قال الشيخ أسامة عطايا في كتاب كامله الأحاديث الموضوعة التي تنافي توحيد العبادة جمعا ودراسة :
الحديث السابع
(164)/ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء)).


تخريجه :
هذا الحديث رواه عن ابن عمر: مولاه نافع وأبو قلابة الجرمي.
ورواه عن نافع : محمد بن جحادة وعطاف بن خالد وسعيد بن ميمون وأيوب السختياني.
ورواه عن محمد بن جحادة: الحسن بن أبي جعفر وعثمان بن جعفر وغزال بن محمد .
1/أما رواية الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة:
فرواه ابن ماجه(2/1153رقم3487) وابن عدي(2/308) وابن حبان في المجروحين(2/101) وابن الجوزي في العلل المتناهية(2/874-875رقم1464) من طريق عثمان بن مطر عن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : يا نافع! قد تبيَّغ بي الدم( ) فالتمس لي حجاماً واجعله رفيقا إن استطعت ولا تجعله شيخاً كبيراً ولا صبياً صغيراً فإني سمعت رسول الله -- يقول : ((الحجامة على الريق أمثل وفيه شفاء وبركة وتزيد في العقل وفي الحفظ فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت ويوم الأحد تحريا واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء وضربه بالبلاء يوم الأربعاء فإنه لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء))
ورواه الخطيب في الفقيه والمتفقه(2/210-211) إلى قوله : ((وتزيد في العقل والحفظ)).
2/ وأما رواية عثمان بن جعفر عن محمد بن جحادة:
فرواه الحاكم في المستدرك(4/409) من طريق عبد الملك بن عبد ربه الطائي عن عثمان بن جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
3/ وأما رواية غزال بن محمد عن محمد بن جحادة :
فرواه الحاكم في المستدرك (4/211) وابن عساكر في "جزء أخبار القرآن" (ق5/1) -كما في الصحيحة(2/405)- وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/874رقم1463) من طريق أبي الخطاب زياد بن يحيى الحساني عن غزال بن محمد عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
4/ وأما رواية عطاف بن خالد عن نافع
فرواه الحاكم في المستدرك(4/211-212) وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه(2/675) والخطيب في مادة التاريخ بغداد(10/39) كلاهما مختصراً من طريق علي بن داود وعثمان الدارمي كلاهما عن عبد الله بن صالح المصري عن عطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
هكذا رواه جمع عن عبد الله بن صالح .
ورواه الروياني في مسنده(2/423رقم1440) والبيهقي في السنن الكبرى(9/341) عن محمد بن إسحاق الصغاني وعبد الله بن حماد الآملي كلاهما عن عبد الله بن صالح بالسند السابق بلفظ: ((إن في الجمعة لساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه)).
5/ وأما رواية سعيد بن ميمون عن نافع.
فرواه ابن ماجه (2/1154رقم3488) من طريق عثمان بن عبد الرحمن ثنا عبد الله بن عصمة عن سعيد بن ميمون عن نافع عن ابن عمر به مرفوعاً.
6/ وأما رواية أيوب السختياني عن نافع :
فرواه الحاكم في المستدرك(4/211) والدارقطني في الأفراد -كما في اللآلئ (2/342)-وابن الجوزي في العلل المتناهية(2/875رقم1465)من طريق عبد الله ابن هشام الدستوائي قال نا أبي قال سمعت أيوب السختياني يحدث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفاً بلفظ: ((يا نافع اذهب فأتني بحجام ولا تأتني بشيخ كبير ولا غلام صغير وقال احتجموا يوم السبت واحتجموا يوم الأحد والإثنين والثلاثاء ولا تحتجموا يوم الأربعاء )) .
7/ وأما رواية أبي قلابة عن ابن عمر رضي الله عنهما :
فرواه ابن حبان في المجروحين(3/21) وعلقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/875رقم1466) من طريق المثنى بن عمرو عن أبي سنان عن أبي قلابة عن ابن عمر رضي الله عنهما به مرفوعاً.
وعزاه السيوطي في الجامع الصغير(3/404-مع الفيض) إلى ابن السني وأبي نعيم كلاهما في الطب عن ابن عمر ورمز لضعفه ولم أقف على إسناديهما.
والله أعلم.
الحكم عليه :
الحديث موضوع جميع طرقه تالفة :
1/أما رواية الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة:
فساقطة فيها آفتان:
الآفة الأولى: عثمان بن مطر :
[قال البخاري وأبو أحمد الحاكم وأبو حاتم الرازي: منكر الحديث .
وقال ابن عدي: متروك الحديث وأحاديثه عن ثابت خاصة مناكير والضعف على حديثه بين]( ) .
وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل الاحتجاج به( ).
الآفة الثانية: الحسن بن أبي جعفر الأزدي البصري :
[قال البخاري والفلاس والساجي: منكر الحديث .
وقال النسائي: متروك.
وقال ابن حبان: من خيار عباد الله الخشن ضعفه يحيى وتركه أحمد وكان من المتعبدين المجابي الدعوة ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهولا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به].( )
قال ابن الجوزي: فيه: ابن مطر قال يحيى: كان ضعيفاً وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الاثبات لا يحل الاحتجاج به وفيه الحسن بن ابي جعفر قال: يحيى ليس بشيء وقال النسائي متروك الحديث ]( ) .
وقال الشوكاني: في إسناده من يروي الموضوعات ( ).
2/ وأما رواية عثمان بن جعفر عن محمد بن جحادة:
فساقطة فيها آفتان:
الآفة الأولى: عبد الملك بن عبد ربه الطائي: منكر الحديث متهم بالوضع.( )
الآفة الثانية: عثمان بن جعفر: لا يعرف إلا في هذا الخبر فهو مجهول العين ( ).
قال الذهبي: وهو واهٍ ( ).
وقال الحافظ ابن حجر : خبر منكر( ) .
3/ وأما رواية غزال بن محمد عن محمد بن جحادة :
فرواية ساقطة آفتها غزال بن محمد هذا فإنه لا يعرف إلا في هذا الحديث.
قال الحاكم : مجهول لا أعرفه بعدالة ولا جرح( ).
وقال ابن الجوزي: في مقام المجهولين( ).
وقال الذهبي: لا يعرف وخبره منكر في الحجامة ( ).
وأقره الحافظ ابن حجر( ).
وقال الذهبي – أيضاً- : مجهول( ).
4/ وأما رواية عطاف بن خالد عن نافع
فرواية ساقطة فيها آفتان:
الآفة الأولى: عبد الله بن صالح كاتب الليث مختلف فيه اختلافاً شديداً فوثقه جمع وكذبه جمع ومن أعدل ما رأيت في ترجمته قول ابن حبان: منكر الحديث جدا يروي عن الأثبات مالا يشبه حديث الثقات وعنده المناكير الكثيرة عن أقوام مشاهير أئمة وكان في نفسه صدوقاً يكتب لليث بن سعد الحساب وكان كاتبه على الغلات وإنما وقع المناكير في حديثة من قبل جار له رجل سوء [ هو خالد بن نجيح]( ) سمعت بن خزيمة يقول كان له جار بينه وبينه عداوة فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح ويطرح في داره في وسط كتبه فيجده عبد للله فيحدث به فيتوهم أنه خطه وسماعه فمن ناحيته وقع المناكير في أخباره( ).
فيقبل حديثه ما وافق الثقات.
أما مفاريده ففيها المنكرات والموضوعات كالحديث الذي أنا بصدد تخريجه.
والله أعلم.
الآفة الثانية : عطاف بن خالد المخزومي : فإنه وإن وثقه جمع من الحفاظ إلا أنه متكلم فيه.
[قال البزار: قد حدث عنه جماعة وهو صالح الحديث وإن كان قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها. وقال ابن عدي: لم أر بحديثه بأساً إذا روى عنه ثقة]( ).
وقال ابن حبان: يروي عن نافع وغيره من الثقات ما لا يشبه حديثهم وأحسبه كان يؤتى من سوء حفظه فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته إلا فيما وافق الثقات( ).
وقال ابن حزم: ساقط لا تحل الرواية عنه إلا على بيان ضعفه( ).
الآفة الثالثة: الاختلاف على عبد الله بن صالح في متنه:
فرواه عنه عثمان بن سعيد الدارمي بلفظ ابن ماجه المذكور في بداية التخريج.
ورواه عنه علي بن داود بلفظ: (( الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء)).
ورواه محمد بن إسحاق الصغاني وعبد الله بن حماد الآملي بلفظ : ((إن في الجمعة لساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه)).
وهذا الاضطراب يزيد من وهاء الحديث.
وسكت الحاكم عن الحديث فلم يحكم عليه بشيء فعقب عليه الذهبي: فيه عطاف وثقه أحمد وغيره وقال أبو حاتم: ليس بذاك( ).
قال البيهقي بعد تخريجه: "عطاف ضعيف "( )
وقال الشيخ الألباني معقباً على كلام البيهقي: ومثله عبد الله بن صالح وهو كاتب الليث المصري فإنه قد تكلموا فيه من قبل حفظه ( ).
5/ وأما رواية سعيد بن ميمون عن نافع.
فهي رواية ساقطة تالفة فيها آفات عديدة:
الآفة الأولى: عثمان بن عبد الرحمن: قال المزي: إن لم يكن الطرائفي فلا أدري من هو ( ).
وقال الذهبي: لا يعرف لعله الطرائفي( ).
وقال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون الطرائفي( ).
وقال -أيضاً-: يحتمل أن يكون الطرائفي وإلا فمجهول( ).
والطرائفي: وثق من جمع من الحفاظ وتكلم عليه لسببين:
الأول: التدليس.
الثاني: الرواية عن الضعفاء والمجهولين( ).
قال ابن حبان: وكان يروي عن أقوام ضعاف أشياء يدلسها عن الثقات حتى إذا سمعها المستمع لم يشك في وضعها فلما كثر ذلك في أخباره ألزقت به تلك الموضوعات وحمل عليه الناس في الجرح فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلها على حالة من الأحوال لما غلب عليها من المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الثقات( ).
وقال ابن عدي: سمعت أبا عروبة ينسبه إلى الصدق وقال: لا بأس به متعبد ويحدث عن قوم مجهولين بالمناكير وعنده عجائب .
قال ابن عدي: وصورة عثمان بن عبد الرحمن أنه لا بأس به كما قال أبو عروبة إلا أنه يحدث عن قوم مجهولين بعجائب وتلك العجائب من جهة المجهولين وهو في أهل الجزيرة كبقية في أهل الشام وبقية أيضا يحدث عن مجهولين بعجائب وهو في نفسه ثقة لا بأس به صدوق ما يقع فيه حديثه من الإنكار فإنما يقع من جهة من يروي عنه.( )
وهو في هذا الحديث يروي عن مجهول ويروي عنه بالعنعنة فيحتمل تدليسه والحديث الذي يرويه منكر.
الآفة الثانية: عبد الله بن عصمة: مجهول العين( ).
الآفة الثالثة: سعيد بن ميمون : مجهول العين( ).
قال الحافظ ابن حجر في ترجمة سعيد بن ميمون: حديثه منكر جداً في الحجامة.( )
وقال الشيخ الألباني: وهؤلاء الثلاثة – يعني من سبق ذكرهم – كلهم مجهولون .
6/ وأما رواية أيوب السختياني عن نافع :
فهي مع كونها موقوفة ومتنها مخالف للرواية المرفوعة تالفة جداً.
آفتها: عبد الله بن هشام الدستوائي : متروك. ( )
قال الحاكم : وقد صح الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله من غير مسند ولا متصل.
فتعقبه الذهبي: قلت: عبد الله متروك.( )
قال الشيخ الألباني عقب ذكره كلام الذهبي: وروايته لهذا الحديث على هذه المخالفة مما يشهد لضعفه فإنه جعل يوم السبت والأحد من الأيام المأمور بالحجامة فيها وهي في كل الروايات المتقدمة من الأيام المنهي عنها( ).
7/ وأما رواية أبي قلابة عن ابن عمر رضي الله عنهما :
فهي تالفة فيها آفتان :
الآفة الأول: إسماعيل بن إبراهيم : مجهول( ).
الآفة الثانية: المثنى بن عمرو : مجهول ( ).
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أبو عبدالرحمن المقري عن إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني المثنى بن عمرو عن أبي سنان عن أبي قلابة قال كنت جالساً عند عبدالله بن عمر بن الخطاب إذ قال: لقد تيبع بى الدم يا نافع ، فادع لى حجاماً ، ولا تجعله شيخاً ولا صبياً ، ثم قال: وسمعت رسول الله -- يقول: ((الحجامة على الريق أمثل ، فيها شفاء وبركة ، تزيد في العقل ، وتزيد في الحفظ)) قال أبي: ليس هذا الحديث بشيء ، ليس هو حديث أهل الصدق ، إسماعيل والمثنى مجهولان.( )
وقال ابن حبان: شيخ يروي عن أبي سنان ما ليس من حديث الثقات، لا يجوز الاحتجاج به ، روى عن أبي سنان عن أبي قلابة قال: كنت عند ابن عمر رضي الله عنهما فقال : لقد تبيَّغ بي الدم يا نافع ، ابغ لي حجاماً ، ولا تجعله شيخاً ولا شاباً ، فإني سمعت رسول الله -- يقول: ((الحجامة على الريق أمثل ، فيها شفاء وبركة ، تزيد في العقل والحفظ ، من احتجم يوم الخميس والأحد يؤاثم قال: ثم يوم الخميس والثلاثاء فإنه يوم رفع الله فيه عن أيوب البلاء وضربه يوم الأربعاء وليلة الأربعاء ، ثم دعا بابن له صغير فقبله واشترط ريقه وقبل زبه! وقال: أما إنا نتوضأ من القبلة فأما من قبَّل مثل هذا فلا ؛ لأنها قبلة رحمة( ).
وقال أبو حاتم أيضاً: إسماعيل بن إبراهيم مجهول والحديث الذي رواه ليس بشيء.
وأقره ابن الجوزي( ) والذهبي( ) والحافظ ابن حجر( ).
وقد قال ابن الجوزي عن الحديث: هذا الحديث لا يصح ( ) وأقره المناوي( ).
وذكره في الموضوعات( ).
وقال ابن حجر: لم يثبت.( )
فظهر مما سبق أن الحديث ضعيف جداً وطرقه كلها واهية والذي يظهر لي أنه موضوع لمنافاته للعقيدة الصحيحة لما يدعو إليه هذا الحديث للتشاؤم بهذه الأيام المنهي عن الحجامة فيها .
والعجيب أن شيخنا الشيخ الألباني رحمه الله حسَّن هذا الحديث بمجموع الطرق ولا أعلم أحداً سبقه إلى ذلك حتى الحاكم المعروف بتساهله لم يصحح الحديث وسبق النقل عن غير واحد من الحفاظ أنه حديث منكر وبعضهم قال: منكر جداً وبعضهم قال: ليس بشيء وبعضهم حكم بوضعه وأورده ابن الجوزي أيضاً في العلل المتناهية .
والناظر في طرقه يتبين له أنها واهية جداً لا ترتقي إلى درجة الحسن أبداً بل يظهر لي أنه حديث موضوع وأكبر دليل عليه – سوى منافاته للأصول- تداول المجهولين والمتروكين لهذا الحديث دون الثقات. والله أعلم.

الحديث الثامن
(165)/ حديث: ((من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه)) .


تخريجه :
روي من حديث أبي هريرة وعن سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو هريرة وأنس وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم مرفوعاً وعن علي رضي الله عنه موقوفاً ومن مرسل الزهري ومكحول وسليمان التيمي رحمهم الله.
1/ أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
أ/ فرواه البزار في مسنده(3/388رقم3022-كشف الأستار) ومسلم الكجي في سننه-كما في اللآلئ(2/341) وابن عدي في الكامل (3/251) والحاكم في المستدرك(4/409-410) والبيهقي في السنن الكبرى(9/340) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
وقد توبع سليمان بن أرقم :
تابعه: عبد الله بن سمعان والحسن بن الصلت وابن أبي ذئب وسليمان الرقاشي
ب/ أما متابعة عبد الله بن سمعان:
فرواه ابن وهب – كما في التمهيد(24/351) - وابن عدي في الكامل (3/251،4/126) وابن الجوزي في الموضوعات(3/502رقم1726) وعلقه البيهقي في السنن الكبرى (9/340) والدارقطني في العلل(9/381-382) من طريق عبد الله بن سمعان عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
جـ/ وأما متابعة الحسن بن الصلت:
فرواه أبو العباس الأصم في حديثه(ج2رقم 147-**** الشيخ الألباني)-كما في “سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة”(4/33)- والديلمي في مسند الفردوس-كما في اللآلئ (2/341) - وعلقه البيهقي في السنن الكبرى(9/340) من طريق بكر بن سهل الدمياطي عن محمد بن أبي السري عن شعيب بن إسحاق عن الحسن بن الصلت عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
د/ وأما متابعة ابن أبي ذئب:
فعلقه الدارقطني في العلل(9/381-382)من طريق داود بن عطاء عن ابن أبي ذئب وابن سمعان عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
هـ/ وأما متابعة سليمان بن يزيد الرقاشي.
فرواه أبو نعيم في الطب –كما في اللآلئ(2/341)- من طريق إبراهيم بن محمد بن ميمون عن داود بن الزبرقان عن سليمان الرقاشي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
و/ وله طريق أخرى عن أبي هريرة :
فرواه ابن عدي في “الكامل في الضعفاء”(4/126) وابن الجوزي في الموضوعات(3/501-502رقم1725) من طريق ضمرة عن عباد بن كثير عن الحسن قال حدثني سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وسمرة بن جندب وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نهى عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء وقال من فعل ذلك فأصابه بياض فلا يلومن الا نفسه)) .
2/ وأما حديث أنس رضي الله عنه :
فرواه ابن عدي في “الكامل في الضعفاء”(2/371) وابن الجوزي في الموضوعات(3/502-503رقم1727) من طريق قاسم بن يزيد أبو صفوان الكلابي ثنا حسان بن سياه مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه ثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من احتجم يوم السبت والأربعاء فرأى وضحاً فلا يلومن إلا نفسه))
3/ وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما :
فرواه ابن حبان في المجروحين(2/33) وابن الجوزي في الموضوعات (3/503رقم1728) من طريق الحكم بن موسى عن عبد الله بن زياد الفلسطيني عن زرعة بن إبراهيم عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من احتجم يوم السبت ويوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه)).
4/ وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيأتي في الحديث بعده إن شاء الله.
5/ وأما أثر علي رضي الله عنه موقوفاً
قال ابن أبي حاتم في العلل(2/303رقم2421) سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق قال أخبرني أبو أميه قال حدثنى حسين بن عبدالله عن ابيه عن جده عن على قال: ((من احتجم يوم الأربعاء ، واطلى يوم السبت فلا يلومن إلا نفسه)). قال أبي: أبو أمية لا أعرفه ، وحسين : هو ابن ضميرة وابن خضيرة متروك الحديث .
6/ وأما مرسل الزهري رحمه الله :
فرواه معمر في جامعه(11/29رقم19816) وأبو داود في المراسيل (ص/369رقم451) من طريق معمر عن الزهري به مرسلاً.
ورواه علي بن الجعد في مسنده(2/1041رقم3018) ومسلم الكجي في سننه – كما في اللآلئ(2/341)- والدارقطني في العلل(9/381) وعلقه البغوي في شرح مفصل السنة (3/364) من طريق عون مولى أم حكيم عن الزهري رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من احتجم أو اطلا يوم السبت أو الأربعاء فلا يلومن إلا نفسه من الوضح)) .
7/ وأما مرسل مكحول رحمه الله :
روى ابن أبي شيبة في المصنف(5/58رقم23675) من طريق ليث بن أبي سليم عن مكحول رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت ؛ فأصابه وضح ، فلا يلومن إلا نفسه)) .
8/ وأما مرسل سليمان التيمي رحمه الله :
فرواه ابن وهب –كما في التمهيد(24/351)- من طريق السري بن يحيى عن سليمان التيمي رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من احتجم يوم السبت أو يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه)) .
الحكم عليه:
الحديث موضوع من جميع طرقه:
1/ أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
أ/ ففي الطريق الأولى: سليمان بن أرقم: متروك منكر الحديث( ) .
وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار ويروي عن الثقات الموضوعات.( )
قال البزار: لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه وإنما أتى هذا من سليمان بن أرقم فإنه لين الحديث( ).
قال الهيثمي: رواه البزار وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك( ).

وصححه الحاكم( ) فرده الذهبي بقوله: سليمان بن أرقم متروك( ).
وقال ابن الجوزي: إسماعيل بن عياش ضعيف وسليمان بن أرقم وعبد الله بن زياد بن سمعان كذابان ( ).
وإعلال ابن الجوزي الحديث بإسماعيل بن عياش غير وارد لأنه متابع من حماد بن سلمة وغيره.
ب/ وأما متابعة عبد الله بن سمعان: فتالفة:
عبد الله بن سمعان : كذاب يضع الحديث.( )
وانظر النقل السابق عن ابن الجوزي.
جـ/ وأما متابعة الحسن بن الصلت : فهي ساقطة فيها آفات عديدة:
الآفة الأولى: بكر بن سهل الدمياطي: ضعفه النسائي.( )
الآفة الثانية: محمد بن أبي السري العسقلاني: كان حافظاً إلا أنه كان كثير الغلط.
[قال ابن عدي: كثير الغلط.
وقال مسلمة بن القاسم: كثير الوهم.
وقال ابن وضاح: كان كثير الحفظ كثير الغلط.
وقال الذهبي: أحاديثه تستنكر]( ) .
الآفة الثالثة: الحسن بن الصلت: لم أقف له على ترجمة .
وبعد البحث والتتبع لم أجد لهذا الرجل إلا روايتين والعجيب أن كلا الحديثين هما من حديث سليمان بن أرقم.
فهذا الحديث من رواية سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً
والحديث الآخر رواه الطبراني في المعجم الأوسط(3/326رقم3300) فقال: حدثنا بكر بن سهل قال نا محمد بن أبي السري العسقلاني قال نا شعيب بن إسحاق عن الحسن بن الصلت عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((من وطئ امرأته وهي حائض فقضي بينهما ولد فأصابه جذام فلا يلومن إلا نفسه)) .
وهذا إنما هو حديث سليمان بن أرقم عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه ( ).
فراوٍ بهذه المثابة : مقل جداً وأحاديثه أحاديث المتروكين حري بأن يكون في عداد الهلكى والمتروكين والله أعلم.
د/ وأما متابعة ابن أبي ذئب : فتالفة جداً إذ إنها من طريق داود بن عطاء :
وهو تالف.
[قال البخاري وأبو زرعة: منكر الحديث.
وقال الدارقطني: متروك].( )
هـ/ وأما متابعة سليمان بن يزيد الرقاشي فساقطة فيها آفات:
الآفة الأولى: إبراهيم بن محمد بن ميمون : منكر الحديث ليس بثقة.( )
الآفة الثانية: داود بن الزبرقان الرقاشي : متروك وكذبه الأزدي ( ).
الآفة الثالثة: سليمان بن يزيد الرقاشي: لم أقف له على ترجمة ولعل ثمة تصحيف في الاسم أو زيادة من الطابع فأظنه سليمان بن أرقم ذاك المتروك .
و/ وأما الطريق الأخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه فتالفة جداً.
آفتها: عباد بن كثير: متروك قال أحمد: روى أحاديث كذب.( )
قال ابن عدي: وهذا حديث منكر وقد اضطرب في إسناده عباد بن كثير فقال مرة عن عثمان الأعرج عن الحسن وقال الحسن نفسه وروى عنه عن عباد عن حوشب عن الحسن وجاء بهذا الحديث بطوله( ).
2/ وأما حديث أنس رضي الله عنه فموضوع آفته حسان بن سياه :
قال ابن عدي: وعامتها-يعني أحاديثه- لا يتابع عليها والضعف بين على حديثه( ).
وقال أبو نعيم: روى عن ثابت مناكير( ).
وقال ابن حبان : منكر الحديث جداً يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات( ) .
3/ وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه :
فموضوع فيه آفتان :
الآفة الأولى: عبد الله بن زياد الفلسطيني: قال فيه ابن حبان بعد ذكره حديث الحجامة هذا: ومن روى مثل هذا الحديث وجب مجانبة ما يروي من الأحاديث وإن وافق الثقات في بعض الروايات( ).
وقال أبو نعيم – بعد ذكره حديثاً منكراً من رواية عبد الله بن زياد الفلسطيني: والحمل فيه على عبد الله بن زياد( ).
الآفة الثانية: زرعة بن إبراهيم الدمشقي الزبيدي: قال أبو نعيم: زرعة : روى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه روى عنه عبد الله بن زياد الفلسطيني ليس بثقة ولا مأمون ( ).
قال ابن حبان: لا يحل ذكر مثل هذا الحديث في الكتب إلا على سبيل الاعتبار لأنه موضوع ليس هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم( ).
ونقل ابن الجوزي كلام ابن حبان وأقره.( )
4/وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فسيأتي في الحديث بعده إن شاء الله.
5/ وأما أثر علي رضي الله عنه فموضوع عليه فيه ثلاث آفات:
الآفة الأولى: أبو أمية: مجهول لا يعرف.
قال أبو حاتم: لا أعرفه( ).
وأقره الذهبي( ) وابن حجر( ).
الآفة الثانية: حسين بن عبد الله بن ضميرة: متروك الحديث كذاب( ).
الآفة الثالثة : عبد الله بن ضميرة الحميري لم أقف له على ترجمة.
6/ وأما مرسل الزهري فالطريق الأول طريق معمر صحيح إلى الزهري وآفته الإرسال فلعل الزهري أخذه من متروك .
ومرسلات الزهري لا شيء كما سبق بيانه في حديث: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه( ).
ولعل الزهري أخذه من سليمان بن أرقم فإنه من شيوخه .
وأما الطريق الثاني عن الزهري فضعيف آفته عون مولى أم حكيم :
ذكره ابن حبان في الثقات( ) وقال الإمام أحمد معروف( ) وترجمه البخاري( ) وابن أبي حاتم( ) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
فهو معروف العين مجهول الحال وقد روى عنه جمع من الثقات وهم ابنه محمد وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون ومثله يوثق إذا لم يأت بما لا ينكر عليه ولم أتتبع رواياته حتى أستطيع الحكم عليه.
وهو في هذا المرسل قد توبع من معمر فروايته عن الزهري صحيحة بهذه المتابعة ويبقى النظر في الإرسال.
وقد قال أبو داود: وقد أسند ولا يصح( ).
والله أعلم.
7/ وأما مرسل مكحول: فتالف جداً.
آفته – سوى الإرسال- ليث بن أبي سليم ضعيف مضطرب الحديث( ).
8/ وأما مرسل سليمان التيمي فسنده صحيح إليه.
لكن مراسيل سليمان التيمي من أوهى المراسيل
قال يحيى بن معين: مرسلات أبي إسحق يعني الهمداني عندي شبه لا شيء والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير يعني مثله.( )
ويغلب على ظني أنه أخذ هذا الحديث عن الزهري أو عن أحد الرواة عن الزهري.
قال الخليلي: لقي الزهري ولكنه يروي كثير حديثه عن قدماء أصحابه ( ).
فتبين مما سبق أن الحديث موضوع وأن طرقه كلها واهية.
فإن قال قائل: إن هذا الحديث قد تعددت طرقه ومخارجه ولا سيما أنه جاء مرسلاً من طريقين صحيحين إلى المرسِل فيعتضدان إضافة إلى باقي الطرق لا سيما وأن الحاكم والمناوي قد صححاه.
فالجواب: إن الحديث الذي يروى من طريق الضعفاء يشترط لتحسينه بهذه الطرق شرطان:
الشرط الأول : أن يكون ضعفه منجبراً بحيث لا يكون في سنده كذاب أو متروك أو متهم أو فاحش الغلط أو من لا يكتب حديثه.
الشرط الثاني: أن لا يكون متنه مخالفاً للشرع .
فإذا نظرنا في هذا الحديث وجدنا أن الشرطين غير متوفرين.
أما الشرط الأول: فقد بينت وهاء طرقه ، وأنها إنما جاءت من طريق الكذابين والمتروكين ،وشديدي الضعف والنكرات.

وأما المراسيل الثلاثة :
فأقواها مرسل الزهري ، ومع ذلك فإنه واه لأن الزهري روى عن سليمان بن أرقم وهذا الحديث مشهور عن سليمان بن أرقم ذاك المتروك فيغلب على الظن أن الزهري تلقاه عن هذا المتروك ، ولذلك لم يسنده الزهري والله أعلم.
وأما مرسل سليمان التيمي فواهٍ –أيضاً- لأن التيمي روى عن الزهري وأكثر روايته عن أصحاب الزهري عن الزهري ويغلب على ظني أنه أخذ هذا المرسل عن الزهري أو عمن روى عن الزهري. والله أعلم.
وأما مرسل مكحول فواهٍ جداً لأن في الطريق إليه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف مضطرب الحديث فقد يكون تلقاه عن الزهري أو غيره فألصقه – وهماً وخطئاً – بمكحول الشامي. والله أعلم.
وكون الحاكم صححه فهذا مردود بأمرين:
الأمر الأول: أن الذهبي قد رد على الحاكم ذلك كما سبق بيانه .
الأمر الثاني: أن الحاكم متساهل جداً في التصحيح نمذجي مفصل ، وقد سبق بيان ذلك في الباب الأول؛ باب الغلو .
وتصحيح نمذجي مفصله لهذا الحديث من أكبر الأدلة على تساهله –رحمه الله- .
وأما تصحيح نمذجي مفصل المناوي( ) فمن أوهامه -رحمه الله- فقد ضعفه في كتاب كامله فيض القدير( ) والمناوي –أيضاً- مشهور بالتساهل خاصة في كتاب كامله التيسير الذي هو تلخيص لفيض القدير.
وأما الشرط الثاني: فغير متحقق في هذا الحديث فهو مخالف للشرع ، والذي جاء النص فيه بالنهي عن الطيرة والتشاؤم ولم أجد له مثالاً صحيحاً في الشرع .
والله أعلم.
فإن قال قائل: إن هذه الطرق المتكاثرة ترفع الحديث من درجة الوضع إلى الضعف لا سيما أن جمعاً من العلماء حكموا بضعفه فقط كالبيهقي( ) والألباني( ) .
فالجواب: أني قد بينت سابقاً أن مدار هذا الحديث على الكذابين ، والمتروكين ، وشديدي الضعف ، والنكرات ؛ فلا تصلح هذه الطرق لرفع الحديث إلى درجة الضعف .
وكون الإمامين البيهقي والألباني وغيرهما ضعفوه ولم يحكموا عليه بالوضع مردود بثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن العبرة بالأدلة التي يستدل بها من يحكم على الحديث بالصحة أو الضعف أو الوضع ، وليست العبرة بقول فلان من العلماء الذي هو عرضة للخطأ والصواب ، وما أبرئ نفسي فقد أكون أنا المخطئ في حكمي ، ولكن هذا ما تبين لي . والله أعلم.
الأمر الثاني: أن من العلماء من حكم عليه بالوضع وهما الإمامان ابن الجوزي والذهبي كما سبق بيانه.
الأمر الثالث: أن هناك من العلماء من تعمد مخالفة هذا الحديث لوهائه وبطلانه عنده.
قال ابن سعد في الطبقات الكبرى(1/443): عن مطرف بن عبد الله قال: ما رأيت مالك بن أنس يحتجم إلا يوم الأربعاء أو يوم السبت ينكر الحديث الذي روي في ذلك.
والله أعلم.
وقال ابن عبد البر : [ والحجامة على ظاهر هذا الحديث غير ممنوع منها في كل يوم وقد جاء عن الزهري ومكحول جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت أو اطلى فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه)) وجاء عن الحجاج بن أرطاة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان محتجما فليحتجم يوم السبت)) .
وهذان حديثان ليس في واحد منهما حجة ومرسل الزهري ومكحول أشبه من مرسل الحجاج لأن مسند الحجاج بن أرطأة مما ينفرد به ليس بالقوي فكيف مرسله.
قال الأثرم سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الحجامة يوم السبت فقال يعجبني أن تتوقى لحديث الزهري وإن كان مرسلاً قال وكان حجاج بن أرطأة يروي فيه رخصة حديث ليس له إسناد]( ).
وقد سبق فعل مالك وموافقتة لحجاج بن أرطاة.
وهذا تعليق حول هذا الحديث وما سبق وما سيأتي مما فيه ذم للأيام أو التحذير من بعض الأعمال الدنيوية فيها.
وزيادة على ما سبق وتأكيداً له:
يظهر لي-والله أعلم- أنه موضوع لمنافاته للعقيدة الصحيحة لما يدعو إليه هذا الحديث للتشاؤم بهذه الأيام المنهي عن الحجامة فيها والأيام كلها خلق الله ولا مزية لبعضها إلا بما جاء عن الشرع كتفضيل يوم الجمعة .
ويوم الأربعاء حصلت فيه فتوحات عظيمة للمسلمين وحصل فيه بلاء على الكافرين من هذه الأمة والأمم السالفة فلا يصح حديث في ذم يوم من الأيام ولا يصح النهي عن عمل دنيوي غير ديني في يوم من الأيام لذات اليوم .
أما الأمور التعبدية فقد خصت بعض الأيام بالنهي عن الصوم فيها .
ويظهر لي أن هذه الأحاديث المكذوبة في ذم الأيام تتعارض مع قوله تعالى في الحديث القدسي : (( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار))( ).
والله أعلم.

الحديث التاسع
(166)/ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: ((من اغتسل بالمشمس فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه ، ومن احتجم يوم الأربعاء أو السبت فأصابه داء فلا يلومن إلا نفسه ، ومن بات في مستنقع موضع وضوئه فأصابه وسواس فلا يلومن إلا نفسه ، ومن تعرى في غير كن فخسف به فلا يلومن إلا نفسه ، ومن نام وفي يده غمر الطعام فأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه ، ومن نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه ، ومن شك في صلاته فأصابه زحير! فلا يلومن إلا نفسه)).

تخريجه :
رواه قاضي المارستان في الجزء الخامس من مشيخته -كمافي التلخيص الحبير(1/21)- من طريق عمر بن صبح عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه به مرفوعاً.
الحكم عليه :
الحديث موضوع فيه آفات عديدة:
الآفة الأولى: عمر بن صبح التميمي الخراساني: كذاب وضاع( ).
الآفة الثانية: الضحاك لم يسمع من ابن عباس.
وكذلك لم أقف على سنده من قاضي المارستان إلى عمر بن صبح .
قال الحافظ ابن حجر: وعمر بن صبح كذاب والضحاك لم يلق بن عباس.( )

وقال ابن الملقن : غريب جدا وليس في الكتب المشهورة وهو في مشيخة قاضي المرستان بسند منقطع واه .( )
والله أعلم.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©