الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

فسئل العلامة ابن عثمين كما في أسئلة الباب المفتوح (5/ 23ترقيم الشاملة ) :" هل يؤخذ بتضعيف وتصحيح نمذجي مفصل علماء الحديث المتأخرين، رغم أنه قد سبقهم من هو أكثر منهم حفظاً وعلماً وورعاً؟

فأجاب الشيخ : إذا تعارض في حديث تصحيح نمذجي مفصل المتقدمين والمتأخرين، بمعنى: أن الأولين صححوه والمتأخرين ضعفوه أو بالعكس، فإن الإنسان الذي عنده مقدرة وتمييز بين هذا وهذا ينظر أيهما أصح وأولى بالأخذ، وسيتبين له بأنه عنده علم، وأما من ليس كذلك فليأخذ بتصحيح نمذجي مفصل أو تضعيف المتقدمين؛ لأنهم أقرب إلى الصواب من المتأخرين، والقاعدة المعروفة عند أهل العلم: أنه كلما بعد الناس عن السنة زمناً أو عملاً ضعف علمهم بها.
فهذا هو التفصيل، من كان يعرف كيف يرجح هذا على هذا، فليرجح ما رأى، ومن كان لا يعرف فليأخذ بأقوال المتقدمين"

وسئل أيضاً كما أسئلة الباب المفتوح (40/11ترقيم الشاملة ) :" أحسن الله إليك! أنا طالب مبتدئ، ولكن يشكل عليَّ بعض الأحيان إذا قرأت حديثاً صححه مثلاً بعض المتقدمين، ويضعفه المتأخرون، فماذا أفعل؟

فأجاب الشيخ بقوله : الجواب على هذا: أنه إذا كانت عندك قدرة على معرفة سبب التضعيف للحديث وقمت بتحقيقه فاتبع ما ترى أنه الحق سواء كان من كلام المتقدمين أو من كلام المتأخرين، أما إذا لم يكن عندك قدرة، وأنت تقول أنك طالب مبتدئ، فاتبع ما يقوله الأقدمون؛ لأنهم أقرب إلى الصواب من المتأخرين"

وقريب من قول الشيخ هذا قول العلامة مقبل الوادعي في تحفة المجيب ص78 :" فينبغي أن تعرض كتب المتأخرين على كتب "العلل" حتى تعرف أخطاؤهم فإن لهم أخطاء كثيرة بالنسبة إلى العلماء المتقدمين، ولا يقال: كم ترك الأول للآخر، في علم الحديث.
أروني شخصًا يحفظ مثل ما يحفظ البخاري، أو أحمد بن حنبل، أو تكون له معرفة بعلم الرجال مثل يحيى بن معين، أو له معرفة بالعلل مثل علي بن المديني، والدارقطني، بل مثل معشار الواحد من هؤلاء، ففرق كبير بين المتقدمين والمتأخرين"

وأما ما ينهجه بعض الإخوة اليوم ، من ترك البحث وتقليد بعض العلماء المعاصرين ولو خالف من خالف من المتقدمين والمتأخرين فهذا منهج لا أعرف عالماً أرشد إليه

وقال العلامة ربيع المدخلي في محاضرته آثار التعصب الذميم :" ثالثا _ يعني من آثار التعصب _ : تقديم أقوال العلماء المتأخرين على أقوال الأئمة المتقدمين ، وقد أنحى أبو شامة في كتاب كامله المؤمل باللائمة على أهل مذهبه الشافعية ، قال : إن الشافعية الأولين كانوا يتعصبون لأقوال أئمتهم لكن يأخذون من قول المزني وقول غيره وقد يردون أقوال بعض الصحابة وبعض التابعين ثم جاء المتأخرون فردوا كلام المزني وغيره وتعلقوا بكلام الغزالي وأمثاله وأنحى عليهم باللائمة في الكتاب كامل وبين ما تردت إليه أوضاعهم وأحوالهم التي جرهم إليها التعصب الأعمى، والعياذ بالله"

والشيخ لا يعني تقديم كلام المتقدم على المتأخر بدون دليل ، وإنما أراد أنهم يقلدون المتأخرين والمتقدمون أولى بذلك ، وأنهم لو اتبعوا لما وجدوا حقاً عند المتأخرين ، إلا وقد قال به بعض المتقدمين إذ لا يعزب العلم عن جميعهم كما قال الشافعي في الرسالة


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©