من آيات الرحمن في الهيكل العظمي







اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى خلق الهيكل العظمي ليقوم بما قدر له من وظائف جليلة، تتمثل في حمل الجسم ودعم الأعضاء الداخلية الرخوة وحمايتها، فعظام الجمجمة تحمي المخ، وعظام العمود الفقري تحمي النخاع الشوكي، والضلوع مع عظمة القص تكون قفصاً صلباً ومرناً في الوقت نفسه لحماية القلب والرئتين، وتعمل العظام كدعائم لتثبيت العضلات وكروافع تتم بها حركتها، فضلاً عن أن الهيكل العظمي يحدد شكل الجسم طولاً وعرضاً، ويحفظ توازنه ضد جاذبية الأرض.


عدد عظام الجسم 206 عظمة!!


والهيكل العظمي آية من آيات التصميم الهندسي المعجز.. ويتكون من 206 عظمة موزعة كالتالي:

الجمجمة: 22 عظمة "تتصل مع بعضها".

الأذنين: 6 عظمات (3 في كل أذن).

العظم اللامي: (تقع في مقدمة الرقبة).


عظمة القص: 1 عظمة (تقع في منتصف الصدر).


الضلوع: 24 عظمة (12 عظمة في كل جانب من جانبي الجسم).


العمود الفقري: 26 عظمة (7 عنقية + 12 صدرية + 5 قطنية + عظمة العجز + عظمة العصعص".


الذراعان واليدان: 64 عظمة (32 عظمة في كل ذراع ويد).


الساقان والقدمان: 62 عظمة (31 عظمة في كل ساق وقدم).

إذن: مجموع عظام الجسم = 206 عظمة.


أكبر وأصغر عظمة بالجسم:

تُعد عظمة "الفخذ" أطول وأقوى عظمة في جسم الإنسان، إذ تشكل 27% من طول الإنسان ويبلغ طولها نحو 50 سم في شخص طوله 180سم، وتتحمل ضغطاً قدره (2) طن، على 2.5سم2 من سطحها قبل أن تُكسر، فيما تُعد عظمة "الركاب" الواقعة في تجويف الأذن الوسطى أخف وأصغر عظمة على الإطلاق، ولا عجب فوزنها 0.04 جرام، وطولها 3مم فقط!.


قوة العظام تعادل 5 أمثال قوة الخرسانة المسلحة:

والعظم أصلب نسيج في الجسم، بل وأقوى وأصلب من الحديد الصلب مرات عدة، فالحديد يتآكل بفعل الرطوبة وعوامل التعرية، بينما عثر على بعض العظام متماسكة الأجزاء بعد آلاف السنين، وتُعزى هذه الصلابة إلى التركيب المعجز لعظامنا.. فنصف وزن عظامنا تقريباً عبارة عن أملاح الكالسيوم، وربعه من مادة ليفية تسمى "الكولاجين" (وتعني الغراء باللغة الإغريقية)، والربع الباقي من الماء، وتكتسب عظامنا ـ بهذه الخلطة العجيبة ـ

من اتحاد أملاح الكالسيوم مع "الكولاجين" في وجود الماء خمسة أمثال قوة الخرسانة المسلحة.

من آيات الرحمن في الهيكل العظمي


وهناك آيات كثيرة أودعها الله في الهيكل العظمي نذكر بعضها فيما يلي:

أولاً: صممت عظام الجمجمة بطريقة تعطي أعلى قدر من الحماية بأقل وزن ممكن، كما أن عظامها أكثر صلابة وسمكاً في المواطن المعرضة للصدمات كأعلى الرأس مثلاً.


ثانياً: تلاحظ أن الفقرتين العنقيتين الأولى والثانية تختلفان في مظهرهما عن باقي الفقرات، وليس هذا عبثاً أو صدفة، بل وجد أنهما يعملان مقترنتين، بمعنى أن الفقرة الأولى تدور حول وتد عمودي متين على الفقرة الثانية· وهذا الترتيب يتيح للجمجمة التحرك بحرية إلى أعلى وإلى أسفل، ومن جانب إلى جانب، وبهاتين الفقرتين أيضاً يمكن إحداث أكثر إيماءتين يستعملهما الإنسان، وهما هز الرأس بطريقة تدل على الإجابة السلبية، وهزة أخرى تدل على الرد بالإيجاب.

ثالثاً: كل فقرة في العمود الفقري نموذج رائع لحسن الأداء، ولا عجب فإنها تأخذ شكل أسطوانة صماء كي تساعد في تحمل وزن الجسم، وعلى الجانب الخلفي لهذه الأسطوانة، حلقة عظيمة تسمح بمرور النخاع الشوكي وتعمل على حمايته، ولولاها لتعرض النخاع الشوكي للتلف بمجرد سقوط الشخص من ارتفاع قليل.


رابعاً: ثمة آية في القفص الصدري ممثلة في الحركة المتغيرة لمفاصله... فبينما يحمي الأعضاء الداخلية بشدة، فإنه في الوقت نفسه يُمكِّن الصدر من الاتساع والانقباض، كي يسمح بانتفاخ وتقلص الرئتين أثناء التنفس.


خامساً: صممت عظمة الفخذ على شكل أسطوانة مفرغة، وهو تصميم ممتاز لأكبر صلابة بأقل مادة· كذلك يتكون مفصل الفخذ من كرة وحُق، وهذا التركيب يتيح لعظمة الفخذ مدى واسعاً من حرية الحركة وربما كان الدليل القاطع على مدى مرونة هذا المفصل، هو الوضع القائم الزاوية لراقصة الباليه.


سادساً: تترابط عظام الحوض في الرجال والسيدات بواسطة مفاصل غضروفية ولكن تلاحظ أن هذه المفاصل عند السيدات ترتخي وتنفصل قليلاً في أثناء أشهر الحمل الأخيرة، لكي تسهل عملية الولادة.
خلايا العظام تتنفس وتتكاثر وتمرض وتموت


وقد يعتقد الكثير منا ـ صغاراً وكباراً ـ أن العظام مثل الأسنان مادة ميتة، ويرمزون للموت بالهيكل العظمي، وهذا اعتقاد خاطئ تماماً، فخلايا العظام مثل خلايا الجسم الأخرى تماماً، لها أعصابها وأوعيتها الدموية وتقوم بامتصاص الغذاء وتتنفس وتنمو وتتكاثر وتمرض وتموت، بل إن هذه العظام تتغير أنسجتها في العظمة الواحدة كل ثلاثة أشهر، وعلى ذلك فليست أنسجة العظام التي تمشي عليها اليوم هي أنسجة العظام نفسها التي مشيت عليها بالأمس، فالهدم والبناء متلازمان ما بقيت حياة الإنسان.


ليس هذا فحسب، بل عندما تكسر عظمة، فإن الطبيب يضعها في الجبس لمنع حركة هذا الجزء من الجسم، وتثبيت مكان الكسر، ويقوم الجسم ـ ذاتياً ـ بصنع خلايا عظمية جديدة لا تقل متانة عن العظم الأصلي.


وبهذا التركيب المعجز ووظائف أعضائه المميزة والقوة الذاتية للالتئام، يحقق الهيكل العظمي الإنساني نصراً عظيماً في الهندسة والعمارة يخجل منه أي كوبري أو ناطحة سحاب مهما بلغا من دقة التخطيط وفن الهندسة.

ولا نملك ـ بعد ذلك ـ إلا أن نردد مع ربنا الخالق المبدع العظيم: "هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (لقمان:11).








موضوع حصري لمنتديات شباب باتنة