ماذا لو عادت الغيرة يوما للرجال . . .

وعاد محمد رسول الله ، وعاد حمزة وعمر، وعاد سعد و الزبير و بلال .. ؟؟؟


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
قال الله تعالى : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}

روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه، يوماً قال لأصحابه : ((إن دخل أحدكم على أهله ووجد ما يريبه أشهد أربعا )) فقام سعد بن معاذ متأثراً فقال: يا رسول الله: أأدخل على أهلي فأجد ما يريبني، أنتظر حتى أشهد أربعاً لا والذي بعثك بالحق!! إن رأيت ما يريبني في أهلي لأطيحن بالرأس عن الجسد ولأضربن بالسيف غير مصفح وليفعل الله بي بعد ذلك ما يشاء فقال : ((أتعجبون من غيرة سعد !! والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ))
الحديث وأصله في الصحيحين

يقول ابن القيم رحمه الله: ( إذا رحلت الغيرة من القلب ترحلت المحبة بل ترحل الدين كله )

وقال ابن القيم أيضا : (إن أصل الدين الغَيْرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغَيْرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغَيْرة تميت القلب، فتموت له الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفع البتة، ومثل الغَيْرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلًا، ولم يجد دافعًا، فتمكَّن، فكان الهلاك، ومثلها مثل صياصي الجاموس التي تدفع بها عن نفسه وولده، فإذا تكسرت طمع فيها عدوه )

* * *
فلا شك أن هزائم الأمة وانتكاساتها لا ترجع إلى الضعف في قواها المادية ولا إلى الضعف في معداتها الحربية
فمن يظن هذا الظن ففكره قاصر ونظره سقيم
إن الأمة لا تعلو - بإذن الله - إلا بضمانات الأخلاق الصلبة في سير الرجال
فلا شك كذلك أن الأخلاق الفاضلة يضعف أمامها العدو، وينهار بها أهل الشهوات.
والأخلاق وما أدراكم ما الأخلاق - أيها الأخوة - ليست شيئاً يكتسب بالقراءة والكتاب كاملة، ولا بالمواعظ والخطابة، ولكنها درجة بل درجات لا تنال - بعد توفيق الله ورحمته - إلا بالتربية والتهذيب، والصرامة والحزم، وقوة الإرادة والعزم.


إخوتي الفضلاء ، أخواتي الفاضليات
الحديث ها هنا عن مقياس دقيق من مقاييس الأخلاق ، ومعيار جلي من معايير
ضبط السلوك..
إنه حديث الغيرة، الغيرة يا إخوتي رعاكم الله. الغيرة، الغيرة على الدين ، والغيرة على الأعراض، وحماية حمى الحرمات

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
فلن يرضى كل امرئ عاقل بل كل شهم فاضل إلا أن يكون عرضه محل حرص وتمجيد، ويسعى ثم يسعى ليبقى عرضه حرماً مصوناً لا يرتع فيه اللامزون ولا يجوس حماه العابثون

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لبذل الرجل الغالي والنفيس للدفاع عن شرفه ، نعم إن الشهم ليصون عرضه بالمال فلا بارك بمال لا يصون عرضاً

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لخاطر صاحب الغيرة بحياته وبذل مهجته ، وعرض نفسه لسهام المنايا عندما يرجم بشتيمة تلوث كرامته
وهان على الكرام أن تصاب الأجسام وتسيل الدماء؟ لتسلم العقول وتحفظ الأعراض . وقد بلغ ديننا في ذلك الغاية حين أعلن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : (( من مات دون عرضه فهو شهيد ))

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لتم تحرير البلاد والعباد من الأغاني الساقطة، والأفلام الآثمة، والسهرات الفاضحة، والقصص الداعرة، والملابس الخالعة، والعبارات المثيرة، والحركات الفاجرة ، ما بين مسموع ومقروء ومشاهد في صور وأوضاع يندى لها الجبين في كثير من البلاد والأصقاع إلا من رحم الله . على الشواطئ والمنتزهات، وفي الأسواق والطرقات. ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لعادة بيوت العفة والحشمة ، تحفظ و تربي فيها المروءة وسلامة العرض و يعيش الفتى وتعيش الفتاة فيها يتعلمون تعاليم الإسلام وآداب القرآن ملتزمين بالستر والحياء ، تختفي فيه المثيرات وآلات اللهو والمنكر، ويتطهر من الاختلاط المحرم .

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لعادة الغيرة الغيرة يا مسلمون للبيوت ، وحجبت الزوجة عن الحمو الموت ، وما إختلى بالنساء السائق والخادم و صديق العائلة و ابن الجيران، والطبيب المريب، و الممرض المريض ، والبائع والمدرس في البيت.

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لكسرت كل الأقلام الساقطة ، و أتلفت كل الأفلام الهابطة ، التي تتعاون كلها لتمزق حجاب العفة هذا، ثم تتسابق وتتنافس في شرح مفصل المعاصي وفضح الأسرار وهتك الأستار وفتح عيون الصغار قبل الكبار، ألا ساء ما يزرون.

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
ما أنتهك الرجال الأعراض في الشوارع و المقاهي بنظراتهم و أحاديثهم و فعالهم
و لن تجد في الشارع المجاور من يفعل بعرضه ما يفعله هو بأعراض غيره

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لما خرجت زوجة من غير استئذان زوجها ، مبدية زينتها للأنام
تطوف في الأزقة وتحادث الرجال من الجيران
تخضع بالقول لأصحاب المحلات أو لفلان و علان

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لما سمح للبنات من مشاهدة ما يبث عبر الفضائيات و الإعلام
أو ما تضعنه على أجسادهن من ضيق و عريان

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لن يقذف رجل على أخواته من أهل الإيمان بسهامه على تلك و تلك بنظراته و سيئ الكلام

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لن يرخي الرجل الحبل على الغارب لزوجته وبناته إذا خرج خارج البلاد و لما و جدته يتساهل في الحجاب ، كالذي يأمرهن بالتخفف من الحجاب إن لم يكن تركه بالكلية ، وقد يكون ذلك بمجرد إقلاع الطائرة حيث يوضع الحجاب في الحقيبة وتوضع مساحيق التجميل على الوجه .

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
ما وجدنا رجل يأخذ أهله لمواطن الفسق والفجور من دور السينما والمسارح والملاهي ونحوها من الأماكن التي تذبح فيها الفضيلة وتهيج فيها الغرائز

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لعلمون معنى الغيرة أنها حب و اهتمام وليست عقدة أو تغطرس وانتقام ، وأنها لا تعني الشك والتجسس ، بل تعني حفظ الأعراض من مواطن الشبه والريبة حتى لا تنزلق إلى الرذيلة ، كما أن الثقة لا تعني البلادة وعدم إدراك الرجل لما يدور حوله وما يفعله أهله.

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لتربت ونبتت وترعرعت المرأة وردة مصونة في وسط غيور ترتشف الحب والاهتمام
يعظم في عينيها جرم الخيانة خيانة النفس والأهل من الأب و الأخ و الزوج
فتتعفف في لبسها و مشيها و كلامها أينما حلت

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
لتأصلت الغيرة في الرجال و النساء ، وأصبحت المرأة هي من تغار على نفسها

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
فلن يقترب من حمى الرجل أو المرأة العابثون ولا يرتع في حماهما اللامزون ، ويفرض رائعا الاحترام لنفسيهما و لأهلهما

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
وعاد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعاد حمزة وعمر، وعاد سعد و الزبير و بلال .. ؟؟؟
لفهمنا و حفظنا ووعينا ما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ..))(4).

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
وعاد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعاد حمزة وعمر، وعاد سعد و الزبير و بلال .. ؟؟؟

لحرر الأقصى بين عشية وضحها ، وما مات صبي في قريتي من الجوع والبرد ، وما خطفت و جرفت الفياضانات آخر من بين يدي أمه ، والملوك تنعم في الحر والحرير


فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
وعاد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعاد حمزة وعمر، وعاد سعد و الزبير و بلال .. ؟؟؟

لم يكن المبتدعة و أعداء السنة ليرفعوا رأساً ببدعهم ، و والله لن يكلمهم رجل أبداً
ومن غيرت الرجال على نصوص دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم لهجروا أهل البدع و ما تكلموا مع مبتدع ولا نصف كلمة

فلو عادت الغيرة يوما للرجال ...
وعاد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعاد حمزة وعمر، وعاد سعد و الزبير و بلال .. ؟؟؟

لما رمي الرسول صلى الله عليه وسلم في عرضه ولما شتمت زوجاته أمهاتنا ولما سب أصحابه

فداك نفسي وعرضي و أبي و أمي يا رسول الله

اللهم إجعلنا مفاتيحا لكل خير ، مغاليقا لكل شر ، وأجعلنا جندا من جنودك تنصر بنا الإسلام والمسلمين ، وتخذل بنا أعداءك أعداء الدين ، اللهم و إنى نسألك الشهادة ، وحسن الخاتمة ، وصلي اللهم على محمد وعلى آله
وسلم عليه تسليما عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون

والحمد لله رب العالمين





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©