تصحيح نمذجي مفصل حديث " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِى اللَّهُمَّ إِنِّى أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ ... فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ".

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :
فان هذا الحديث روي عن أنس بن مالك من ثلاث طرق وهو حديث ثابت ولله الحمد والمنة.
الطريق الأول :
عن بقية بن الوليد حدثني مسلم بن زياد مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سمعت أنس بن مالك يقول: "قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- :"من قال حين يصبح اللهم إنا أصبحنا نشهدك ونشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك وأن محمدا عبدك ورسولك إلا أعتق الله ربعه في ذلك اليوم ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار ومن قالها أربع مرات أعتقه الله من النار في ذلك اليوم "
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" برقم (1201)عن إسحاق بن راهوية عن بقية عن مسلم بن زياد به، أي بعنعنة بقية، وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6/6/برقم 9837) عن إسحاق بتصريح بقية بالسماع، وكذا في "عمل اليوم والليلة" برقم (9) وكذا ابن السني في "عمل اليوم والليلة" برقم (70) وابن عساكر في "مادة التاريخ دمشق" (58/97) من طريق لُوَيْن، وهو محمد بن سليمان بن حبيب عن بقية أخبرني مسلم بن زياد به.
قلت : أعله الامام الالباني في سلسلة الاحاديث الضعيفة (11/236) بعلتين فقال :
((أحداهما : عنعنة بقية، فإنه كان معروفا بالتدليس.
والأخرى : جهالة مسلم بن زياد هذا، قال ابن القطان : حاله مجهول)).
والجواب عن العلة الاولى ان يقال بقية صرح بالتحديث من طريق اسحاق ابن راهويه عند النسائي في السنن الكبرى وفي عمل اليوم والليلة وكذا عمل اليوم والليلة لابن السني وقد توبع ابن راهويه على تصريح بقية بالتحديث فقد تابعه الحافظ لوين عند الضياء المقدسي في "المختارة" والحافظ بن عساكر في مادة التاريخ دمشق.
من اجل ذلك قال الحافظ بن حجر في نتائج الافكار " (2/377): "وبقية صدوق، أخرج له مسلم، وإنما عابوا عليه التدليس والتسوية، وقد صرَّح بتحديث شيخه له،وبسماع شيخه، فانتفت الريبة"اهـ

واما الجواب عن العلة الثانية ان يقال أن مسلم بن زياد روى عنه جماعة: بقية، وابن لهيعة، وإسماعيل بن عياش، كما في " التهذيب". وهذا يرفع جهالته العينية.
وهناك امور تقوي حالة مسلم بن زياد :
الاول :ذكره ابن حبان في كتاب كامله الثقات (5399) وروى عنه بقية بن الوليد وإسماعيل بن عياش وعبد الله بن لهيعة.
الثاني :انه كان على خيل عمر بن عبد العزيز فدل ذلك على امانته قال البخاري في المادة التاريخ الكبير (1101):"صاحب خيل عمر بن عبد العزيز يعد في الشاميين" وكذلك قال ابو حاتم الرازي في الجرح والتعديل (802)
وقد أشار الى هذا الحافظ ابن حجر - رحمه الله- فقال في "نتائج الأفكار" (2/377) (وقد توقف فيه ابن القطان فقال: لا تعرف حاله، ورد بأنه وصف بأنه كان على خيل عمر بن عبد العزيز، فدل على أنه أمير(لعل الصواب أمين)، وذكره ابن حبان في الثقات)).
الثالث : أنه مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال ابن كثير في تفسيره 1/407 ، بعد أن ساق حديثاً رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من طريق عثمان بن واقد ، عن أبي نصيرة ، عن مولى لأبي بكر ، عن أبي بكر رضي الله عنه وقول علي بن المديني ، والترمذي ليس إسناد هذا الحديث بذاك ، فالظاهر أنه لأجل جهالة مولى أبي بكر ، ولكن جهالة مثله لا تضر ؛
لأنه تابعي كبير ، ويكفيه نسبته إلى أبي بكر ، فهو حديث حسن والله أعلم ) انتهى كلام ابن كثير .
ومن المعلوم ان ميمونة –رضي الله عنها – توفيت سنة 51 هجري فهذا يدل على سبق الرجل وقد الحافظ المزي في تهذيب الكمال (5926) أنه رأى فضالة بن عبيد فمثله ممن يحسن الظن فيهم والحافظ الذهبي قال في خاتمة كتاب كامله "ديوان الضعفاء (ص:47) : ( وأما المجهولون من الرواة * فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم احتمل حديثه وتلقي بحسن الظن * إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ * وإن كان الرجل منهم من صغار التابعين فيتأنى في رواية خبره * ويختلف ذلك باختلاف جلالة الراوي عنه وتحريه وعدم ذلك ا.هـ والله أعلم) .
الرابع : أنه توبع على حديثه هذا فقد تابعه مكحول وابو سليمان الخراساني فهذا مما يقوي أمره.
الخامس :ان البخاري اخرج له هذا الحديث في الادب المفرد فهذا مما يقوي حاله لان البخاري لا يروي عن أحد إلا وهو يرى أنه يمكنه تمييز صحيح حديثه من سقيمه ؛ قال المعلمي في ‹‹ التنكيل ›› ‹‹ 1/128 طبعة القاهرة ›› ( وهذا يقتضي أن يكون الراوي على الأقل صدوقاً في الأصل ، فإن الكذاب لا يمكن أن يعرف صحيح حديثه ....
فإن قيل : قضية الحكاية المذكورة أن يكون البخاري التزم أن لا يروي إلا ما هو عنده صحيح فإنه إن كان يروي ما لا يرى صحته فأي فائدة في تركه الرواية عمن لا يدري صحيح حديثه من سقيمه ؟ لكن كيف تصح هذه القضية مع أن في كتب البخاري غير « الصحيح » أحاديث غير صحيحة ، وكثير منها يحكم هو نفسه بعدم صحتها ؟
قلت : أما ما نبه على عدم صحته فالخطب فيه سهل ، وذلك بأن يحمل كونه لا يروي ما لا يصح على الرواية بقصد التحديث أو الاحتجاج ، فلا يشمل ذلك ما يذكره ليبين عدم صحته ، ويبقى النظر فيما عدا ذلك .
وقد يقال : إنه إذا رأى أن الراوي لا يعرف صحيح حديثه من سقيمه تركه البتة ليعرف الناس ضعفه مطلقاً ، وإذ رأى أنه يمكن معرفة صحيح حديثه من سقيمه في باب دون باب ترك الرواية عنه في الباب الذي لا يعرف فيه كما في يحيى بن بكير ، وأما غير ذلك فإنه يروي ما عرف صحته وما قاربه أو أشبهه مبيناً الواقع بالقول أو الحال ؛ والله أعلم ›› ؛ انتهى باختصار .
تنبيهات :
التنبيه الاول: ان بقية روى الحديث بذكر ثواب العتق من النار رواه عنه اسحاق بن راهويه المروزى والحافظ لوين الكوفي الاصل.
في حين رواه بقية بلفظ آخر لذكر الثواب، وهو: "غُفر له ما أصاب فييومه من ذنب ... وغُفر له ما أصاب تلك الليلة من ذنب".
وقد رواه عن بقية جمع من الشاميين منهم حيوة بن شريح وكثير بن عبيد ويزيد بن عبد ربه و محمد بن عمرو بن حنان.
واللفظ الاول اصح لانه الحديث روي من غير طريق بقية بذكر العتق من النار فالظاهر ان بقية حدث بالحديث باللفظ الصحيح وسمعه منه اسحاق ابن راهويه ولوين وحدث بالحديث في وقت آخر واخطأ في لفظه فسمع ذلك منه الشاميون ويمكن عند التأمل القول بان معنى اللفظين متقارب لان من اعتق من النار فقد غفر له.

التنبيه الثاني: روى بقية الحديث بجعل الذكر من اذكار الصباح روى عنه ذلك اسحاق ولوين.
في حين رواه عنه الشاميون بجعله من اذكار الصباح والمساء لانه المروي عن انس من غير طريق بقية .

الطريق الثاني :
من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عبد الرحمن بن عبد المجيد السهمي عن هشام بن الغاز بن ربيعة عن مكحول عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِى اللَّهُمَّ إِنِّى أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَعْتَقَ اللَّهُ رُبْعَهُ مِنَ النَّارِ فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ وَمَنْ قَالَهَا ثَلاَثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِهِ فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ "
أخرجه أبو داود (5/196) برقم (5069) دون قوله: "وحده لا شريك له" من روايته عن أحمد بن صالح عن ابن أبي فديك به.
وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" برقم (73) من طريق أحمد بن صالح وجعفر بن مسافر، كلاهما عن ابن أبي فديك به تامًّا.
وأخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في "العرش" (ص361-363) برقم (23) عن يوسف بن يعقوب الصفار عن ابن أبي فديك به، إلا أنه ذكر فضل من قالها مرة واحدة، ومن قالها أربعًا، ولم يذكر المرتين والثلاث.
وقد أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (2/برقم 1542) من طريق أحمد بن صالح وجعفر بن مسافر عن ابن أبي فديك به، وكذا في (4/برقم 3369) من طريق أحمد بن صالح وجعفر بن مسافر به، إلا أنهما قالا في هذه الرواية: "ابن أبي فديك عن عبد الرحمن بن عبد الحميد" بتقديم الحاء على الميم، لا "ابن عبدالمجيد" بتقديم الميم على الجيم، وقد أخرجه أيضًا في "الدعاء" (2/برقم 297) من طريق أحمد بن صالح وعبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي عن ابن أبي فديك به.
وأخرجه أبو الحسن علي بن عمر الحربي في "الفوائد المنتقاة عن الشيوخ العوالي" (ص296) برقم (59) وفيه "عبد الرحمن بن عبد الحميد" وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/185) من طريق محمد بن رافع وجعفر بن مسافر، وفيه "عبد الرحمن بن حميد" وليس "عبد الحميد" ولعله تحريف من أحد الرواة، أو النُّساخ، أو الطباعة.
وأخرجه المقدسي في "الترغيب في الدعاء والحث عليه" (ص426) برقم (94) من طريق عبد العزيز بن يحيى أبي القاسم الأويسي عن ابن أبي فديك به، وليس فيه: "وأن محمدًا عبدك ورسولك".
وأخرجه الضياء في "المختارة" (7/225/برقم 4664) من طريق يحيى بن المغيرة عن أبي فديك به.
وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" (17/256) مرتين من طريق أحمد بن صالح وأبي الأزهر أحمد بن الأزهر بن منيع، كلاهما عن ابن أبي فديك به.
وأخرجه الحافظ في "نتائج الأفكار" (2/375) من طريق جماعة، وهم: أحمد بن صالح، وسريج بن يونس، ويحيى بن المغيرة، وعبد الرحمن بن أبي جعفر، كلهم عن ابن أبي فديك به، وذكر أن الخرائطي أخرجه في "مكارم الأخلاق" من طريق عبد القدوس بن يحيى عن ابن أبي فديك به، انظر "نتائج الأفكار" (2/376) وذكر الحافظ أن السند في هذه الرواية فيه: "عبد الحميد" بتقديم الحاء على الميم، وعزاه أيضًا إلى الفريابي.
قلت :أعله الالباني ، بعلتين :
(( الأولى : عبد الرحمن بن عبد المجيد لا يعرف كما في " الميزان " وقال الحافظ في " التقريب " : مجهول.
الأخرى : أنهم اختلفوا في سماع مكحول من أنس، فأثبته أبو مسهر، ونفاه البخاري، فإن ثبت سماعه منه فالعلة عنعنة مكحول فقد قال ابن حبان : ربما دلس)).

والجواب عن العلة الأولى ان يقال قال الحافظ في تهذيب التهذيب (6/221):
وقع فى **** الخطيب : عبد الرحمن بن عبد الحميد .
و كذا فى " التذكرة " للفريابى .
و وقع عند الطبرانى فى " الدعاء " ، من رواية ابن أبى فديك : عن عبد الرحمن بن عبد المجيد .
و لم أر فيه جرحا و لا تعديلا ، إلا أن صنيع المصنف فى " الأطراف " يقتضى أن يكون هو عبد الرحمن بن عبد الحميد الماضى قبل ترجمتين ( رقم : 3931 ) فإنه قال فى ترجمة مكحول : عن أنس حديث " من قال حين يصبح و حين يمسى : اللهم إنى أصبحت ، أشهدك . .
. . " الحديث . و فى " الأدب " عن أحمد بن صالح ، عن ابن أبى فديك ، عن عبد الرحمن بن عبد الحميد السهمى ، و يقال : ابن عبد الحميد بن سالم أبى رجاء المكفوف ، عن هشام بن الغاز . انتهى .
فإن كانا واحدا فقد عرف حاله ، و الله أعلم . اهـ .

وقال في نتائج الافكار (2 /376)(وقع في **** الخطيب في سنن أبي داود عبد الرحمن بن عبد المجيد كما في روايتنا، وفي بعض النسخ بتقديم الحاء المهملة على الميم، وكذا هو في رواية الخرائطي والفريابي، وجزم به صاحب الأطراف، ورجحه المنذري، وأنه أبو رجاء المكفوف، فإن كان كذلك فهو مصري صدوق، لكن تغير بأخرة، وإن كان ابن عبد المجيد فهو شيخ مجهول)).
والقول بالتصحيف بعيد عندي لان كلا الاسمين ورد في عدة مصادر فالظاهر ان الاضطراب في تسمية شيخ ابن ابي فديك هو من ابن ابي فديك نفسه فلعله ممن كان يغلط في اسماء الشيوخ فتارة يقول عبد الرحمن بن عبد الحميد وتارة يقول عبد الرحمن بن عبد المجيد والاول هو الارجح لانه لا يعرف في رواة هذه الطبقة عبد الرحمن بن عبد المجيد فعلى هذا فالاسناد لا بأس به وعلى الاحتمال الثاني يكون الاسناد فيه مجهول .
واما الجواب عن العلة الثانية ان يقال أن مكحولاً سمع من أنس، وما نقله الحافظ في "تهذيب التهذيب" (4/149) وعزاه إلى "الأوسط" و "الصغير" للبخاري انه نفى سماع مكحول من انس وهم أو تصحيف.
والبخاري أثبت سماعه من أنس"المادة التاريخ الكبير" (8/21)، وكذا في "الأوسط" (3/146) وقال أبو زرعة ابن العراقي في "تحفة التحصيل" (ص315): "قال البخاري: إنه سمع من أنس، وأبي مرة، وواثلة، وأمالدرداء، نقلتُ ذلك جميعه من خط والدي، أبقاه الله تعالى" اهـ.
وفي مادة التاريخ يحيى بن معين رواية الدوري (5251)-( سمعت يحيى يقول سمعت مكحول من واثلة بن الأسقع وسمع من فضالة بن عبيد وسمع من أنس بن مالك )).

واما الجواب عن القول برمي ابن حبان مكحول بالتدليس في "الثقات" (5/447) بقوله : "ربما دلس" فيقال هذا يدل على قلة تدليسه، ومن كان كذلك فالأصل تمشية عنعنته حتى تظهر النكارة.
وأم قول الحافظ الذهبي، في "الميزان" (4/177) ، فقال: "قلت: هو صاحب تدليس" فقد تعقبه الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين" (ص156) فقال: "ولم أره للمتقدمين إلا في قول ابن حبان" اهـ أي أنه لو كان صاحب تدليس؛ لاشتهر بذلك عند المتقدمين،ولو اشتهر ذلك عندهم؛ لنقله غير ابن حبان، والأمر على خلاف ذلك.
والذهبي نفسه ذكر في "تذكرة الحفاظ" (1/107) أن مكحولاً كان يرسل كثيرًا ويدلس عنأبي بن كعب، وعبادة بن الصامت، وعائشة، والكبار" اهـ
ومن المعلوم ان انس ليس من كبار الصحابة فرواية مكحول عنه تحمل على الاتصال.

الطريق الثالث:
أخرجه ابن عساكر في "مادة التاريخ دمشق" (66/279) من طريقين عن أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن – وهو ابن بنت شرح مفصلبيل- حدثنا مطر بن العلاء الفزاري حدثني أبو سليمان الحرستاني، ويقال: الخراساني، قال: أتيتُ أنس بن مالك، فسمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من قال حين يصبح وحين يمسي أربع مرات: اللهم إني أُشْهدك، وملائكتك،وحملة عرشك، وجميع خلْقك: أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمدًا عبدك ورسولك، أربعًا غدوة، وأربعًا عشيًّا، ثم مات؛ دخل الجنة".
وفي رواية: "كان والدي مع أنس بن مالك بنيسابورإذْ كان عليها واليًا أميرًا، فتُوفِّي والدي، وجعل وصيته إلى أنس، وقد احتلمتُ،فدفع إليَّ ما ترك أبي، فسمعته يقول: ..... فذكره.
أقول :وهذا إسناد لا بأس به
أبو ايوب سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرح مفصلبيل ثقة من شيوخ البخاري وانما عيب عليه روايته عن الضعفاء ومطر ليس منهم.
ومطر بن العلاء الفزاري قال عنه أبو حاتم الرازي :"شيخ" فمثله قد يحسن حديثه فقد قال الامام الالباني في السلسة الصحيحة(6 / 277)و اعلم أن من قيل فيه : " شيخ " ، فهو في المرتبة الثالثة من مراتب التعديل ، يكتب حديثه و ينظر فيه كما قال ابن أبي حاتم نفسه ( 1 / 1 / 37 ) و جرى عليه العلماء كما تراه في " التدريب " ( ص 232 ) ، و معنى ذلك أنه ممن ينتقى من حديثه ، أو أنه حسن الحديث إذا لم يخالف ، و لعله قد أشار إلى ذلك الحافظ الذهبي بقوله في مقدمة " الميزان " : " و لم أتعرض لذكر من قيل فيه : " محله الصدق " ، و لا من قيل فيه : " لا بأس به " ، و لا من قيل فيه : " هو صالح الحديث " ، أو " يكتب حديثه " ، أو" هو شيخ " ، فإن هذا و شبهه يدل على عدم الضعف المطلق " )).

وأما ابو سليمان الخراساني أو الحرستاني والصواب الخراساني يدل على هذا قوله "كان والدي مع أنس بن مالك بنيسابورإذْ كان عليها واليًا أميرًا، فتُوفِّي والدي، وجعل وصيته إلى أنس، وقد احتلمتُ،فدفع إليَّ ما ترك أبي...." فقد قال ابن منده في كتاب كامله فتح الباب في الكنى والألقاب (1/367)"أبو سليمان الخراساني حدث عن أنس بن مالك روى عنه شعبة وقيل سليمان"
وقال ابو حاتم الرازي في الجرح والتعديل (667):"سليمان أو أبو سليمان الخراساني روى عنه شعبة حديث النبيذ سمع منه في طريق مكة سمعت أبى يقول ذلك "
ومن المعلوم ان الأصل في شعبة بن الحجاج أنه لا يروي الا عن ثقة فهذا يقوي حال ابو سليمان الخراساني وقد قال الذهبي في "الموقظة" (ص: 81):" وقد قيل في بعضهم : فلان ثقة * فلان صدوق * ... فلان شيخ * فلان مستور * فلان روى عنه شعبة أو مالك أو يحيى ، وأمثال ذلك كـ : فلان حسن الحديث * فلان صالح الحديث * فلان صدوق إن شاء الله * فهذه العبارات كلها جيدة* ليست مضعفه لحال الشيخ * نعم ولا مرقية لحديثه إلى درجة الصحة الكاملة المتفق عليها * لكن كثير مما ذكرنا متجاذب بين الاحتجاج به وعدمه ا.هـ .

والخلاصة أن الحديث صحيح بشواهده وقد حسنه جمع من الائمة منهم النووي والحافظ بن حجر في نتائج الافكار والعلامة ابن باز في تحفة الاخيار والعلامة عبد المحسن العباد في شرح مفصله لسنن ابي داود وبالله التوفيق.

تنبيه: ليس كل ما في هذا البحث هو من جهدي بل استفدت كثيرا ممن كتب قبلي في هذا الحديث وربما استعملت عباراتهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه محبكم عمر ابن ابراهيم الموصلي




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©