الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، اما بعد
فيقول الامام أبو بكر بن ابي شيبة في مصنفه 29526حدثنا وكيع عن المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد قال قال عبد الله يقول الله من كان له عندي عهد فليقم قالوا يا أبا عبد الرحمن فعلمنا قال قولوا اللهم فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة إني أعهد اليك في هذه الحياة الدنيا انك ان تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير واني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهدا تؤده إلى يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ).
قلت : وهذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات والمسعودي وان كان ثقة لكنه أختلط يقول أبو النضر هاشم بن القاسم :" إنى لا أعرف اليوم الذى اختلط فيه المسعودى ، كنا عنده ، و هو يعزى فى ابن له إذ جاءه إنسان ، فقال له : إن غلامك أخذ من مالك عشرة آلاف و هرب ، ففزع و قام ، فدخل فى منزله ، ثم خرج إلينا و قد اختلط".
لكن روايته هنا صحيحة لانها من رواية وكيع عنه ووكيع سمع منه قبل ان يختلط أضف الى ذلك ان روايته هنا عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهي صحيحة.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبى يقول : سماع وكيع من المسعودى بالكوفة قديم ، و أبو نعيم أيضا ، و إنما اختلط المسعودى ببغداد . و من سمع منه بالكوفة و البصرة ، فسماعه جيد .
قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : أحاديثه عن الأعمش مقلوبة و عن
عبد الملك أيضا ، و أحاديثه عن عون و عن القاسم صحاح ، و أما عن أبى حصين
و عاصم فليس بشىء ، إنما أحاديثه الصحاح عن القاسم و عن عون .
وقد وجدت الحديث مرفوعا في المسند يقول الامام احمد في مسنده (7/ 32) - حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ( مَنْ قَالَ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبْنِي مِنْ الشَّرِّ وَتُبَاعِدْنِي مِنْ الْخَيْرِ وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ فَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا تُوَفِّينِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ إِلَّا قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ عَبْدِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَوْفُوهُ إِيَّاهُ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ)
قلت :وهذا اسناد رجاله ثقات لكنه مرسل لان عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود لم يسمع من عبد الله بن مسعود
وقد يقال ان هذا يعل حديث المسعودي المتقدم لان اتفق راويان عن عون بن عبد الله في ارساله وهما سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ في حين تفرد المسعودي بوصله وهذا ليس بشئ لامور
الاول :ان حماد بن سلمة لا يقبل منه اقران هذين الراويان بل تكلم فيه حماد بن سلمة بسبب جمعه بين الشيوخ ولم يخرج البخاري له من اجل ذلك.
يقول أبو يعلى الخليلي " الإرشاد " (1/417-418) :- " ذاكرت يوماً بعض الحفاظ ، فقلت : البخاري لم يخرج حماد بن سلمة في " الصحيح " ، وهو زاهد ثقة ؟!
فقال : لأنه جمع بين جماعة من أصحاب أنس ،فيقول : حدثنا قتادة وثابت وعبد العزيز وصهيب " ، وربما يخالف في بعض ذلك !
فقلت : أليس ابن وهب اتفقوا عليه ، وهو يجمع بين أسانيد ؛ فيقول : " حدثنا مالك وعمرو بن الحارث والليث بن سعد والأوزاعي " ، ويجمع بين جماعة غيرهم ؟!
فقال : ابن وهب ؛ أتقن لما يرويه ، وأحفظ له " اهـ . ...
وقد عقد ابن رجب الحنبلي في شرح مفصله لعلل الترمذي (2/865-866) بابا في ذكر من ضُعّف حديثه إذا جمع الشيوخ دون ما إذا أفردهم
ثم ذكر منهم حماد بن سلمة وقال :
قال أحمد في رواية الأثرم - في حديث حماد بن سلمة عن أيوب وقتادة عن أبي أسماء عن أبي ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في آنية المشركين - قال أحمد : (( هذا من قبل حماد ، كان لا يقوم على مثل هذا ، يجمع الرجال ثم يجعله إسناداً واحداً ، وهم يختلفون )) .
ثم نقل كلام الخليلي المتقدم ثم قال :" ومعنى هذا أن الرجل إذا جمع بين حديث جماعة وساق الحديث سياقة واحدة فالظاهر أن لفظهم لم يتفق ، فلا يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن لحديثه يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم .كما كان الزهري بين شيوخ له في حديث الإفك وغيره" .
وهذه فائدة عزيزة لا ينتبه اليها كثير من المشتغلين بالحديث.
الثاني : ان الوصل زيادة ثقة فوجب الأخذ بها كم ولم يخالف المسعودي من أرجح منه أضف الى هذا ان المسعودي من اعلم الناس بحديث ابن مسعود.
قال أبو حاتم الرازي : قال لى محمد بن مرداس : سمعت ابن عيينة ، قال : قال مسعر : ما أعلم أحدا بعلم ابن مسعود من المسعودى .
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سألت أبى عنه ، فقال : تغير بأخرة قبل موته
بسنة أو سنتين ، و كان أعلم بحديث ابن مسعود من أهل زمانه .


والحديث اخرجه ابو نعيم في كتاب كامله الحلية(5/212) فقال


حدثنا سليمان قال ثنا أبو مسلم قال ثنا عبدالله بن رجاء قال ثنا المسعودي عن عون بن عبدالله عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد قال قرأ عبدالله ابن مسعود إلا من إتخذ عند الرحمن عهدا قال يقول الله تعالى يوم القيامة
من كان له عندي عهدا فليقم قالوا يا أبا عبدالرحمن فعلمنا قال فذكر الدعاء
قلت :اسناده صحيح رجاله ثقات سليمان هو الامام الطبراني وابو مسلم هو الكجي وثقه الدارقطني وعبد الله بن رجاء ثقة من رجال البخاري وهو بصري فروايته عن المسعودي صحيحة لكن ذكر عبد الله بن رجاء قراءة ابن مسعود لقوله تعالى "إلا من إتخذ عند الرحمن عهدا " فهذا لا تطمئن نفسي لصحته لان وكيع لم يذكر هذه الزيادة وهو اوثق واحفظ من عبد الله بن رجاء.
والخلاصة ان الحديث صح عن عبد الله بن مسعود موقوفا ومثله لا يقال بالرأي والاجتهاد فله حكم المرفوع الى النبي صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه عمر ابراهيم السلفي الموصلي




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©