جواب ذكي من الشاب الأميركي (مصطفى) لشاب صيني سأله: لماذا أنتم تصلون في اليوم خمس مرات؟ ألا يكفيكم أن تصلوا مرة واحدة؟ فأجابه: إن الله خلق الإنسان من جسد وروح، وكلاهما يحتاج لاهتمام ونظافة، فنحن نتوضأ في اليوم خمس مرات لنظافة الجسد وطهارته، أما الروح فنصلي خمس مرات في اليوم لنظافتها وسعادتها، فأعجب الصيني بجواب الأميركي وكان هذا الجواب سببا في دخوله للإسلام.

(مصطفى) شاب أميركي دخل في الإسلام في صغره والآن هو في مكة المكرمة يكمل رسالة الدكتوراه، جلست معه جلسة ممتعة نتبادل فيها أطراف الحديث وسألته عن أكثر ما لفت نظره بالإسلام، فقال لفت نظري أمرين: الأول عندما كنت صغيرا شاهدت صلاة المسلمين بالحرم المكي بالتلفاز فكنت أستغرب من هدوء وسكينة كل هذه الآلاف التي تقف بخشوع للصلاة على الرغم من شدة الزحام وحرارة الجو من غير شكوى أو تذمر تقربا لله تعالى، والأمر الثاني (تحمل المسؤولية)، فقلت له: ماذا تقصد بذلك؟ قال: بمجرد ما دخلت بالإسلام شعرت أن الدين يكلفني بأن أنشر الخير الذي تعرفت عليه، ولهذا قررت أن أتعلم الدين ودرست الالشريعة الاسلامية وانتهيت من الماجستير والآن في نهاية الدكتوراه ان شاء الله.

(مصطفى) عمره 30 سنة ومتزوج وقد رزق ببنت سماها «جودي»، قال لي: لما كنت في المن التعليم الثانوية بنيويورك كنت المسلم الوحيد من بين 500 طالب مسيحي ويهودي ولا ديني، وقد عانيت كثيرا من بعض الطلبة بسبب كثرة استهزائهم بديني وإسلامي ولكني تعاملت معهم بصبر وحكمة وتفوقت عليهم علميا حتى صرت الأول على مدرستي فصاروا يحترمونني.

إن كلامه عن الصلاة يذكرني بموقف حصل لبعض الأصدقاء عندما وقفوا يصلون في أحد شوارع لندن فتجمهر الناس حولهم يصورونهم وينظرون إليهم، وبعد انتهاء الصلاة دار الحديث مع بعضهم حول الصلاة وكان هذا الموقف سببا في دخول أحدهم الاسلام

إن الصلاة صلة بين العبد وربه، ومن حرم الصلاة فقد حرم خيرا كثيرا، وأذكر في جلسة شبابية دار حوار بين شاب مسيحي وآخر مسلم، فقال المسيحي: نحن واليهود يحبنا ربنا أكثر منكم، فسأله المسلم وكيف عرفت أن الله يحبكم أكثر؟ فأجاب: لأن الله قد أراحنا بالصلاة فنحن واليهود نصلي بالأسبوع مرة واحدة وهذه من علامات حب الله لنا، فقال له الشاب المسلم ولكن مثالك هذا يثبت عكس ما قلت، فرد عليه المسيحي وكيف ذلك؟ فقال: دعني أضرب لك مثلا يشرح مفصل فكرتك، لو اختلف الوالدان في رؤية أبنائهما وحكم القاضي أن تكون المشاهدة مرة واحدة بالأسبوع، فاعترض أحد الوالدين وطلب المشاهدة يومية فما رأيك بهذا الطلب؟ قال: هو الصواب لأنه يحب أن يرى أبناءه كل يوم، فرد عليه الشاب ولهذا أنا أقول لك ان الله يحب من عبده أن يتواصل معه كل يوم، وأن يكون التواصل في اليوم أكثر من مرة وهو ما نفعله نحن المسلمون بالصلاة، ولهذا نحن نصلي باليوم خمس مرات غير السنن، وانتهى الحوار.

فالصلوات الخمس لها حكمة وميزة، فمن ميزاتها أنها لا تعطي للمخطئ فرصة للاستمرار بخطئه وتذكره دائما بمسح ذنوبه، فلو ارتكب الإنسان ذنبا في أي ساعة من اليوم في الليل أو النهار فإن الصلاة ستكون سببا في تذكيره بالتوبة والرجوع إلى الله، كما أن كل ما في الصلاة يساعد المصلي على النجاح بالحياة والتفوق، فسورة (الفاتحة) تفتح أعيننا للحق والصواب، ففيها الشكر والمدح والدعاء واللجوء إلى الله وفيها الابتعاد عن منهج المخطئين والمنحرفين، وهي أكثر سورة نكررها في كل صلاة، فهي فاتحة الصلاة وفاتحة القرآن وفاتحة كل شيء، فإن كان علماء الإدارة يعلموننا كيف نكتب خطتنا ورؤيتنا في الحياة، فإن سورة الفاتحة تساعدنا على كتاب كاملة خطتنا ووضع رؤيتنا، والصلاة تساعدنا على تحقيق هذه الرؤية بضبط أوقاتنا والاستعانة بالله، فالصلاة نور وبرهان وفاتحة كل خير وهي قرة عين النبي الكريم فلتكن صلاتنا قرة عين لنا ولنحافظ عليها.

نشر هذا المقال في جريدة اليوم السعودية.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©