أحببت تذكير الغافلين عن ليلة النصف من شعبان ؛ إذ ورد في فضلها حديث صححه شيخنا المحدث الألباني عالم هذا العصر في الحديث النبوي بشهادة الكبار ومنهم العلامة ابن باز رحمهما الله تعالى ؛ وذلك حتى يصفي أهل الحسد والحقد قلوبهم من الغل والشحناء والبغضاء على إخوانهم المسلمين ؛ كيما يشملهم ربهم سبحانه وتعالى بالمغفرة في هذه الليلة ؛ كما أنبه الواقعين في الشرك الأصغر والأكبر والخفي أن يتوبوا إلى ربهم حتى تشملهم المغفرة كذلك .

قال شيخنا درة الزمان الألباني رحمه الله تعالى :

- " يطلع الله تبارك و تعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه

إلا لمشرك أو مشاحن " .


قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 135 :


حديث صحيح ، روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة يشد بعضها بعضا و هم معاذ

ابن جبل و أبو ثعلبة الخشني و عبد الله بن عمرو و أبي موسى الأشعري و أبي هريرة

و أبي بكر الصديق و عوف ابن مالك و عائشة .

1 - أما حديث معاذ فيرويه مكحول عن مالك بن يخامر عنه مرفوعا به . أخرجه ابن

أبي عاصم في " السنة " رقم ( 512 - بتحقيقي ) حدثنا هشام بن خالد حدثنا أبو

خليد عتبة بن حماد عن الأوزاعي و ابن ثوبان ( عن أبيه ) عن مكحول به . و من هذا

الوجه أخرجه ابن حبان ( 1980 ) و أبو الحسن القزويني في " الأمالي " ( 4 / 2 )

و أبو محمد الجوهري في " المجلس السابع " ( 3 / 2 ) و محمد بن سليمان الربعي في

" جزء من حديثه " ( 217 / 1 و 218 / 1 ) و أبو القاسم الحسيني في " الأمالي "

( ق 12 / 1 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 288 / 2 ) و ابن عساكر في "

المادة التاريخ " ( 15 / 302 / 2 ) و الحافظ عبد الغني المقدسي في " الثالث و التسعين

من تخريجه " ( ق 44 / 2 ) و ابن المحب في " صفات رب العالمين " ( 7 / 2 و 129 /

2 ) و قال : " قال الذهبي : مكحول لم يلق مالك بن يخامر " .

قلت : و لولا ذلك لكان الإسناد حسنا ، فإن رجاله موثوقون ، و قال الهيثمي في

" مجمع الزوائد " ( 8 / 65 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "

و رجالهما ثقات " .

2 - و أما حديث أبي ثعلبة فيرويه الأحوص بن حكيم عن مهاصر بن حبيب عنه . أخرجه

ابن أبي عاصم ( ق 42 - 43 ) و محمد بن عثمان بن أبي شيبة في " العرش " ( 118 /

2 ) و أبو القاسم الأزجي في " حديثه " ( 67 / 1 ) و اللالكائي في " السنة " ( 1

/ 99 - 100 ) و كذا الطبراني كما في " المجمع " و قال : " و الأحوص بن حكيم

ضعيف " . و ذكر المنذري في " الترغيب " ( 3 / 283 ) أن الطبراني و البيهقي أيضا

أخرجه عن مكحول عن أبي ثعلبة ، و قال البيهقي : " و هو بين مكحول و أبي ثعلبة

مرسل جيد " .

3 - و أما حديث عبد الله بن عمرو فيرويه ابن لهيعة حدثنا حيي بن عبد الله عن

أبي عبد الرحمن الحبلي عنه . أخرجه أحمد ( رقم 6642 ) .

قلت : و هذا إسناد لا بأس به في المتابعات و الشواهد ، قال الهيثمي : " و ابن

لهيعة لين الحديث و بقية رجاله وثقوا " . و قال الحافظ المنذري : ( 3 / 283 )

" و إسناده لين " .

قلت : لكن تابعه رشدين بن سعد بن حيي به . أخرجه ابن حيويه في " حديثه " . ( 3

/ 10 / 1 ) فالحديث حسن .

4 - و أما حديث أبي موسى فيرويه ابن لهيعة أيضا عن الزبير بن سليم عن الضحاك بن

عبد الرحمن عن أبيه قال : سمعت أبا موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه .

أخرجه ابن ماجه ( 1390 ) و ابن أبي عاصم اللالكائي .

قلت : و هذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة . و عبد الرحمن و هو ابن عرزب والد

الضحاك مجهول . و أسقطه ابن ماجه في رواية له عن ابن لهيعة .

5 - و أما حديث أبي هريرة فيرويه هشام بن عبد الرحمن عن الأعمش عن أبي صالح

عنه مرفوعا بلفظ : " إذا كان ليلة النصف من شعبان يغفر الله لعباده إلا لمشرك

أو مشاحن " . أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 245 - زوائده ) . قال الهيثمي :

" و هشام بن عبد الرحمن لم أعرفه ، و بقية رجاله ثقات " .

6 - و أما حديث أبي بكر الصديق فيرويه عبد الملك بن عبد الملك عن مصعب بن أبي

ذئب عن القاسم بن محمد عن أبيه أو عمه عنه . أخرجه البزار أيضا و ابن خزيمة في

" التوحيد " ( ص 90 ) و ابن أبي عاصم و اللالكائي في " السنة " ( 1 / 99 / 1 )

و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 2 ) و البيهقي كما في " الترغيب " ( 3 /

283 ) و قال : " لا بأس بإسناده " ! و قال الهيثمي : " و عبد الملك بن عبد

الملك ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " و لم يضعفه . و بقية رجاله

ثقات " ! كذا قالا ، و عبد الملك هذا قال البخاري : " في حديثه نظر " . يريد

هذا الحديث كما في " الميزان " .

7 - و أما حديث عوف ابن مالك فيرويه ابن لهيعة عن عبد الرحمن ابن أنعم عن عبادة

ابن نسي عن كثير بن مرة عنه . أخرجه أبو محمد الجوهري في " المجلس السابع "

و البزار في " مسنده " ( ص 245 ) و قال : " إسناده ضعيف " .

قلت : و علته عبد الرحمن هذا و به أعله الهيثمي فقال : " و ثقة أحمد بن صالح

و ضعفه جمهور الأئمة ، و ابن لهيعة لين و بقية رجاله ثقات " .

قلت : و خالفه مكحول فرواه عن كثير بن مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا .

رواه البيهقي و قال : " هذا مرسل جيد " . كما قال المنذري . أخرجه اللالكائي

( 1 / 102 / 1 ) عن عطاء بن يسار و مكحول و الفضل بن فضالة بأسانيد مختلفة عنهم

موقوفا عليهم و مثل ذلك في حكم المرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي . و قد قال

الحافظ ابن رجب في " لطائف المعارف " ( ص 143 ) : " و في فضل ليلة نصف شعبان

أحاديث متعددة و قد اختلف فيها ، فضعفها الأكثرون و صحح ابن حبان بعضها و خرجه

في " صحيحه " و من أمثلها حديث عائشة قالت : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ...

" الحديث .

8 - و أما حديث عائشة فيرويه حجاج عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عنه مرفوعا بلفظ

: " إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر

من عدد شعر غنم كلب " . أخرجه الترمذي ( 1 / 143 ) و ابن ماجه ( 1389 )

و اللالكائي ( 1 / 101 / 2 ) و أحمد ( 6 / 238 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من

المسند " ( 194 / 1 - مصورة المكتب ) و فيه قصة عائشة في فقدها النبي صلى الله

عليه وسلم ذات ليلة . و رجاله ثقات لكن حجاج و هو ابن أرطأة مدلس و قد عنعنه ،

و قال الترمذي " و سمعت محمد ( يعني البخاري ) : يضعف هذا الحديث " .

و جملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب و الصحة تثبت بأقل منها

عددا ما دامت سالمة من الضعف الشديد كما هو الشأن في هذا الحديث ، فما نقله

الشيخ القاسمي رحمه الله تعالى في " إصلاح المساجد " ( ص 107 ) عن أهل التعديل

و التجريح أنه ليس في فضل ليلة النصف من شعبان حديث صحيح ، فليس مما ينبغي

الاعتماد عليه ، و لئن كان أحد منهم أطلق مثل هذا القول فإنما أوتي من قبل

التسرع و عدم وسع الجهد لتتبع الطرق على هذا النحو الذي بين يديك . و الله

تعالى هو الموفق .

* * *
أعرف أن علي رضا متساهل في تصحيح نمذجي مفصل الأحاديث وله مخالفات كثيرة في علم الحديث وقد بين شيء منها المحدث الشيخ مقبل الوادعي في كتاب كامله غارة الفصل لكن نقلت هذه المشاركة لانتظار أي فائدة حول هذا الموضوع




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©