بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فأنقل إليكم هذه الكلمة -صوتا وتفريغا- لفضيلة الشيخ العلامة عبد الكريم الخضير ، جزاه الله عنا خيرا وبارك فيه وفي علمه.. آمين.

*****

كيف يُمكن أنْ أتدبَّر القُرآن ؟
لا شكَّ أنَّ القراءة على الوجه المأمور به هي القراءة التي تُورث القلب من العلم والإيمان والطمأنينة ؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ، والهدى كما قال ابن القيم :
فتدبَّر القرآن إنْ رُمت الهدى
فالعلم تحت تدبر القرآنِ

وجاء الأمرُ بالتَّدبر في آيات ، في النِّساء ، وفي المؤمنين ، وفي ص ، وفي محمد ، في أربع آيات جاء الأمر بالتدبر ، وجاء الأمرُ بالتَّرتيل ، فقراءة القرآن مع التدبر والترتيل هذا هو الوجه المأمُور به ، المُشار إليه في كلام شيخ الإسلام .
كيف يتدبَّر القرآن ؟ وليت مثل هذا السؤال يُلقى على أهل القُرآن ، الذين هم أهلُ الله وخاصَّتُهُ ، الذين يتعاملون مع القُرآن ، وهو بالنِّسبة لهم ديدنهم وهجيراهم ، أما غيرهم مثلي أصحاب تخليط ، مرة تفسير ، ومرة مادة التاريخ ، ومرة حديث ، ومرة أدب ، ومرة ثقافة عامَّة ؛ لكن يُحسن مثل هذا الجواب مع مثل هذا السُّؤال أهل القرآن ، وإنْ كان ابن القيم - رحمه الله تعالى- لهُ نظر ورأي في أهل القرآن ، وأنَّ أهل القرآن هُم المُعتنون به قراءةً وإقراءً وفهماً وعملاً ، وإنْ لم يحفظُوه ، يقول : لكنْ من عُرف بأنَّهُ من أهل القرآن وشاع وعُرف بين النَّاس أنَّهُ من أهلهِ هو الطَّبيب المُداوي في مثل هذا الدَّاء ، كثير من النَّاس يشكُو أنَّهُ قد يقرأ القُرآن ولا يستحضر شيء ، ويحصل معنا ومع غيرنا وإلى المُشتكى أنَّ الإنسان يستفتح سورة يونس فما يُفيق إلا وهو في يوسف مُتجاوزاً سُورة هًود ما كأنَّهُ قرأ منها حرفا ، وجاء في الحديث أنَّ النبي - عليه الصلاة والسلام - لما قال لهُ أبو بكر : أراكَ شِبْتَ يا رسُول الله ، قال : ((شيَّبتني هُود وأخواتها)) والكلام ليس من فراغ ، هذا الكلام له واقع ، يدخل الإنسان في الصَّلاة ويخرج وما كأنَّهُ صلَّى ، ويفتح المُصحف ولا يدري هُو في الصَّفحة اليُمنى أو في اليُسرى ، هذا لا شكَّ أنَّهُ خلل يحتاج إلى علاج ، يحتاج إلى عناية ، هذا كلام الله ، نقرأ بقلُوبٍ مُنصرفة ، ونحنُ لو جاءنا تعميم من المسؤول الأرفع إلى المُدير ؛ لابدَّ أنْ يُجمع لهُ الوُكلاء ، ويُجمع لهُ رُؤساء الأقسام وينظرُون في منطُوقِهِ ، ومفهُومِهِ ، ووش يُستنبط منه ؟ وماذا يُستفاد منه ؟ يجتمعُون عليه اللَّيالي والأيَّام ، لو صدر نظام جديد يفعلون به هكذا ، وإذا أشكل عليهم شيء استفسرُوا ، وجاءت المُذكَّرات التَّفسيريَّة ، وهذا كلامُ ربِّنا يقرأ الإنسان وكأنَّهُ يقرأ جريدة ، ولا شكَّ أنَّ القُلُوب مُنصرِفَة ، تجد الإنسان في صلاتِهِ لا يُدْرِك منها شيء ، في تلاوتِهِ لا يُدرك شيء ، في ذِكرِهِ باللِّسان فقط .
والحسن البصري - رحمه الله - يقول : تفقَّد قلبك في ثلاثة مواطنْ ؛ فإنْ وجدته وإلاَّ فاعلم أنَّ الباب مُغلق : في الصَّلاة ، في قراءة القرآن ، في الذِكر .
كثير من طُلاَّب العلم لو قُلتَ لهُ : {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}[(8) سورة المدثر] في أي سُورة ؟ هو حافِظ للقُرآن ، أخذ يستذكِر ويسترجع وكم آية بعدها وقبلها ، فضلاً عنها هل تُؤثِّر فيه أو لا تُؤثِّر ؟ أحياناً لا تُحرِّك شعرة في كثير من طُلاب العلم مع الأسف ، وزُرارة بن أوفى سمعها من الإمام في صلاة الصُّبح ومات ، وبعض النَّاس يُشكِّك في مثل هذهِ القصص ؛ لأنَّهُ ما أدْرك حقيقة الأمر ، ولا يعرف معناها ، وهذا كُلُّهُ سبَبُهُ البُعد والإعراض عنْ النَّظر فيما يُعينُ على فهم كلام الله - جل وعلا - ، والطَّريقة التي ذكرناها في منهجيَّة القراءة في كُتب التَّفسير تُعينهُ - بإذن الله تعالى - على التَّدبُّر. اهـ


الملفات المرفقة كيف يمكن أن أتدبر القرآن؟ عبد الكريم الخضير.rar‏ (639.9 كيلوبايت)




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©