بسم الله الرحمن الرحيم
أعلم هداني الله وإياك إلى طريق الحق والصواب, أن الله تعالى خاطب العرب من الكلمات بما يفهمون من معانيها الظاهرة والباطنة.
والعرب في الكلمات معان ظاهرة وباطنة لكنهم لا يحيلون الكلمة عن معناها الظاهر إلى معناها الباطن إلا عند وجود قرينة تدل على المقصود بهذه الكلمة معناها الباطن لا معناها الظاهر, وهذا يتضح من خلال سياق الجملة التي تقع فيها هذه الكلمة.
فمثلا:
عندما نقول: رأيت أسدا يصطاد فريسة. أو رأيت أسدا يهجم على قوم أو أغار عليهم. نعلم قطعا بأن المقصود بالأسد في الجملة هو الحيوان المفترس المعروف, ما لم يصرح تصريحا بأن الأسد الذي يعنيه ليس ذاك الحيوان وإنما صفة لرجل شجاع يلقبه بالأسد.
ولكن عندما نقول: رأيت أسدا يقاتل بالسيف قتال شديدا. نعلم وإن لم يصرّح بما يقصد بقوله (الأسد) أنه يعني رجلا آدميا, والدليل هو قوله: يقاتل بالسيف. والأسد الحيوان لا يقاتل بالسيف, فقوله هذا هو القرينة التي أحالت كلمة أسد من معناها الظاهر, وهو الأسد الحيوان المفترس, إلى معناها الباطن, وهو الرجل الشجاع.
فعندما يأتي مبتدع ليقل لنا بأن الصفات المنسوبة إلى الله تعالى لا يقصد منه معناها الظاهر؟ قلنا له: إذا كان ما تقوله صحيحا, وجب أن يكون هناك قرينة تحيل هذه الصفات عن معناها الظاهر إلى معناها الباطن, فإن أتيت بها, وإلا فأنت مفتر تخوض في كتاب كامل الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بما لا علم لك به.
فإن زعم أن القرينة هي قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) قلنا هذه ليست قرينة؛ لأن القرينة لا بد أن تأتي في نفس الجملة التي وقعت فيها الكلمة التي تريد إحالتها عن معناها الظاهر إلى معنا باطن, إنما القرينة تأتي في نفس الجملة لا أن تكون جملة مستقلة كهذه الآية الكريمة, وهذه من طرق العرب في كلامه.
فالقرينة هنا: هي كلمة أو أكثر تأتي في جملة مفيدة , تحيل معنا كلمات أخرى وردت في نفس الجملة إلى معنا أخر غير معناها الظاهر.
وأنت إذا تتبعت صفات الله تعالى في كتاب كامله وسنة نبيه لم تجد في جملها التي وردت فيها قرينة تدل على أن معناها ليس هو معناها الظاهر.
وقوله تعالى : (ليس كمثله شيء) إنما هي جملة أخرى يخبرنا الله تعالى فيها أن صفاته التي وصف بها نفسه ليست كمثل صفاتنا ولا شبيهة بها وتختلف عنها في الكيفية.
إذا فالجمل التي وردت فيها صفات الله تعالى محكمة بيّنة لا يمكن إحالتها عن معناها الظاهر إلى معنا باطن, لعدم وجود قرينة تحيلها عن معناها الظاهر , فوجب إثبات معانيها الظاهرة الواضحة.
وكذلك قوله تعالى : (ليس كمثله شيء) إنما هي جملة تفيد معنا ظاهرا هو أن صفات الله ليست كمثل صفات مخلوقاته ولا شبيهة بها.
وهكذا يتم الجمع بين الآيات التي وردت فيها صفات الله تعالى , وبين الآية التي نفى الله فيها عن نفسه مشابهة الأشيءا ومماثلتها (وفق طريقة كلام العرب الفصحاء) وهي طريقة السلف رضوان الله عليهم أجمعين.

أتمنى أن أكون وفقت في الرد
حقوق الإعداد والكتاب كاملة غير محفوظة انشر واحتسب الأجر

وأوقال السلف في إثبات صفات الله تعالى بمعانيها مبثوثة في كتبهم وكتب طلابهم فليبحث عنها هناك فهي أقوى رد على من زعم أن صفات الله يجب أن تئول أو تفوض وفيها رد قاصم على من زعم أنها من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله
والحمد لله رب العالمين




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©