كيف التعامل مع أهل الإلحاد والوجوديين ؟
الشيخ
عبد الرحمن السحيم حفظه الله.

السؤال.

السلام عليكم شيخنا.

شيخنا العزيز هنالك بعض الاشخاص معي في العمل تبينت من خلال بعض الكلام معهم انهم من الوجوديين ويتبعون اقوال اهل الكلام والفكر الماركسي ويقدمون العقل على النقل والنظريات على القرأن بل انهم يكادون يصرحون بأعتقادهم عن عدم وجود اله فكيف نتعامل معهم؟ فقد تناقشنا معهم وكانت النقاشات عقيمة..
ارجو بيان ضوابط التعامل مع مثل هؤلاء شيخنا الفاضل
وجزاكم الله خيرا.


الجواب.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

لا أعتقد وُجود مُلْحِد على الحقيقة ؛ لأن معرفة الله مغروزة في الفِطَر ، فقد أخذ الله ميثاق بني آدم حينما أخرجهم مِن ظهر أبينا آدم عليه الصلاة والسلام أمثال الذَّرّ ، وذلك في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ ، فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قَال َ: هَؤُلاءِ ذُرِّيَّتُكَ ). رواه الترمذي ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وسُئل عمر رضيَ اللّهُ عنه عُمَر بن الخطاب سُئل عن هذه الآية : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) ، فقال عمر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنَّ الله عز وجل خَلَق آدَم ثُم مَسَحَ ظَهْرَه بِيَمِينِه ، فاسْتَخْرَج مِنه ذُرّية ، فقال : خَلَقْتُ هَؤلاء للجَنَّة وبِعَمَلِ أهل الجنة يَعْمَلُون ، ثم مَسَحَ ظَهْرَه ، فاسْتَخْرَج مِنه ذُرّيّة ، فقال : خَلَقْتُ هؤلاء للنَّار وبِعَمَلِ أهْل النَّار يَعْمَلُون ..) الحديث .
رواه الإمام مالك ، ومن طريق مالك رواه : أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى .
قال الترمذي : هَذا حَدِيث حَسَن ، ومُسلم بن يَسار لم يَسْمَع مِن عُمر ، وقد ذَكَر بعضهم في هذا الإسناد بين مُسلم بن يَسار وبين عُمر رَجُلاً مَجْهُولاً . وقال مُحققو المسند : صحيح لِغَيْرِه .
وفي حديث هشام بن حكيم رضيَ اللّهُ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ). رواه ابن أبي عاصم والطبراني في "مسند الشاميين " وابن بطة في " الإبانة الكبرى " .

كل هذا يُؤكِّد أن كل إنسان يعرف الله ، وإن كابَر أو عاند ، حتى أعتى العُتاة ، وأكبر الطُّغاة ، والذي ادّعى الألوهية – فرعون – قد عُلِم أن دعاواه ما كانت إلاّ ظُلما وعُلوّا .
قال الله تعالى عن آل فرعون : (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) .
وكانت نهاية المطاف بِفِرْعون أن قال حين أدركه الغَرَق : (آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) .
فهذا هَدَم كل قول قاله ، وفضح كلّ دعوى ادّعاها .

وهكذا كلّ مَن ادّعى الإلحاد ، فهو في حقيقته يعلم أن هذا الكون لم يوجَد عبثًا ، وهو يعلم في نفسه أن لهذا المصنوع صانِع .

ومجادلة أصحاب الدعاوى الإلحادية بالحجة والبرهان العقليين ؛ وهذه طريقة القرآن في مُجادلة المشركين المعاندين ، وهي طريقة أهل العِلْم .

وإثبات أنه لا عقل صريح يُخالِف النقل الصحيح .

والله تعالى أعلم .


المصدر
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=104865





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©