بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد.

المعركة في سطور...

الاسم: معركة مؤتة

المادة التاريخ: جمادى الأولى سنة 8 للهجرة

المكان: مؤتة (قرية في جنوب مدينة الكرك من محافطات الأردن)

السبب: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث رسوله الحارث بن عمير الأزدي ـ رضي الله عنه ـ بكتاب كامله إلى عظيم بصرى, وهناك خرج له شرح مفصلبيل بن عمرو الغساني (عامل البلقاء) فضرب عنقه.

طرفي المعركة: المسلمين وكان عددهم ثلاثة آلاف مجاهد, والروم إضافة لنصارى العرب وكان عددهم حوالي مائتي الف مقاتل.


نتيجة المعركة: قال صاحب كتاب كامل "الرحيق المختوم": واختلفت الروايات كثيرًا فيما آل إليه أمر هذه المعركة أخيرًا‏.‏ ويظهر بعد النظر في جميع الروايات أن خالد بن الوليد نجح في الصمود أمام جيش الرومان طول النهار، في أول يوم من القتال‏، وكان يشعر بمسيس الحاجة إلى مكيدة حربية تلقي الرعب في قلوب الرومان حتى ينجح في الانحياز بالمسلمين من غير أن يقوم الرومان بحركات المطاردة‏،‏ فقد كـان يعرف جيدًا أن الإفلات من براثنهم صعب جدًا لو انكشف المسلمون، وقام الرومان بالمطاردة‏.‏
فلما أصبح اليوم الثاني غير أوضاع الجيش، وعبأه من جديد، فجعل مقدمته ساقه، وميمنته ميسرة، وعلى العكس، فلما رآهم الأعداء أنكروا حالهم, وقالوا‏:‏ جاءهم مدد, فرعبوا, وصار خالد ـ بعد أن تراءي الجيشان، وتناوشا ساعة ـ يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً, مع حفظ نظام جيشه, ولم يتبعهم الرومان ظناً منهم أن المسلمين يخدعونهم، ويحاولون القيام بمكيدة ترمي بهم في الصحراء‏.‏
وهكذا انحاز العدو إلى بلاده, ولم يفكر في القيام بمطاردة المسلمين ونجح المسلمون في الانحياز سالمين, حتى عادوا إلى المدينة‏.‏

قتلى الفريقين: استشهد في معركة مؤتة اثني عشر رجلاً من المسلمين, أما المشركين فقُتل منهم خلق كثير.

أحداث المعركة: لما بلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقتل الحارث بن عمير الأزدي اشتد عليه, فجهز جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل, أمّر عليهم زيد بن حارثة, وقال: إن قُتِل زيد فجعفر, وإن قُتِل جعفر فعبد الله بن رواحة, وعقد لواء أبيضًا جمله زيد بن حارثة.

وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عُمَير فيدعوهم إلى الإسلام, فإن أبوا قاتلوهم, وقال: اغزوا باسم الله, في سبيل الله, قاتلوا من كفر بالله, لا تغدروا, ولا تغلوا, ولا تقتلوا وليدًا, ولا امرأة, ولا كبيرًا فانيًا, ولا منعزلًا بصومعة, ولا تقطعوا نخلاً, ولا شجرة, ولا تهدموا بناء.

ثم ودّع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه المسلمين وأمراءهم وكان قد سار معهم إلى ثنيّة الوداع, ومضى الجيش حتى نزل معان (محافظة في جنوب الأردن) وهناك بلغهم أن هرقل جمع لهم مائة الف مقاتل أو يزيدون, وجمع شرح مفصلبيل بن عمرو مائة الف مقاتل آخر من قبائل لخم وجُذام والقَين وبهراء (قبائل عربية نصرانية).

وهنا تشاور المسلمون ليلتين, هل يكتبون ذلك إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ, ويطلبون منه المدد, أم يقدمون الحرب ؟
فشجعهم عبد الله بن رواحة ـ رضي الله عنه ـ وقال: يا قوم، والله إن التي تكرهون لَلَّتِي خرجتم تطلبون‏:‏ الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة, ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا, فإنما هي إحدي الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة‏.‏
وأخيرًا استقر الرأي على ما دعا إليه عبد الله بن رواحة‏, فتقدموا نحو مؤتة, واستعدوا للقتال.‏

ودارت معركة رهيبة وعجيبة في مادة التاريخ البشر, ثلاثةآلاف مقاتل يواجهون جيشًا عرمرما, ويصمدون في وجهه, وهذا الكم الهائل من المدججين بالسلاح يهجم عليهم طول النهار, ويفقد كثيرًا من أبنائه وأبطاله, ولا ينجح في دحرهم.

أخذ راية المسلمين زيد بن حارثة, فقاتل وقاتل, ثم قاتل وقاتل, حتى شاط في رماح القوم, وخر شهيدًا في سبيل ربه, ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب, فقاتل وقاتل, حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه الشقراء وعقرها, ثم قاتل حتى قُطعت يمينه, فأخذ الراية بشماله, فلم يزل رافعًا لها حتى قُطعت شماله, فاحتضنها بعضديه حتى أبقاها تخفق في جو السماء, إلى أن قُتل, ثم جاء عبد الله بن رواحة فأخذ الراية وتقدم, واقتحم عن فرسه المعمعة, ثم لم يزل يقاتل حتى قُتل.

وحتى لا تسقط الراية أخذها ثابت بن أقرم ـ رضي الله عنه ـ وقال للمسلمين: اصطلحوا على رجل, فاصطلحوا على خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ, وبذلك انتقلت الراية إلى سيف من سيوف الله, وتقدم خالد بن الوليد وقاتل قتالاُ منقطع النظير حتى انقطعت في يده تسعة أسياف, وأخبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه بالمدينة في نفس اليوم بمقتل القُوّاد الثلاثة, وبانتقال القيادة إلى خالد بن الوليد, وسماه سيفًا من سيوف الله.

وبانتهاء النهار رجع الفريقان إلى مقرهما, فلما أصبحوا غير خالد ـ رضي الله عنه ـ ترتيب العسكر, فجعل الساقة مقدمة, والمقدمة ساقة, والميسرة ميمنة, والميمنة ميسرة, فظن العدو أن المدد قد وصل للمسلمين فداخله الرعب, وبعد مناوشة خفيفة بدأ خالد يتأخر بالمسلمين, فلم يجتريء العدوء على التقدم؛ خوفًا من أن تكون خدعة, فانحاز المسلمون إلى مؤتة, ومكثوا سبعة أيام يناوشون العدو, ثم تحاجز الفريقان وانقطع القتال؛ لأن الروم ظنوا أن الإمدادات تتوالى على المسلمين, وأنهم يكيدون بهم ليجروهم إلى الصحراء حيث لا يُمكنهم التخلص, وبذلك كانت كفة المسلمين راجحة في هذه المعركة.

وقُتل في هذه الغزوة اثنا عشر رجلاُ من المسلمين, أما عدد قتلى العدو, فلم يُعرف إلا أنهم قُتلوا بكثرة.
منقول




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©