العقيدة الصحيحة هي أصل الدين وأساس الملة

س: الأخ/ س.ع. م. ل. من الحبشة ، مقيم في مدينة جدة ، يسأل ويقول: لقد تعلمت في بلدي الحبشة بعض العلوم الدينية ، ولكني لا أعلم صحتها خاصة فيما يتعلق بالعقيدة ، إذ تتخللها بعض التوهيمات الصوفية ، أدركت هذا بعد قدومي إلى هذا البلد. أرجو توجيهي جزاكم الله خيرًا .

ج : العقيدة أهم الأمور ، وهي أصل الدين وأساس الملة ، وهي التي بدأ بها الرسل عليهم الصلاة والسلام أممهم ، وبدأ بها نبينا - صلى الله عليه وسلم -

(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 20)
أمته ، فمكث في مكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى توحيد الله ، والإخلاص له ، والإيمان بأسمائه وصفات جزائريةه ، وأنه رب العالمين ، وأنه الخلاق العليم ، وأنه المستحق للعبادة ، وكانت العرب تعرف أن الله رب العالمين ، وأنه خالقهم ولكنهم يتخذون معه الأنداد والآلهة؛ من الشجر والحجر والأصنام وبني آدم والجن ، وغير ذلك. فبين لهم - صلى الله عليه وسلم - أن العبادة حق الله وحده ، وأن الواجب عليهم إخلاص العبادة لله وحده ، وقال: يا قومي قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا . فلما قال لهم هذا استنكروا ذلك ، وأنزل الله في حقهم قوله تعالى عنهم أنهم قالوا : .
فالعقيدة هي أهم الأمور ، وهي أساس الدين ، فالواجب على طالب العلم أن يعتني بها حتى يتقنها على بصيرة ، وحتى يعلمها على بينة.
والخلاصة في ذلك أن الذي عليه أهل السنة والجماعة وهو الذي بعث الله به الرسل وبعث به خاتمهم نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام؛ هو الإيمان بالله وحده ، وإخلاص العبادة له جل وعلا ، والإيمان بأنه مستحق للعبادة ، ولا يدعى إلا هو ، ولا يستغاث إلا به ، ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يتقرب بالذبائح والنذور إلا له سبحانه وتعالى. إلى غير هذا من العبادات كما قال سبحانه: .

(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 21)
وقال تعالى: ، وقال تعالى: ، وقال عز وجل: (162) .
وهذه العبادة خلق الله من أجلها الثقلين ، كما قال سبحانه: . المعنى ليخصوني بالعبادة وبالدعاء ، وبالخوف والرجاء والتوكل ، والصلاة والصوم ، والذبح والنذر ، ونحو ذلك.
وبعث الله الرسل بذلك سبحانه و تعالى ، قال تعالى : . والطاغوت : كل ما عبد من دون الله ، قال سبحانه: .
فالتقرب إلى أصحاب القبور؛ بالذبائح أو بالنذور أو بالدعاء ، أو طلب الشفاء أو المدد ، هذا من الشرك بالله عز وجل ، ويناقض قول: لا إله إلا الله. فالواجب على المسلمين أن يعبدوا الله وحده ، وأن يخصوه بدعائهم وخوفهم ، ورجائهم وذبحهم ونذرهم ، وصلاتهم وصومهم ، ونحو ذلك ، أما الأموات المسلمون فيدعى لهم بالمغفرة
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 22)
والرحمة ، تزار قبورهم للذكرى؛ لذكر الآخرة ، وذكر الموت ، وللدعاء لهم: اللهم اغفر لهم واللهم ارحمهم. فقد كان النبي يزور القبور عليه الصلاة والسلام ، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة ، ويقول: زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة . وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين .
فعلم أصحابه أن يدعوا للأموات ، ويستغفروا لهم ، ويترحموا عليهم ، لا أن يدعوهم مع الله ، ولا أن يستغاث بهم ، ولا أن يطلب منهم المدد ، فإنهم عاجزون عن ذلك ، هذا بيد الله سبحانه وتعالى؛ هم في حاجة إلى الدعاء لهم ، في حاجة إلى أن يدعو لهم أخوهم المسلم ، وأن يستغفر لهم. كان يزور البقيع عليه الصلاة والسلام ، ويقول: السلام عليكم أهل الديار من القوم المؤمنين ، غدا مؤجلون وأتاكم ما توعدون ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد يدعو لهم عليه الصلاة والسلام ، هذا هو الواجب ،
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 23)
وهذا هو المشروع في زيارة الموتى؛ الدعاء لهم ، والترحم عليهم ، والاستغفار لهم. أما أن يطلب منهم المدد ، ويقول: المدد المدد يا فلان. فإن هذا من الشرك الأكبر ، أو: يا سيدي ، اشف مريضي ، يا سيدي البدوي يا سيدي الحسين . أو: يا فلان ، أو يا فلانة. أو: اشف لنا مرضانا. أو: المدد المدد. أو: انصرنا. أو ما أشبهه ، فهذا لا يجوز ، بل هذا من أنواع الشرك الأكبر ، وهكذا إذا فعلها مع الأصنام أو مع الأشجار أو مع الجن ، كله شرك بالله سبحانه وتعالى ، أما الحي فلا بأس أن يطلب منه ما يقدر عليه من الأمور العادية ، الحي الحاضر ، القادر ، تقول: يا أخي ، ساعدني على كذا ، أقرضني كذا ، امنعني من خادمك؛ لأنه آذاني ، أو ولدك ، أو زوجتك ، انههم عني ، لا تؤذني بكذا. حتى يمنعه من الأذى ، الشيء المعتاد لا بأس به بين الناس ، وليس من الشرك ، إنما الشرك طلب الأموات ، والاستغاثة بالأموات أو بالغائبين ، يعتقد أن فيهم سرا وأنهم يسمعونه من بعيد ، يدعوهم يطلبهم المدد ، هذا هو الشرك الأكبر ، أما حي حاضر قادر تخاطبه في أمور يقدر عليها ، أو تكتب إليه ، أو بالهاتف بالتليفون ، تقول: أقرضني كذا. أو ساعدني في مزرعتي في كذا. أو: بعني كذا. أو: ماذا ترى في كذا. تشاوره في كذا ، هذه أمور عادية بين المسلمين وغير المسلمين ، بين الأحياء سواء كان من طريق المشافهة ، أو من طريق المكاتبة ، أو من طريق الهاتف - التليفون - أو البرقية ، أو ما أشبه ذلك. هذه أمور عادية ليس فيها بأس ، إنما المنكر والشرك أن تدعو الأموات ، أو الأصنام أو
(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 24)
الأحجار أو الأشجار ، تدعوهم تسألهم الشفاعة ، تسألهم الغوث ، المدد ، أو الغائبون عنك الذين لا يسمعونك ، تعتقد فيهم أنهم يسمعونك ، وأن لهم سرا ، أو تدعو الجن ، أو ما أشبه ذلك ، هذا هو المنكر ، هذا هو الشرك الذي أنكرته الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وأنكره نبينا عليه الصلاة والسلام ، وبعث الله الرسل بإنكاره والتحذير منه ، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير ، وأن يبصر المسلمين بما فيه رضاه ، وأن يهدي جميع المسلمين للفقه في الدين.



فتاوى نور على الدرب









©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©