بسم الله الرحمن الرحيم

تقبيح نبز السعودية بالوهابية واتهامها زوراً بالإرهاب

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد، فإن الإرهاب: مصدر معناه الإخافة وهو من الرهب بمعنى الخوف، قال الله عز وجل: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}، والمعنى: يدعوننا رجاءً وخوفاً أي يرجون ما عند الله من الثواب ويخافون ما عنده من العقاب، وقال تعالى في سورة البقرة: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}، وقال في سورة النحل: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}، والمعنى: خافون، كما قال عز وجل: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وقال: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}، أي: يخافون، وقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، أي: تُخِيْفون.

وفي هذه الآيات جاء الرَهَب والإرهاب في أمور محمودة، وقد سمى المنذري رحمه الله كتاب كامله الذي جمعه في أحاديث الوعد والوعيد كتاب كامل الترغيب والترهيب، وقد اشتهر عند الناس في حديثهم وفي وسائل الإعلام المختلفة تسميةُ ما يحصل من إفسادٍ وتقتيلٍ وتدميرٍ في كثير من البلاد إرهاباً؛ وكل ذلك في أمور مذمومة، وهذا الإرهاب داخل تحت المعنى اللغوي العام الذي هو الإخافة، وهو واقع في مختلف الدول مع التفاوت في ما بينها كثرةً وقِلَةً، وبلاد الحرمين ابتُلِيَت بكثير منه ومع ذلك يَنبز بعض الحاقدين على هذه البلاد أهلها بلقب الوهابية ويصفونهم بهتاناً وزوراً بهذا الوصف الذميم وهو الإرهاب، ومن المعلوم أن الدولة السعودية التي أسسها في منتصف القرن الثاني عشر الهجري الإمام محمد بن سعود رحمه الله بتأييد من الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إنما قامت على تحكيم كتاب كامل الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الّذَينِ هما مصدر كل صلاح وإصلاح، وقد استمرت في عهودها الثلاثة على هذا المنهج القويم والصراط المستقيم، وكل فساد وإفساد إنما يحصل بمخالفة هذَينِ الينبوعين الصافيين كتاب كامل الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فكيف يُوصف من يُعول عليهما بهذا الوصف الذميم؛ إن هذا لهو البهتان العظيم، وكل من يأت إلى هذه البلاد حاجاً أو معتمراً أو زائراً يشاهد فيها الأمن والأمان بسبب هذا المنهج القويم الذي قامت عليه هذه الدولة زادها الله ثباتاً وتوفيقاً وحفظها من كل سوء، ومن هؤلاء النابزين المتهمين هذه البلاد بهتاناً وزوراً بالإرهاب حفنة وصفوا بالمفكرين ويدل هذا التفكير السيئ منهم على أن من التفكير ما يكون في واد، والتفكير الصحيح في واد آخر وقد قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) رواه البخاري (6475) ومسلم (173)، ومن هؤلاء أيضاً الحوثيون الذين أفسدوا في بلاد اليمن وتسللوا من حدود المملكة الجنوبية وأفسدوا في أطرافها فتصدى لهم رجال القوات المسلحة فردوهم على أعقابهم مدحورين، وقد نقل مؤلف كتاب كامل: ((ماذا تعرف عن الحوثيين؟)) قول أحد زعمائهم: (الإرهابيون الحقيقيون هم الوهابيون) وهذا الزعيم لهذه الفئة الإرهابية يصف بالإرهاب من هم أبعد الناس عن الإفساد والإرهاب فحاله أشبه ما تكون بما جاء في المثل المشهور: (رمتني بدائها وانسلت)، وقد قال الشاعر:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأنيَ كامل

وهذه البلاد مستهدفة من الحاقدين عليها وذلك ببذلهم الوسائل المختلفة لإفساد بعض شبابها والتغرير بهم ليفسدوا فيها باسم الجهاد الذي هو في الحقيقة جهاد في سبيل الشيطان، وولاة الأمر في هذه البلاد ورجال الأمن فيها جادُّون في مكافحة هذا البلاء وإحباط مخططات أهله قبل وقوعها، والمشتغلون بالعلم يقومون بالتحذير من وقوع الشباب في هذه الفتن، وقد كتبت في نصحهم والتحذير من أضرارهم رسالتين، إحداهما بعنوان: ((بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً، ويْحكم أفيقوا يا شباب؟)) طبعت في عام 1424هـ، والثانية بعنوان: ((بذل النصح والتذكير لبقايا المفتونين بالتكفير والتفجير)) طبعت في عام 1427هـ وطبعتا معاً ضمن مجموع كتبي ورسائلي (6/ 255 ــ 279) في عام 1428هـ.

وهؤلاء الشراذم من الشباب الذين ابتلوا بالتفجير والتدمير وقتل الأنفس لا يقل عنهم خطراً قتلةُ الأخلاق من مرضى الشبهات والشهوات الذين يفسدون في الأرض بعد إصلاحها ويريدون أن تميل هذه البلاد ميلاً عظيماً فإن ما يحصل بسببهم من الذنوب والمعاصي الذي هو قتلُ الأخلاق يترتب عليه الإبتلاء بقتل الأنفس وتدمير الممتلكات كما قال الله عز وجل: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وقال في شكر النعم وكفرها: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، وقال: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وقد قال شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله كما في مجموع فتاواه (4/ 127): ((فما يصيب الأمة أو الأفراد من فتن أو صد عن سبيل الله أو أوبئة أو حروب أو غير ذلك من أنواع البلاء فأسبابه ما كسبه العباد من أنواع المخالفات لشرع الله؛ كما قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وقد بين الله جل وعلا ما حصل لبعض الأمم السابقة من العذاب والهلاك بسبب مخالفتهم لأمره ليتبيَّنه العاقل ويأخذ من ذلك عظة وعبرة)).
وقد كتبت في التحذير من فتنة قتلة الأخلاق من المستغربين والتغريبيين وغيرهم كلمات ورسائل منها: ((العدل في الشريعة الاسلامية الإسلام وليس في الديمقراطية المزعومة)) طبعت في عام 1426 وطبعت ضمن مجموع كتبي ورسائلي (6/ 331 ــ 375) في عام 1428هـ، ورسالة: ((لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة مادة اللغة العربية السعودية)) طبعت في عام 1428هـ، ورسالة: ((وجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها)) طبعت في عام 1430هـ.

وأسأل الله عز وجل أن يحفظ هذه البلاد حكومةً وشعباً من كل سوء وأن يوفقها لكل خير وأن يقيها شر الأشرار وكيد الكفار، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
5/ 7/1431هـ، ... عبد المحسن بن حمد العباد البدر





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©