إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا
و سيّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله

أما بعد فقد نُقل للشيخ الألباني رحمه الله أقوال لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
في العذر بالجهل و ردّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب
على من يتهمه بتكفير المجتمعات ، و تعليق الشيخ ناصر عليها ..


العبيلان: هنا -سلمك الله- عبارة أريد أن أقرئها عليك لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
-عليه رحمة الله-.

الشيخ الألباني: رحمه الله.
العبيلان: في كتاب كامل الشيخ الفاضل: (صالح العبود)؛ يقول:
"والشيخ( أي محمد بن عبد الوهاب ) يُكفِّر من كفر بإجماع المسلمين، وهو الذي قامت عليه الحجة،
ولا
يكفر من لم تقم عليه الحجة".
الشيخ الألباني: تمام.
العبيلان: حتى إن الشيخ( محمد بن عبد الوهاب) قال -عليه رحمة الله-: "إنَّ أوَّل الأركان الخمسة للإسلام:
الشهادتان، وقد أجمع العلماء على كفر تاركها ووجوب قتاله، أما الأربعة الباقية فإذا أقر
الإنسان بها وتركها تهاونًا، فنحن وإن قاتلناه على فعلها؛ فلا نكفره بتركها".

الشيخ الألباني: ما شاء الله!
العبيلان: "لأن العلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود".
الشيخ الألباني: ما شاء الله!
العبيلان: أيضًا هنا عبارة أخرى ثم تُعلِّق -سلمك الله- ينقل شيخ الإسلام محمد بن عبد
الوهاب عن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "لما استحل طائفة من الصحابة والتابعين الخمر؛
كقدامة وأصحابه، ظنوا أنها تباح لمن عمل عملاً صالحًا على ما فهموه من آية المائدة،
اتفق علماء الصحابة كعمر وعلي وغيرهما على أنهم يستتابون فإن أصروا على الاستحلال؛
كفروا، وإن أقروا بالتحريم جُلِدُوا، فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء لأجل الشبهة حتى يُبيَّن
لهم الحق، فإن أصروا كفروا؛ ولهذا كنت أقول للجهمية -الذين نفوا أن يكون الله فوق
العرش-: أنا لو وافقتكم كنت كافرًا، وأنتم عندي لا تكفرون".

الشيخ الألباني: تمام.
العبيلان: "لأنكم جهال".
الشيخ الألباني: ما شاء الله!
العبيلان: "ونحن نعلم بالضرورة –هذا كلام الشيخ الآن لعله كلام الشيخ محمد بن عبد
الوهَّاب- أنَّ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته -أو لعل هذا كلام شيخ الإسلام-
أن يدعو أحدًا من الأحياء ولا الأموات ولا الأنبياء ولاغيرهم، لا بلفظ الإستغاثة، ولا بلفظ
الإستعاذة ولا غيرهما، كما أنه لم يشرع لهم السجود لميت، ولا إلى غير ميت ونحو ذلك؛
بل نعلم أنه نهى عن ذلك كله، وأنه من الشرك الذي حرمه الله ورسوله؛ لكن لغلبة
الجهل
وقلة العلم بآثار الرسالة.

الشيخ الألباني: الله أكبر!
العبيلان: في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك؛ حتى يبين لهم ما جاء به الرسول
صلى الله عليه وآله وسلم؛ ولهذا ما بينت هذه المسألة قط لمن يعرف أصل دين الإسلام
إلا تفطن له؛ وقال: هذا أصل دين الإسلام، وكان بعض أكابر الشيوخ العارفين من أصحابنا
يقول: هذه أعظم ما بينته لنا".

الشيخ الألباني: الله يجزيه الخير، هذا كلام شيخ الإسلام أكيد.
العبيلان: هذا كلام شيخ الإسلام نعم، عاد هنا كلام لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
لو أذنت لي يا شيخ!

الشيخ الألباني: تفضل.
العبيلان: حينما اتُهِمَ أنَّه يُكفِّرُ المسلمين قال: "وأمَّا الكذب والبهتان؛ فمثل قولهم: إنا نكفِّر
بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنَّا نُكفِّر من لم يُكفِّر
ومن لم يُقاتِل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه -يعني: زعمهم أنه يكفر من لم يقم عليه الحجة
ونحو ذلك يقول الشيخ-؛ فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله
ورسوله، وإذا كنا لا نُكفِّر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر
أحمد البدوي وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبِّهُهم؛ فكيف نُكفِّر من لم يشرك بالله
إذا لم يهاجر إلينا، ولم يُكفِّر ويُقاتِل؟! سبحانك! هذا بهتان عظيم!".

الشيخ الألباني: سبحان الله! هذا كلام عظيم جدًا، وأنا أقول:
«فهذا الحقُّ ما به خفاء .. فدعني عن بنيات الطريق»
لقد قلنا في كثير من المجالس -وإخوانا الحاضرين يعرفون هذا- وخاصة هؤلاء النابتة
الجديدة التي ديدنها هو تكفير حكام المسلمين؛ وبالتالي المحكومين، يقولون عنا بأننا نُكفِّر
الجماهير، ولا نُكفِّر الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله.
حكمنا بالنسبة للحكم بغير ما أنزل الله معروف ولا حاجة للخوض فيه؛ لكن أنا قصدي
أن أقول: أنا لا أُكفِّر هؤلاء العامة الذين يطوفون حول القبور لغلبة الجهل.



بل وقلت -ولعلَّ الأخ أبو الحسن يذكر هذا-: إنني أتعجب من بعض العلماء الذين يقولون
بأنه لا يوجد اليوم أهل فترة؛ فأنا أقول: أهل الفترة موجودون خاصة في بلاد الكفر أوروبا
وأمريكا إلى آخره.

بل أنا أقول قولةً ما أظن أحد يقولها اليوم؛ أنا أقول: أهل الفترة موجودون بين ظهرانينا؛
وأعني: هؤلاء الجهلة الذين يجدون من يؤيد ضلالهم: استغاثتهم بغير الله، ونذرهم لغير الله،
وذبحهم لغير الله، ويسمُّون هذه الشركيات كلها بتوسل. والتوسل كما تعلمون نوعان.
فهؤلاء من أين لنا أن نُكفِّرهم وهم لم تبلغهم دعوة الكتاب كامل والسنة؛ أعني: هؤلاء العامة
والمضللون من بعض الخاصة، والبعض الآخر قد يوجدون في بلد ولا يوجدون في بلد
آخر؛ ولذلك فهذا الكلام الذي تلوته عليَّ آنفًا، أنا متأثر به جدًا جدًا؛ حتى قلت هذه الكلمة:
أن أهل الفترة اليوم يعيشون بين ظهرانينا، يصلون معنا، ويصومون ويحجون؛ لكنهم
ما يفقهون ماذا يقولون، حينما يقولون: أشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله،
فهو -كما أشرتم في كلامكم وفيما قرأتم- لابد قبل كل شيء من تحققنا من علم هذا المتكلم
بأنه عالم بما يقول، ويعني ما يقول، فإذا انتفى أحد الأمرين؛ لم يجز لنا بحقه إلا التعزير.
ومنذ أيام قريبة جرى بحث بيني وبين أحد الإخوان ردًا على هؤلاء الذين يبادرون
إلى تكفير الحكام -وكما يقولون عندنا في سوريا: "بالكوم"؛ بالجملة يعني- ينسب إلينا
بعض هؤلاء الخارجين (ثم تكلم الشيخ بالهاتف).

بينت له خطورة التكفير -لهذا الذي كنا نتناقش معه- وأشرت إلى هؤلاء الذين يفترون
علينا الكذب، كما افتروا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره، ولنا أسوة بالأنبياء
والرسل كما هو معلوم بالقرآن؛ قلت: إذا رأينا مسلمًا -نعرف أنه مسلم-، رأينا مسلمًا
داس المصحف بقدمه -لا شك هذا أمر منكر؛ لكن لا يجوز أن نسارع إلى إصدار الحكم
بتكفيره؛ حتى نتثبت أنه
أولاً: فعل هذا الفعل وهو يريد إهانة المصحف، وهو عارف
أن هذا الكتاب كامل الذي يدوسه بقدمه هو القرآن الكريم؛ فإذا كان عارفًا بأنه القرآن الكريم
وقاصدًا إهانته؛ فهذا كفره كفر ردة؛ لكن مادام أنه يحتمل ألا يكون هذا القرآن
هو كلام الله، أو هذا الكتاب كامل الذي داسه بقدمه يحتمل أنه ليس كتاب كامل الله؛ ثم مع الإحتمال
آخر يحتمل أنه كتاب كامل الله، وهو أراد أن يستهزئ به وأن يهينه فهذا ردة، أما إذا فعل
ذلك في حالة ثورة غضبية فهو لا يدان؛ وإنما أيضًا يعزر.

وأنا أذكر في مثل هذه المناسبة أنني لا أفرق في النتيجة وفي العاقبة بين أن يأخذ الرجل
المصحف ويدوسه أو أن يضرب به الأرض، كلٌ من الصورتين لا بد من تطريق
كل من الإحتمالين.

الأول: أنه يدري أنه هذا كلام الله.
وثانيًا: أنه يقصد الإهانة والاستهزاء بكلام الله؛ وإلا فنحن نقرأ في القرآن الكريم
بأن كليم الله موسى ضرب الألواح في الأرض؛ فهل هذا يعتبر كفرًا وكفر ردة؟
حاشا، لكن هو لغيرته على التوحيد، ولما رأى قومه قد عبدوا العجل؛ ثارت ثورته
غيرة على التوحيد، ووقع منه ما وقع؛ لكن هذا الذي وقع ليس بقصد منه، القصد
هو الأساس في المحاسبة والمعاقبة، فإذا لم يوجد هذا القصد مقترنًا مع اللفظ؛ لم يجز
المبادرة إلى التكفير؛ وإنما إلى التعزير، نعم.

العبيلان: لعل هناك صورة تبين بوضوح ما أردتم الإشارة إليه
قد نرى رجلين كلاهما يمزق المصحف؛ فنعطي هذا حكمًا، وهذا حكمًا آخر.
الشيخ الألباني: تمام.
العبيلان: فهذا أراد تمزيقه إكرامًا له وحتى لا يهان فله حكمه، وذاك أراد تمزيقه
لما علمنا من نيته إهانةً له فله حكمه.

الشيخ الألباني: جميل جدًّا؛ إذن "إنما الأعمال بالنيات". هو هذا. أحسنت.
علي حسن: كلمة ابن القيم وجدناها؛ فلعل أخونا أبو أحمد يضيفها في الشريط
بطريقته الخاصَّة.

الشيخ الألباني: جميل.

-----------


العبيلان:
وأيضًا هذا كلام لابن القيم يدل على ما تقدم من كلام سماحة الشيخ العلامة
محمد بن إبراهيم -رحمه الله-: يقول ابن القيِّم: "وسأله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن
علاط؛ فقال: إن لى بمكة مالاً، وإن لي بها أهلاً، وإني أريد أن آتيهم؛ فأنا في حل إن أنا
نلت منك أو قلت شيئًا؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء"
ذكره أحمد -وإسناده من كتاب كاملك يا شيخ!-.

وفيه دليل على أن الكلام إذا لم يرد به قائلة معناه: إما لعدم قصده له، أو لعدم علمه به،
أو أنه أراد به غير معناه؛ لم يلزمه مالم يرده بكلامه.

الشيخ الألباني: الله أكبر!
العبيلان: وهذا هو دين الله الذي أرسل به رسوله؛ ولهذا لم يلزم المكره على التكلم بالكفر
الكفر، ولم يلزم زائل العقل بجنون أو نوم أو سكر ما تكلم به، ولم يلزم الحجاج بن علاط
حكم ما تكلَّم به.

الشيخ الألباني: ما شاء الله!
العبيلان: ولم يلزم الحجاج ابن علاط حكم ما تكلم به؛ لأنه أراد به غير معناه، ولم يعقد قلبه
عليه؛ وقد قال تعالى:
﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ،
وفي الآية الأخرى:
﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ؛ فالأحكام في الدنيا والاخرة مرتبة
على ما كسبه القلب وعقد عليه، وأراده من معنى كلامه."

الشيخ الألباني: هذا هو الحق، ما شاء الله!
العبيلان: (ص:403 / المجلد: 4) من إعلام الموقعين.
الشيخ الألباني: يعطيكم العافية، وجزاكم الله خيرًا. كلام العلماء -يا سيدي!- ينطبق
عليه "خير الكلام ما دخل الأذن بغير إذن". جزاك الله خيرًا.




















©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©