التعريف الثاني
الحلقة الاولى
دار البحوث وممدوح مِمَّا وضحاه من منهج عملهما في كتاب كامل (التعريف) : " هذا الكتاب كامل ليس كتاب كامل تخريج, ولكنه كتاب كامل عِلََلٍ , فهو يبحث عن السبب الذي من أجله أودع الأستاذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني الحديث موضع البحث في الضعيف – وبتالي منع العمل به – ومناقشته في السبب " كما في (2/10) من (التعريف) .

فبما أنَّ كتاب كامل (التعريف) هو " كتاب كامل عِلَلٍ" فَمَن ِ المرجع في بيان قواعد و فروع علل الحديث والعمل بها وتطبيقها؟.

هل المرجع في " علل الحديث " هم أهل علم أصول الفقه؟.

هل المرجع في " علل الحديث "هم الفقهاء؟

هل المرجع في " علل الحديث " هي طريقة السادة الحنفية كقواعد التهانوي وتوابعها؟

هل المرجع في " علل الحديث " هي قواعد وفروع وعمل أئمة أهل الحديث و متَّبعيهم بإحسان, كعبدالرحمن بن مهدي , ويحي بن سعيد القطان, وعلي بن المديني, وأحمد بن حنبل, ومحمد بن يحي الذهلي, و البخاري , و مسلم , و أبي داود , و الترمذي , و النسائي , و أبي حاتم, و أبي زرعة , والدارقطني, وغيرهم؟

يجيب عن هذا كله الحافظ زين الدين العراقي:
1) عرّف ابن الصلاح في ( علوم الحديث ) الحديث الصحيح : هو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذًّا ولا معللاً, وفي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ وما فيه علة قادحة وما في روايته نوع جرح فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث ." اهـ.

تأمَّل : " لا خلاف بين أهل الحديث ". فلـم يلتفت لغيرهم من الفقهاء والأصوليين والسادة الحنفية الذين خالفوا أهل الحديث في هذا.

2) اعتُرض على ابن الصلاح : " أن من يقبل المرسل لا يشترط أن يكون مسنداً"

3)اعُترض على ابن الصلاح: " أن اشتراط سلامته من الشذوذ والعلة إنَّما زادها أهل الحديث, وفي هذين الشرطين نظر على مقتضى نظر الفقهاء فإن كثيراً من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء, ومن شرط الحد أن يكون جامعًا مانعًا. " .

4) أجاب عن هذين الاعتارضين وردّهما الحافظ زين الدين العراقي, فقال في (التقييد والإيضاح) (ص8-9):

" والجواب أن من يصنف في علم الحديث إنَّما يذكر الحد عند أهله لا عند غيرهم من أهل علم آخر. وفي مقدمة مسلم أنَّ المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة. وكون الفقهاء والأصوليين لا يشترطون في الصحيح هذين الشرطين لا يفسد الحد عند من يشترطهما على أنَّ المصنف قد احترز عن اختلافهم وقال بعد أن فرغ من الحد وما يحترز به عنه. فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث" اهـ.

5) ونقل الحافظ السيوطي في ( تدريب الراوي) جواب الحافظ العراقي مقرًّا له.

هل ممدوح التزم جواب الحاف العراقي في كتاب كامله (التعريف) أم خرج عليه فيكون خرج على ما اتفق عليه أهل الحديث؟ ننظر:

** عند الحديث الثاني من (التعريف) , ذكر له شواهد , وفي الشاهد الرابع قال ( 2/27) : " هذا مرسل إسناده صحيح , وهذا المرسل بمفرده حجة عند العراقيين"اهـ .

قد يقول أحدهم : " هذا في الشواهد, والمرسل يستشهد به على تفصيل معروف".

هذا صحيح, ولكن اُنْظُر وتأمَّل الآتي:

** صاحب براءة الذمة – جزاه الله خيرًا – تعقَّب تصحيح نمذجي مفصل ممدوح للمرسل في ( ص 110) فقال: " فأين ضعف أبي حنيفة , وأين تخليط حماد بن أبي سليمان, ومراسيل إبراهيم النخعي ليست بثابتة, ومرسله من المعضلات, والإعضال من أسباب الضعف الشديد " اهـ. ملخص شاملًا.

ولم يتعرض – جزاه الله خيرًا – إلى قول ممدوح: " وهذا المرسل بمفرده حجة عند العراقيين".

والظاهر للأصل أنَّ كُلَّ علم يرجع إلى تعريف وقواعد وعمل أهله, والعراقيون هنا لا يدخلون في هذا الأصل.

ممدوح في (التعقيب اللطيف) (ص77) أعاد قوله في الشاهد الرابع وقال : " هذا ما ذكرته في التعريف (2/29), وصاحب "البراءة " اشتغل – جرأة- بتضعيف الإمامين أبي حنيفة وشيخه حماد, وضعف مراسيل إبراهيم النخعي , ولم يجب عن قولي: هذا المرسل بمفرده حجة عند العراقيين"."اهـ.

تأمَّل : " ولم يجب عن قولي : " هذا المرسل بمفرده ...." .".

فممدوح يحتج بهذا المرسل بمفرده, وبه تعقَّب من ردّ عليه بأنَّه: " ولم يجب عن قولي: ....." .

فهل ممدوح هنا التزم بما عليه أهل الحديث ؟.

** في الحديث رقم (48) نقل حكم الشيخ ناصر الدين عليه بالتضعيف ثُمَّ بيّن سبب التضعيف من قول البصيري : " هذا إسناد منقطع, عبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئاً" وعقبه قال في (2/ 163) : " وإذا كان كذلك فهذا انقطاع خفيف لا يضر عند من يحتج بالمراسيل" اهـ.

الحديث ذكره ممدوح في ( التعريف بأوهام ....) لم يجد له متابعاً ولا شاهداً, ووجد مذهب مَنْ يحتج بالمرسل. أهذا (( كتاب كامل علل)) كما يقول ممدوح ؟.

** في الحديث رقم ( 92) نقل حكم أبي داود وغيره عليه بالنكارة وردَّه فقال في (2/269) : " والحديث ليس بمنكر على طريقة الفقهاء" اهـ.

وجعل للحديث رقمًا في ( التعريف بأوهام ...).

فهل ممدوح يمشي على طريقة أهل الحديث ؟

وماذا يعني بوصف كتاب كامله " كتاب كامل علل"؟

وأنتقل إلى مسألة أخرى بها يتأكد ويتضح طريق ممدوح الذي مشى عليه في (التعريف) .

شيخ مدار الحديث عليه, أُُخْتُلِفَ عليه؛ فراوِ مقبول يرفعه, وراوِ آخر مقبول يوقفه.

شيخ مدار الحديث عليه, أُخْتُلِفَ عليه؛ فراوٍ مقبول يوصله, وراوٍ آخر مقبول يرسله.

شيخ مدار الحديث عليه, أُخْتُلِفَ عليه في زيادة في المتن؛ فأثبتها راوٍ مقبول, ولم يذكرها راوٍ آخر مقبول.

معرفة الصواب من الخطإِ في هذه الروايات يكون عبر قاعدتين مشهورتين:

ألأولى: زيادة المقبول, وزيادة المقبول مقبولة فيُرَجَّحُ الرفع أو الوصل أو الزيادة في المتن, ولا يُعِلُّ الموقوف والمرفوع, ولا المرسل الموصول, وعدم الذكر الإثبات.

الأخرى : مخالفة المقبول لِمَنْ هو أولى منه , وهي مردودة فيُرَجَّحُ الوقف أو الإرسال أو عدم الذكر, فيُعِلُّ الموقوف المرفوع, والمرسل الموصول , وعدم الذكر الذكر, فالرواية الراجحة محفوظة, والرواية المرجوحة شاذة أو منكرة أو غير ذلك من الخطإ.
ممدوح ماذا عمل تجاه هاتين القاعدتين في تطبيقهما على مفردات الأحاديث في كتاب كامله (التعريف) ؟

1) قال في (2/301) : " تصحيح نمذجي مفصل الدارقطني للموقوف لا يُعِلُّ المرفوع, والتعارض بين الرفع والوقف مسألة يتجاذبها أنظار المحدثين والفقهاء والأصوليين" اهـ.

كلام واضح في ردّ ترجيح الدارقطني للوقف بحجة أنَّ " التعارض بين الرفع والوقف مسألة يتجاذبها أنظار المحدثين والفقهاء والأصوليين".

فأين : " يرجع في كل علم إلى قواعد وعمل أهله"؟.

2) قال في (2/53) : " ومسالة تعارض الرفع والوقف مشهورة, وما رجحه الخطيب ثُمَّ النووي هو أنَّ الرفع زيادة ثقة وهي مقبولة." اهـ.

وهذا قول واضح في العمل بالقاعدة الأولى وإهمال القاعدة الأخرى.

3) قال في (2/143) :" والرفع زيادة ثقة لا تنافي الوقف فوجب المصير إلى قبولها, كما هو مقرر ....." اهـ.

4) قال في (2/171) : " والاختلاف بين الوصل والإرسال خلاف مشهور, والوصل إذا جاء من مقبول الحديث فهي زيادة ثقة ينبغي المصير إليه."

تأمَّل : " خلاف مشهور" بين مَنْ و مَنْ؟ تأمَّل : " ينبغي المصير إليه" إهمال واضح للقاعدة الأخرى.

5) قال في (2/252) : " وهذه زيادة غير مخالفة في شيء, فهي كالحديث المستقل" اهـ.
6) قال في (2/329) : " والموقوف لا يعل المرفوع, لأنَّ الأخير زيادة ثقة يجب قبولها" اهـ.
تأمَّل : " يجب قبولها"

7) قال (2/377) : " والموقوف لا يعل المرفوع في شيء كما هو معلوم وتقدم" اهـ.

تأمَّل : " كما هو معلوم وتقدم".

8) قال في (2/ 398) : "فإن قيل : رواية الضربتين مرجوحة لأنَّ الأكثرين لم يذكروها, أجيب بالآتي :
1- إن الزيادة إذا ثبتت من الراوي الثقة تقبل مالم تقع منافية لغيرها, " والضربتان" زيادة ثقات فوجب المصير إليها ." اهـ.

قول واضح في إهمال القاعدة الأخرى وقبول زيادة الثقة ما لم تقع منافية لغيرها.

9) قال في (2/413): " هذا المرسل لا يُعِلُّ الموصول في شيء, والحكم عند الجماهير للمتصل" اهـ.
تأمَّل : " والحكم عند الجماهير للمتصل" ايّة جماهير هذه؟ وأين أهل الحديث منهم؟.
وأكّد هذا في الأجزاء الأخرى مثل:

10) قال في (3/8) : " وزيادة الثقة مقبولة ما لم تكن منافية"اهـ.

11) قال في (3/68-69) : " وللمحدثين هنا مسلكان كلاهما يقوّي الرفع:
أولهما: أنَّ الرفع زيادة ثقة وهي مقبولة, إذ أنَّ الحكم لمن أتى بالزيادة وهو مذهب الخطيب البغدادي وجماعة من أئمة الفقه والحديث.

وثانيهما: الترجيح باعتبار القرائن, والقرائن تقوي الحكم بالرفع أيضاً, فإن من رفع الحديث أكثر عدداً (وهم ستة), مِمَّن وقفه ( وهما اثنان)." اهـ.

أول مرة ممدوح يذكر القاعدة التي أغفلها, فلم ذكرها؟.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©