الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

قال الحاكم في مستدركه 4468 - أَخْبَرَنِي مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ ، ثنا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَصْبَحَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِذَلِكَ ، فَارْتَدَّ نَاسٌ فَمَنْ كَانَ آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ ، وَسَمِعُوا بِذَلِكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالُوا: هَلْ لَكَ إِلَى صَاحِبِكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، قَالَ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ ؟ قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ: لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ ، قَالُوا: أَوَ تُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ ؟ قَالَ: نَعَمْ ، إِنِّي لَأَصُدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غَدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ ، فَلِذَلِكَ سُمَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ "

أقول : محمد بن كثير الصنعاني قال فيه الحافظ في التقريب :" صدوق كثير الغلط "


وقد خولف عن معمر خالفه عبد الرزاق

حيث قال في المصنف 9719 - قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَت

فذكر ثم سار يسرد أخباراً في السيرة من طريق معمر عن شيوخه

فكان مما قال : قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَذَكَرَ هِلَالٌ آبَاءَهُمُ الَّذِينَ مَاتُوا كُفَّارًا فَشَقُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَادَوْهُ فَلَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَصْبَحَ النَّاسُ يُخْبِرُ أَنَّهُ قَدْ أُسْرِيَ بِهِ فَارْتَدَّ أُنَاسٌ مِمَّنْ كَانَ قَدْ صَدَّقَهُ وَآمَنَ بِهِ، وَفُتِنُوا وَكَذَّبُوهُ بِهِ، وَسَعَى رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَشْهَدُ إِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ فَقَالُوا: أَتُصَدِّقَهُ بِأَنَّهُ جَاءَ الشَّامَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَجَعَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَعَمْ إِنِّي أُصَدِّقُهُ بِأَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا فَلِذَلِكَ سُمَيَّ أَبُو بَكْرٍ بِالصِّدِّيقِ

هكذا رواه مرسلاً وهو أصح ولا شك من رواية محمد بن كثير الصنعاني

وقال الآجري في الالشريعة الاسلامية 1016 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري في حديثه عن عروة قال : سعى رجال من المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا له : هذا صاحبك يزعم أنه قد أسري به الليلة إلى بيت المقدس ، ثم رجع من ليلته ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أو قال ذاك ؟ قالوا : نعم ، قال أبو بكر رضي الله عنه : فأنا أشهد إن كان قال ذاك لقد صدق ، قالوا : تصدقه أنه قد جاء الشام في ليلة واحدة ورجع قبل أن يصبح ؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه : نعم ، أنا أصدقه بأبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء غدوة وعشية فلذلك سمي أبو بكر رضي الله عنه : الصديق

أقول : رواية عبد الرزاق في مصنفه والتي ليس فيها ذكر عروة أصح ولا شك

وقال الطبري في تهذيب الآثار 2758 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني ابن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « أسري به على البراق ، وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام ، يقع حافرها موضع طرفها ، قال : » فمررت ببعير من عيرات قريش بواد من تلك الأودية ، فنفرت العير ، ومنها بعير عليه غرارتان سوداء وورقاء « ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيلياء ، فأتي بقدحين ، قدح لبن وقدح خمر ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح اللبن ، فقال له جبريل عليه السلام : هديت إلى الفطرة ، لو أخذت قدح الخمر غوت أمتك ، قال ابن شهاب ، فأخبرني ابن المسيب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي هناك إبراهيم ، وموسى وعيسى صلوات الله عليهم ، فنعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : » أما موسى فضرب رجل الرأس ، كأنه من رجال شنوءة ، وأما عيسى فرجل أحمر كأنما خرج من ديماس ، فأشبه من رأيت به عروة بن مسعود الثقفي ، وأما إبراهيم فأنا أشبه ولده به . فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث قريشا أنه أسري به ، قال : فارتد ناس كثير بعد ما أسلموا ، قال أبو سلمة : فأتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فقيل له : هل لك في صاحبك ؟ يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس ثم رجع في ليلة واحدة قال أبو بكر : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : فأشهد ، إن كان قال ذلك ، لقد صدق ، قالوا : أفتشهد أنه جاء الشام في ليلة واحدة ؟ قال : إني أصدقه بأبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء

هنا خالف يونس معمراً ، فروى الخبر عن الزهري عن أبي سلمة مرسلاً

ومعمر فهو أوثق من يونس ، ولكن البيهقي أورد في دلائل النبوة متابعاً ليونس

قال البيهقي في دلائل النبوة أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَقِيَ فِيهِ: إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَأَنَّهُ أُتِيَ بِقَدَحَيْنِ: قَدَحُ لَبَنٍ، وَقَدَحُ خَمْرٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ قَدَحَ اللَّبَنِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هُدِيتَ الْفِطْرَةَ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ لَغَوَتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ فَافْتَتَنَ نَاسٌ كَثِيرٌ كَانُوا قَدْ صَلَّوْا مَعَهُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَتَجَهَّزَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا لَهُ: هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِكَ؟ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَقَالَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَأَشْهَدُ، لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ. قَالُوا: فَتُصَدِّقُهُ بِأَنْ يَأْتِيَ الشَّامَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ قَالَ: نَعَمْ * إِنِّي أُصَدِّقُهُ بِأَبْعَدِ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَبِهَا سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِيَ بِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلَّى الله عَزَّ وَجَلَّ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرَهُمْ عَنْ آيَاتِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ

وبهذا تكون رواية الزهري عن أبي سلمة مرسلاً أصح

وأوردوا لهذا الخبر شاهداً من حديث شداد بن أوس

قال الطبري في تهذيب الآثار 2775 - حدثني عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم زبريق الزبيدي ، قال : حدثني عمرو بن الحارث ، قال : حدثني عبد الله بن سالم الزبيدي ، قال : قال : حدثني الوليد بن عبد الرحمن ، أن جبير بن نفير ، قال : حدثنا شداد بن أوس ، قال : قلنا : يا رسول الله ، كيف أسري بك ليلة أسري بك ؟ قال : « صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما ، فأتاني جبريل بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل ، فقال : اركب ، فاستصعبت علي فردها بأذنها ، ثم حملني عليها ، فانطلقت تهوي بنا ، تضع حافرها حيث أدرك طرفها ، حتى بلغنا أرضا ذات نخيل ، فقال : انزل فنزلت ، قال : صل فصليت ، ثم ركبنا ، فقال : أتدري أين صليت ؟ قال : قلت : الله أعلم ، قال : صليت بيثرب ، صليت بطيبة ، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضا بيضاء ، فقال : انزل فنزلت ، ثم قال : صل ، فصليت ، ثم ركبنا ، فقال : أتدري أين صليت ؟ قال : قلت : الله أعلم ، قال : صليت بمدين ، صليت عند شجرة موسى صلى الله عليه ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثم بلغنا أرضا بدت قصورها ، ثم قال : انزل فنزلت ، قال : صل فصليت ثم ركبنا ، قال : أتدري أين صليت ؟ قال : قلت : الله أعلم ، قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم صلوات الله عليه ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني ، فأتى قبلة المسجد فربط فيه دابته ، ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر ، فصليت من المسجد حيث شاء الله ، فأخذني من العطش أشد ما أخذني ، فأتيت بإناءين في أحدهما اللبن ، فشربت حتى قدعت به جبيني ، وبين يدي شيخ متكئ على متكأ له ، فقال : أخذ صاحبك الفطرة ، إنه لمهدي ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي في المدينة ، فإذا جهنم تكشف عن مثل كذا » ، فقلنا : يا رسول الله ، كيف وجدتها ؟ فقال : « مثل الحمة السخنة ، ثم انصرف بي ، فمررنا بعير بمكان كذا وكذا ، قد أضلوا بعيرا لهم قد جمعه فلان ، فسلمت عليهم ، فقال بعضهم : هذا صوت محمد ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة ، فأتاني أبو بكر فقال : يا رسول الله ، أين كنت الليلة ؟ قد التمستك في مظانك فقال : » أعلمت أني أتيت بيت المقدس الليلة ؟ « ، فقال : يا رسول الله إنه مسيرة شهر قال : فصفه لي ، قال : ففتح لي صراط حتى كأني أنظر إليه ، لا يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم ، فقال أبو بكر : أشهد أنك رسول الله ، وقال المشركون : انظروا إلى ابن كبشة ، يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة قال : فقال : إن من آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم ، فجمعه فلان ، وإن مسيرهم لكم ، ينزلون بكذا ثم كذا ، ويأتونكم يوم كذا وكذا ، يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود ، وغرارتان سوداوان » فلما كان ذلك اليوم ، أشرف الناس ينظرون ، حتى كان قريبا من نصف النهار أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل ، كالذي وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم

أقول : وهذا الشاهد إن صح وإسناده نظيف فإنه يدل على نكارة الرواية المرسلة لا صحتها فإنه يخالفها في أمور


منها أن الصديق علم بأمر الإسراء من النبي صلى الله عليه وسلم لا من المشركين

وليس فيه قول الصديق ( إني أصدقه بأبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء )

وأن ذلك كان سبب تسميته بالصديق

وعليه فالخبر الأصل لا يصح والله أعلم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©