بسم الله الرحمن الرحيم

الشورى في حقيقتها عبارة عن مداولة الأراء بين أهل الرأي والخبرة والحكم في مشورة الأمة ومصالحها العامة ولذلك لا تتحقق الشورى إلا في مناخ من الحرية , والشورى عميقة الجذور في النظام الإسلامي ولذلك نجد أن سورة ٌكاملةً سميت بالشورى , وقد إختلف أهل العلم في الشورى هل هي ملزمه أم معلمه ؟؟ والصحيح أنها مُلزمه وسأستعرض بعض الايات والاحاديث ومواقف من السيرة واختيارات بعض أهل العلم تثبت ذلك .



قال الله تعالى ( والذين إستجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم يُنفقون )
المُتأمل للأيه يجد أن كلمة الشورى تقع في المنتصف يحدها شرقاً الصلاة وغرباً الزكاة فوضعها بين إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهي مما إفترض الله علينا يدل على أنها فرض رائع .




قبل غزوة أُحد صعد الرسول – صلى الله عليه وسلم – المنبر وعرض فكرة أرض المعركة للتصويت هل تكون داخل المدينة وتصبح ( حرب شوارع ) أو تكون المواجهة خارج المدينة في أرض مكشوفة وكانت الأغلبية الساحقة على الخروج وكان هذا صوت الشباب ضد رغبت الرسول – صلى الله عليه وسلم – وبعض أهل الخبرة من كبار السن ومع ذلك أخذ برأي الأغلبية ,, وخرج الجيش خارج المدينة ودارت المعركة وتعلمون ما حدث فيها من إنتصار للمسلمين بداية الأمر ثم نزول الرماة من الجبل فلتف عليهم خالد بن الوليد فقلب الهزيمة إلى نصر , وإنتهى المعركة بهذا الشكل قد يهز مبدأ الشورى لأنه قد يخطر في النفوس أن إنحياز الرسول – صلى الله عليه وسلم – لرأي الشباب المتحمس قليل الخبرة وهم الاغلبية على الشيوخ وهم الاقلية هو سبب الهزيمة !! ولكن أنزل الله بعد هذه المعركة أية في سورة ال عمران نستطيع أن نأخذ منها التأكيد على مبدأ الشورى قال تعالى ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفرلهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله .... )


ضربت قوات التحالف حصاراً خانقاً على المسلمين في غزوة الخندق فمن الخارج العرب المشركون الوثنيين ومن الداخل اليهود فشتد الكرب وعظُم الخطب على المسلمين وقد وصف الله سبحانه حال المسلمين بقوله (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ) فأراد الرسول الكريم أن يعقد إتفاق بينه وبين قبيلة غطفان الحليف لقريش فبعث إلى عيينه بن الحصن والحارث بن عوف وعرض عليهما إتفاقية تنص على الإنسحاب الفوري مقابل ثلث ثمار المدينة وكتبوا كتاب كاملاً بذلك وأحب الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يستشير سادة الانصار قبل التوقيع فجتمع بـ ( سعد بن معاذ و سعد بن عباده ) وعرض عليهم الأمر فقالا : هل ما تقوم به أمر تحب أن تصنعه أو أمر من الله أو هو من أجلنا قال رسول الله : قال من صنعت ذلك إلى أني رأيت أن العرب رمتكم من قوس واحدة فقالا : يارسول لا نوافق على ذلك وذكرا الأسباب فنزل الرسول عند رأيهم .


قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر وعمر " لو أنكما تتفقان على أمر واحد ما عصيتكما في مشورةٍ أبداً "

قال عمر بن الخطاب لمن أمرهم أن يختاروا إماماً بعد وفاته " من تأمّر منكم على غير مشورة المسلمين فاضربوا عنقه "

قال الجصاص " إن الأمر هنا للوجوب , وأن الغاية من الشورى العمل بما توصل إليه أهل الشورى "

قال ابن عطية " الشورى من قواعد الالشريعة الاسلامية وعزائم الأحكام ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب وهذا مما

لاخلاف عليه "

قد يعترض معترض ويقول في صلح الحديبيه الرسول صلى الله عليه وسلم خالف رأي الاغلبية وعقد الصلح وهذا الإستدلال لايصح لأن ما فعله الرسول – صلى الله عليه وسلم – ليس رأياً بل أمرأ إلهياً .

( وقد ذكر صاحب الفتح ذلك في باب الشروط )






©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©