ترجمة إمام الهدى أبي منصور الماتريدي رضي الله عنه
(توفي 333 هـ.)
قال عبد القادر بن محمد بن أبي الوفاء القرشي الحنفي (775هـ.) في كتاب كامله الجواهر المضية في طبقات الحنفية ما نصه: محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي ذكره صاحب الهداية. كان من كبار العلماء، تخرج بأبي نصر العياضي. كان يقال له إمام الهدى.اهـ. ومثل ذلك قال ابن قطلوبغا (879 هـ.) في تاج التراجم في من صنف من الحنفية، وفي الفوائد البهية في تراجم الحنفية للعلامة محمد عبد الحي اللكنوي الهندي ما نصه: محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي إمام المتكلمين ومصحّح عقائد المسلمين صنف التصانيف الجليلة وردّ على أكاذيب أقوال أصحاب العقائد الباطلة.اهـ.
وقال الإمام العلامة المحدث محمد مرتضى الزبيدي (1205 هـ.) صاحب تاج العروس شرح مفصل القاموس في كتاب كامله المشهور إتحاف السادة المتقين بشرح مفصل إحياء علوم الدين للإمام الغزالي (ج 2 ص 5) ما نصه:

وأما الإمام أبو منصور الماتريدي فهو محمد بن محمد بن محمود الحنفي المتكلم وماتريد ويقال ماتريت بالمثناة الفوقية بدل الدال في آخره محلة بسمرقند أو قرية بها ويلقب بإمام الهدى وترجمه الإمام المحدث محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر الله بن سالم بن أبي الوفا القرشي الحنفي في الطبقات المسمى بالجواهر المضيئة والإمام مجد الدين أبو الندى إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن موسى الكناني البلبيسي القاهري الحنفي في كتاب كامل الأنساب كل منهما على الاختصار وكذا يوجد بعض أحواله في انتساب كتب المذهب وحاصل ما ذكروه أنه كان إمامًا جليلاً مناضلاً عن الدّين موطدًا لعقائد أهل السنة قطع المعتزلة وذوي البدع في مناظراتهم وخصمهم في محاورتهم حتى أسكتهم، تخرّج بالإمام أبي نصر العياضي وكان يقال له إمام الهدى وله مصنفات منها كتاب كامل التوحيد وكتاب كامل المقالات وكتاب كامل ردّ أوائل الأدلة للكعبي وكتاب كامل بيان وهم المعتزلة وكتاب كامل تأويلات القرآن وهو كتاب كامل لا يوازيه فيه كتاب كامل بل لا يدانيه شيء من تصنيف من سبقه في ذلك الفن، وله غير ذلك وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة بعد وفاة أبي الحسن الأشعري بقليل وقبره بسمرقند كذا وجد بخط الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن المنير الحلبي الحنفي ووجدت في بعض المجاميع بزيادة محمد بن محمود وبالأنصاري في نسبه فإن صح ذلك فلا ريب فيه، فإنه ناصر السنة وقامع البدعة ومحيي الالشريعة الاسلامية كما أن كنيته تدلّ على ذلك أيضًا ووجدت في كلام بعض الأجلاء من شيوخ الطريقة له كان مهدي هذه الأمة في وقته ومن شيوخه الإمام أبو بكر أحمد بن إسحق بن صالح الجوزجاني صالح الفرق والتمييز وأما شيخه المذكور أبو نصر العياضي الذي تخرّج به فهو أحمد بن العباس بن الحسين بن جبلة بن غالب بن جابر بن نوفل بن عياض بن يحيى بن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الفقيه السمرقندي ذكره الإدريسي في مادة التاريخ سمرقند وقال كان من أهل العلم والجهاد ولم يكن أحد يضاهيه لعلمه وورعه وجلادته وشهامته إلى أن استشهد، خلّف أربعين رجلاً من أصحابه كانوا من أقران أبي منصور الماتريدي وله ولدان فقيهان فاضلان أبو بكر محمد وأبو أحمد، ومن مشايخ الماتريدي نصير بن يحيى البلخي ويقال نصر بكرامات سنة ثمان وستين ومائتين، ومن مشايخ الماتريدي محمد بن مقاتل الرازي قاضي الريّ حدّث عن وكيع وطبقته، فأما أبو بكر الجوزجاني وأبو نصر العياضي ونصير بن يحيى فكلهم تفقهوا على الإمام أبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني وهو على الإمامين أبي يوسف ومحمد بن الحسن وتفقه محمد بن مقاتل ونصير بن يحيى أيضًا على الإمامين أبي مطيع الحكم بن عبد الله البلخي وأبي مقاتل حفص بن مسلم السمرقندي وأخذ محمد بن مقاتل أيضًا عن محمد بن الحسن أربعتهم عن الإمام أبي حنيفة، قال ابن البياضي من علمائنا: وليس الماتريدي من أتباع الأشعري لكونه أول من أظهر مذهب أهل السنة كما ظن لأن الماتريدي مفصّل لمذهب الإمام أبي حنيفة وأصحابه المظهرين قبل الأشعري مذهب أهل السنة فلا يخلو زمان من القائمين بنصرة الدين وإظهاره كما في التبصرة النسفية، وكيف لا وقد سبقه أيضًا في ذلك الإمام أبو محمد عبد الله بن سعيد القطان وله قواعد وكتب وأصحاب ومخالفات للحنفية لا تبلغ عشر مسائل كما في سير الظهيرية، والإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم القلانسي الرازي وله أيضًا قواعد وكتب وأصحاب وألف الإمام ابن فورك ككتاب كامل اختلاف الشيخين القلانسي و الأشعري كما في التبصرة النسفية. اهـ. قلت أما عبد الله بن سعيد القطان فهو أبو محمد المعروف بابن كلاب بالضم والتشديد ويقال فيه عبد الله بن محمد أيضًا أحد الأئمة المتكلمين ووفاته بعد الأربعين ومائتين في ما يظهر، ذكره أبو عاصم العبادي الشافعي في طبقة أبي بكر الصيرفي وابن النجار في مادة التاريخ بغداد وذكر بينه وبين عباد بن سليمان مناظرة وعبّاد بن سليمان هذا من رؤوس المعتزلة وابن كلاب من أئمة السنة.اهـ. كلام الإمام الزبيدي رحمه الله .


الماتريدية :

هي احدى الفرق الاسلامية التي ظهرت في اوائل القرن الرابع في سمرقند، ودعت إلى مذهب أهل الحديث والسنّة وجمعت بين النقل والعقل، أسسها ابو منصور محمد بن محمد السمرقندي الماتريدي.

تعتمد أسس الماتريدية على المذهب الحنفي في العقائد والفقه و الكلام حيث تلقَّى مؤسس الفرقة أبو منصور محمد بن محمد الماتريدي السمرقندي العلم والحديث على يد نصير بن يحيى البلخي وابي نصر أحمد بن العياضي ومحمد بن مقاتل الرازي وجميعهم من كبار علماء المذهب الحنفي.

كان لأنصار أبي منصور الماتريدي الدور المهم في انضاج المذهب ونصرته ونشره وإشاعته، فقد كافحوا الحشوية والوهابية على مر التأريخ وخصوصاً في عصر الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري، وكان على رأسهم في تحمل تلك المسؤولية الجسيمة كبار علمائهم ومفكريهم أمثال : أبي اليسر محمد بن محمد البزدوي وأبي المعين محمد بن محمد النسفي ونجم الدين عمر بن محمد الحنفي النسفي وغيرهم من العلماء.

و كان أبو منصور محمد الماتريدي معاصراً لأبي الحسن الأشعري هذا في سمرقند وذاك في البصرة وكان عصرهما مليئا بالحركات الدينية، كالصوفية ورجال التصوف الكبار أمثال : أبي يزيد البسطامي والجنيد والحلاج، كما نشطت فيه الحركات الشيعية، وكانت حركة الاعتزال في آخر أيامها، وكان لكل مذهب علماء يؤيدونه ويأخذون بمناصرته، وقد اتفق الماتريدي والأشعري على كثير من المسائل الأساسية واُلفت كتب في حصر المسائل التي اختلف فيها الماتريدي والأشعري ربما أوصلها بعضهم إلى أربعين مسألة.

قال أبو زهرة: «إنّ منهاج الماتريدية للعقل سلطان كبير فيه من غير أيّ شطط أو إسراف ، والماتريديّة في خطّ بين المعتزلة والأشاعرة...».

قال الشّيخ محمّد زاهد الكوثري: «الماتريديّة هم الوسط بين الأشاعرة والمعتزلة، وقلّما يوجد بينهم متصوّف، فالأشعريّ والماتريدي هما إماما أهل السنّة والجماعة في مشارق الأرض ومغاربها، لهم كتب لا تحصى، وغالب ما وقع بين هذين الإمامين من الخلاف من قبيل اللّفظي».

والحمد لله رب العالمين.







©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©