الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛
فكما يعلم الجميع أن الصراع بين الحق والباطل لا يزال قائما منذ خلق الله الخليقة إلى الآن لحكم يعلمها سبحانه وتعالى منها إظهار الحق وابتلاء أهله وتمحيص الناس .
وكان الصراع بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأهل الجاهلية في مواضع نذكر بعضها؛
ويتبين لك أخي الكريم أن هذه المواضع هي بعينها المواضع التي فيها الصراع بين السلفية والحزبية بين ورثة النبي محمد صلى الله عليه وبين دعاة الأحزاب الذين ما تركوا مخالفة إلا وركبوها واستحسنوها اتباعًا منهم لسنن أهل الجاهلية الأولى ومن تلك المواضع :

الموضع الأول:
أنه صلى الله عليه وسلم لما قام ينذر أهل الجاهلية عن الشرك، ويأمرهم بضده - وهو التوحيد - لم يكرهو ذلك واستحسنوه ، وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه .
إلى أن صرح بسب دينهم وتجهيل علماءهم ، فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة .
وهكذا الحزبيون لما قام أهل السنة والحديث بالتحدث بخطر الحزبية لم يكرهوا ذلك، إلى أن صرح ورثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتجهيل مشايخ الحزبية فحينئذ شمر الحزبيون وأتباعهم لعلماء السنة والحديث عن ساق العداوة والطعن الكاذب.
فإذا عرفت هذا ، عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام - ولو التزم أمر الله بعدم التحزب – إلا بعداوة الحزبيين والتصريح لهم بالعداوة والبغض ، اتباعا منهم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في مثل قول أم المؤمنين أم سلمة: (( ألا إنَّ نبِيَّكُم قد برِئ ممَّن فرَّق دينَه واحتَزب)) وتلَت: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا لَستَ مِنهُم فِي شَيءٍ [الأنعام: 159] الاعتصام (1/84)
فإذا فهمت هذا فهماً جيداً ، عرفت أن الكثير من الذين يّدعون السلفية لا يعرفونها ، وإلا فما حملهم على التحزب!
فالسلفية والمنهج السلفي بريء من التحزب بشقيه الديني والسياسي فكله فرقة وشق لجماعة المسلمين ، كما قال تعالى: {كل حزب بما لديهم فرحون}، فأتى بالاجتماع في الدين بقوله: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}، وقال تعالى {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ}، ونهانا عن مشابهتهم بقوله: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جآءهم البينات}، ونهانا عن التفرق في الدنيا يقوله: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}.

الموضع الثاني:
أن أهل الجاهلية يعدون مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة!
والسمع والطاعة له ذل ومهانة !
فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بالصبر على جور الولاة !
وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة !
وغلظ في ذلك وأبدى فيه ! وأعاد !.

وكذلك الحزبيون لا يرون السمع والطاعة للحكام بنفس الحجة.
قال الامام محمد بن سليمان التميمي رحمه الله : [ وهذه الثلاث هي التي جمع بينها فيما صح عنه في الصحيح أنه قال: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم" (أخرجه مسلم).
ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها. ]

الموضع الثالث:
الاقتداء بفسقة وجهال العلماء والعباد والمشايخ والتقليد لهم قال تعالى: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ءابآءنآ أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير}، فأتى بقوله: {يا أيها الذين ءامونا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله}، وبقوله: {لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهوآء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل}. }.
بل وأن من أكبر قواعدهم الاغترار بالأكثر، ويحتجون به على صحة الشئ، ويستدلون على بطلان الشئ بغربته وقلة أهله، فأتاهم بضد ذلك وأوضحه في غير موضغ من القرآن.

الموضع الرابع:

تلقيب أهل الجاهلية أهل الهدى بالصباة والحشوية وكذلك الحزبيون يلقبون أهل الهدي النبوي بالمدخلية والجامية والألبانية اتباعا منهم سنن من قبلهم في نبذ أهل الحق مع قتلهم إياهم ان استلزم الأمر كما قص الله علينا من فعل بني اسرائيل مع أنبيائهم ، وكما فعل الحزبيون مع الشيخ الجليل الأفغاني جميل الرحمن رحمه الله وغيره.

الموضع الخامس :

قال الإمام محمد بن سليمان التميمي في كتاب كامله ( مسائل الجاهلية ) حاكيا حال أهل الجاهلية : تناقضهم في الانتساب، ينتسبون إلى إبراهيم مع إظهارهم ترك اتباعه.
و دعواهم اتباع السلف مع التصريح بمخالفتهم. اهـ

وكذلك الحزبيون يتناقضون فيدعون أنهم من أتباع السلف الصالح ومع ذلك عندما تأتيهم الحجج الواضحات عن السلف الصالح يخالفوهم ويصرحون بالمخالفة ويقولون هؤلاء لهم عصرهم ولنا عصرنا وسموا أنفسهم بقهاء الواقع ! وهو فقه ضائع وائع ! ما لم يستند إلى الكتاب كامل والسنة النبوية.

مستفادة من رسائل الإمام محمد بن سليمان التميمي رحمه الله.

أعــــده لكم
محمد المقلدي
غفر الله له وتجاوز عنه بمنِّه وكرمه.

منقول للفائدة





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©