موضوع رائع مقترح للشهادة بكالوريا BAC في مادة الفلسفة ع ت + ر
الموضوع : قيل إن المادة الرياضيات هي العلم الذي يتميز بالدقة و اليقين في كل الأحوال
إذا بدت لك هذه الأطروحة فاسدة و مع ذلك طلب منك تبنيها فما عساك تفعل ؟ (استقصاء بالوضع )
مقدمــــة :
يراد بالمادة الرياضيات ذلك العلم العقلي الذي يهتم بدراسة المقادير القابلة للقياس و المقدار يسمى كما و الكم نوعان : متصل
( الهندسة ) و منفصل ( الحساب ) لكن إذا كان اتفاق الدارسين واردا حول ضبط هذا المفهوم فإن اختلافهم سجل حول مصداقية المادة الرياضيات و هذا ما جعل الكثير منهم يؤسسون اعتقادا خاطئا و تمثل في الإقرار بأن تعدد الأنساق في المادة الرياضيات يعد تعبيرا عن نسبيتها في اليقين ( أنصار النسق الأكسيومي ) بينما الصواب يكمن في ما ذهب إليه أنصار الهندسة الإقليدية و الذين أقروا بمطلقيه المفاهيم الرياضية في كل الأحوال
لذا فكيف يمكن التأكيد على صدق هذا الطرح و القائل بأنها ( العلم الذي يتميز بالدقة و اليقين ) ؟ و ماهي أهم الحجج و البراهين المؤكدة لهذا الطرح ؟ بل ماهي أهم الأخطاء المعرفية و المنطقية التي وقع فيها المخالفون لهذا الاعتقاد ؟
التــــوسيع :
تؤكد الأطروحة منطق أنصار المادة الرياضيات الكلاسيكية القائل بأن الهندسة هي العلم الوحيد من العلوم التي أبدعها الإنسان التي تنتج نتائج معصومة عن الخطأ و أن العمليات الحسابية ترغم الدارس على تقبل صدق نتائجها و مطلقيه المادة الرياضيات هي ناتجة عن اعتمادها لمبادئ العقل الفطرية و كذلك فكرة البداهة و البديهية هي قضية يقينية بذاتها صادقة صدقا مطلقا و لا تحتاج إلى برهان لأنها تدخل في نسيج الفكر البشري و هذا ما يعد نفيا لكل اعتقاد قائل بنسبية النتائج الرياضية في اليقين لأن الإقرار بذلك يعد بداية لأزمة اليقين في العلم كما أن المادة الرياضيات أصبحت لغة لكل العلوم لأنها تتميز بالدقة و ليس لكونها تتميز بالنسبية .

إن المادة الرياضيات أصبحت لغة لكل العلوم لأن المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية أو البيولوجيا قد تبنت خطوات المنهج التجريبي لكن وقعت في مشكل النسبية و هذا ما جعلها تبحث عن تبني المنهج الرياضي من أجل بلوغ الدقة التي حققتها المادة الرياضيات ، من المبادئ التي طرحها إقليدس نجد التعريفات ( التركيبي و التحليلي ) و الواقع أثبت أمه ليس بإمكان أي كان أن يشكك في مصداقية التعريف الذي قدمه هذا الأخير عن المثلث أيضا من المبادئ التي اعتمد عليها إقليدس نجد فكرة البداهة و التي تعد قضايا يقينية صالحة لكل زمان و مكان لأنها تتماشى مع الانسجام الذهني و المبادئ الفطرية التي يمتلكها العقل
أكد ديكارت قيمة اليقين الرياضي من خلال دفاعه على فكرة البداهة و من خلال تأسيسه المنهج الرياضي الحديث و الذي اعتمد فيه على أربعة قواعد أساسية ( البداهة ، التحليل ، التركيب ، الإحصاء ) و في ذلك يقول ديكارت " لا أقبل شيئا على أنه صحيح إلا إذا كان بديهيا "
قيمة اليقين الرياضي و البداهة أكدها اسبينوزا من خلال إشارته إلى كون البديهية هي معيار الصدق و معيار الكذب أي أن المادة الرياضيات مادامت معتمدة للبديهية كمبدأ لها فإنه من غير المعقول أن تأسس لأفكار خاطئة و كذلك أكد ليبنتز أنه لا يمكن الشك في قيمة المادة الرياضيات لأنه لا يمكن الشك في قيمة البداهة لأن الشك في صدق البديهية يعد شكا في مصداقية مبادئ العقل الفطرية و كتعبير عن كل هذا يقول باسكال " إن الهندسة هي العلم الوحيد من العلوم الإنسانية التي تنتج نتائج معصومة عن الخطأ "
3/ نقد الأطروحة :
عرض منطق الخصوم :
لكن في المقابل للأطروحة التي نحن بصدد الدفاع عنها نجد منطقا معارضا أسسه أنصار النسق الأكسيومي و الذين أكدوا بأن المادة الرياضيات لكي تصير لغة لكل العلوم هي ملزمة بأن تتخلى عن فكرة البداهة و المطلقية في اليقين لصالح النسبية ( هوسرل ) ، لقد أكدوا أن تعدد الأنساق في المادة الرياضيات يعد تعبيرا عن تجاوز الهندسة الإقليدية ( بولغان ) إن أهم شيء كانت تفتخر به المادة الرياضيات قد حطمته نظرية المجموعات التي طرحها جورج كانتور ( تحطيم البداهة ) حيث أن ظهور النسق الأكسيومي أدى إلى تصحيح نمذجي مفصل تلك الأخطاء التي وقع فيها إقليدس ( هندسة ريمان و لوباشفسكي )
ب / نفيه :
لكن ما يأخذ على طرح هؤلاء أنهم ربطوا قيمة المادة الرياضيات بالنسبية لكن الصواب يكمن في أن تغيير مبادئ هذا العلم يعد بداية لأزمة اليقين لأن تلك العلوم أصبحت تتبنى المنهج الرياضي لم ترد من ذلك تحقيق النسبية لأنها أصلا نسبية بل هي تريد من ذلك أن تحقق اليقين الذي شاهدت وجوده في الهندسة الإقليدية القائمة على المنهج الاستنباطي .
كما أن التعدد في المادة الرياضيات الذي يبدو من ظاهره تجاوزا للهندسة الإقليدية إنه في الأصل مجرد افتراضات أو انساق لا قيمة لها لأنه ما تفسيرنا لاعتماد الهندسة الإقليدية في الدراسات المعاصرة كذلك لأن تحطيم فكرة البداهة هو تحطيم لمبادئ العقل الفطرية و هذا مالا يتقبله العقل لأنه قد جن من اعتقد أن الجزء أكبر من الكل .
كذلك إن الاعتقاد بوجود جملة من الأخطاء في الهندسة الإقليدية هو اعتقاد خاطئ لأن الواقع يثبت أن مجموع زوايا المثلث 180 °
خاتــــمة ( حل المشكلة ) :
يمكن التأكيد أن المادة الرياضيات تعتمد منهجا عقليا إستنتاجيا مراعيا لمبادئ العقل الفطرية هذا ما جعلها تتميز بالدقة و اليقين و رغم التطور الذي عرفه الفكر الإنساني و الذي تميز بظهور النسق الأكسيومي و الذي يعد نموذج مقترحا عن المادة الرياضيات المعاصرة إلا أن هذا لا يعد تجاوزا لمطلقية المفاهيم الرياضية لان الإقرار بفكرة النسبية يعد تجاهلا لمبدأ البداهة و هذا مالا يتقبله العقل و هذا يعني أن الأطروحة القائلة بأن المادة الرياضيات هي العلم الذي يتميز بالدقة و اليقين صادقة و جديرة بالدفاع عنها و كل أطروحة مخالفة لها فهي باطلة و لا يمكن الأخذ بها .




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©