السلام عليكم

هو موقف تعرضت له اليوم و أنا في طريقي إلى المنزل
إذ توقف رجل بشاحنته وهم بالخروج منها وهو يلفظ حديثا غليظا إلى أحدهم "اسمع خلي الطفلة حسبتها سايبة"
و لم أفهم أن الأمر يخصني حتى سمعت صوت أخي و هو يقول له "بارك الله فيك عمو هذي اختي ربي يكثر من أمثالك"
والقصة أن أخي كان ينادي علي من ورائي و أنا لم أنتبه فظن ذلك الرجل أنه يتحرش بي فتدخل
و قد أبى أن يذهب حتى قلت له "صح هذاأخي "فطلب السماح و شكرناه و مضى
فتساءلت متعجبة و قد غمرتني فرحة من الداخل فالرجل لا يعرفني
لكن كبر عليه أن يتحرش بفتاة محجبة أمامه فتدخل دون أن يحسب عواقب تدخله و هذي المرة جات سلامات
نعم تساءلت
ماذا لو وضع الرجال اليد فاليد و غاروا؟
كل امرئ عاقل و شهم لا يرضى إلا أن يكون عرضه محل الثناء و التمجيد
يسعى ثم يسعى ليكون عرضه مصونا لا يرتع فيه اللامزون و لا يجوس في حماه العابثون
هذا ما أعرفه عن الغيور!
كريم العرض يبدل الغالي و النفيس للدفاع عن شرفه
شهم يقدم ثروته ليسد أفواها تتطاول عليه بألسنتها أو تناله ببدئي ألفاظها
ماذا لو غار الرجال ؟
سيخاطرون بحياتهم و يبدلون مهجتهم و يعرضون أنفسهم لسهام المنايا لو رجموا بشتيمة تلوث كرامتهم
يهون على الكرام أن تصاب الاجسام و تسيل الدماء لتسلم العقول و الأعراض
مالي أرى رجال اليوم ينتهكون الأعراض في الشوارع و المقاهي بنظراتهم و أحاديثهم و فعالهم
و في الشارع المجاور تجد من يفعل بعرضه ما يفعله هو بأعراض غيره
إني أبحث عن غيرة الرجل على زوجته تخرج من غير استئذان مبدية زينتها للأنام
تطوف في الأزقة وتحادث الرجال من الجيران
تخضع بالقول لأصحاب المحلات أو لفلان و علان
أين غيرته على بناته مما يبث عبر الفضائيات و الإعلام
أو ما تضعنه على أجسادهن من ضيق و عريان
أين غيرته على أخواته من أهل الإيمان يقذف بسهامه على تلك و تلك بنظراته و سيئ الكلام
الغيرة يا جماعة هي حب و اهتمام وليست عقدة أو تغطرس وانتقام
و المرأة التي تتربى في وسط غيور ترتشف الحب والاهتمام
يعظم في عينيها جرم الخيانة خيانة النفس والأهل من الأب و الأخ و الزوج
فتتعف في لبسها و مشيها و كلامها أينما حلت
و يتأصل ذلك في شخصيتها و تصبح هي من تغار على نفسها
فالرجل أو المرأة إذا عرفا بالغيرة لا يقرب حماهما العابثون ولا يرتع في حماهما اللامزون ويفرض رائعا الاحترام لنفسيهما و لأهلهما
تبقى الغيرة- كما يقول ابن القيم-
هي أصل الدين ومن لا غيرة له لا دين له فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح فتدفع السوء والفواحش
وعدم الغيرة تميت القلب فتموت الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة
فمثلها في القلب مثل المناعة التي تدفع المرض وتقاومه فإذا ذهبت وجد المرض المحل قابلا ولم يجد دافعا فتمكن فكان الهلاك




مسلمة





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©