أقيمت الصلاة و الإناء في يد عمر ، قال : أشربها يا رسول الله ؟ قال : نعم ،فشربها "

قال العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
في " السلسلة الصحيحة " 3 / 381 :
أخرجه أبو داود ( 1 / 549 - حلبي ) و ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 3 / 526
/ 3015 ) و أبو محمد الجوهري في " الفوائد المنتقاة " ( 1 / 2 ) و الحاكم ( 1 /
426 ) و البيهقي ( 4 / 218 ) و أحمد ( 2 / 423 و 510 ) من طرق عن حماد بن سلمةعن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " و وافقه الذهبي ، و فيه نظر فإن محمد بن عمرو إنما أخرج له مسلم مقرونا بغيره ، فهو حسن . نعم لم يتفرد به ابن عمرو ، فقد قال حماد بن سلمة أيضا : عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، و زاد فيه : " و كان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر " . أخرجه أحمد ( 2 / 510 ) و ابن جرير و البيهقي .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و له شواهد كثيرة :
1 - شاهد قوي مرسل يرويه حماد أيضا عن يونس عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره . أخرجه أحمد ( 2 / 423 ) مقرونا مع روايته الأولى .
2 - و شاهد آخر موصول يرويه الحسين بن واقد عن أبي غالب عن أبي أمامة قال : " أقيمت الصلاة و الإناء في يد عمر ، قال : أشربها يا رسول الله ؟ قال : نعم ،فشربها " . أخرجه ابن جرير ( 3 / 527 3017 ) بإسنادين عنه و هذا إسناد حسن .
3 - و روى ابن لهيعة عن أبي الزبير قال : " سألت جابر عن الرجل يريد الصيامو الإناء على يده ليشرب منه ، فيسمع النداء ؟ قال جابر : كنا نتحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليشرب " . أخرجه أحمد ( 3 / 348 ) : حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة .
قلت : و هذا إسناد لا بأس به في الشواهد . و تابعه الوليد بن مسلم أخبرنا ابن لهيعة به . أخرجه أبو الحسين الكلابي في " نسخة أبي العباس طاهر بن محمد " . و رجاله ثقات رجال مسلم ، غير ابن لهيعة فإنه سيء الحفظ ، و أما الهيثمي فقال في " المجمع " ( 3 / 153 ) : " رواه أحمد ، و إسناده حسن " !
4 - و روى إسحاق عن عبد الله بن معقل عن بلال قال : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أوذنه لصلاة الفجر ، و هو يريد الصيام ، فدعا بإناء فشرب ، ثم ناولني فشربت ، ثم خرجنا إلى الصلاة " . أخرجه ابن جرير ( 3018 و 3019 ) و أحمد ( 6 /12 ) و رجاله ثقات رجال الشيخين ، فهو إسناد صحيح لولا أن أبا إسحاق و هو السبيعي - كان اختلط ، مع تدليسه . لكنه يتقوى برواية جعفر بن برقان عن شداد مولى عياض ابن عامر عن بلال نحوه . أخرجه أحمد ( 6 / 13 ) .
5 - و روى مطيع بن راشد : حدثني توبة العنبري أنه سمع أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنظر من في المسجد فادعه ، فدخلت - يعني - المسجد ، فإذا أبو بكر و عمر فدعوتهما ، فأتيته بشيء ، فوضعته بين يديه ، فأكل و أكلوا ، ثم خرجوا ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة " .أخرجه البزار ( رقم 993 ) كشف الأستار و قال : " لا نعلم أسند توبة عن أنس إلاهذا و آخر ، و لا رواهما عنه إلا مطيع " . " قال الحافظ بن حجر في " زوائده " (
ص / 106 ) : إسناده حسن " .قلت : و كذلك قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 152 ) .
6 - و روى قيس بن الربيع عن زهير بن أبي ثابت الأعمى عن تميم بن عياض عن ابن
عمر قال : " كان علقمة بن علاثة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رويدا يا بلال ! يتسحر علقمة ، و هو يتسحر برأس " . أخرجه الطيالسي ( رقم 885 - ترتيبه ) و الطبراني في " الكبير " كما في " المجمع " ( 3 / 153 )وقال : " و قيس بن الربيع وثقه شعبة و سفيان الثوري ، و فيه كلام " .
قلت : و هو حسن الحديث في الشواهد لأنه في نفسه صدوق ، و إنما يخشى من سوء حفظه
، فإذا روى ما وافق الثقات اعتبر بحديثه . و من الآثار في ذلك ما روى شبيب من غرقدة البارقي عن حبان بن الحارث قال : " تسحرنا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فلما فرغنا من السحور أمر المؤذن فأقام الصلاة " . أخرجه الطحاوي في " شرح مفصل المعاني " ( 1 / 106 ) و المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 8 / 11 / 1 ). و رجاله ثقات غير حبان هذا ، أورده ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 269 ) بهذه
الرواية و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 1 / 27 ) .

وقال رحمه الله في كتاب كامل المنة ج1 ص417:ومن ( مباحات الصيام ) قوله تحت هذا العنوان : " . . فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام وجب عليه أن يلفظه . . "
قلت :هذا تقليد لبعض الكتب الفقهية وهو مما لا دليل عليه في السنة المحمدية بل هو مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه "
أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه هو والذهبي وأخرجه ابن حزم وزاد : " قال عمار ( يعني : ابن أبي عمار راويه عن أبي هريرة ) : وكانوا يؤذنون إذا بزغ الفجر "
قال حماد ( يعني : ابن سلمة ) عن هشام بن عروة : كان أبي يفتي بهذا وإسناده صحيح على شرط مسلم وله شواهد ذكرتها في " التعليقات الجياد " ثم في " الصحيحة " ( 1394 )
وفيه دليل على أن من طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو الشراب على يده أنه يجوز له أن لا يضعه حتى يأخذ حاجته منه فهذه الصورة مستثناة من الآية : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) فلا تعارض بينها وما في معناها من الأحاديث وبين هذا الحديث ولا إجماع يعارضه بل ذهب جماعة من الصحابة وغيرهم إلى أكثر مما أفاده الحديث وهو جواز السحور إلى أن يتضح الفجر وينتشر البياض في الطرق راجع " الفتح ( 4 / 109 - 110 )
لأن من فوائد هذا الحديث إبطال بدعة الإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة ؟ لأنهم إنما يفعلون ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون ولو علموا هذه الرخصة لما وقعوا في تلك البدعة
فتأمل . اهـ




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©