من السلفيون؟... ولماذا يَخافون السلفية؟!
د. عبد العزيز بن ندى العتيبي

الحلقـــــــــــة الأولــــــــى :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
كان الدافع للكتاب كاملة عن هذا الموضوع ما نشاهده مًن كتاب كاملة أو قول عن طريقة السلفيين، أو عبارات تصدر وتلحق بالسلفية زورا وبُهتانا، ولذا رأيت من الواجب بيان مفهوم السلفية، ومن هم السلفيون؟ ولماذا تَخافها الأحزاب؟
!
تذكير قبل الدخول في الْمقصود


ولأن الذين لا يعرفونها أو لا يفهمون الْمقاصد الشريفة لهذه الدعوة المباركة كثر أحببت قبل الدخول في المقصود أن أبدأ بالتذكير بما حدث في العقدين الأخيرين، من تعرض الدعوة السلفية لمعاداة وحرب قادها بعض الناس هنا وهناك، ومن هذه الأماكن والْجهات مُحاولة القضاء على المنهج السلفي في الْجزيرة مادة اللغة العربية بيضة الإسلام، وزاد ظهور العداوة بعد فتوى علماء الدعوة السلفية المشهورة في (جواز الاستعانة بالنصارى وبأي قوة لردع الظالمين ونصرة الكويتيين واستعادة الحقوق المغصوبة)، فكانت ردة الفعل أولئك النفر خوف انتشار الفتوى، فاضطروا إلَى الخروج من الكهوف، وإزالة اللثام عن وجوههم بإصدار فتوى مضادة ليظل الشباب بنَفْس مُتَوَترة صاغوها في غفلة المسؤولين من الأهل ووليّ الأمر على مراحل في سنين مبكرة حتى أصبحوا في هَيَجَان دائم ينتظر الانفجار

دعاة فقه الواقع راهنوا على انتصارهم وفشل العلماء
وكان دافع مُخالفي السلفية أنّهم راهنوا على فشل فتوى العلماء، وأن الْجزيرة مادة اللغة العربية لا مَحالة ستؤول إلَى مستعمرة لجيوش الدول النصرانية إذا عُملَ بفتوى العلماء، وذلك بوحي جاءت أنباؤه من (كوكب فقه الواقع)، وكان النصر للعلم وأهله، نصر لورثة الأنبياء، قال الله تعالَى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) (غافر: 51)، وهي نتيجة يعرفها العقلاء الذين اتخذوا سفينة السلفية وسيلة للنجاة، وعادت الجيوش من حيث أتت!!
كانت الفتوى درسا لاتّبَاع العُلماء وترك الحركيين
وكان الغريب استمرارهم في حربهم على العلم ومشايخ الدعوة السلفية، ولَم يدركوا خطورة الْمنهج الذي احتكر عقولَهم، ورسم أفكارهم، وجعلهم متفجرات زرعت في أرض بلدانهم، فهم تربية لبعض الْجماعات التي آوتها الدولة السعودية إشفاقا عليهم ممّا لاقوه وذاقوه من تعذيب في بلدانهم، وبما أن الغدر شيمة الأحزاب غدروا بالدولة الآوية والْمُضيفة، فأفسدوا عقولَ شباب كانوا في حلَق العُلماء، فزَيَّنوا لهم الطموح السياسي، والْمشاركة الشعبية، والبحث عن الحريات وأنَّهم شباب مضطهد لا يشارك في صنع القرار، وداعب الْحركيون العقول بالدندنة علَى الفروق بين الخلافة الراشدة والأوضاع الحالية استدرارا للعاطفة وصرفا عن الحق، والْحقيقةُ الْمُرة أن الجزيرة مادة اللغة العربية لَم تصبح مستعمرة نصرانية بل أصبحت مستعمرة لأفكارهم الْمنحرفة، وزاد شرهم بعد وفاة الشيخين الكبيرين الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

السلفية والسلفيون

إن لكل طريقة أطناباً، ولكل بناء عماد، ولكل دعوة جذور هي سبب الوجود، والأصل في الظهور، والدعوة السلفية تَميَّزت عن غيرها منَ الدعوات بأَنَّها قائمة على أَصليْن لا ثالث لُهما، كتاب كامل الله وسنة النَّبي صلى الله عليه وسلم، فمن عرف كتاب كامل الله وسنة نبيه وقدم فهم الصحابة علَى فهمه وسار على نَهج سلف هذه الأمة الأخيار عرف السلفيين وعرفوه، وألفهم وألفوه، ووصل إلَى قلوبهم، ووجد لذة في العيش معهم وفي مَجالسهم، فأحبهم وأحبوه، بلا هُوية حزبية، أو بطاقة مذهبية، فالكتاب كامل والسنة هُما الوحيان والأصلان اللذان يجمعان كل مريد للحق، وهُما الأصلان اللذان لا تعرف الالشريعة الاسلامية إلا من قبلهما ولا يعبد الله تعالًى إلا بعلمهما

المرجع والأصل الأول كتاب كامل الله تعالَى
الأصل الأول كلام الله تعالَى: نَملك فيه إسنادا مسلسلا بالسماع المنقول لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالآن نقرأه، ونسمعه، ونفهمه، ونستدل به، ونتحاكم إليه حيث تلقاه الْجمعُ في زماننا سَماعا عن الْجمع قبلهم، عن مثلهم إلَى منتهاه، حيث سَمعه الصحابة وحفظوه في الصدور منذ قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان سَماعه وحفظه من جبريل الروح الأمين، حمل كلام رب العالمين، فعَلَّمه سيد الْمرسلين، فالقرآن منقول إلينا بالسند المتصل المتواتر، في ثبوت قوته تفوق ثبوت الْجبال الراسيات
.

المرجع والأصل الثاني السنة (الحديث)
والأصل الثاني: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتقريرا ووصفا، ومنذ عهد الصحابة العدول كان الْحذر والْحيطة والدقة في نقل كل ما ينسب إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول إلَى عصر تدوين السنة في كتب ومصنفات فحسب بل إلَى عصرنا هذا، وكل من تصدّى لرواية شيء من السنة كان عُرْضَة لوضعه في ميدان النقد والبحث، فيطلبه النقاد ويفتشوا عنه حتى يقفوا على حاله من حيث العدالة والضبط، ولَم يستطع أحد تعرض للرواية أو نسبة شيء إلَى الدين أن يفلت من يد نقاد الحديث. وإليكم ما رواه مسلم في مقدمة كتاب كامله الصحيح بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)، وروى أيضا بسند حسن في الْمُقدمة عن محمد بن سيرين القاعدة الذهبية: (سَمُّوا لنا رجالكم)

لماذا يخافون السلفية؟!
وبما أَنّها قائمة علَى الكتاب كامل والسنة والأصولُ ظاهرة، فالضرورة تجعل من يعمل بها ظاهرُ الْهوية مُعلن الطريقة ولذا الدعوة السلفية والسلفيون يعملون على ظاهر الأرض لا في بطنها

أولا: السلفية جماعة معلنة وطريقة ظاهرة
أولا: إنّهم يخافون السلفية لأَنّها جماعة ظاهرة وروى مسلم في صحيحه (1920) من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أُمَّتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلَهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».
قال البخاري: هم أهل العلم،
وقال أحمد بن حنبل: إن لَم يكونوا أهل الحديث فلا أدري،
نؤمن بالعمل المعلن، ولا نبطن مذهبا دعوة شعارها الظهور، لا نكتم دينا، ولا نضمر شرا فلا تؤمن السلفية بعمل سريّ يعتزل جماعة الْمسلمين، ويتحين الفرص للنيل من الآخرين،
روى البخاري (6016)، ومسلم (46) في صحيحيهما من حديث أَبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: ومن يا رسول الله؟! قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه». والبوائق: الشر والظلم والهلكة، وينظر السلفيون إلَى الْمسلمين جماعة واحدة، لا نُحزّبَهم ولا نفرقهم، نَجمع الناس علَى ما جمعهم الله عليه ونفرقهم علَى ما فرقهم الله عليه

ثانيا: السلفية منهج قائم على النقد والتوثيق
ثانيا: إنّهم يخافون السلفية لأن بنائها قائم علَى اليقين والتوثيق فلا مجال للخيالات والخرافات والخزعبلات، ومحاولة اصطياد الناس بعيدا عن الدين الصحيح، ومن ثَمَّ يَسهلُ التحكم بالعقائد والأفهام وتحريفها

ثالثا: السلفية فاضحة العقائد والأفكار الْمُنحرفة
ثالثا: يَخافون السلفية لأنَّها تفضح الانحرافات وتكشف الزيف، فلا يكاد يظهر انْحراف في الأفق إلا وقد وقف له السلفيون بالْمرصاد وكشفوا زيفه، ولا يُحْدثُ بعض الناس بدعة ضلالة إلا حُدّدت معالمها بميزان الشرع، فهذا الذي أثارَ ذعرا وخوفا في أوساط الجماعات والأحزاب والتكتلات من طريقة السلفيين أصحاب الحديث والأثر، فلا يَملك هذه الآلة والأدوات إلا السلفيون، فهم أصحاب العلم وطلاب الْمعارف، أفنوا الأعمار في الدفاع عن حياض الإسلام، والذب عن السنة.
ولنا تكلمة للحديث في العدد المقبل بإذن الله، والحمد لله رب العالمين.
مادة التاريخ النشر: الاثنين 17/3/2014
جريدة الوطن (الكويت)





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©