى لمن هم عند عبَدتِهم في القسم جهد أيمانهم، وأصبَحوا للخلف مقصدًا لا واسطة، وبهم تكون أغلَظ الأَيمان في النوائب.



وذي بِدع حادثة في عُرف المسلمين مِن بناء القباب على القبور، ورفعها لأمتار، وتسميتها بالمراقد والمشاهد، وإيقاد السُّرُج والقناديل فيها، وجعلها أماكن عبادة؛ لها نسُك وأدعية وصلوات وأوراد وآداب تجعلها مثلها مثل المساجد للصلاة والعبادة، وهذا من أكبر ما دسَّه الرافضة على دين الأمة، تشبُّهًا منهم بالنصارى الفرس، والمانوية والديصانية، وغيرها مِن مِلَل الفُرس التلفيقيَّة.



وقد مرَّت بدعهم مِن طريق الصوفية للعامة، ومِن دهاليز السياسة للخاصة، فكثير من الحكومات السنيَّة كان بين ظهرانيها رافضة يستخفُون بدينهم، وكثيرًا ما لبسوا على أُولي الأمر، ومكروا بهم، خاصة في سِني الخلافة العباسية، "وقلَّدهم فيه بعض المنتسبين إلى السنَّة من الملوك، والسلاطين الجاهلين، ولا سيما الأعاجم منهم؛ كالجَراكسة، والتُرك"[1]، والشركس والديلم والكُرد.



والرافضة هم أول مَن ابتدع شدَّ الرحال للقبور، وأول مَن جعل المشاهد، وأول مَن نظر وكتب وألف مناسك للأضرحة والمراقد والمشاهد، هي ومناسك الحج على السواء.



قال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب: "وبسبب الرافضة حدَث الشرك وعبادة القبور، وهم أول من بنى عليها المساجد"[2].



"وقد صنَّف شيخُهم ابن النعمان[3]، المعروف عندهم بالمُفيد - وهو شيخ الموسوي والطوسي[4]- كتاب كاملًا سماه: "مناسك المشاهد"، جعل قبور المخلوقين تُحجُّ كما تُحَجُّ الكعبة.



وقد عُلم بالاضطرار مِن دين الإسلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بما ذكروه مِن أمر المَشاهد، ولا شرَعَ لأمته مناسك عند قبور الأنبياء والصالِحين، بل هذا مِن دين المشركين"[5].



ومَن طالع تآليف القوم عَلِم مدى تَكاثُر نسبة صفات الألوهية وأعمال الربوبية للأئمة، تجاوَزوا بها حدَّ مقام التقديس، مما يُضفي عليهم هالة آلهة الفرس، بل في مصادرِهم روايات وتصريحات بصفات ربوبية للأئمة، وذا وإن كان غريبًا للعامة ومن لم يكن له دراية بالفلسفة - خاصة اليونانية والأفلاطونية الحديثة - فهو أمر مِن قَبيل تراكم الفكر الوثني الفارسي المتشبِّع بالتراث المجوسي الزرادشتي واللاهوت النصراني.



فمن المعلوم باليقين لدى المطالعين لفلسفة نشأة الكون عند الإسماعيلية والفارابي وابن سينا وإخوان الصفا، أن هؤلاء ومَن لفَّ لفيفهم يُؤلِّهون الأفلاك، ويَزعُمون أن هناك آلهة في السماء وفي الأرض، ومِن ذلك أئمتهم[6].



والفاقرة الكؤود هذا الفري الساذج في مصادرهم لتشريعات لمناسك للأضرحة، مِن آداب وشروط وأدعية وفضائل، مما يُنبئ عن سفاهة في العقول، وضحالة في التفكير لدى هؤلاء القوم؛ حتى صار منهم ما تردُّه عقول البشر أجمعين، وما يَنتبِه لسخفه البليد قبل النبيه.



فهل يتقبَّل أن يتحول التبجيل والاحترام لتأليه وعبادة، لا يَجرؤ كافر أو ملحد - أو جهول حتى - أن يُنكِر أن صنيع هؤلاء هو طقوس دينية تعبُّدية لما هو أمامهم، أكان قبرًا أو حجرًا.



ولنا بملاحظات السياحة لتلك المناطق، لا يرهقهم النظر عن فهمِ أن تلك ظاهرة لطقوس تعبُّدية لشيء ما بصحنِ الضريح، مهما كان دين السائح أو مدارك عقله سيُبصر ويعي ذلك اضطرارًا بالضرورة.



بل لهم مِن السخافات في كرامات الموتى والأئمة ما لم يُجارِهم فيه غير جُهَّال صوفية عهد المماليك، حينما انتشرت ظاهرة المَجذوبين؛ مع إحاطة القارئ علمًا أن أساطين هذه الظاهرة مِن الباطنية الرافضة - كالبدوي - الذين تسلَّلوا للصوفية بعد مطاردتهم من صلاح الدين الأيوبي، أو مِن فُسَّاق الصوفية المتشبِّعين بالفكر الباطني الإباحي، واقتبسوا الفكرة عن الرافضة، ولك أن تُطالع طبقات الشعراني فستجد مِن ذا الكثير.



ولهم في تأصيل دينهم روايات لا أصل لها، مفضوحة موضوعة، بها كلام موغل في الدجل، مدجَّج بتلبيس وتدليس وتحريف للكلم وإفك مبين، يَترامى السفهاء عليها قبولاً، ويَكيد الشياطين بها فجورًا.



فكان مِن تراكُم التراث القبوري في مصنفاتهم أن صار شد الرحال للقبور من أركان الإسلام، وأصلاً مِن أصول الدين، وله أبواب ومصنَّفات، ومواسم ومناسك.

يقول المفكِّر أحمد أمين: "والحق أن التشيُّع كان مأوى يلجأ إليه كل مَن أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ومَن كان يريد استقلال بلاده والخروج على مملكته، كل هؤلاء كانوا يتخذون حبَّ أهل البيت ستارًا يضعون وراءه كل ما شاءت أهواؤهم.



فاليهودية ظهرت في التشيُّع بالقول بالرجعة، وقال الشيعة: إن النار محرَّمة على الشيعي إلا قليلاً، كما قال اليهود: ﴿ لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [آل عمران: 24].



والنصرانية ظهرت في التشيُّع في قول بعضهم: إن نسبة الإمام إلى الله كنسبة المسيح إليه، وقالوا: إن اللاهوت اتَّحد بالناسوت في الإمام، وإن النبوة والرسالة لا تَنقطِع أبدًا، فمَن اتَّحد به اللاهوت فهو نبي.



وتحت التشيُّع ظهر القول بتناسخ الأرواح وتجسيم الله والحلول، ونحو ذلك مِن الأقوال التي كانت معروفة عند البراهمة والفلاسفة والمجوس مِن قَبل الإسلام.



وتستَّر بعض الفرس بالتشيُّع وحاربوا الدولة الأموية، وما في نفوسهم إلا الكره للعرب ودولتهم، والسعي لاستقلالهم"[7].



نظرية خَلقِ العالم عند الرافضة الإسماعيلية:

لِفَهمِ تأليه الأئمة في عقيدة الرافضة فهمًا دقيقًا وعِلميًّا، لا بد مِن ضبطِ عقيدتهم في نشأة الكون، وخَلقِ العالم، فتفهم نظرتهم للخالق ومراتب الخلق ومراتب الأئمة، ومنها سيَتجلى أن التقديس ليس تعظيمًا لبشر مخلوق، بل هو تأليه لمن هو آلهة في الأصل، وليست الألوهية طارئة، ولا نظرية متطورة مِن تعصب وغلو، بل عقديتهم في خلق العالم مبنية على أصل نظرية الفَيض، وذي النظرية تَقتضي بقاء جزء إلهي يَختلط بالجسماني ليكون تركيب ناسوت مع لاهوت، ومنه تكوَّن الأئمة والمعظَّمون والمشايخ وغيرهم، وهي فلسفة زرادشتية قديمة جدًّا، لها امتدادات في نِحَل ومِلَل عديدة.



والإسماعيلية مِن الفِرَق الباطنية ومِن غلاة الرافضة، حتى الشيعة الرافضة الجعفرية الاثنا عشرية تتبرَّأ مِن بعض عقائدهم[8]، وهم رأس الباطنية.



نسبتهم إلى إسماعيل بن جعفر، وهم مِن غلاة الإمامية الشيعة، ويُطلَق عليهم اسم السبعية والمباركية والباطنية.



وسموا السَّبعية؛ لأنهم يعتقدون أن أدوار الإمامة سبعة، وأكبرهم يُثبتون له النبوة التي تستمر في عقبِه، فبَين كل نبي ونبي سبعة أئمة، وتدابير العالَم السُّفليِّ عندهم منوطة بالكواكب السبعة التي أعلاها زحل، وهذا مذهب الثنويَّة مِن عبدة الكواكب.



وقد نشأ مذهبهم في العراق، ثم فرُّوا إلى فارس وخراسان، وما وراء النهر؛ كالهند والتركستان، فخالط مذهبهم آراء مِن عقائد الفرس القديمة والأفكار الهندية، وقام فيهم ذوو أهواء في انحرافهم بما انتحَلوا مِن نِحَل، واتَّصلوا ببراهمة الهند والفلاسفة الإشراقيين والبوذيين وبقايا ما كان عند الكلدانيِّين والفُرس المَجوس مِن عبَدة النار، والصابئة عبَدة الكواكب والزرادشتية الثنوية والمانوية والديصانية.



فخلَّطوا عقائد وأفكارًا حول الروحانيات والكواكب والنجوم، واختلفوا في مقدار الأخذ مِن هذه الخرافات، وقد ساعدتهم سريتهم على المزيد مِن الانحراف، وجرَّ تقديسهم للفلاسفة بعضَهم لاعتناق مذهب مزدك وزرادشت في الإباحية والشيوعية، وظهرت منهم طوائف القرامطة والعبيدية والدروز والنصيرية والنزارية، ومنهم الحشاشون والمُستعلية، وهؤلاء مِن أكفَرِ خلق الله قاطبة في العالمين.



ليست عقائدهم مستمدة مِن كتاب كامل ولا سُنَّة؛ فقد داخلتهم فلسفات وعقائد وثنية كثيرة أثَّرت فيهم وجعلتهم أخطر أعداء الإسلام.



وهم ممن انشقوا عن الجعفرية الاثني عشرية، وكانت لهم دولة باليمن أقامها ابن حوشب، وأخرى في مصر لعُبيدالله القداح وهي دولة العُبيديِّين القداحية (المسماة بالفاطمية)، ودولة النزارية الحشاشية لحسن الصباح شمال شرق إيران، ودويلات أُخَر.



غير أنهم في زمننا المعاصر صارت عقائدهم عمدةَ المذهب الجعفري في إيران خاصة بعد السيطرة الصفوية، وذا ما يُقرِّره كبار المراجع الشيعية في إيران، فما كانوا يزعمون أنه غلو من الإسماعيلية صار أصولاً في المذهب الإمامي الجعفري، خاصة بعد القصور الذي أصاب الاثني عشرية في تفسير عدم رجعة الإمام الثاني عشر.


"والغلو الذي جنحت إليه الإسماعيلية مِن إسماعيل فمَن بعده قد حسدتها عليه الإمامية من أيام الدولة الصفوية، وقد اعترف بذلك أكبر علمائهم في الجرح والتعديل (آية الله المامقاني) في كل ترجمة كتبها للغلاة الأقدمين منهم؛ فأعلن في كل موضع تناول به هذا البحث مِن كتاب كامله الكبير بأن: "ما كان به الغلاة الأقدمون غلاةً أصبح الآن عند جميع الشيعة الإمامية من ضروريات المذهب".



إذًا فالغلو الذي كانت تَفترِق به الإسماعيلية عن الشيعة الإمامية صاروا به سواء، لا فرق بينهما إلا في الشخصيات التي يؤلِّهها كلٌّ منهم، ويرفعها فوق منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم"[9].



ونظريتهم في خلق الكون وصفات جزائرية الله تعالى وصفات جزائرية الأئمة هي عقدة الفهم لما يُقرِّرون في تعظيم المشاهد بطُقوس وثنية.


فهم يُقرِّرون في مراجعهم عن صفات الله تعالى أنه: "إذا كان الله عريًّا عن كل صفة، فإن صفات الكمال موجودة في أول مُبدِعٍ أبدعَه، فهو الحق والحقيقة، وهو الموجود الأول، وهو الوحدة، والواحد، وهو الأزل، وهو الأزلي، وهو العقل الأول، وهو المعقول الأول، وهو العلم، وهو العالم الأول، وهو القدرة، وهو القادر الأول، وهو الحياة، وهو الحي الأول" [10].



وهذا التشقيق في الكلام زخرفة كُهَّان، تحقيق المناط منه نفْيُ الصِّفة، بأن تكون الصفة هي عين الذات، فلا دلالة لها، ولا فعل يُنسَب لله - تعالى - وكل الصفات إنما هي محصورة في أول موجود أبدعه، وهو العقل الأول، فهو يَحوي كل الصفات الإلهية.



ونفْيُهم الصفات على مذهب الجهمية والمعتزلة، وأصل نحلتهم الرديئة هذه كلام أفلوطين في التساعيات، حينما حاول تقديس الأول، فسلبَه كل الصفات؛ ليُثبِت الأولية المُطلَقة التي تفقد العلة أثرًا وتأثيرًا، وقرَّر أن الأول لا يوصَف إلا بالسلب؛ لأنها أنسَب طريقة لوصفه مِن غير أن تكون له صفة تَقتضي حاجته لها.



وبعد الأول - الله تعالى - يُقرِّرون وجود "العقل الأول" محلاًّ لجميع الصفات والأسماء الإلهية، فهو عندهم الإله ممثلاً في مظاهره الخارجية، ولما كانت الصلاة لا يمكن أن تؤدَّى لكائن لا يُدرَك، فهي تؤدى في رأيهم لمظهره الخارجي؛ أي: "العقل الأول" الذي أصبح بذلك الإله الحقيقي عندهم، وبما أنه ليس في مقدور الإنسان أن يَصِل إلى معرفة ذات الله، وإنما يعرف العقل وحده، لهذا يُسمي الإسماعيلية العقل: الحجاب أو المحلَّ أو الصِّلة[11].



والعقل الأول هو القلم، وهو الخالق المصوِّر، وهو الذي أبدع النفس الكلية التالي، وبواسطة العقل الكلي السابق والنفس الكلية التالي، وجدت المبدعات الروحانية والمخلوقات والجسمانية[12]، وبهذا يكون خلقُ الكون تمَّ مِن طرف إلهَين خالقَين اثنين هما "العقل الكلي" و"النفس الكلية".



ونجد شهاب الدين الشيعي الإسماعيلي يقول: الحمد لله الذي ظهر لخلقِه، واحتجب عن خلقِه بخَلقِه، وأبدع بأمره الكريم وسرِّه العظيم "السابق الأول"، ثم اخترع منه "التالي الثاني"، فصبغ جوهرهما بنور وحدته، وجعلهما أصلين للخَلقِ والدين ببديع قدرته[13].



ومِن هنا يكون تقرير التماثُل القائم بين العالَم العُلويِّ والعالم السُّفليِّ، بناء على نظرية أفلاطون الوجودية في تقسيم العالم لعالم مُثلٍ سَماويٍّ عُلويٍّ به الآلهة والعقول والأنفس، وعالم سُفلي مادي به العناصر المادية، وصورة للمُثُل العلوية.



"فالله - تعالى - المنزَّه عن الصفات والأسماء أقام العالمَين العُلويَّ والسفلي بعشرة حدود كاملة: خمسة روحانية، وخمسة جسمانية.



فالجسمانية أو الأرضية:

• النبي.

• الإمام.

• الوحي.

• الحُجَّة.

• الداعي.



يُقابِل كلاًّ منهم في العالم العلويِّ:

• السابق.

• التالي.

• الجد.

• الفتح.

• الخيال.



والجدُّ هو الوحي، والفتح الحجاب، والرسول الخيال"[14].



و"الفَيض الأول"[15] هو أصل الإيجاد، وهو المبدأ وإليه المعاد[16]، وعن العقل الأول تَنبعِث النفس والهيولى والصورة، والمنبعث الأول - النفس الكلية - عقل قائم بالفعل، والمنبعث الثاني - الهيولى - عقل قائم بالقوة.



وعن النفس الكلية تَنبثِق سبعة عقول قائمة بالفعل، وجود كل واحد يكون عن الآخر.



وذي العقول في العالم العلويِّ يُقابلها في العالم السفلي الأئمة السبعة، وموجودات العالم السفليِّ مِن نبات ومعادن وحيوان وإنسان نتاج اتِّصال الكواكب، وهم الآباء، مع الأركان "العناصر" التي هي الأمهات، فتوالدت الموجودات الأرضية، والكواكب والعناصر ناتِجة عن العقل القائم بالقوة (الهيولى)، ولأن "العقول سبعة"؛ فالعالم قائم على دورات سبعة مُتعاقِبة، وكل "دور" له "نُطَقاء" سبعة "أنبياء"، و"أسس" "أوصياء" سبعة، و"أئمة" سبعة، يَلي الدور نهاية الدور السابق له، ويكون بنبي ناسِخ لما قبله.



ومحمد بن إسماعيل هو ناطق (نبي) دور القيامة، بعد دور محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي "أساسه" علي بن أبي طالب، وتمَّ "بأساس" إسماعيل بن جعفر الصادق.



هنا حاول الإسماعيلية تفسير نظرية الخلق الفيضيَّة وربطها بأئمتهم، فتكون الأفلاك آلهة في السماء مسؤولة عن الخَلقِ والتدبير، يُقابلها الأئمة في الأرض للتدبير وتصريف الكون، وطوائف منهم عدة بلا حصرٍ تُثبت للأئمة صفات ألوهية بل حتى الربوبية، وهو الثابت في مصادرِهم الأم، مثلهم مثل الجعفريَّة الاثني عشرية.



وذاك يرجع لتقرير أفلاطون أن الجزء الخالد في النفس فاض أصلاً عن الآلهة في السماء، فهو يَحمِل في ماهيته جزءًا إلهيًّا خالدًا، وجزءًا ماديًّا فانيًا، فبعد الموت يرجع الجزء الخالد للسماء؛ حيث يستقر ويستمر في هيئة آلهة لها أحد شؤون تدبير الكون.



ومن هنا نجد الشرك الوثني القديم، القائم على نظريتين اثنتين لا ثالث لهما، هو روحانيات الكواكب، وروحانيات البشر، يُقرَّر بذا الطرح الفلسفي، ثم يُمرَّر في عقيدة الروافض، وتُعطى له تفسيرات واصطلاحات إسلامية، وتأويلات باطنية لبعض آيِ القرآن، ثم يُحشى بكمٍّ هائل من الروايات الخرافية عن أئمة لا يُعلَم مصادر النقل عنهم.



وذي العقيدة تُعرض بمستويات، حسب الطاقة العقلية والعِلمية والعقدية للمُستمِع، فيُفرِّق بين العامة والخاصة، والموالي والقريب، وطلبة العلم والمُريدين، والمبتدي والمُتمكِّن، وتُصنَّف في باب الأسرار.



لذا لا يُستغرَب ادعاء الحاكم بأمر الله العُبَيدي الألوهية، ولا تأليه النُّصَيرية لعلي، ولا الدروز لبعض مشايخهم، فقد سبقهم الفرس في تأليه ملوكهم، وفلسفة أفلاطون وأفلوطين والفارابي وابن سينا وإخوان الصفا ومشايخ الإسماعيلية كلها تقرِّر ذا أصلاً في الكون، وحقيقة لا ينكرها إلا مَن لا يعلم فلسفتهم.



وحتى مراتب الدعوة الإسماعيلية تُقابِل الأفلاك، وهي كالتالي:

1- العقل الأول (المبدع الأول): الفلك الأعلى، ويقابل الناطق، وله رتبة التنزيل.



2- العقل الثاني (الموجود الثاني): يقابل الفلك الثاني، ويقابل الأساس، وله رتبة التأويل.



3- العقل الثالث: يقابل فلك زحل، ويقابل الإمام، وله رتبة الأمر.



4- العقل الرابع: فلك المشتري، ويقابل الباب، وله رتبة فصل الخطاب.



5- العقل الخامس: يقابل فلك المريخ، ويقابل الحُجَّة، وله رتبة الحكم فيما كان حقًّا أو باطلاً.



6- العقل السادس: يُقابِل الشمس، ويُقابِل داعي البلاغ، وله رتبة الاحتجاج.



7- العقل السابع: يُقابل فلك الزهرة، ويقابل الداعي المطلق، وله رتبة تعريف الحدود العلويَّة، والعبادة الباطنية.



8- العقل الثامن: يقابل فلك عُطارِد، ويُقابل الداعي المحدود، وله رتبة تعريف الحدود السُّفلية والعبادة الظاهرة.



9- العقل التاسع: يقابل القمر، ويقابل المأذون المطلَق، وله رتبة أخذ العهد والميثاق.



10- العقل العاشر: يقابل ما دون فلك القمر، ويقابل المأذون المحدود أو المكاسر أو المكالب، وله رتبة جذب الأنفس المستجيبة[17].



وهذا مما ورثه الإسماعيلية مِن دين عبَدة الكواكب والمُنجِّمين، فلُفِّق بفلسفة زائفة، وكفر بواح بصريح النصوص، ومِن عجبهم رد النص القطعي وتقديس النص الفلسفي، بل فرض رائعًا: أن هذه العقيدة صحيحة - عقيدة الأفلاك - ما دليلهم على الغيب الذي يَحكونه عنها، ومَن أبلغهم به؟



أليس مذهبهم هذا هو صريح قول المشركين: هذا ما وجدنا عليه آباءنا الأولين؟



يقول الكرماني - مِن مراجع الإسماعيلية -: "إن اسم الإلهية لا يقع إلا على المبدع الأول"[18].



و"المبدع الأول" ليس "الله تعالى"؛ لأنهم يسمونه "الأول"، بل هو "العقل الأول" الذي فاض عنه مِن غير إرادة ولا اختيار منهم، فهو لا يَقدِر حتى على خلقه أو صنعه، بل انبثق منه مِن غير وعي ولا إرادة ولا علم.



و"العقل الأول" عندهم يقال له: "العقل الكلي، والموجود الأول، والمُبدِع الأول، والسابق، والقلم، والكلمة، وغيرها"[19].



و"العقل الثاني" يُطلَق عليه النفس الكلية، واللوح، والمُبدِع الثاني، والتالي[20]؛ أي إن "الأول" الذي هو الله لم يَصفه بالإلهية، بل الوصف للثاني "العقل الكلي" الذي سيَتفاعل لينتج "النفس الكلية"، ومنهما الكَون كله.



ومِن هنا يكون الخَلق كله، والصفات الإلهية كلها محلها الإلهَين الذين يَليان الأول في الرتبة الوجودية بلا زمن؛ أي قديمين مثله، وذا مربط الفَرس، أن ذا دين الفُرس، فهي عقيدة الثنوية، غير أن بها جدلاً ودجلاً.



والإمام في الأرض هو إله في السماء، يقول إحسان إلهي: "إن الإسماعيلية يقولون بأن العقل الكلي، أو الموجود الأول، أو السابق، يُماثله في العالم الإمام"[21].



ويقول الداعي الإسماعيلي أبو فراس في مبحث (حدوث العالم ومبتدأ العوالم): "إن موجده أوجده إبداعًا لا مِن شيء، وأنه - سبحانه وتعالى - قال له كن فكان - فيضًا واحدًا - فهو "العقل الفعال الأول"[22]، و"الموجود الأكمل"، و"الحجاب المفضَّل".



وظهر عنه التالي مُخترعًا مِن نوره، ثم ظهرت جميع الموجودات منهما وبهما.



فالفيض الأول هو أصل الإيجاد، وهو المبدأ وإليه المعاد، وهو "السابق" صاحب التمام والكمال.


وأشعته جواهر أفراد إبداعية عقلية، وأشعة التالي جواهر أزواج تركيبية، منها: الهيولى الأولى، والجسم المُطلَق الكوكبي والفلَكي، وهم: الأمهات الأربع[23] والمتولدات الثلاث[24]، واعلم أيها الأخ البار، أن جميع "المركبات الجرمانية" ثُنائية مِن أشعة الأمر بوساطة "السابق"، وجميع "المركبات الجسمانية" المتوالِدة جواهر رباعية تركَّبت مِن تلك الجواهر الثنائية بواسطة "الأمهات الأربع" و"روحانياتها المحركة" لها، وهي جواهر أفراد مِن أشعة "السابق" بوساطة "التالي"، وأن "التالي" من الأمر بوساطة "السابق"، ومواد "السابق" إلهية بوساطة الأمر، واعلم أنَّ العالم كله بسيط ومركب، ظهر مِن العدم إلى الوجود بوساطة الأصلين - العقل والنفس - فوجود حركاته مِن "التالي" بواسطة "الهيولى"، ووجود روحانيتها المحركة له مِن "السابق" بواسطة "التالي"، وعلته الموجودة أصل هذا العالم - وهما الكاف والنون.



أما الأمر فهو السرُّ الإلهي المكنون بين هذين الحرفين، فالكاف "السابق"، المحدود المكمل يفيض الجود، وهو عِلَّة النون، و"التالي" أصل تركيب الوجود بمواد "السابق"، والخلق ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

• عالم روحاني، وهو الإبداع، وجواهره أفراد.



• وعالم جرماني، وهو الاختراع، وجواهره أزواج.



• وعالم جسماني، وجواهره رباعية تركيبية؛ تركبت منها الأزواج.



فأولها "الجسم المطلق"، ثم "الأفلاك"، ثم "الكواكب"، و"الإسطقصات الأربعة": النار والهواء والماء والتراب، و"المتولدات الثلاثة": المعدن والنبات والحيوان.



والإنسان هو نهاية العالم الجسماني، وهو البيت الأكمَل، والحِجاب الأفضل الذي خاطب الله منه الخلقَ بأوضحِ خطاب.



واعلم أن العالم بأسرِه شخص كُرويُّ الأفلاك، مُسبِّح لباريه، ومقدِّس لفاطره ومُنشِئه، عقله "السابق"، ونفس قدسه "التالي".



وقلبه الجد، وقوة حسِّه ونموه الفتح، وصورة أعضائه الخيال، وعيناه الهيولى، والصورة وجوارحه السبعة البروج الاثنا عشر، وشَطرُه الأيسر السفليُّ المعدن والنبات، وشطره الأيمن الحيوان والإنسان..."[25].



وقال الداعي الإسماعيلي حاتم بن عمران: "وأما الأصل فهو "السابق"، وقد انبعث منه "التالي"، وظهر مِن "التالي" الطبائع الأربعة التي هي الذكور، والعناصر التي منها الأمهات، فكان منها الروح الفرد، وظهَرت في العالم الحُجج في الجزائر، وتبايَنت الأقاليم التي يقوم فيها مقام "الناطق" و"الأساس" بالدلالات.



وأخذ كل ربع مِن العالم حظه وقسطه إذا كان العنصر مِن "السابق" و"التالي" إلى "الناطق" إلى "الأساس" و"الإمام" و"الحُجَّة"؛ ليقع الصلاح، فهذا سرُّ الله في العالم الذي لأجله أُخذَت العهود والمواثيق"[26].



وخلاصة مذهبهم اعتقاد ألوهية مَن في المشاهد والمَراقِد؛ لذا جعَل الزيارات وشدَّ الرحال من أصول الدين، وهو اجتهاد جيِّد وفَهمٌ دقيق للُبِّ العقيدة الرافضية؛ فالألوهية ما يتعلق بها - ضرورة - هو مِن أصول الدين؛ لأنه باب عِلميٌّ عقَدي.



يقول أبو حامد الغزالي: "إن مذهب الإسماعيلية ظاهِرُه الرفض، وباطنه الكفر المَحض، ومُفتَتحه حصر مدارك العلوم في قول الإمام المعصوم، وعَزلُ العُقول عن أن تكون مدركة للحق لما يَعتريها مِن الشبهات ويتطرَّق إلى النُّظَّار من الاختلافات، وإيجاب لطلب الحق بطريق التعليم والتعلم، وحكم بأن المُعلِّم المعصوم هو المُستبصِر، وأنه مُطَّلِع مِن جِهة الله على جميع أسرار الشرائع، يَهدي إلى الحق ويَكشِف عن المشكلات، وأن كل زمان فلا بدَّ فيه مِن إمام معصوم يُرجَع إليه فيما يستبهم مِن أمورِ الدين.



هذا مبدأ دعوتهم، ثم إنهم بالآخرة يُظهِرون ما يناقض الشرع وكأنه غاية مقصدهم؛ لأن سبيل دعوتهم ليس بمُتعين في فنٍّ واحد، (بل يُخاطِبون كل فريق بما يوافق رأيه) بعد أن يظفروا منهم بالانقياد لهم والموالاة لإمامهم، فيُوافِقون اليهود والنصارى والمجوس على جملة مُعتقداتهم، ويُقرُّون معتقدهم في الإلهيات، وقد اتَّفقت أقاويل نقَلة المقالات مِن غير تردُّد أنهم قائلون بإلهَين قديمَين لا أول لوجودهما مِن حيث الزمان، إلا أن أحدهما عِلَّة لوجود الثاني؛ واسم العِلة: "السابق"، واسم المعلول: "التالي"، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي، لا بنفسه،وقد يُسمَّى الأول هو "التام بالفعل"، والثاني بالإضافة إليه ناقص؛ لأنه معلوله، وربما لبَّسوا على العوامِّ مُستدلِّين بآيات مِن القرآن عليه، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ﴾ [الحجر: 9]، و﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا ﴾ [الزخرف: 32]، وزعموا أن هذه إشارة إلى جَمعٍ يَصدُر عن واحد، ولذلك قال: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1]، إشارة إلى "السابق" مِن الإلهَين، فإنه الأعلى، وربما قالوا: الشرع سماهما باسم "القلم" و"اللوح"، والأول هو القلم، فإن القلم مُفيد واللوح مُستفيد متأثِّر، والمُفيد فوق المُستفيد، وربما قالوا: اسم "التالي" "قدر" في لسان الشرع، وهو الذي خلَق اللهُ به العالَم؛ حيث قال: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].



ثم قالوا: السابق لا يوصَف بوجود ولا عدم، فإن العدم نفْي والوجود سببه، فلا هو موجود ولا هو معدوم، ولا هو معلوم ولا هو مجهول، ولا هو موصوف ولا غير موصوف.



وزعموا أن جميع الأسامي مُنتفيَة عنه، وكأنهم يتطلَّعون في الجملة لنفي الصانع؛ فإنهم لو قالوا: إنه معدوم لم يُقبَل منهم، بل منعوا الناس مِن تسميته موجودًا، وهو عين النفي مع تغيير العبارة؛ لكنهم تحذلَقوا فسموا هذا النفي تنزيهًا، وسمَّوا مُناقضه تشبيهًا حتى تَميل القلوب إلى قبوله"[27].



ويُمكن هنا أن نلخِّص مقالة هؤلاء على النحو التالي:

إن الله - تبارك وتعالى - ليس له أيُّ فعل ولا دور في الأمر ولا الخَلقِ، وإنما صور الأشياء عنده منذ الأزل قديمة بقِدمه، وأنه فاضَ منه "العقل الأول"، وهذا الفيض أو الانبثاق أو الصدور أزليٌّ أيضًا.



ثم "العقل الأول"، أو ما يُسميه الدروز "النور" فاضَ منه فيضٌ آخَر، وهو "النفس الكلية"، أو ما يُسميه الدروز "الظُّلمة"، ومنهما صدرت المخلوقات، ووجدت بكيفيات يَختلفون في تفصيلها، ويتَّفقون في أنها لم تُخلَق خَلقًا مُباشرًا مِن قِبل الله تعالى، وأنه - تبارك وتعالى عن قولهم - لا دور له في إيجادها، وإنما مصدرها الحقيقي "العقل الكلي" مع "النفس الكلية"؛ أي "النور" مع "الظلمة".



وعملية الفيض تبدأ في العالم العلويِّ إلى العالم السُّفلي، وبذلك تكون الأَنفُس البشرية فاضت مِن جزء علويٍّ غير مادي هو عقل محض، وجزء مادي مُركَّب مِن هيولى وصورة يتجسَّد منه الجسد.



وبذلك يكون الأئمة والمشايخ وعلماء الرافضة كلهم عبارة عن صور لمثل إلهية قائم في العالم العلويِّ، لهم القدرة على بلوغ مقرِّ الحقائق الأزلية - المثل الأفلاطونية - الموجود في فلك القمر، وبه اللوح المَحفوظ، وهذا العقل الفعال هو آلهة تدبِّر العالم بما بها مِن حقائق، وهو يُقابل جبريل - عليه السلام.



وقدرة الأئمة والفلاسفة والحكماء والمشايخ الأقطاب والأوتاد، بلوغ العقل الفعال، والاطِّلاع على الأسرار والحقائق الأزلية، ومعرفة الغيب والشرائع الجديدة، ونسخ الشرائع القديمة، يتمُّ بعملية تُسمى الارتقاء، طرقها مختلفة، فعند الفلاسفة تتمُّ بالمنطق والمادة الرياضيات والفلسفة، والحكماء بالحكمة الإشراقية والزهد، والصوفية بالرياضة والخلوة.



أما عند الرافضة فهي عملية وراثية في أصول الأئمة كونهم مِن فيضٍ إلهي، وبهم جانب ناسوت وآخَر لاهوت، وجزء مُتوارَث في جيناتهم، فيَحصُل مِن ذلك كله أن تقديس القبور هو تقديس للجانب الروحي الإلهي للميِّت؛ لامتلاكه قدرات عقلية ونفسية روحانية خالدة لا تَفنى، تؤهِّله لبلوغ الحقائق الأزلية الكامنة في العقل الفعال باللوح المحفوظ في الفلك الحادي عشر، فيكون بمَقدورِه الاطلاع على الغيب وتدبير شؤون الكون، وتغيير القدر؛ لأنه يَحيا حياة الآلهة في السماء.



بالطبع هذا التحليل لن يُلقى للعوام ولا المبتدئين، لكنه حقيق كلامهم، ولُبُّ دينِهم، وخلاصة عقيدتهم، ومصادرهم الفلسفية طافحة بهذا الكلام.



وكما أنهم قد يُنكِرون التصريح به، تجد محبِّي ابن عربي وفلاسفة الصوفية يُحاولون إنكار مقالة وحدة الوجود، ونفْي تَصريح فلاسفة الصوفية بها، رغم النصوص الصريحة بذلك، فإن واجهَهم بها أحد قالوا: إنكم لا تفهمون كلامهم، وذا ديدن كلام الباطنية، التلبيس والتلفيق، وادِّعاء الخصوصية والانفراد في الفهم والتنظير.


مادة التاريخ تقديس القبور لدى المسلمين:

لم يكن مِن عهد المسلمين - عصر النبوة ولا الصحابة ولا التابعين - البناءُ على القبور أو رفعها أو اتخاذ مواسم للزيارة لها؛ لأن أنوار السنَّة النبوية ساطعة فيهم، ثم دبَّت البدع فيمن تلاهم بالبناء على القبور ورفعها تعظيمًا للمقبور، ثم شاعت العمارة الهندسية الخاصة بالبناء على القبور وهي القباب، وبتطور العمارة الإسلامية تطورت القُبَّة وأصبحت لها وظيفة هامة، هي تغطية المساحات المربَّعة؛ وذلك للاستغناء عن الأخشاب، وقد أقبل المسلمون على استعمال القباب في تغطية المبنى المقام على قبور الشخصيات البارزة مثل الملوك والسلاطين، أو قبور الصالحين، حتى أطلق اسم الجزء على الكل وصارت كلمة "قبَّة" اسمًا للضريح كله، ومن هنا جاء المثل السائر "تحت القُبَّة شيخ".



على أنَّ أقدمَ ضريح في الإسلام أقيمت عليه قبَّة يرجع إلى القرن الثالث الهجري، وقد عرف هذا الضريح باسم (قبَّة الصليبيَّة)، ويوجد في مدينة "سمارا" بالعراق على الضفة الغربية لنهر دجلة إلى الجنوب مِن قصر العاشق"[28].



وكانت عادة الفرس والنصارى البناء على قبور صالحيهم وعُظمائهم، وبعد الفتح الإسلامي تسرَّبت طُقوسهم مع حديثي العهد بالإسلام، واختلط عليهم احترام الموتى بتعظيم المقبور، "والحاصل أن تقديس القبور وزيارة المشاهد تقليد شيعيٌّ في نشأته، فالشيعة هم أول مَن بنى المشاهد على القبور؛ حيث تتبَّعوا - أو زعموا تحري - قبور مَن مات قديمًا ممَّن يُعظِّمونهم من آل البيت، وراحوا يَبنون على قبورهم ويَجعلونها مشاهد ومزارات، ثم جاء الصوفية فنسَجوا على هذا المِنوال، فجعلوا أهمَّ مشاعرهم هو زيارة القبور وبناء الأضرحة والطواف بها والتبرُّك بأَحجارِها، والاستغاثة بالأموات"[29].



وكلما ابتعَد عهد المسلمين بعصر النبوة ونسوا حظًّا مما ذُكِّروا به، ظهر بينهم الرُّوَيبضة وتداعت عليهم طقوس الأمم السابقة، وكَثُر فيهم التشبُّه بالنصارى واليهود ومَن جاورَهم من ملل الكفر وعبَدة الأوثان، ثم يَنغمِسون في تِلكُم البِدع حتى تُرقِّق الكبيرة الصغيرة، فتجد بعدها علماءهم يَنظرون لها ويدفعون أدلة بطلانها؛ لكثرة الاشتباه والاضطراب عليهم، وأنهم تلقَّوا تلك العقائد عن علماء ومشايخ وفضلاء.



فتجد مثلاً: أن الاحتفال بالمولد النبوي - رغم إقرار الأمة قاطبة باختلاف مذاهبهم أنه حادث، ولو لم يكن فيه إلا أن مَن أحدثه هم العُبيدية الرافضة الإسماعيلية الباطنية القداحية، لكفى به قادحًا ودليلاً على بطلانه؛ ففي سنده المعز ونسبُه اليهودي، ووزيره يعقوب بن كلس اليهودي - ورغم ذا مرَّ على كثير من أساطين العلماء من أهل السنة؛ حتى إنك تتحيَّر كيف مرَّ بهم ذلك.



لكنك بالتدبر تعلم أن ذا العالم كان صبيًّا وفتًى وشابًّا ثم كهلاً، وقد شبَّ ثم شابَ وهو يَحتفل بالمولد، وأُشرب قلبُه به، وسمع مِن كثير - ممن هم لقلبه أقرب الناس - التعبُّد بالاحتفال بالمولد، فسيَصعُب عليه استنكاره، أو التنبه لبدعيته، بل يتكلف له الأدلة من الكتاب كامل والسنَّة.



فبالله عليهم أيكون الباطنية أحبَّ للسنَّة والنبي من علماء السنة ممن كانوا قبلهم ولو بعقد مثلاً؟



أيكون الرافضة الإسماعيلية الملاحدة هم قدوة أهل السنة في التقرُّب للنبي والتعبير عن حبه؟



لقد قرأت لكثير مِن الفضلاء من علماء ومشايخ أهل السنَّة ممَّن يرون جواز الاحتفال بالمولد، فأكثر ما حيَّرني تكلُّفهم للأدلة، ووالله لو أتوا بملء الأرض كلامًا وأدلة لكفاهم عيبًا أن قدوتهم رافضة باطنية ملاحدة، وأنهم يَستنُّون بهديهم ودينهم، وإن حرم علينا التشبُّه بشرائع اليهود، أيجوز بشرائع الباطنية المجوس؟



بل دعواهم جواز الاحتفال بمولد النبي، عِلَّة لجواز الاحتفال بموالد الصالحين والمشايخ الصوفية والشيعة، فتصبح أيام السنَة يومًا بيوم كلها احتفالات، وهذا عين ما تجده في مصر وإيران والعراق وباكستان، وما تجده في أديان الهند؛ حيث لا يخلو يوم مِن عيد بمولد فلان المعظم.



ومثل هذه البدع تجدها دائمًا تَكثُر أيام المِحَن والإحَن، فيورث الفزع ذهاب العقول، وتتسارَع الأفكار في اللجوء للخيال والتشبع بالأساطير الغيبية كعملية تخديرية مِن آثار الواقع المؤلم، وقد ظهر في العصور الوسطى - وخاصة في أوقات المِحَن والحروب التي لا تجد فيها الشعوب مَن تلوذ به - غير الواحد القهار - أن يَتلمسوا أضرحة آل البيت والأولياء للزيارة والبركة والدعاء؛ ليكشف الله عنهم السوء ويرفع البلاء، ومِن ثَمَّ ظهَر ما يُعرف بأضرحة الرؤيا، فإذا رأى ولي من أولياء الله الصالحين في منامه رؤيا مؤداها أن يقيم مسجدًا أو الولي المُسمَّى في الرؤيا، فكان عليه أن يُقيم الضريح أو المسجد باسمه"[30].



وتلك كانت الدعوى نفسها التي أقيمت عليها "مزارات القديسين" عند النصارى "وكان ذلك إبان القرن الخامس الميلادي؛ حيث أصبَح لكلِّ قرية مزار لشهيد يَحوي عظامًا لبعض الموتى المَجهولين، أُخرجت مِن القبور، ومُنحت كل التبجيل والاحترام، دون أدنى دليل يُثبِت أنها - على الأقل - بقايا مسيحيِّين، ويَخلع على هذه الرفات أسماءً وألقابًا لائقة، وفي حالات كثيرة كان المرجع الوحيد في هذا الشأن (حلم) أو (رؤيا) لكاهن أو راهب"[31].



ومثلها في سفح بالكرك زعم بعض العامة عن قبر به أنه "قبر نوح" - عليه السلام، وذا باطل محال لم يقل به أحد ممَّن له علم، ولا هو قبر أحد مِن الأنبياء أو الصالحين.



ومَن زعَم ذاك اخترع القصة اختراعًا، حين وجد أحدهم عظامًا كبيرة، وشمَّ الناس رائحة مِن الرفات، فاعتقدوا أنها لنبي؛ لأن لحومهم محرمة على الأرض، ثم فكَّروا في أي الأنبياء أعظَم خِلقةً، فقالوا: إنه نوح - عليه السلام.



ومثل هذه القصص يتطاير بها الرافضة وجُهَّال الصوفية، فهم يولعون بالخُرافة، ولا يتورَّعون في عن الكذب ولا عن قبول رواية الفساق والمنافقين؛ لأن عقولهم تجد متعة في قبول الخرافة والغرائب، ثم كان منهم أن "بنوا عليه في دولة الرافضة الذين كانوا مع الناصر صاحب حلب ذلك القبر، وزِيد بعد ذلك في دولة الظاهر، فصار وثنًا يُشرِك به الجاهلون"[32].



"وكم مِن مشهد يُعظِّمه الناس وهو كذب، بل يقال: إنه قبرُ كافرٍ، كالمشهد الذي بسفح جبل لبنان الذي يُقال: إنه قبر نوح، فإن أهل المعرفة يقولون: إنه قبر بعض العمالقة، وكذلك مشهد الحسين الذي بالقاهرة، وقبر أبي ذرٍّ الذي في دمشق؛ اتَّفق العلماء على أنه كذب، ومنهم مَن قال: هما قبران لنصرانيين، فالذي يَجري عند المشاهِد مِن جنس ما يَجري عند الأصنام، وكثير مِن المَشاهِد كذب، وكثير منها مشكوك فيه.



وسبب ذلك أن معرفة المشاهِد ليست مِن الدين الذي تكفَّل الله بحفظه للأمة لعدم حاجتهم إلى معرفة ذلك.


والمقصود: أن هؤلاء يؤول بهم الأمر إلى أن يُسووا بين الأنبياء وغير الأنبياء، بل بين الأنبياء والكفار، ويَطلُبون مِن هذا ما يطلبون من هذا، فأي الفريقين أشد تعظيمًا للأنبياء؛ هؤلاء أو مَن يوجب تعظيمَهم، واتِّباع شريعتهم، ويفرِّق بين الحق الذي جاؤوا به، وبين غيره، ولا يُنزِّل أحدًا منزلتهم، ولا يُشبِّه بهم مَن ليس منهم"[33].


نِسبة صفات الألوهية والربوبية لأئمة الرافضة:

لم تتوقف ضلالات الرافضة عند جعل الأئمة فوق الأنبياء والرسل والقول بالعِصمة، بل وصل جرمهم إلى حدٍّ خلعوا عليهم صفات الألوهية والربوبية؛ فالأئمة يَعلمون أعمار الناس وآجالهم، ويَدرون ما كان وما يكون، ولا تخفى عليهم خافية.



ونَعرض هنا نُقولاً عن الرافضة ليتبدَّى جرمهم وضلالهم، الذي تَكاد السموات يتفطَّرن منه وتنشقُّ الأرض وتخرُّ الجبال هدًّا مِن إفكهم بجعل الأئمة آلهةً.



ونكتفي أحيانًا بعناوين بعض الأبواب مِن فهارس الكتب المعتمدة لدى الرافضة، وهي الحُجَّة لديهم؛ ليتعرَّف القارئ على مصائب القوم وعقائدهم الفاسدة:

1- بعض الأبواب مِن فهرس كتاب كامل "أصول الكافي" للكليني (ج: 1):

• باب: أن الأئمة (ع) نور الله - عز وجل.



• باب: أن الآيات التي ذكرها الله - عز وجل - في كتاب كامله هم الأئمة.



• باب: أن الأئمة (ع) إذا شاؤوا أن يَعلموا عَلِموا.



• باب: أن الأئمة (ع) يعلمون متى يَموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيارٍ منهم.



• باب: أن الأئمة (ع) يعلمون علم ما كان وما يكون، وأنه لا يَخفى عليهم شيء - صلوات الله عليهم.



• باب: أن الله - عز وجل - لم يُعلِّم نبيه عِلمًا إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين (ع)، وأنه كان شريكه في العلم.



• باب: أن الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة.



• باب: أن الأئمة (ع) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله - عز وجل - وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها.



• باب: أن الأئمَّة (ع) يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل (ع).



2 - بعض الأبواب في فهرس " بحار الأنوار" لخاتمة مجتهديهم محمد باقر المجلسي (ج:32 - 72) كتاب كامل الإمامة:

• باب: أنه لا يُحجَب عنهم شيء من أحوال شيعتهم وما تحتاج إليه الأئمة مِن جميع العلوم، وأنهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا ويَصبرون عليها، ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا، وأنهم يعلمون ما في الضمائر، وعِلم المنايا والبلايا، وفصل الخطاب والمواليد.



• باب: أن عندهم جميع علوم الملائكة والأنبياء، وأنهم أُعطوا ما أعطاه الله الأنبياء، وأن كلَّ إمام يعلم جميع علم الإمام الذي قبله، ولا يُبقي الأرض بغير عالم.



• باب: أنهم أعلم مِن الأنبياء - عليهم السلام.



• باب: أحوالهم بعد الموت؛ وأن لحومهم حرام على الأرض، وأنهم يُرفَعون إلى السماء.



• باب: أن أسماءهم - عليهم السلام - مكتوبة على العرش، والكرسي، واللوح، وجباه الملائكة، وباب الجنة، وغيرها.



• باب: أنهم يَقدِرون على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وجميع معجزات الأنبياء - عليهم السلام.



• باب: أنهم - عليهم السلام - سُخِّر لهم السَّحاب، ويُسِّر لهم الأسباب.



• باب: أنهم - عليه السلام - لا يُحجَب عنهم علم السماء والأرض والجنة والنار، وأنه عُرض عليهم ملكوت السموات والأرض، ويعلمون علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.


النهي عن تعظيم القبور وتقديس المقبور:

من الألفاظ المتداولة في ذكر زيارة القبور المقدَّسة لفظ "الضريح"، و"المشهد"، و"المقام"، و"المزار" و"المرقد" و"القباب".



والضريح في اللغة: "البَعيدُ والقَبْرُ أو الشَّقُّ وسَطَهُ أو بِلا لَحْدٍ"[34]؛ فالضَّريحُ، الشق في وسط القبر، وقيل: الضريح، القبر كله، وقيل: هو قبر بلا لحد، "وضَرحَ للميت يَضْرحُ ضَرْحًا، حفر له ضَرِيحًا"[35].



أما الرافضة فقد اشتهروا بمُصطلَح "المشاهد" و"المراقد"، ومَشْهد: بمعنى شاهد وشاهدة، وهو حجر مستطيل يُنصَب على القبر، وهو عمود من الحجارة يوضع عند رأس الميت ورجليه، وقد أُطلِق عليه هذا الاسم؛ لأن كلمة الشهادة قد حُفرت على أحدهما"[36]، و"مَشْهَد: صرح أو عمارة تَضمُّ قبر ولي مِن الأولياء"؛ البكري، (ص: 168)، "مادة التاريخ تونس"، (ص: 142).



أما "المراقد" فيعنى بها أن مَن فيها حي، ومثله مثل نائم لمدة طويلة؛ لأن لحوم الصالحين والأنبياء والأئمة محرمة على الأرض وروحهم بها، فهم أحياء بقبورهم جسدًا وروحًا.



وذا ما عزَّز كلامهم مع الموتى والاستغاثة بهم، وطلب النجدة منهم كأنما هم أحياء بين ظهرانيهم، لا يَحجبهم غير القبر، وسلطانهم دائمٌ فيما فوق القبر، و"المقام" للدلائل على علوِّ مرتبة صاحب "الضريح"، وأنه مكان يُقيم به إقامة الأحياء حتى يخرج.



أما "المزار" فلدوام الزيارة له، بمواسم ومناسبات ونسُك، ومِن تتبُّع الدلالات الاستعمالية نجد أن:

• القبور هي للعامة.



• والأضرحة هي لكلِّ ما علا وجُعل له شاهد، أو بُني بمكان خاص منفرد به وأحيط بسياج أو سور أو جدار، وتكون في الغالب لمن لهم مكانة دينية أو سياسية أو اجتماعية.



• والقباب تكون لمن كان له مقام عالٍ بين قومه؛ كالأمراء والصالحين من أئمة العلم أو مشايخ الصوفية ممن يصنفون ضمن الأولياء ذوي الكرامات والأتباع.



• أما المشاهد فهي خاصة بآل البيت وأئمة الشِّيعة.



• والمراقد خاصة بالأئمة عند الإمامية.



• والمقامات خاصة بالصوفية ممن عدُّوا في مقام الأقطاب والغوث.



وكل هؤلاء الذين يرون جواز فِعلهم في تقديس القبور، مقالهم وفعالهم به دلالة على حياة الموتى واطلاعهم بشؤونهم وتأثيرهم في شؤون الحياة، وأن الموتى يكسبهم انفصالُ الروح عن الجسد في القبر طاقةً روحية كونيّة أعلى مما كانت لهم في حياتهم.



فيتفاعلون معهم بخصوصية الآلهة اليونانية والبابلية والمصرية، التي تتجسَّد في شكل إنسان، ولكلِّ إله اختصاص، فهنالك إله الحرب وآخَر للسلام، وآخَر للزرع والخصب، والبحار، والذرية، وهؤلاء القبوريون لهم أولياء كلٌّ له اختصاصه، حتى في الأمراض، فلكلِّ قبر وليٌّ له اختصاص في شفاء مرض معيَّن وهو ترياق لما قصد له، وكل له طاقة روحية تنفذ في شؤون كونية معينة، وهنالك روايات ونصوص عديدة من مصادر الرافضة الرئيسة المعتمدة، تبيِّن اختصاص الأئمة والأضرحة والمشاهد بصفات ربوبية وتدبير شؤون كونية، وهذا بالنصِّ والحرف عقيدة الوثنيين، لا تخالفها لا في دلالة لغوية ولا عقيدة نظرية ولا سلوكيات عملية في شيء ألبتة، ومَن يُنكر ذا فهو بين جاهل لأحد طرفي المقارنة، أو مُكابر، أو مُجاهِر بوحدة الأديان.



روى المجلسي في "بحار الأنوار" أن جعفرًا الصادق قال عن خصوصية زيارة كل إمام بسلطان في المشاهد، فجعل:

• عليًّا للنجاة من السلاطين ونفثِ الشياطين.



• وأما محمد بن علي وجعفر بن محمد فللآخِرة، وما تبتغيه من طاعة الله.



• وأما موسى بن جعفر فالتَمِس به العافية مِن الله - تعالى.



• وأما عليُّ بن موسى فاطلب به السلامة في البراري والبحار.



• وأما محمد بن علي فاستنزل به الرزق مِن الله - تعالى.



• وأما عليُّ بن محمد فللنوافل وبرِّ الإخوان وما تبتغيه مِن طاعة الله.



• وأما الحسن بن علي فلآخرة"[37].



والموتى في عرف المسلمين لهم حرمتهم، وقبورهم لها جانب من الآداب، فلا ينظر لأرض المقابر كأرض بور، فلها أحكام قرَّرها علماؤنا في أبواب الجنائز، وفصَّلوا آداب الدفن والزيارة، وبيَّنوا العِبرة التي سُنَّتْ لأجلها، فأعطوا للموتى حقَّهم ولقبورهم الاحترام، غير أن ذاك لا يكون داعيًا للتقديس، وإضفاء هالة حول القبور عامة، أو قبور بعض الخاصة، بدعوى تبجيل الأولياء والأصفياء.



فإنما هي سُنن مَن قبلهم لم يَحيدوا عنها، وهي اعتقاد روحانية الموتى، وتأثير الموتى في الحياة الكونية، واكتسابهم لصفات الآلهة كما في الأساطير المصرية الفرعونية والبابلية والإغريقية، وما نظَّر له أفلاطون في انتقال الجزء الخالد مِن الميت للسماء ليعيش حياة الآلهة، وما كان من أتباعهم من فلاسفة الرافضة كالفارابي وابن سينا وإخوان الصفا في القول بإنكار البعث وخلود النفس وارتقائها كآلهة الأفلاك واطلاعها على الحقائق الأزلية، وتأثيرها في الكون.



ثم كلٌّ يُسميها بما يلبس على قومه، فالرافضة وبعض الصوفية يقول عنها "السر"، وآخَر "البركة" و"الحكمة"، وبعض المعاصِرين يسميه "طاقة روحانية" و"هالة روحية".

............ يتبع




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©