تدريس الفلسفة بالوضعيات - المشكلات:
الواقع والطموح






1. المقدمة : راهنية البحث وأسبابه الموجبة.
2. في البحث عن طريقة ملائمة لتدريس الفلسفة.
3. خصائص الوضعية المشكلة.
4. متطلبات الوضعية المشكلة.
5. لماذا الوضعية المشكلة في الدرس الفلسفي؟
6. معوقات تدريس الفلسفة بالوضعية المشكلة.
7. توصيات.
8. ملاحظات ختامية.



مقدمة:

يـعـد مفـهوم الـوضـعية - المشــكلـة والممـارسـة الصفية المـلحـقـة بـها من أهم التجديدات التي إخـتـرقـت حـقل العـملية التـعليـميـة والتـي تـتـمـيز بـكـونـها تركز على دور المتعلم . لقد أصبح المـتـعلم طـرفـا" أسـاسـيا" وفـاعـلا" لا يـقتـصـر دوره عـلى تـلقـي الأجـوبـة أي تـنـفيـذ الأوامر والطـاعـة بـقدر مـا يـتـوجب عـليـه المسـاهـمـة الفـاعلـة في بنـاء عـمليـة التـعلـم وإيـجـاد الحـلـول لـلمسـائـل الـمطـروحـة. هـذا لا يـعنـي إسـتبـعـاد أو إلـغـاء دور الأسـتاذ .فالتـخـطـيـط والـتوجـيـه وإدارة جـوانـب الـعـمـلـيـة بـمـا فـيـهـا مــن مـعـلـومـات وأنشـطـة وطـرائـق وتـقـويـم تبقى باستمرار عمليات منوطة بالأستاذ.

فــي الـبـحـث عــن الـطريـقـة الـملائــمـة لــلدرس الـفـلسـفي

يجدر بنا باستمرار تجديد طرائق التدريس بحيث تنعكس على أسلوب العمل الصفي،وعلى الكيفية التي يمكن بها تنظيم وإقتراح مختلف الوضعيات التعليمية من أجل تمكين المتعلم من اكتساب الكفايات المطلوبة. بالتالي فإن على المدرس ان يبذل الكثير من الجهد لكي يفعّل وينمي عمليات الخلق والإبداع والإبتكار والإجتهاد ولكي يسهم في كسر الجمود والروتين الذي قد يتولد مع الأيام .من البديهي إذا أن يكون المدرس على إلمام كاف بأساليب التنشيط الفعالة وبدينامية الجماعات فضلا" عن معرفته بالكفايات المحددة ضمن المنهاج الدراسي والقدرات التي تتفرع عنها .لم يعد الغرض من التعليم يقتصرفقط على نقل المعرفة بل اصبح يتعداه الى تنمية المهارات الفكرية والسوسيو - عاطفية والحس – حركية، وهو ما يعني مساعدة المتعلمين على تحصيل كفايات تكون في خدمتهم طوال حياتهم.
بناء" على ذلك وإنطلاقا" من بيداغوجيا الكفايات أصبح من واجب أستاذ المادة أن يتمتع بنظرة أكثر شمولية فيما يقترحه من طرائق مناسبة لتقديم درس ما.
فالحديث عن خصائص الدرس الفلسفي يجبرنا على الوقوف على الغاية الأساسية لهذا الدرس فلتحديدها لا نجد أبلغ من عبارة سقراط " إعرف نفسك بنفسك" فهي تختزن هدفا" بيداغوجيا" وهو أن التفلسف لا يتحقق إلا إذا مورس بكيفية ذاتيه. فلا غرابة إذن أن نجد المهتمين بتدريس الفلسفة يسعون الى تحقيق هذه الغاية اقترح الوضعية - المشكلة مثلا" إستنادا" على كانط القائل: " ان يجرؤ كل تلميذ على التفكير أعتماد على ذاته ". وهذا التنشيط لدور المتعلم هو ما تسعى ديداكتيك الفلسفة الى بلوغه خاصة" إذا سلمنا مع ميشيل توزي بالبعد العملي لديداكتيك الفلسفة التي تركز على تعلم التلميذ أكثر من تركيزها على خطاب الأستاذ.

خصـائـص الـوضـعـيـة الـمشـكـلـة

يعتبر دوكيتيل ان الوضعية المشكلة وضعية معقدة تشتمل على أهم المعلومات الواضحة والاخرى المشوشة خاصة" تلك التي يقصد بها التلاعب بتعلمات المتعلم. تقتضي هذه الوضعية تعبئة الجوانب المعرفية والحسية الحركية والإجتماعية العاطفية إضافة" الى المكتسبات السابقة للمتعلم.
*خاصية الانتاج: إنتاجية المتعلم تكون منتظرة بإستمرار.
تبدو إنتاجية المتعلم واضحة المعالم.
إنتاجية المتعلم قابلة للتطوير والتجديد.
تتم إنتاجية المتعلم إنطلاقا" من مباشرته للنص او حل لمسألة محددة او لموضوع وظيفي او لخطة عمل محددة.
إنتاج إجابة مرده للمتعلم وليس للمدرس.
*خاصية اللاديداكتيكية: لفظ وضعية مشكلة ليس مرادفا" للفظ وضعية ديداكتيكية.
الوضعية المشكلة وليدة فعل المتعلم ذاته في الوقت الذي تعتبر الوضعية الديداكتيكية وضعية مقدمة من طرف المدرس.

مـتـطلـبـات الـوضـعيــة الـمشـكلــة

يفترض بالوضعية المشكلة:
أن تعني المتعلم بحيث تستثير مشاركته وبالتالي لا يكتفي بالطاعة والتنفيذ فقط.
أن تكون مرتبطة بحاجز بيّن محدد وبالإمكان تجاوزه وأن يستطيع المتعلمون الوعي به عن طريق تجلي تصوراتهم الخاصة أي تمثلاتهم الذهنية.
أن تولد سؤال لدى المتعلمين (الذي لا يكتفي بالإجابة فقط عن أسئلة الأستاذ).
أن تخلق قطيعة تجعل المتعلم يفكك نماذجه التفسيرية الاولى ان بدت غير مكيفة أو خاطئة وإذا وافقت وضعية معقدة ومرتبطة ما امكن بالواقع ويمكن ان تكون منفتحة على أجوبة مختلفة مقبولة على مختلف الإستراتيجيات التي يمكن إستعمالها.
أن تنفتح على معرفة ذات طبيعة عامة ( مفهوم - قانون - قاعدة ).

لـمـاذا الوضـعـيــة المشـكـلــة فــي الـدرس الـفلسـفـي؟

إن إعتماد المقاربة بالوضعيات - المشكلات في تدريس الفلسفة يأخذ مشروعيته من جملة الدعوات التي يصرح بها المهتمون بتدريس الفلسفة والداعية الى الإنفتاح على المستجدات البيداغوجيا دون المساس بخصوصية مادة الفلسفة وهذا ما يؤكده فيليب ميريو من خلال قوله: " ينبغي الحفاظ على نوع من التوازن بين رفض كل إنشغال بيداغوجي وكل مساهمة تأتي من داخل علوم التربية بإسم الخصوصية النوعية (للفلسفة) ونوع من النزعة التقنية التي تختزل فعل التدريس في بعض التقنيات البيداغوجية" . وهو نفس المعنى الذي عبّر عنه جاك دريدا بقوله: " ينبغي الأخذ بعين الإعتبار الوحدة المميزة والخاصة لهذه المادة ضد كل شكل من أشكال تذويب وتفتيت هويتها " . فكيف السبيل الى الحفاظ على طابع الخاص لمادة الفلسفة والتدريس بالوضعيات المشكلة؟
إن الإجابة على هذا السؤال تتلخص في النموذج مقترح المقدم من طرف روجيرز للمقاربة بالكفايات وهو يتأسس على لحظتين أساسيتين:
1- لحظة التعلمات الدقيقة: فخلال هذه الفترة المخصصة للتعلمات الدقيقة يمكن تقديم وتعليم القدرات الخاصة بالدرس الفلسفي (الاشكلة، المفهمة، الحجاج، التحليل، التركيب....) بالاضافة الى المعرفة المتعلقة بالفلسفة ( النظريات، المذاهب، مادة التاريخ الفلسفة....) وتعد فترة التعلمات الدقيقة فترة مهمة بالنسبة للحظة الموالية لحظة الادماج وهذا ما يؤكد عليه فريق بروكسل التربوي من خلال إصرارهم على أن تطبيق الوضعية - المشكلة لا يجب أن تنسينا الاجراءات الأولية. والتي لا يجب إنكار أهميتها في اكساب الكفايات المعقدة.

2- لحظة الإدماج: وتتمثل في إدماج التعلمات الدقيقة السابقة من خلال وضعيات - مشكلات.أي إعطاء هذه التعلمات دلالة ومعنى بإدماخها ضمن بنية نسقية ( حل يجيب عن المشكل أو يؤدي المهمة المعقدة التي التي تطرحها الوضعية - المشكلة وذلك ضمن سياق واقعي إجتماعي)الشيئ الذي لا يتنافى مع الغايات الكبرى لتدريس الفلسفة من قبل خلق الثقة في النفس التفكير في قضايا المجتمع تحرير الذات المفكرة المشاركة في إختيار وبناء وتجسيد قيم المجتمع.... ومن ثمة فإن تدريس الفلسفة بالوضعيات - المشكلات يجب أن يتم من خلال نموذج مقترح الوضعيتين اللتين هما الوضعيات المشكلة الديداكتيكية أي إعتماد الوضعية المشكلة للانطلاق تعمل على تحفيز التلاميذ وتحميسهم لتعلم المعارف والإنكباب على المعرفة الفلسفية.

الوضعيات المشكلات الإدماجية أو التقويمية: وهي وضعيات يمكن إعتمادها خلال فترة تعلم الادماج أو لتقويم الكفايات المستهدفة من تدريس مادة الفلسفة.
ننطلق من هذه الوضعيات التعليمية المقترحة من إعتبارين أحدهما بيداغوجي يهم عملية التعلم والأخر ديداكتيكي - فلسفي يقترن بطبيعة التفكير الفلسفي نفسه. فأما الإعتبار البيداغوجي فيتجلى في أهمية المعنى داخل فعل التعلم: فما لم يدرك التلميذ معنى ودلالات التعلمات فإن دافعيةالتلقي والإستعاب تتضاءل ناهيك عن قدرته على التعلم الذاتي أو الإبداع.
ان دور المدرسة بهذا المعنى هو إثارة الدهشة والتساؤل لدى التلاميذ وذلك إنطلاقا" من ربطهم بمعارف حية يجدون فيها إجابات عن أسئلة يحسون انها نابعة من حياتهم.كما يقول أرسطو " ان الدهشة هي التي دفعت الناس اول الأمر الى التفلسف" . والدهشة انما تكون أمام ظواهر وضمن وضعيات تمس كيان الانسان كل وتخاطبه بإلحاح وتحد مما يخلق عنده هذا التوتر المصحوب بشيئ من التضايق واللارتياح والذي يتعين علينا استثماره لدفع الى لقاء المعرفة، هذا اللقاء الذي غالبا" ما يحول دونه موقفنا البرغماتي إزاء العالم.
التحدي المطروح على مدرس الفلسفة هو كيفية إعداد مثل هذه الوضعيات التي تدهش المتعلم وتخرجه من سبات وطمأنينة الوضوح. المتعلمين يفتقدون حسب فيليب بيريو " الرغبة في التعلم في المعرفة اللتين تجعلان المتعلم ينخرط في التعلم باعبائه بل ويتحمل محنه ".
وأهم اجراء لاثارة الرغبة هو تحويل المعرفة الى لغز وعليه فإن مهمة المدرس تتمثل في ان يوقظ الرغبة عن طريق تلغيز المعرفة أي عن طريق تصور " وضعيات مشاكل صعبة وقابلة للتجاوز " ترفع من إحتمال حدوث التعلم بإعتبارها وضعية ديداكتيكية هي وضعية لا يستطيع فيها المتعلم حل المشكل المطروح بكل سهولة أو بمجرد التكرار البسيط أو تطبيق معارف مكتسبة بشكل آلي لإن المهمة التي يطلب من المتعلم إنجازها يتم بناؤها بناءا" يستدعي تجاوز عائق يفرض رائع على المتعلم استنفار موارده وفحصها وضع فرض رائعيات وتمحيصها اثباتها أو تعديلها أو دحضها إبتكار حلول - إتخاذ قرارات، بناء معارف لم يكن يتوفر عليها من قبل تعبئة موارد قديمة بذكاء في سياقات ووضعيات جديدة لانه لا يمكن أن نتحدث عن إكتساب كفاية إلا حينما تعمل ذات تواجه وضعية جديدة على ان تختار بنفسها من ضمن ما أسماه فيليب بيريو مكتسبات بنيوية طبيعية ومستوى المقدرات ومكتسبات وظيفية .
طبيعة ومستوى المعارف النتوصل اليها في التمثيل ما يستجيب للاسئلة التي تطرحها الوضعية الجديدة بإعتبار ان احد العناصر الاساس للكفاية يتمثل في القدرة على التكيف مع الوضعية الجديدة والتصرف فيها بفعالية. وهكذا فإن المعرفة لا تشكل نقطة إنطلاق المنهجية البيداغوجية وانما تشكلها المهام التي تستنفر المواردالتي يتوقف جدواها على مدى صلاحيتها ووظيفتها في تجاوز العائق الذي تتضمنه الوضعية - المشكل.


مـعوقـات تـدريـس الـفلسـفة بـالوضـعـيات - المشــكلـة

*غياب النموذج مقترح النظري والتطبيقي لتدريس بالوضعيات – المشكلات الشيئ الذي يجعل هذه المقاربة تبقى رهينة المبادرات الشخصية .
*إرتباط معظم السادة الأساتذة بالطرق التقليدية في تدريس الفلسفة .
*إن مضمون الكتب المدرسية لا يساعد المتعلم على الفكر النقدي والمساءلة الفلسفية بسبب إنعدام الترابط والتسلسل المنهجي في معالجة الموضوعات الفلسفية.

*عدم توفر النصوص وخاصة" في كتاب كامل الفلسفة العامة كما أن طابع المادة سؤدي ومطروح بصيغ جامدة ما يقيد المدرس ويدل على ان تدريسها سيتم بشكل تلقيني.
*دروس مفصلة الاخلاق والقيم والضمير الفردي والحقوق والواجبات غير مرتبطة بالحياة المعاشة .يشعر الطالب وكأن المسألة وعظ . أما في الفلسفة مادة اللغة العربية الموضوعات تطرح من خلال فلاسفةأعلام وليس من خلال المسائل.
هذه المعوقات تصعب مهمة المعلم بصياغة وطرح وضعيات المشكلة.

تــوصـيــات

*قيام الوزارة المسؤولة بالدور المنوط بها وذلك بصياغة منهاج لمادة الفلسفة متكامل وواضح المعالم مبني على المقاربة بالكفايات بداية" من تحديد هذه الكفايات وإنتهاءا" بتقويمها مرورا" بالمحتويات الملائمة والطرق المناسبة والوسائل المساعدة.
*تدريب المعلمين في الدراسات العليا وإقامة دورات تدريبية لتأهيل معلمي الفلسفة على التدريس بالوضعيات المشكلة وإطلاعهم على كل ما يطرأ من تغيرات.
*مواكبة المعلم لجميع التطورات والتثقيف الذاتي المستمر وعقد الندوات والإشتراك في المؤتمرات والإطلاع على الجديد من الطرق في التدريس الفلسفة عبر متابعة أحدث الأبحاث والتقارير في هذا الموضوع .
*ضرورة الإهتمام بالمن التعليم الثانويات من حيث التجهيزات وعدد التلاميذ داخل الصف.
ان هذه التوصيات من شأنها تجعلنا أمام رؤية واضحة وموحدة حول تدريس الفلسفة بالوضعيات – المشكلات وهي رؤية عسى أن تتحقق في القريب وذلك بعكس ما هو حاصل الان.

ملاحظة ختامية

يترافق التدريس بالوضعية المشكلة مع مجموعة من الأنشطة بقصد تقديم حل للمشكلة الموضوعة .يستخدم المتعلم تفكيره ويستثمر معارفه السابقة في إطار تحصيل معرفة وخبرة جديدة .وبعد تحديدة المشكلة يجمع معلومات تتعلق بها ويضع فرض رائعيات للحل فيختبر فرض رائعياته التي توصل اليها ويمحصها للوصول الى إستنتاجات فيعمم ما توصل اليه على مشاكل مشابهة تعترضه. فالتعلم عن طريق الوضعية المشكلة يجذب إنتباه المتعلم ويجعله مهتم بالبحث عن الحلول. بالتالي فإن الدرس الفلسفي المؤسس على هذه الطريقة يستفز المتعلم ويربكه ويجعله يشعر بالمتعة والحماس ،كذلك فإن اعتماد هذا النمط من التعلّم ينمي كفايات المتعلم بحيث يوظف معارفه ومكتسباته فيما يقترح من حلول .

---------------
اعداد : سهى صادق..اشراف: د. سمير زيدان.

الـــمصادر والمراجع:

http://www.fikrwanakd.aljabriabed.net/n48-10chamawi.htn
http://www.fikrwanakd.aljabriabed.net/n54-10.htn
http://www.edunet.tn
http://www.philotozzi.com
http://www.crdp-montpellier.fr/ressources/agora


الكتب:
* Xarier Rogiers: une pedagogie de l’integration 2eme edition De Boeck universite’.
* Bachelard G. la philosophie du non PUF 1983.
* Bachelard G. la Formation de l’esprit scientifique Paris 1999.
*khayma.com/falfasafa/pebagolisp.hotmail*الكتاب كامل الأبيض








أبطال سلوان يتصدون لعنجهية المستوطنين الصهاينة في
مدينة الفدس المحتلة
سلوان / حي ملاصق للأقصى الشريف يتعرض للتهويد يومياً










©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©