السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إختلف المؤرخون القدماء والمحدثون في شخصية الحجاج بن يوسف بين ذمّ

و مدح ، وتأييد لسياسته ومعارضة لها . ولكن الحكم عليه دون دراسة عصره

المشحون بالفتن والقلاقل ، و لجوء خصوم الدولة إلى السيف في التعبير عن

معارضتهم لسياسته أمر محفوف بالمزالق ، و يؤدي إلى نتيجة غير موضوعية

بعيدة عن الأمانة والنزاهة.

فهل ظلم الحجاج في كتب المادة التاريخ ام هو فعلا طاغية لا يستحق الثناء عليه؟

إن المتأمل لشخصية الحجاج في هذه يري أن الحجاج رجل دولة حقيقي يطمح في

إقامة القانون والعدل وأن تسير أمور الدولة على أحسن حال وفي غاية الاستقامة .

العراق وخرسان من أكثر الأقاليم اضطرابا وقلاقل وفوضى ,فقد ورثت الدولة

الأموية كل الخلافات التي نشأت إبان خلاف علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي

سفيان
. و استحالت هذه الخلافات إلى فرق متناحرة متحاربة ، و الحجاج كان أحد

رجالات هذه الدولة ورث معها كل الإرث الثقيل من مادة التاريخ الخلاف الأول بين علي

و معاوية وكانت العراق على الحال الذي وصفنا بل هي البقعة التي اجتمعت فيها كل

الملل والنحل والفرق ومنها انطلق أغلب هذه الفرق .

وُلي الحجاج على العراق ليقيم اعوجاجها ويخمد الفتن ويقطع دابر الفتنة وينهي

الخروج علي الدولة الأموية. وقد دام حكم الحجاج لها حوالي عشرين عاما. وعندما

دخل العراق خطب خطبته الشهيرة ووضع فيها نظام حكمه ووضع أسس التعامل مع

الرعية وقد توعد كل المخالفين والخارجين علي الدولة بالعقاب الصارم الحاسم وفي

دولة تسود فيها الفوضى وانتهاك القانون لابد من الحسم ولا يجوز التقاعس مع من

تسول له نفسه بذلك . و ما لي بعض مناقب و مآثر الرجل

1- استطاع الحجاج ان يكسر شوكة الخوارج بعد معارك ضارية شديدة ويقتل شبيب

الحروري
ومن بعده قطري بن الفجأه وينهي صولتهم

2- وضع نظاما صارما في العراق أصبح الأمن والأمان هو الصفة السائدة فيه حتى أن

الرجل يفقد الشيء فيعود بعد أيام فيجده حيث فقده وأصبح الإنسان آمنا على نفسه.

3- وهو أول من سن التجنيد الإجباري ، فبعد تقاعس الناس عنه لقتال الخوارج أمر كل

قادر على حمل السلاح في الجيش يقاتل معه .

4- وفي عهده أصبحت العراق مركز الجهاد الإسلامي ومبعث الفاتحين ومن قادته عقبة

ابن نافع الباهلي
فاتح شمال إفريقيا وأسامة بن محمد الثقفي فاتح السند وكان ذو نظرة

صائبة في الرجال يعرفهم ويختارهم فيحسن الاختيار.

5- ولم يفتح مدينة إلا وشق الطرق فيها وأول بناء كان يبنيه هو المسجد بل العديد من

المساجد وشق الترع ورصف الطرق وعمر المدن. كان رجل بناء وتعمير.

6- كان وراء فكرة بناء الإقتصاد الإسلامي وفصله عن الاقتصاد البيزنطي وأشار بها

علي الخليفة ، ووقف وراءها حتى تمت .

7- وكان هو من أشار على الخليفة أن الجزية المدفوعة لابد وان تكون بالنقد الإسلامي.

8- دوّن الدواوين بمادة اللغة العربية وعربها.

9- و هو من قام بتنقيط القران وتشكيله ليسهل على الناس القراءة والحفظ . و هذا عمل

ليس بالهين ، ولا يصدر إلا من رجل يعظم القران .

توفي الحجاج ولم يترك إلا فرسه وسيفه و خمس عشرة دينارا فقط . ولم يعرف عنه ما

يشينه في أخلاقه وتصرفاته. كان حافظا لكتاب كامل الله معظما له. فنهي الحسن البصري عن

سبه وشتمه... رحم الله الرجل ، لاكته الألسن حيا و لم ترحمه ميتا.

منقول





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©