لم تعرف البشرية طقسًا أكثر شناعة أو هولاً من طقوس أكل لحوم البشر ,، ولن تعرف ,,

فهذا الطقس الرهيب والذي لن تجد له مثيلاً في عالم الحيوان قديم قدم المادة التاريخ ذاته وربما يذكر المادة التاريخ أن أول من مارسوا هذا الطقس هم سكان جزر الكاريب "Caribs" في القرنين الخامس عشر والسادس عشر لدرجة أن التسمية العلمية لأكل لحوم البشر "Cannibalism" مشتقة من اسمهم

إلا أن الدراسات الحديثة تعتقد أن هذا الطقس الرهيب كان يمارس على نطاق أوسع في القبائل الإفريقية وأنهم من نقلوه إلى جزر الكاريبي مع طقوس سحر الفودو لينتشر بعد ذلك على نطاق أوسع حتى أصبحت كل دولة في العالم تحمل في مادة التاريخها بضع صفحات سوداء تسجل فيها حوادث أكل لحوم للبشر

وقبل أن نحكي قصتنا نؤكد أولاً أن أكل لحوم البشر "Cannibalism" هو أن يأكل بشري جسد بشري آخر لا لشيء إلا للحصول على الغذاء أو كجزء من طقوس ومعتقدات دينية بالية أما إن كان الغرض منه ممارسة طقوس سحرية ففي هذه الحالة نتحدث عن آكلي الموتى "Necromancer" وهو طقس آخر لا يقل شناعة لكن الغرض منه أن يعرف منفذ هذا الطقس "النكرومانسر Necromancer" أسرار الموتى عن طريق أكل أعضائهم

فالآن سنحكي قصة "ألفريد باكر" أول آكل لحوم بشر في المادة التاريخ الأمريكي يتم القبض عليه وتوجيه هذا الاتهام له وقصة "ألفريد" تبدأ من عام 1842

اشهــــــــــــــــر اكلـــــــي لحـــــــــوم البشــــــــــر


بداية ..
في الحادي والعشرين من يناير 1842 ولد "ألفريد باكر" في ولاية بنسلفانيا الأمريكية ليغدو طفلاً وحيدًا هادئ الطباع كما ذكر عنه لاحقًا حتى أصبح هذا الطفل شابًا وحتى خاض هذا الشاب الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861 وهو لا يزال في التاسعة عشرة من عمره ليقضي "ألفريد" الشاب خمس سنوات من أقسى سنوات حياته على الإطلاق

فالأهوال التي رآها في هذه الحرب أصابته بنوبات صرع عنيفة أدت إلى تسريحه من الخدمة أخيرًا فخرج من الحرب محبطًا منهكًا يبحث عن شيء يساعده على النسيان ليقرر السفر أخيرًا إلى مدينة كولورادو بحثاً عن الذهب في المناجم مسايرا لحمى البحث عن الذهب التي اجتاحت الأمريكيين في هذا الوقت

وفي عام 1873 بدأ "ألفريد" استعداداته للرحلة لكنه قبل أن يسافر التقى بالزعيم "أوراي" الهندي الأحمر الذي كان يلقب بـ "صديق الرجال البيض" والذي كان يلعب دور الحكيم والخبير الذي يلجأ له من يستعدون لرحلات طويلة طالبين منه المشورة

وكانت نصيحة الزعيم "أوراي" واضحة وصريحة لا تذهب في هذ الرحلة لأن عاصفة ثلجية هائلة ستهب قريباً وقد تبتلعكم الثلوج في رحلتكم عبر الجبال
لكن "ألفريد" قرر ومن معه تجاهل هذه النصيحة ليتحرك فوج مكوّن من ستة رجال هم "ألفريد باكر" و"شانون بل" و"فرانك ميللر" و"جيمس همفري" و"جورج نون" و"إسرائيل سوان" في رحلتهم إلى كولورادو
تلك الرحلة التي كانت بداية المأساة ,, الرحلة الملعونة

لم يكن هناك خبراء أرصاد جوية في هذا العصر لكن الزعيم "أوراي" كان يعرف ما يقوله جيدا فالرحلة التي بدأها الرجال الستة في فبراير 1874 شهدت واحدة من أعنف العواصف الثلجية في المادة التاريخ على الإطلاق لدرجة أنه لم تمضِ أيام على بدء الرحلة قبل أن تنقطع صلة الرجال الستة بالعالم الخارجي تماماً وليتوقع الجميع أنهم هلكوا -لا محالة- في رحلتهم المشئومة هذه

اشهــــــــــــــــر اكلـــــــي لحـــــــــوم البشــــــــــر


ولشهرين كاملين أصبح اعتقاد أن هذه الرحلة لن تعود هو السائد حتى جاء شهر أبريل من ذات العام ليظهر "ألفريد باكر" بمفرده قرب مدينة "جانيسون" في كولورادو حيث استقبله الجميع غير مصدقين لنجاته وفي ليلة وصوله وبعد بضعة كؤوس احتساها في بار المدينة أعلن "ألفريد" أن كل من كانوا معه في الرحلة قد قتلهم بنفسه!

بالطبع أصيب الكل بالصدمة وتم القبض على "ألفريد" على الفور ليردد هو بلا انقطاع أنه اضطر إلى قتل رفاقه الخمسة دفاعًا عن نفسه بعد أن حاولوا قتله وهي القصة التي لم يصدقها أحد خاصة حين بدأت رحلة البحث عن الجثث والتي انتهت بمفاجأة رهيبة!
لقد عثروا على جثث الرجال الخمسة مأكولة!

اشهــــــــــــــــر اكلـــــــي لحـــــــــوم البشــــــــــر


وبمزيج من الذهول والرعب وجهت إلى "ألفريد" تهمة القتل العمد وأكل لحوم البشر لتبدأ أغرب محاكمة في المادة التاريخ
ومن طرائف هذه المحاكمة أن القاضي صاح في وجه "ألفريد" قائلاً:
لقد كان في مدينتنا خمسة ديمقراطيين فقط ولقد أكلتهم كلهم

و لم ينكر "ألفريد" إطلاقًا أنه أكل جثثهم لإنقاذ حياته لكنه أصر أنه لم يقتلهم إلا دفاعا عن نفسه وإن لم يؤثر هذا على حكم القاضي الذي قال:
أغلق أذنيك عن أي همسة أمل أو أي وعد بالحياة واستعد لمواجهة مصيرك ,, الموت
وهكذا حكم على "ألفريد باكر" بالإعدام في أغسطس من عام 1874 وتم سجنه لحين تنفيذ الحكم فيه لكن "ألفريد" هرب فجأة من سجنه واختفى لتسع سنوات كاملة عاش "ألفريد" هاربا مذعورا منتحلا اسم "جون شوارتز" لكن البحث عنه لم يتوقف لحظة وفي النهاية وفي مارس 1883 تم القبض عليه في ولاية "يومينج" لتتم محاكمته من جديد

ومرة أخرى لم تتغير اعترافات "ألفريد باكر":
قتلتهم دفاعا عن نفسي
لكنه حكم عليه بالإعدام للمرة الثانية وتم إيداعه أحد السجون تحت الحراسة المشددة ليستأنف هو الحكم في أكتوبر 1885 ويصدر الحكم النهائي عام 1886 بسجنه لمدة 40 سنة
وهذه المرة لم يحاول "ألفريد باكر" الهرب بل قضى فترة سجنه في هدوء والتزام لينتهي الأمر بإطلاق سراحه المشروط عام 1901 لينتقل إلى أحد مدن كولورادو حيث اشتهر بطيبة خلقه وهدوء طباعه وبأنه نباتي!
نعم ,, نباتي فهو لم يعد يطيق طعم اللحم أبدًا

اشهــــــــــــــــر اكلـــــــي لحـــــــــوم البشــــــــــر


وأخيرا وعام 1907 مات "ألفريد" في هدوء ليدفن في مقبرة المدينة ولينسى الجميع قصته تدريجيا وإن حفظتها كتب المادة التاريخ بكل ما حوته من غموض ثم ظهرت الحقيقة أخيرا بعد 115 عامًا بالتحديد!

الحقيقة كانت في عام 1989 على يد الطبيب الشرعي "جيمس ستارز" ومساعده "وولتر بيركبي" اللذين قاما بفحص الجثث وفحص الأدلة التي ظلت محفوظة منذ مادة التاريخ الجريمة ليعلنا في النهاية أن "ألفريد باكر" أكل جثث رفاقه لكنه لم يقم بقتلهم
هذه النتيجة النهائية لم تدعم بأدلة حقائق دامغة حتى عام 1994 ففي هذا العام قام "ديفيد بيلي" أحد أوصياء متحف المادة التاريخ في كولورادو بإجراء تحقيق موسع عن هذه الحادثة ليجد أن أحد رجال القافلة وهو "شانون بل" هو الوحيد الذي قتل رميًا بالرصاص بينما قتل الباقون بالفأس التي حين فحصها تأكد من الحقيقة التالية
"شانون بل" هو من قتل رفاقه وحين همّ بقتل "ألفريد باكر"، اضطر هذا الأخير للدفاع عن نفسه وقتله أي أنه لم يكذب طيلة هذه السنوات
لكن هذا لا يمنع أنه كان آكل لحوم بشر أول من عرفهم المادة التاريخ الأمريكي

اشهــــــــــــــــر اكلـــــــي لحـــــــــوم البشــــــــــر


والآن -وبطريقة غامضة- حصل أحدهم على رأس "ألفريد باكر" وحفظه ليبيعه إلى متحف " في ولاية نيو أورليانز حيث لا يزال يعرض إلى يومنا هذا شاهدا على واحدة من أفظع القصص في المادة التاريخ الأمريكي
بل في مادة التاريخ الحضارة الإنسانية






©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©