بِسْم الله الرّحمن الرحيم

يَحدُثُ أن يُشرع الفؤاد أجنحة التحليق المترفة بالأنس
أن يتسلل القطر ليروي صحاري الروح وأراضيها الجدباء
لمُجرد صُورة راح يرسمها خيالنا الضيّق وعيوننا القاصرة
ونتخيل ونتخيل ونتخيل
لِـــتـَزفرَ الأنفاس : وياحبّذا الجنة ..وياحبّذا الجنة..
حَيث قرة عيون المشتاقين محمد صلى الله عليه وسلم
حَيثُ السُرر المتقابلة والنفوس المتصافحة
حيث الأشجار العالية والثمار المتدلية
حيث الأنهار المتدفقة والحدائق النَظرة
حَيث النعيم الخالد والهناء الدائم
حيث لانَصب ولا لُغوب
حيث يتسلى القلب بعد وصب الدنيا
حيث المسك واللؤلؤ والمرجان
حيث السندس والاستبرق والحور العين
حيث لا عَين رأت ولاأذن سمعت
حيث لم يخطر على بالك ولا على بال بَشر


إذ لا شك أن حويصلة الحنين تتفجّرُ إذ نقرأ :
[
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ] الزمر

ولاشك أن مآذن الشوق تَصدح بدواخلنا إذ نتلو:
[ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا(15) قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا(16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً ] الإنسان

كيف لا وهي الجنة : وَطن الخلود ودار القرار

والسُؤال :
هل بعد نعيم الجنة من مزيد ؟
وهل من عطاء أعظم وأفضل من الجنة ؟
والإجابة:
نَعم
يَقُول الحبيب صلى الله عليه وسلم [إذا دخل أهل الجنة، يقول تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى] رواه مسلم
وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال:[ كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة،
فقال " إنكم سَتَرون ربكم عياناً كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته ]

فالرؤية هاهنا رؤية حقيقية دون حِجاب او حاجز أو إحاطة على عكس ما راح يتزعّمه البَعض ،
يقول جل في علاه[ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ] القيامة
إي نَعم ،
ثم انه ما إن يتجلى الله لعباده المؤمنين في الجنة حتى ينسوا نعيم ماظفروا به
وماذلك الا للنعيم الأكبر والعطاء الأجل واللذة الأعظم في النظر إلى وجهه جل في علاه

وإذا رآه المؤمنون نسوا الذي *** هم فيـه ممـا نالت العينـان
فإذا توارى عنهم عادوا إلَى *** لذاتهم مـن سـائر الألـوان(*)

،،
فوالله أن هذا الأمر لهو أشرف وأعظم مايجب ان يجتهد العبد في بلوغه ،
و أجل غاية يسعى اليها المشمرون من أهل البِدار والاستباق والعمل ،
فالرَابِح انما من يُلذذ الروح بالشوق الى خالقها في دنياه ويتلذذ بالنظر اليه في أُخراه
الشوق لذة روحه في هذه الـ *** ـدنيـا ويوم قيـامة الأبدان
تلتذ بالنظر الذي فازت بـه *** دون الجوارح هـذه العينـان
والله ما في هذه الدنيا ألذّ من *** اشتيـاق العبـد للـرحمـن (*)




فأي نَعيم بمثل ذاك وأي عطاء بمثل هذا ؟
،
وبِهذا ألا يَستَحق كلُّ ذلك الوَعد
أن:
نكون لله كما يُريد ؟
ان نقف بثبات امام المغريات والشهوات؟
أن نقفل الهوى بأكمام مراقبته لنا ؟
أن نجتهد في إرضائه حتى يحين موعد اللقاء ؟!








(*) شِعر ابن القيم





المراجع :
موقع الدرر السنية
موقع المختار الاسلامي



أنفاس الإيمان







©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©