أهمية رعاية مواهب الأطفال



د. محمود طافش الشقيرات

مشرف تربوي بمدارس الحكمة والكرامة

تعتبر فئة الأطفال المتفوقين والموهوبين من الثروات ذات القيمة العالية للأمة ؛ وذلك لدورهم المستقبلي في تعزيز نهضتها وإثراء حضارتها ، لذلك فإن الأمم والشعوب الواعية تحرص على رعاية الأطفال المتفوقين وتوليهم عناية خاصة تكفل لهم نموا مثمرا ، غير أن الواقع في الدول النامية ذات الإمكانات المحدودة يختلف ؛ حيث يخطط واضعو المناهج محتوى المواد الدراسية لتلائم الفئة الوسطى من الطلبة , وقد يستفيد من هذه المناهج الطلبة المتأخرين دراسيا ً , لكنها بالتأكيد لا تشبع الحاجات المتنامية للطلبة المتفوقين , فقد أشارت الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع إلى أن الأطفال من ذوي نسب الذكاء العالية التي تربوا على 140 يفقدون نصف وقتهم ، في حين يفقد الأطفال الذين يتمتعون بنسب ذكاء تزيد على 170 معظم وقتهم دون فائدة تذكر ، فكيف السبيل لإنقاذ هذه الفئة من الأطفال المتفوقين من براثن الإحباط ؟

لعل في تفريد التعليم وعملياته وبرامجه بعض الفوائد للأطفال المتفوقين عقلياً , لكن في المقابل فإن هؤلاء المتعلمين متفاوتون في قدراتهم وإمكاناتهم , ونادرا ما تجد طالبا متفوقا يماثل طالباً أخر في توليفة قدراته , وهذه الفروق بين مستويات المتفوقين لا تنال نصيبها المرضي من اهتمام واضعي المقررات الدراسية .

كما توصل كلارك من خلال دراسة قام بها إلى أن نظام التسريع في الصفوف الدراسية grade skipping)) يحقق نتائج ايجابية مدعمة ؛ حيث إن في الترفيع من خلال القفز فوق الصفوف نوعاً من الايجابية التربوية والاجتماعية للطلبة شديدي التفوق العقلي على الرغم من أن العديد من النظم التربوية ـ كما يرى سلفرمان 1993 Silverman – تقاومه بشدة إلى حد رفضه بحجة أن مثل هذا الأجراء من شأنه أن يعيق النمو الاجتماعي للطفل .

ولكي ننقذ الأطفال المتفوقين من هذا الواقع المحبط بسبب ضيق اليد و الإمكانات المحدودة في المدارس فإنه من المفيد لهم :

· وضعهم في صفوف خاصة بهم تساعد على تنمية قدراتهم ومواهبهم .

· تدعيم المناهج الدراسية المقررة بمقررات وبرامج خاصة تساعد في عملية

تنمية قدراتهم ومواهبهم .

· تأهيل فئة من المعلمين المخلصين والمنتمين والمؤمنين بأهمية رعاية

الإبداع , والقادرين على توظيف استراتيجيات تدريس حديثة , ومن ثم تقويم التغير الحاصل في سلوك هؤلاء الأطفال وفي طرائق تفكيرهم من خلال استراتيجيات التقويم الواقعي .

· توفير ما قد يحتاجون إليه من غرف مصادر عامرة بالمراجع المتجددة

وبالتقنيات الحديثة والمختبرات المتطورة الغنية بالأجهزة وبالمواد اللازمة للبحث ، وأخص بالذكر مختبرات الحاسب الآلي والريبوت.

وتجدر الإشارة إلى أن نسبة غير قليلة من المتفوقين عقلياً قد تصل أحيانا إلى 17% يعاني إفرادها من صعوبات تعلم بسبب الاحتراق النفسي الناجم عن تكليفهم بأعباء فوق طاقاتهم ، وهذه قضيه أخرى ينبغي التنبه لها ومتابعتها من خلال عمليات تشخيص واستراتجيات تدريس خاصة, ويمكن توفير الدعم الملائم لهم من خلال إثارة قابليتهم لإحراز المزيد من التفوق بالحوافز المعنوية، وبالتركيز الدقيق أثناء متابعة كل ما يقومون به من أعمال .

ومهما يكن من أمر فان هناك فئة من الباحثين تؤكد على أن الموهبة لا تفنى لدى صاحبها بعدم الرعاية ، غير أنها لا تنمو بالقدر المرجو لها ، كما توصل ونر winner 1997 إلى ان أمثال هؤلاء المتفوقين دائما يؤكدون تفوقهم عندما تسنح لهم الظروف الملائمة .





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©