بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى.

الأمة الإسلامية ليس معظمها أشاعرة ولا ماتُريدية لا في القديم ولا في الحديث ،
بل فيها طوائف ضالة ومذاهب منتشرة كالمعتزلة الجهمية ، والصوفية المنحرفة ، والرافضة الكفرة ، وغيرهم .

ان أئمة المذاهب لم يكونوا لا أشاعرة ولا ماتُريدية لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم من الأئمة المجتهدين ،

بل كانوا من أئمة السلف أهل السنة والجماعة كالإمام الليث بن سعد إمام أهل مصر ، والإمام الأوزاعي إمام أهل الشام ،
والإمام إسحق بن راهويه إمام خراسان ، والإمام سفيان الثوري إمام العراق ، والإمام المجاهد عبدالله بن المبارك ،
وأئمة البصرة في زمانهم حماد بن سلمة وحماد بن زيد ، وإمام سمرقند الحجة عبدالله بن عبدالرحمن الدار مي
السمرقندي وأئمة اليمن الحفاظ معمر بن راشد الأزدي
وعبدالرزاق الصنعاني ، وأئمة الحديث الجهابذة الراسخين علي بن المديني وأبو زرعة الرازي وأبو حاتم الرازي
ويحيى بن معين ، ويحي القطان وشعبة بن الحجاج الأزدي ، وإمام الدنيا في زمانه الإمام البخاري صاحب الصحيح
وصحيحه يشهد بذلك ، وتلميذه الإمام الحافظ مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح أيضاً ، وبقية أصحاب
الكتب الستة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ، وخاتمة الجهابذة إمام المسلمين
في زمانه أبو الحسن الدارقطني وخليفته من بعده الخطيب البغدادي ، وإمام الأئمة ابن خزيمة
والإمام ابن حبان والإمام الحاكم …

وغيرهم كثير ولله الحمد فلم يكونوا لا أشاعرة ولا ماتُريدية ،
بل سلفيين أهل السنة والجماعة .

[3] أن المالكية والشافعية ليسوا أشاعرة وليس الحنفية ماتُريدية ،
ولنضرب لذلك أمثلةً يتبين فيها ذلك :

أما المالكيةفالإمام مالك رحمه الله تعالى لم يكن أشعرياً لا هو ولا تلاميذه الذين أخذوا عنه
كابن القاسم وسحنون وبشر بن عمر الزهراني ، ولا الذين رووا عنه الموطأ كالإمام يحيى الليثي
وأبي مصعب الزبيري ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهم كثير ، وأما أتباع مذهبه من الأئمة الكبار
فلم يكونوا أشاعرة بل كشيخهم وإمامهم من أئمة السلف ، فمنهم : إمام المالكية في زمانه قاضي
بغداد الإمام المشهور إسماعيل بن اسحاق القاضي أحد أحفاد الإمام الثبت حماد بن زيد ، وإمام المالكية
في العراق في زمانه القاضي عبدالوهاب المالكي ، وإمام المالكية في زمانه الذي كان يُقال له
مالك الصغير الإمام عبدالله بن أبي زيد القيرواني ، والإمام العلامة أبو عمرو الطلمنكي ،
والإمام أبو بكر محمد بن وهب المالكي ، والإمام الحجة أبو عبدالله المشهور بابن أبي زمنين ،
وحافظ المغرب في زمانه إمام الأندلس بل المغرب الحجة العلامة أبو عمر بن عبدالبر ،
وغيرهم كثير ومن المتأخرين من المالكية وإن كان يُعتبر من الأئمة المجتهدين والجهابذة
الراسخين الذي كان معدوم النظير في عصرنا الحاضر الإمام العلامة أبو عبدالله
محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي ، وكتاب كاملهُ في التفسير
[ أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ] شاهدٌ على ذلك وعلى تقدمه وعلو منزلته .

وأما الشافعية : فإن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى لم يكن أيضاً أشعرياً
لا هو ولا تلاميذه الذين أخذوا عنه كالإمام إسماعيل بن يحيى المزني ،
والإمام الربيع بن سليمان المرادي ، وكالإمام البويطي وغيرهم ،
وأما أتباع مذهبه الكبار الجهابذة فلم يكونوا أشاعرة بل أئمة سلفيين من أهل السنة والجماعة
أمثال : إمام الشافعية في زمانه أبي العباس بن سريج ، وإمام الشافعية في زمانه أبي العباس سعد بن علي الزنجاني
، والإمام حجة الإسلام أبي أحمد الحداد ، وإمام الشافعية في زمانه إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي
، وكالإمام الحجة أبي بكر بن المنذر ، والإمام المشهور الذي كان يقال له الشافعي الثاني
أبو حامد الإسفراييني،وصاحبه الإمام العلامة الحجة شيخ الإسلام أبي القاسم الطبري اللالكائي
وانظر كتاب كامله [ شرح مفصل أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة] والإمام المشهور
إمام المسلمين في زمانه أبي عبدالله محمد بن نصر المروزي ،
وكذلك الأئمة حُفاظ عصرهم أبو الحجاج المزي ، والإمام علم الدين البرزالي
وأبو عبدالله الذهبي مؤرخ الإسلام ومفيد الشام ، والإمام الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الشافعي ،
ومن المتأخرين من الشافعية الإمام العلامة أحمد بن عبدالقادر الحِفظي وغيرهم كثير ولله الحمد .

وأما الحنفية : فإمامهم الإمام الفقيه أبو حنيفة النعمان رحمه الله تعالى لم يكن ماتُريدياً
لا هو ولا تلامذته الجهابذة أمثال : محمد بن الحسن الشيباني أحد رواة موطأ الإمام مالك ،
والقاضي أبي يوسف وغيرهم ، وأما أتباع مذهبه الجهابذة الكبار فلم يكونوا
لا ماتُريدية ولا أشعرية ، بل أئمة سلفيين أمثال :
الإمام الفقيه هشام ابن عُبيدالله الرازي عالم الري في زمانه ، والإمام العلامة المحدث الفقيه إمام الحنفية
في زمانه بل محدث الديار المصرية وفقيهها الإمام أبو جعفر الطحاوي ، وعقيدته المسماة» بالعقيدة الطحاوية
«مشهورة بين العلماء وطلبة العلم ، وأفضل من شرح مفصلها من العلماء الحنفية
الإمام العلامة القاضي ابن أبي العز الحنفي وأما من المتأخرين من علماء الحنفية
بل من علماء العلم الإسلامي الإمام المجتهد العلامة محمد بن صديق بن حسن خان القنُّوجي ،
فقد أبان عن مذهب السلف في كتاب كامله القيم » الدين الخالص « وهناك غيرهم من أئمة السلف .

وأما أتباع المذاهب الأخرى كالمذهب الزيدي مثلاً فقد ظهر منهم عُلماء اختاروا مذهب السلف
وأيدوه ودافعوا عنه وردوا على من خالفه ، حتى على نفس المذهب الزيدي الذي نشأوا في بداية حياتهم عليه ،
ومن هؤلاء العلماء :
السيد الإمام العلامة محمد بن إبراهيم بن عبدالله المشهور بابن الوزير المتوفى سنة 840 صاحب كتاب كامل»
العواصم والقواصم في الذب عن سُنة أبي القاسم « وكذلك الإمام
العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني المتوفى 1182 صاحب كتاب كامل» سُبل السلام شرح مفصل بلوغ المرام «
وكذلك الإمام العلامة المجتهد القاضي محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة 1250
ورسالته المسماة » بالتحف في مذاهب السلف تدل على ذلك

قول الدكتور : » وكل علمائنا وأئمتنا الكبار من هؤلاء …
« - يقصِد الأشاعرة والماتُريدية - و ذكر منهم : الاسفراييني ، والجويني ،
والباقلاني ، والغزالي ، والآمدي ، وابن حجر العسقلاني ، وأبو الوليد الباجي ،
وغيرهم من العلماء ، وسنبين إن شاء الله هُنا حال بعض الذين ذكرهم ، وحال غيرهم
ممن اتبع سبيلهم ونهج طريقهم حتى يتبين لنا الحق في ذلك من غيره والله وحده المستعان .

[1] أن الأئمة الكبار ، والعلماء الجهابذة الفخام لم يكونوا لا أشاعرة
ولا ماتُريدية ولا معتزلة جهمية ولا رافضة ولا خوارج ولا قرامطة
ولا باطنية ولا غير ذلك من الفرق المنحرفة الضالة ، بل هم أئمة
سلفيين أهل سُنةٍ وجماعة كما مر معنا في الوقفة العاشرة .

[2] أن العلماء الذين ذكرهم لا يصلون في الفضل والعلم إلى
مرتبة الأئمة الأربعة ولا أئمة الحديث والفقه والذين ذكرنا بعضاً منهم في الوقفة العاشرة .
أن الماتُريدي والمنتسبين إليه وكثيراً من المنتسبين للأشعري هم في الحقيقة موافقون
للمعتزلة والجهمية في كثير من أقوالهم التي تقلدوها ، وبيان ذلك فيما يلي :

إن أول من أنكر صفات الله تعالى في دار الإسلام هو الجعد بن درهم
، فقد أنكر صفة محبة الله تعالى لعباده المؤمنين وأنكر كلام الله تعالى
،فقتله الأمير خالد بن عبدالله القسري في عيد الأضحى حيث خطب الناس وقال :
أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم ،
فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله
عما يقول الجعد علواً كبيرا ، ثم نزل فذبحه كما تذبح الشاة ، ثم أخذ هذه المقالة الخبيثة
الجهم بن صفوان تلميذ الجعد بن درهم ونشرها بين المسلمين فنُسبت هذه البدعة إليه فسُميت
ببدعة الجهمية ، وكل من قال بذلك فهو جهمي ، ثم أخذ هذه البدعة الضال بشر بن غياث المِريسي
الجهمي وحاول نشرها بين المسلمين ، فرد عليه عُلماء السلف الجهابذة الأجلاء أهل السنة والجماعة ،
وصاحوا بهم من كل مكان وبدَّعوهم وكفروهم وضللوهم على هذه البدعة التي انتشرت بين بعض عوام المسلمين ،
بل وصلَ أثرها السيء إلى بعض المنتسبين للعلم من أتباع الأئمة الأربعة حتى أدى ذلك بهم إلى تأويل صفات الله تعالى
بزعم أن ظاهرها يقتضي التشبيه ، وهذا القول أول من عُرف به هم الجهمية وأتباعهم من المعتزلة وأهل الكلام
،قال شيخ الإسلام ابن تيمية:» وهذا القول أول من عُرف به هم الجهمية والمعتزلة وانتقل منهم
إلى الكُلاَّبية والأشعرية والسالمية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة : كأبي الحسن التميمي ،
وابنه أبي الفضل ، وابن ابنه رزق الله ، والقاضي أبي يعلى ، وابن عقيل ، وأبي الحسن بن الزاغوني ،
وأبي الفرج ابن الجوزي ، وغير هؤلاء من أصحاب أحمد وإن كان الواحد من هؤلاء قد يتناقض في كلامه ،
وكأبي المعالي الجويني وأمثاله من أصحاب الشافعي ،وكأبي الوليد الباجي وطائفة من أصحاب مالك ،
وكأبي الحسن الكرخي وطائفة من أصحاب أبي حنيفة « . [ مجموع الفتاوى ( 5 / 576 ) ]

ولهذا كان من الواجب أن نبين بعض حال هؤلاء الذين سماهم الدكتور ووصفهم أنهم من
أهل السنة والجماعة ، فنبدأ بالأشعري فنقول وبالله التوفيق :

الأشعري ( أبو الحسن ) رحمه الله تعالى المتوفى سنة 324 هـ
فقد كان في مبدأ أمره يقول بقول المعتزلة الذين منهم شيخه وزوج أمه
أبو علي الجبائي رأس المعتزلة وهذا الذي أثر فيه وجعله يتمسك بمذهب المعتزلة أربعين سنة ،
ثم بعد ذلك تحول عنه إلى مذهب الكُلابية أتباع أبي محمد عبدالله بن سعيد بن كُلاب ، وتاب من
القول بمذهب المعتزلة وجعل يرد عليهم ويفضح مذاهبهم وأقوالهم ، فألف في هذه الفترة كتبه : »
اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع « و » كشف الأسرار وهتك الأستار « وغيرها من الكتب
« [ انظر الفهرست لابن النديم ص 257 وكذلك تبيين كذب المفتري لابن عساكر ص 39 – 42 ]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:» وكان أبو الحسن الأشعري لما رجع عن الاعتزال سلك طريق أبي محمد بن كُلاَّب
« [ مجموع الفتاوى ( 5 / 556 )] »وذكر الإمام الذهبي أن الأشعري لحقَ بالكلابية وسلك طريقهم
« [ سير أعلام النبلاء ( 11 / 228 ) ]

وقال العلامة ابن القيم بعد أن ذكر ابن كُلاب:» ونصر طريقته أبو العباس القلانسي وأبو الحسن الأشعري
وخالفه في بعض الأشياء ولكنه على طريقته في إثبات الصفات والفوقية وعلو الله على عرشه
«[ اجتماع الجيوش الإسلامية ص 257 ] ولذلك أثر فيه هذا في ترك مذهب المعتزلة والقول بما يوافق السلف في غالب مذهبهم ،
وإن كان له أقوال وافق فيها الجهمية وذلك بسبب عدم إحاطته بمذهب السلف
في كل ما يقولون به إحاطةً كاملةً ، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية :» وأما ابن كُلاَّب والقلانسي والأشعري
… هؤلاء معروفون بالصفاتية ، مشهورون بمذهب الإثبات ، لكن في أقوالهم شيء من أصول الجهمية …
« [مجموع الفتاوى (12 / 206 ) ]
وقال أيضاً:» وأبو الحسن الأشعري نصر قول
» جهم « في» الإيمان « مع أنه نصر المشهور عن» أهل السنة « أنه : »
يستثني في الإيمان «… وهو دائماً ينصر – في المسائل التي فيها النـزاع بين أهل الحديث وغيرهم –
قول أهل الحديث ، لكنهُ لم يكن خبيراً بمآخذهم ، فينصره على مايراه هو من الأصول التي تلقَّاها عن غيرهم ،
فيقع في ذلك من التناقض ما ينكره هؤلاء وهؤلاء ، كما فعل في مسألة الإيمان
نصرَ فيها قول جهم مع نصره للاستثناء ولهذا خالفهُ كثير من أصحابه في الاستثناء واتَّبعه أكثر أصحابه
على نصر قول جهم في ذلك ، ومن لم يقف إلا على كُتُب الكلام ولم يعرف ماقاله السلف وأئمة السنة
في هذا الباب ، فيظن أن ما ذكروه هو قول أهل السنة وهو قول لم يقله أحد من أئمة السنة ،
بل قد كفر أحمد بن حنبل ووكيع وغيرهما من قال بقول جهم
في الإيمان الذي نصره الأشعري وهو عندهم شَرٌّ من قول المرجئة …
« [ مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ( 7 / 120 – 121 ) ]

*******************
يتبع

كتبه الوليد بن عبد الملك يرد به علي يوسف القرضاوي في مقال له نشره في مجلة المجتمع ادعى فيه أن أكثرية الامة الاسلامية اشعرية.





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©