بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد :

فهذا تفسير قوله تعالى : {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} نقلته هنا للفائدة حتى لا يتوهم أحد أن المراد بالشعرى وهو لفظة الشعر المعروفة لنا من شعر مباح أو مذموم .

قال السيوطي رحمه الله تعالى فى الدر المنثور فى التفسير بالمأثور :

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {وأنه هو رب الشعرى} قال :

هو الكوكب الذي يدعى الشعرى.

وأخرج الفاكهي عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في خزاعة وكانوا يعبدون الشعرى وهو الكوكب الذي يتبع الجوزاء.

وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن مجاهد قال : الشعرى الكوكب الذي خلف الجوزاء كانوا يعبدونه.

وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة قال : كان ناس في الجاهلية يعبدون هذا النجم الذي يقال له : الشعرى فنزلت.

إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .

وقال الطبري رحمه الله تعالى فى جامع البيان في تفسير القرآن :

وَقَوْلُهُ : {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَأَنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ، يَعْنِي بِالشِّعْرَى : النَّجْمَ الَّذِي يُسَمَّى هَذَا الاِسْمَ ، وَهُوَ نَجْمٌ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ.

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :

32931- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي قَالَ : ثَنِي عَمِّي قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلَهُ : {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} قَالَ : هُوَ الْكَوْكَبُ الَّذِي يُدْعَى الشِّعْرَى.

32932- حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ خُصَيْفٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} قَالَ : الْكَوْكَبُ الَّذِي خَلْفَ الْجَوْزَاءِ ، كَانُوا يَعْبُدُونَهُ.

32933- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مِهْرَانُ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ : {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} قَالَ : نَجْمٌ كَانَ يُعْبَدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلَهُ : {رَبُّ الشِّعْرَى} قَالَ : مِرْزَمُ الْجَوْزَاءِ.

32935- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَوْلَهُ : {وَأَنَّهُ هُوَ رَبَّ الشِّعْرَى} كَانَ حَيُّ مِنَ الْعَرَبِ يَعْبُدُونَ الشِّعْرَى هَذَا النَّجْمَ الَّذِي رَأَيْتُمْ.

قَالَ بِشْرٌ : قَالَ يُزِيدُ : النَّجْمَ الَّذِي يَتْبَعُ الْجَوْزَاءَ.

32936- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ : {رَبُّ الشِّعْرَى} قَالَ : كَانَ نَاسٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ هَذَا النَّجْمَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : الشِّعْرَى.

32937- حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : {وَأَنَّهُ هُوَ رَبَّ الشِّعْرَى} كَانَتْ تُعْبَدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ : تَعْبُدُونَ هَذِهِ وَتَتْرُكُونَ رَبَّهَا ؟ اعْبُدُوا رَبَّهَا قَالَ : وَالشِّعْرَى : النَّجْمُ الْوَقَّادُ الَّذِي يَتْبَعُ الْجَوْزَاءَ ، يُقَالُ لَهُ الْمِرْزَمُ.

إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .


وقال القرطبي رحمه الله تعالى فى الجامع لأحكام القرآن :

(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى ) (الشِّعْرى ) الكوكب المضي الذي يطلع بعد الجوزاء، وطلوعه في شدة الحر، وهما الشعريان العبور التي في الجوزاء والشعرى الغميصاء التي في الذراع، وتزعم العرب أنهما أختا سهيل. وإنما ذكر أنه رب الشعرى وإن كان ربا لغيره، لان العرب كانت تعبده، فأعلمهم الله عز وجل أن الشعرى مربوب وليس برب. وأختلف فيمن كان يعبده، فقال السدي: كانت تعبده حمير وخزاعة. وقال غيره: أول من عبده أبو كبشة أحد أجداد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبل أمهاته، ولذلك كان مشركوا قريش يسمون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن أبي كبشة حين دعا إلى الله وخالف أديانهم، وقالوا: ما لقينا من ابن أبي كبشة! وقال أبو سفيان يوم الفتح وقد وقف في بعض المضايق وعساكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمر عليه: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة. وقد كان من لا يعبد الشعرى من العرب يعظمها ويعتقد تأثيرها في العالم، قال الشاعر:

مضى أيلول وارتفع الحرور ... وأخبت نارها الشعرى العبور

وقيل: إن العرب تقول في خرافاتها: إن سهيلا والشعرى كانا زوجين، فانحدر سهيل فصار يمانيا، فاتبعته الشعرى العبور فعبرت المجرة فسميت العبور، وأقامت الغميصاء فبكت لفقد سهيل حتى غمصت عيناه، فسميت غميصاء لأنها أخفى من الأخرى.

إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .


وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره :

وقوله: { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، وغيرهم: هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له: "مِرْزَم الجوزاء" كانت طائفة من العرب يعبدونه.

إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .


وقال البغوى رحمه الله تعالى فى تفسيره:

{ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } وهو كوكب خلف الجوزاء وهما شعريان، يقال لإحداهما العبور وللأخرى الغميصاء، سميت بذلك لأنها أخفى من الأخرى، والمجرة بينهما. وأراد هاهنا الشعرى العبور، وكانت خزاعة تعبدها، وأول من سن لهم ذلك رجل من أشرافهم يقال له أبو كبشة عبدها، وقال: لأن النجوم تقطع السماء عرضًا والشعرى طولا فهي مخالفة لها، فعبدتها خزاعة، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف العرب في الدين سموه ابن أبي كبشة لخلافه إياهم، كخلاف أبي كبشة في عبادة الشعرى .

إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .


وقال الشوكاني رحمه الله تعالى فى فتح القدير :

{ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى } هي كوكب خلف الجوزاء كانت خزاعة تعبدها ، والمراد بها : الشعرى التي يقال لها : العبور ، وهي أشدّ ضياء من الشعرى التي يقال لها : الغميصاء ، وإنما ذكر سبحانه أنه ربّ الشعرى مع كونه رباً لكلّ الأشياء للردّ على من كان يعبدها ، وأوّل من عبدها أبو كبشة ، وكان من أشراف العرب ، وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن أبي كبشة تشبيهاً له به لمخالفته دينهم ، كما خالفهم أبو كبشة ، ومن ذلك قول أبي سفيان يوم الفتح : لقد أمر أمْر ابن أبي كبشة .

إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .


وقال السعدي رحمه الله تعالى فى تفسيره :

{ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى } وهي النجم المعروف بالشعرى العبور، المسماة بالمرزم، وخصها الله بالذكر، وإن كان رب كل شيء، لأن هذا النجم مما عبد في الجاهلية، فأخبر تعالى أن جنس ما يعبده المشركون مربوب مدبر مخلوق، فكيف تتخذ إلها مع الله.

إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .


وقال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى فى تفسيره :

{وأنه هو رب الشعرى } أتى بضمير الفصل تأكيداً للجملة، و{رب الشعرى } أي: هو خالقها ومالكها ومدبرها، والشعرى هي النجم المضيء الذي يخرج في شدة الحر، ونص على هذا النجم؛ لأن بعض العرب كانوا يعبدونها ويعظمونها، فبين تبارك وتعالى أن الشعرى من جملة المخلوقات المربوبات وليست إلهاً، ولا تستحق أن تعبد.

إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .

والحمد لله رب العالمين

نقله أبو وائل فرج البدري

ضحى يوم الأثنين

الموافق : 8 جمادى الثاني 1433 هجرية

التأريخ : 30 / 4 / 2014 ميلادي






©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©