بسم الله الرحمن الرحيم :

هذا حزء في تخريج الآثار الواردة عن مصارعة النبي -صلى الله عليه و سلم - لركانة – رضي الله عنه - ، و نشرع – إن شاء الله – في تخريج الحديث الذي أخبر عن هذه القصة أولا ، ثم نخرج نص القصة بأسانيدها ، مع عرض هذه الأسانيد على ميزان النقد الحديثي ، و بالله نستعين.

و متن الحديث هو :" أن ركانة صارع النبى -صلى الله عليه وسلم- فصرعهالنبى -صلى الله عليه وسلم- قال ركانة سمعت رسول الله -صلى الله عليهوسلم- يقول ( إن فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس) ".

و مدار الحديث على محمد بن ربيعة الكلابي، و هو يرويه عن أبى الحسن العسقلانى عن أبى جعفر بنمحمد بن ركانة عن أبيه ، الحديث.

و يرويه عن محمد بن ربيعة ، قتيبة بن سعيد ، عند الترمذي في ( السنن، 7/139) ، و أبي داود في ( السنن ،12/133 ) ، و من طريقه البيهقي في ( الآداب ، 1/306) ، و في ( الشعب ، 5/175) ، و كذا الخطيب في ( الجامع لأخلاق الراوي ، 3/26)، و الدولابي في ( الكنى ، 3/163) .

و أبو كريب محمد بن العلاء ، عند أبي يعلى في ( مسنده ،2/145 ) ، و الطبراني في ( المعجم الكبير،4/462 ) ، و من طريقه تلميذه أبو نعيم الأصبهاني في ( معرفة الصحابة ، 8/64) .

و محمد بن أبان ، عند الدولابي - مقرونا بقتيبة بن سعيد - في ( الكنى ، 3/163).

ومحمد بن عمار ، عند الحاكم في ( المستدرك ، 5/164).

و محمد بن سلام ، عند البخاري في ( مادة التاريخه الكبير،1/69 ) .

و ابن سعد في ( طبقاته الكبرى ، 1/174).

و إسماعيل بن عبد الله بن زرارة ، عند ابن العديم في ( بغية الطلب في مادة التاريخ حلب،3/109).

و هذا الحديث ضعيف ، و بيان ذلك بإيجاز :

ما قاله الترمذي بعد إيراده لهذا الحديث :" هذا حديث غريب وإسناده ليس بالقائم. ولا نعرف أبا الحسنالعسقلانى ولا ابن ركانة."

و قال البخاري : (إسناده مجهول ، لايعرف سماع بعضه من بعض) كما عند القرطبي في تفسيره ( 4/191).

و قد حكم الحافظ في ( التقريب ، 2/384) بجهالة أبي الحسن العسقلاني ، و بجهالة محمد بن ركانة (2/75).

كما أن هناك اضطراب في رواية قتيبة بن سعيد و أبو كريب بن العلاء ، و هذا يزيد في وهنه.[1]

و قد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – محتجا بالشق الثاني من الحديث ( الوارد في العمائم ) :" وهذا يقتضي أنهحسن عند أبي داود ، و رواه الترمذي أيضا عن قتيبة ، وقال : " غريب وليس إسنادهبالقائم ، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني ولا ابن ركانة". ( اقتضاء الصراط المستقيم ، )
وهذا القدر لا يمنع أن يعتضد بهذا الحديث، ويستشهد به ."

قلت : و هذا الكلام من شيخ الإسلام – رحمه الله – بعيد عن الصواب ، و كيف يعتضَد بحديث فيه مجهولان ؟

و كان هذا القدر مانعا من ذلك ، كيف و هناك من القوادح الأخرى التي تقضي عليه بالوهاء و السقوط ، من اضطراب و نوع من الضعف في محمد بن ربيعة الكلابي يجعله غير معتمد إذا تفرد.

فعض بناجذيك أخي الناظر على ما قاله الإمامان الحافظان البخاري و الترمذي ، و ألظ بحكمهما تسلك سبيل الصواب.

قلت : و قال الحافظ الذهبي في ( الميزان ،3/546) من ترجمة محمد بن ركانة :" عن أبيه، لم يصح حديثه ، انفرد به أبو الحسن، شيخ لا يدرى من هو ."

و قد أورد السخاوي هذا الحديث في ( المقاصد الحسنة ، 1/156) ، و ابن عراق في ( تنزيه الالشريعة الاسلامية ،2/272) ، و العجلوني في ( كشف الخفاء ، 2/73) ، و الشوكاني في ( الفوائد المجموعة ، 1/94) ، و ضعفه شيخ مشايخنا الألباني في ( ضعيف الترمذي ، 1/202).


.... يتبع


[1] قلت : لم أرد الإطالة بذكر وجه الإضطراب ، و من أراد الوقوف عليه فليراجع ( تهذيب التهذيب ، 9/223) للحافظ.









©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©