سلسلة الفوائد الحِسان المستنبطة
من كتاب كامل
( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان )
الحلقة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً* وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً * وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً مزيداً .
وبعد : فإن كتاب كامل اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان للشيخ محمد بن فؤاد بن عبد الباقي من أفضل كتب الحديث ؛ إذ قد جمع فيه مؤلفه أصح الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم* وقد أوصى بحفظه والعناية به كثير من العلماء منهم محدث الديار اليمنية الإمام مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله - * وقد استمعتُ لمحاضرة للشيخ العلامة عبد المحسن بن حمد العباد يشرح مفصل فيها كتاب كامل الصيام من هذا الكتاب كامل وتأريخ الدرس ( بعد عصر يوم السبت 7 رمضان 1416 هـ في المسجد النبوي ) * وذكر أهمية الكتاب كامل ومنهج مؤلفه في تأليف الكتاب كامل ؛ فرأيت أن أذكر بعض الفوائد المستنبطة من أحاديث هذا الكتاب كامل العظيم وأنزلها على شكل حلقات في هذا المنتدى المبارك وأرجو من إخواني أن يذكروا ما يعرفون من الفوائد مما لم أذكره - سواء كان قد غاب عني أو لم أطلع عليه - من باب التعاون على البر والتقوى .
من أهمية الكتاب كامل أنه جمع الأحاديث الأعلى درجة في الصحة قال ابن الصلاح في المقدمة ص 10 عند ذكره لأقسام الحديث الصحيح :
( فأولهما : صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعاً

الثاني : صحيح انفرد به البخاري أي عن مسلم

الثالث : صحيح انفرد به مسلم أي عن البخاري

الرابع : صحيح على شرطهما لم يخرجاه

الخامس : صحيح على شرط البخاري لم يخرجه

السادس : صحيح على شرط مسلم لم يخرجه

السابع : صحيح عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما
هذه أمهات أقسامه وأعلاها الأول وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا : صحيح متفق عليه . ) أ هـ .
وسأذكر نص الحديث من الكتاب كامل وأتبعه بذكر ما تيسر من الفوائد .
وقبل البدء بالحديث وفوائده رأيت أن أذكر بعض كلام الشيخ العلامة عبد المحسن بن حمد بن عباد البدر – حفظه الله تعالى – المتعلق بالكتاب كامل .
قال حفظه الله : (( أما كتاب كامل اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان فهو أحسن ما كُتب في الأحاديث المتفق عليها أحسن كتاب كامل جمع الأحاديث المتفق عيها هو كتاب كامل اللؤلؤ والمرجان وقد ألّف قبله مؤلفون ولكنهم ما اعتنوا عنايته ولم يحصروا مثل حصره فهو تميز على ما تقدمه من الكتب التي جمعت الأحاديث المتفق عليها فهو أحسنها وأدقها وأجمعها وأوسعها وقد بلغت الأحاديث فيه ألف وتسعمائة وستة أحاديث [ 1906 ] كلها من قبيل المتفق عليه وكلها بالدرجة العليا التي أشرتُ إليها يعني من الدرجات السبع [ يعني التي ذكرها ابن الصلاح ونقلتُها آنفاً ] والشيخ محمد فؤاد عبد الباقي من المعاصرين وقد توفي سنة أولى388 [هـ ] وهو ليس من أهل العلم ولكنه من أهل التنظيم يعني عنده تنظيم وعنده عناية بالفهرسة وعنده جَلَد في هذا المجال وهو غير معروف بالعلم ليس له مؤلفات يعني في العلم فيما أعلم ولكن له عناية في التنظيم والفهرسة فقد اعتنى بصحيح مسلم عناية فائقة ورقم أحاديثه ترقيمات متعدد رقمه على أساس التكرار ورقمه بدون تكرار وطبع في أربعة مجلدات بعناية فؤاد عبدالباقي ووضع مجلداً خامساً كله فهارس اشتمل على عشرة فهارس كلها تتعلق بصحيح مسلم فخدم صحيح مسلم خدمة فائقة وخدمة عظيمة وكذلك رقم أحاديث البخاري والترقيم الموجود في فتح الباري مع الطبعة السلفية هو ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي وكتاب كامل اللؤلؤ والمرجان وضعه على عمل ثلاثة أشخاص فالألفاظ الموجودة هي للبخاري فالألفاظ الموجودة والمتن الموجود في اللؤلؤ والمرجان هو لفظ البخاري والترتيب ترتيب مسلم الترتيب على ترتيب مسلم والأبواب التي وضعها فيه هي ليست لمسلم ولا للبخاري ولكنها للنووي في كتاب كامله شرح مفصل مسلم فإن النووي بوب ووضع الأبواب في الشرح مفصل في الحاشية ومسلم رحمه الله ما وضع أبواباً في صحيحه وإنما وضع كتباً فقط فالكتب الموجودة هي من عمل الإمام مسلم في صحيح مسلم ولكن الأبواب التي وضعها فؤاد عبدالباقي في طبعته هذه * هذه ليست لمسلم ولهذا كتاب كامل صحيح مسلم التي طبعت غير هذه الطبعة ما فيها أبواب في داخل الكتاب كامل وانما فيه كتب فقط كتاب كامل الصيام كتاب كامل الإيمان كتاب كامل الزكاة كتاب كامل الصلاة كتاب كامل الصيام وهكذا ولكنه رحمه عندما وضع كتاب كامله غير مبوب وضعه في حكم المبوب لأنه يجمع الأحاديث المتماثلة التي يشملها موضوعاً واحد في مكان واحد فهو في حكم المبوب وهو غير مبوب والنووي رحمه الله وضع أبواباً لتلك المجموعات التي هي في حكم المبوب وضع لها أبواب في الحاشية وفؤاد عبد الباقي لما اعتنى في صحيح مسلم هذه العناية الني رقم أحاديثه وفهرسها أدخل في داخل الكتاب كامل أبواب النووي وهي ليست لمسلم وإنما هي للنووي وعلى هذا فكتاب كامل مسلم ليس فيه أبواب وإنما فيه كتب فقط وهذه الطبعة التي لصحيح مسلم بترقيم وفهرسة عبدالباقي الأبواب فيه للنووي وكذلك الأبواب التي في اللؤلؤ والمرجان هي أيضاً للنووي إذاً هذا الكتاب كامل الذي هو اللؤلؤ والمرجان فيه جهود ثلاثة أشخاص البخاري وله الألفاظ والمتون الموجودة في اللؤلؤ والمرجان الأحاديث الموجودة هي الفاظ البخاري والترتيب ترتيب مسلم الترتيب هو لمسلم والأبواب للنووي ..... والإمام البخاري رحمه الله من المعلوم أنه يفرق الحديث على الأبواب وعلى الكتب لأنه أراد أن يكون كتاب كامل رواية ودراية ولهذا يفرّق الحديث على الأبواب ويقطّعه ويأتي به أحياناً كاملاً واحياناً مختصراً فكيف أثبت فؤاد عبدالباقي الفاظ البخاري مع أنّ البخاري يذكره في عدة أبواب ؟ يعمُد إلى اقرب لفظ عند البخاري إلى لفظ مسلم يعني ينظر في الأحاديث المكررة عند البخاري في أبواب متعددة في كتب متعددة فينظر أيها أقرب إلى لفظ مسلم لأن مسلم ما يذكر الحديث في مواضع يذكره في مكان واحد لكنه بالطرق المختلفة والطرق المتعددة يذكره في موضع واحد الأحاديث يذكرها في موضع واحد فيأتي عبدالباقي فينظر في الفاظ البخاري التي جاءت في عدة أبواب فينظر أقربها إلى لفظ مسلم فيثبتُ لفظ البخاري في المكان الذي وضع فيه مسلم الحديث فإذاً اللفظ للبخاري والترتيب لمسلم والأبواب للنووي والأبواب في كتاب كامل اللؤلؤ والمرجان للنووي هذه الطريقة التي سار عليها الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في كتاب كامله اللؤلؤ والمرجان من أول مسلم إلى نهاية مسلم ماشي بالترتيب الألفاظ ألفاظ البخاري ولهذا عندما يذكر الحديث يقول أخرجه البخاري في كتاب كامل كذا باب كذا حديث رقم كذا يعني هذا الحديث الموجود المتن الذي موجود هو ما اشار إلى مكانه من الكتاب كامل والباب والرقم أخرجه البخاري في كتاب كامل كذا باب كذا )) أ هـ . المراد منه .
وأزيد هنا فأقول : الأرقام التي وضعها محمد فؤاد عبد الباقي في اللؤلؤ والمرجان هي :
الأرقام الذي بجانب الكتاب كامل والباب من أعلى هو رقم الكتاب كامل والباب في صحيح مسلم * والأرقام الذي بجانب الكتاب كامل والباب تحت كل حديث هو رقم الباب في صحيح البخاري
وكان اعتمادي على طبعة دار الحديث في القاهرة لكتاب كامل اللؤلؤ والمرجان * والله الموفق
مقدمة
(2 ) باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
الحديث الأول

حديث عليّ رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : لا تكذِبوا عليّ، فإنه من كَذَبَ عليّ فَلْيَلِجِ النارَ .

أخرجه البخاري في : ( 3 ) كتاب كامل العلم : ( 38 ) باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

الفوائد المستنبطة من الحديث

1 – تحريم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

2 – النهي يشمل الكاذب له أو عليه كما زعم البعض .

2 – من أسباب دخول النار الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

4 – خروج الأمر ( فليلج ) بمعنى الخبر وقيل الدعاء .

المصادر : كمال المعلم شرح مفصل صحيح مسلم للقاضي عياض 1 / 97 * فتح الباري شرح مفصل صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 1 / 200 .

الحديث الثاني

حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قال: إِنه لَيَمْنَعُنِي أَنْ أحدّثكم حديثًا كثيرًا أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: مَنْ تعمَّدَ عليّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النار .

أخرجه البخاري في : ( 3 ) كتاب كامل العلم : ( 38 ) باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

الفوائد المستنبطة من الحديث

1 – ورع أنس رضي الله عنه حيث أنه لم يكثر من التحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلمخشية أن يقع في الكذب عليه .

2 – من لم يعلم ثبوت حديث وحدث به يخشى عليه الدخول في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

3 - الْكَذِبَ يَتَنَاوَل إِخْبَار الْعَامِد وَالسَّاهِي عَنْ الشَّيْء بِخِلَافِ مَا هُوَ .

4 – تعمد الكذب سبب لدخول النار

5 - خروج الأمر ( فليتبوأ ) بمعنى الخبر أو التهديد وقيل الدعاء .

6 - الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كبائر الذنوب .

7 - كفَّر الكاذب عمداً في الحديث بعض العلماء كالجويني اسناداً إلى هذه الأحاديث وهو خلاف الراجح والجمهور على أن دخول النار لا يستلزم الخلود فليس بكافر وهو الصحيح .

المصدر : المنهاج شرح مفصل صحيح مسلم بن الحجاج ليحيى بن شرف النووي 1 / 4 * شرح مفصل صحيح البخاري لابن بطال 1 / 218 * فتح الباري لابن حجر 1 / 177 * المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب كامل مسلم لأبي العباس أحمد بن إبراهيم بن عمر الأنصاري القرطبي 1 / 32 .

الحديث الثالث

حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: ومَن كَذَب عليّ مُتعمِّدًا فليتبوَّأْ مَقْعَدَهُ من النار .

أخرجه البخاري في : ( 3 ) كتاب كامل العلم : ( 38 ) باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

الفوائد المستنبطة من الحديث

ينظر : فوائد الحديث السابق .

الحديث الرابع : حديث الْمُغِيرَةِ رضي الله عنه قال سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إِنَّ كذِبًا عليّ ليس ككذِبٍ على أحدٍ، مَن كَذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ منَ النار .

أخرجه البخاري في : ( 23 ) كتاب كامل الجنائز : ( 34 ) باب ما يكره من النياحة على الميت .

الفوائد المستنبطة من الحديث

1 – الكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمأشد من الكذب في حديث الناس وإثمه أعظم .

المصدر : فتح الباري لابن حجر 13 / 256 – 257 .
كتبه : أبو تيمية حسن بن عيسى الناصري
ضحى يوم الجمعة 14 / محرم / 1433 للهجرة
الموافق 9 / 12 / 2014 إفرنجي




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©