بسم الله
السلام عليكم
أيها الأحبة حياكم الله أجمعين أكتعين أبصعين أبتعين،
إنه عندما يحل موضوع الاختلاط وبطبيعة الحال يكون محور الموضوع هي المرأة ، فالمتأمل حقيقة يجد أن الاختلاط سببه خروج المرأة
وعلاجه يكون بعلاج تلك المسببات ،فلا يعقل أن نقول للرجل لا تختلط وألزم بيتك ،إذ أن القوامة له وهو المطالب بتحصيل الرزق والإنفاق على المرأة بحكم القوامة والأفضلية التي حباه الله بها والتي تتوافق مع تركيبته الجسمية والمورفولوجية (يوجد فتوى جميلة جدا للشيخ فركوس حفظه الله يمكن الرجوع إليها).

والمرأة في هذا الموضوع بالذات بين طرفين نقيضين وفئة ثالثة سأعرج عليها في آخر المقال:

فئة تريد استعباد المرأة فحَرمت عليها العَمل وحرمت عليها الدراسة وأي شيىء قد يكون خارج البيت،
فأرادوها مجرد أثاث بالبيت لا تٌفرق عن ثلاجة أو غسالة ، مجرد آلة آدمية للمتعة البشرية وفقط وليتهم في ذلك ينون إناطتها بمهمة
التنشئة والتربية لكنه مجرد احتقار واستصغار للمرأة بنظرة دونية ورجعية لا علاقة لها بالإسلام وروحه وإن حاولو صبغها بصبغة إسلامية.

وفئة من المجافين تدفع بها للاختلاط والسفور ووأد الأنوثة والحياء بحجة العمل تارة وأخرى بحجة الدراسة،
ناهيك عن أسطوانات التغريبيين من مساواة وتحرر وحرية .

وإني لأعجب ممن يدفع بكريمته بين أربع جدران مع فاسق أو ماجن بل لو حتى مع صالح لتكون سكريتيرة ثم يقول :
"مرتي تخدم وعليها الكلام وساترة روحها و ما خصها والو !؟"، فتباسم هذا وتصافح الآخر ، وتقول للجمع وهي منصرفة :
" انشوفكم غدوا إن شاء الله بإبتسامة مبتذلة"، ولا يرى ذلك شيئا .

وما أجمل ما قيل الشمس لا تغطى بالغربال وهاهي الإدارات ماثلة أمامنا ونرى ما يحصل بها !

أو يرسل ابنته تسافر دون محرم ضاربا بعرض الحائط قول الرسول فيرسلها في إقامات جامعية بعيدة ،
في بيئة أقل ما يقال عنها بيئة غير محتشمة ثم يصادفك فيقول لك "بعثت بنتي تقرا باش تطلع أنجينيورة وطبيبة " !؟؟،
فهو واثق من ابنته وتربيته لها، ونحن أيضا لا نقدح في تربيته لها وأخلاقها لكن مهما تكن لا تصل ذرة من ذرات أخلاق الصحابيات اللواتي خوطبن بعدم السفر لوحدهن و خوطبن بعدم الخضوع وعدم الاختلاط وكان البيت لهن خير من المسجد فالأمر ليس مسألة ثقة وتربية بقدر ما هو لزوم أمر الشارع.

فلذلك كم أتمنى أن يُستحدث في وطننا أماكن غير مختلطة نرى فيها كريماتنا ونصف المجتمع يمارسن الطب والهندس ويمارسن أرقى العلوم بكل فخر وإعتزاز فتستحدث لهن جامعات ومدارس ومستشفيات،، يدرسن فيها كل الفنون الطيبة فنفرح بفلذات أكبادنا نُدرسهم ونُعلمهم ونَدعهم يُعملون .

وهذا بدل أن ندفع بهم لمعصية الله ورسوله، فالقصة كما لا يخفاكم أيها الأحبة ليست عمل ودراسة لذاتهما
فالصحابيات كن ممرضات في الحروب وكن بالأسواق وهن شقائق الرجال أما الدراسة والعمل اليوم خالجه
كثير من المعاصي والمحاذير الشرعية إلا ما رحم ربي من بعض المراحل وبعض الوظائف المحترمة.

ولعل عزاء أولائك المحتسبات اللواتي ورغم شاهدتهن فضلن البيت على عمل مختلط مشين يخدش الحياء ويحط من قدرها هو قول القائل :

إذا وقع الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماءإذا رأت الكلاب ولغن فيه


وخير منه قول قتادة بن دعامة السدوسي التابعي الجليل: لا يقْدِرُ رَجلٌ على حَرَامٍ ثم يَدَعه ليس به إلا مخافة الله عز وجل
إلا أبْدَله في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خيرٌ له من ذلك.

وخير من كل هذا قول ربنا عز وجل (ومن يتّق الله يَجْعَل لَهُ مَخْرجاً. ويَرْزُقَهُ من حيث لا يَحْتَسب)

فقد زرت بلدا إسلاميا ووجدت هذا الحلم متحقق سلس رائع فياله من إكرام للمرأة حقيقة لا كلام، حيث لا يوجد قط مرفقا مختلطا إلا السوق بل لن تصدقوني لو قلت لكم أنه لايكاد يخلو بيت قط فضلا عن الإدارات والمعاهد والمدارس والبنوك وكل مرفق من باب للرجال وآخر للنساء ، فلما لا تفعل دولتنا مثلها نسأل الله لها التوفيق!؟.

وإنك لتعجب كيف أننا نقتدي بالغرب القذة بالقذة ولو دخلوا حجر ضب لدخلناه ،، بأبي وأمي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون لما اختار الضب(يوجد هذا في الهوامش) فأتذكر وأنا صغير في سن العشرينيات كانت دراستي بجامعة مادة الفرنسية حوالي منطقة تور الوسطى فياسبحان الله كانت الإقامة الجامعة بجدران شرفاتها لازالت بقايا الصبغة الوردية موجودة فعندما استفسرت قيل لي أنها كانت خاصة بالبنات ،،
فحتى هم كانوا لوقت قريب على الفطرة بل الغرب الأول أمريكا به سعي حثيث لدراسة ظاهرة الاختلاط من جديد وتأثيرها على الرأسمالية والإنتاجية .

إلا نحن كما يقول المثل (تبع وقول بع).

فسلبنا شخصيتنا وعزتنا وغدونا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ،،مخالفين للسلف ومنبذون عند الغرب والله المستعان.

وهاهنا نَكتة عظيمة وجب التنبه لها ، فالعجب الأعظم هو من ناس مُسخت فطرتهم حتى أصبحوا لا يرون مثل هذا شيىء بل يدافعون عنه ويحسبون أنفسهم أهل فضل ، ولا يرونه شيئا ، وهكذا هي القلوب عندما يُطمس عليها فتموت الغيرة والفضيلة وتهون المعصية ، فيُقر الخبث والعياذ بالله ، ويحسب نفسه يحسن صنعا ،
بل يظن الإختلاط من ضروريات العصر ويصبر نفسه أنه في سعة من الأمر مادام لم يخل بالآداب العامة
بل بعضهم يصنفه تحت بند الدعوة لله !!!

أيها الأحبة ، المجتمع الجزائري يكاد عن بكرة أبيه واقع في الاختلاط بما فيهم محدثكم بن باديس وهذا بحكم الواقع والتنشئة لكن هناك فرق بين من يفعله مقرا بخطورة الوضع وتقصيره وسعيه للتخلص منه والإقلال منه كل بما يقدر عليه وبين من يحسب الأمر عادي وكأنه لا يفعل شيىء بل لعله يحسب نفسه يحسن صنعا، فيعمق الإختلاط بل يعطيه صبغة شرعية ! و هو هذا بيت القصيد ومربط الفرس.

كانت إحدهن ذات خلق كبير ودين ولباس شرعي كامل (ما نسميه عادة الجلباب) وكانت لاتكلم الرجال قط إلا بما يخص العمل ولا تختلط بهم وشبه منعزلة فتوسمت فيها إحدى صديقاتها خيرا ،فبعدما تخيرت الزمان والمكان والأسلوب فاتحتها بالمناصحة قائلة:

أيتها الفاضلة أليس بيتك خير لك أم تراك مظطرة !

رغم ما كانت عليه من الحشمة والفضل ، لم تنتفض وتدافع عن نفسها وانتصرت لها بل طأطأت رأسها وقالت ، أختي إدعيلي معاك فلعل الله يخلصني من هذا العمل ففعلا قد أتعبني نفسيا ،وعائلتي هي التي تدفع بي بل انهم وعندما أكلمهم في هذا يتهمونني بالخرف ويقترحون علي الذهاب للراقي !؟ والله المستعان.

أقل ما نريده أيها الأحبة هو نساء ورجال مثل تلك حتى وإن وقعن في الاختلاط المنهي عنه شرعا أدركن الخطأ وسعين في تصحيح نمذجي مفصله والتخفيف منه ،لا أن ينبسطن به ويقهقهن ، ويسعدن بل ويدافعن عنه.
أيا جماعة تهلاو في روحكم وربي يهدينا أجمعين
وكتب / باديسي





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©