لْخُطْبَةُ الْأُولَى:
<font size=&quot;6&quot;><div align=&quot;right&quot;>
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عِمْرَان:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النِّسَاء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ مَا يَحْدُثُ فِي مِصْرَ الْآنَ إِنَّمَا هُوَ جُزْءٌ مِنْ تِلْكَ الْخُطَّةِ الَّتِي بَشَّرَ بِهَا أَحْبَارُ الْمَاسُونِ، وَأَنْبِيَاءُ إِسْرَائِيلَ، وَشُيُوخُ صُهْيُونَ، فِي مَوْسُوعَاتٍ وَدِرَاسَاتٍ وَمُؤْتَمَرَاتٍ، وَفِي أَسْفَارِ: التَّوْرَاةِ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُلُوكِ، وَالتَّوَارِيخِ، وَالْمَزَامِيرِ.
وَتَخَصُّ خُطَّةُ الْمُهَنْدِسِ الْأَقْدَسِ مِصْرَ –نَعَمْ! مِصْرَ- بِالنَّصِيبِ الْأَوْفَى مِنْ رِجْسِ الْخَرَابِ، مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ.
خُطِّطَ لَهَا وَنَفَّذَ أَبْنَاؤُهَا؛ حَتَّى يَذُوبَ قَلْبُهَا دَاخِلَهَا، وَيَقْتُلَ الْمِصْرِيُّونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَدُورَ الْقِتَالُ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، بَعْدَ الْفِتْنَةِ الَّتِي يَزْرَعُهَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ.
وَتَجِفُّ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ: يَجِفُّ النَّهْرُ وَتُنْتِنُ مِيَاهُهُ، وَتَتَبَدَّدُ كُلُّ مَزَارِعِهِ، حَتَّى السَّوَاقِي تَجِفُّ، وَتُصْبِحُ مِصْرُ كَالنِّسَاءِ؛ فَتَرْتَعِدُ خَوْفًا وَفَزَعًا، وَيَصِيحُ فِي دَاخِلِهَا أَهْلُهَا إِذْ يَصِيرُونَ فِي خَمْسَةِ أَقَالِيمَ كُلُّهَا تَتَكَلَّمُ اللُّغَةَ الْعِبْرِيَّةَ، وَتَتَلَاطَمُ مِيَاهُ الْغَرَقِ عَلَى أَرْضِهَا، وَيَأْكُلُ السَّيْفُ وَيَشْبَعُ وَيَرْتَوِي مِنْ دَمِ الْمِصْرِيِّينَ، وَتُسْبَى الْعَذَارَى الْمِصْرِيَّاتُ وَقَدْ مَلَأَ الْأَرْضَ صُرَاخُهُنُّ، وَيُسْحَبْنَ أَسِيرَاتٍ فِي خِزْيٍ عَالَمِيٍّ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ فِي جَلْعَادَ.
مِصْرُ الْمَوْعُودَةُ: بِأَنْ تَكُونَ عُكَّازَ قَصَبٍ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ؛ يَكْسِرُونَهُ وَيَدُوسُونَ عَلَيْهِ!
مِصْرُ الْمُنْذَرَةُ: -وَفْقَ الْبِشَارَةِ الْمَاسُونِيَّةِ- بِأَنْ لَا تَمُرَّ فِيهَا رِجْلُ إِنْسَانٍ وَلَا رِجْلُ بَهِيمَةٍ, وَيُشَتَّتُ الْمِصْرِيُّونَ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَيُبَدَّدُونَ فِي الْأَرَاضِي، وَتُؤْخَذُ ثَرْوَةُ مِصْرَ، وَتُهْدَمُ أُسُسُهَا، وَيَنْحَطُّ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا، وَتُضْرَمُ النَّارُ فِيهَا، وَتَتَحَوَّلُ الْأَعْيَادُ نَوْحًا وَالْأَغَانِي مَرَاثِيَ، وَفِي كُلِّ بَيْتٍ مَنَاحَةٌ كَمَنَاحَةِ الْوَحِيدِ! [1]


<div style=&quot;position: absolute; top: -1999px; left: -1988px;&quot; id=&quot;stcpDiv&quot;>
كُلُّ ذَلِكَ تَجِدُهُ فِي أَسْفَارِهِمْ فِي كِتَابِهِمُ الْمُقَدَّسِ -بِزَعْمِهِمْ-!!
فَالَّذِي يَجْرِي فِي مِصْرَ الْآنَ لَيْسَ إِلَّا صِرَاعًا فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ بَيْنَ حَضَارَتَيْنِ:
الْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِأُصُولِهَا الشَّرْعِيَّةِ: (مِنَ التَّوْحِيدِ، وَاتِّبَاعِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، وَالْحَضَارَةِ الْغَرْبِيَّةِ بِأُصُولِها الْوَثَنِيَّةِ التَّوْرَاتِيَّةِ الصَّلِيبِيَّةِ.
الَّذِي يَجْرِي فِي مِصْرَ يُرَادُ مِنْهُ التَّغْيِيرُ!!
التَّغْيِيرُ الَّذِي يَعْنِي الْخُرُوجَ مِنَ الْأُطُرِ الْقَدِيمَةِ: عَقَدِيَّةً، وَشَرْعِيَّةً، وَاجْتِمَاعِيَّةً، وَأَخْلَاقِيَّةً، وَحَيَاتِيَّةً!
التَّغْيِيرُ الَّذِي يَعْنِي أَنْ نُطَلِّقَ طَلَاقًا بَائِنًا لَا رَجْعَةَ فِيهِ كُلَّ مَا يَتَّصِلُ بِالْمَاضِي: تُرَاثًا، وَلُغَةً، وَحَضَارَةً، وَانْتِمَاءً, وعَادَاتٍ!
التَّغْيِيرُ الَّذِي يَعْنِي:
أَنْ نَلْبَسَ «الْجِينْزَ» بَدَلَ الْقَمِيصِ!
وَأَنْ نَأْكُلَ بِالْيُسْرَى بَدَلَ الْيُمْنَى!
وَأَنْ نَأْكُلَ «الْبِيتْزَا» بَدَلَ الثَّرِيدِ!
وَأَنْ تُعَدِّدَ الْمَرْأَةُ الْأَزْوَاجَ بَدَلَ أَنْ يُعَدِّدَ الرَّجُلُ الزَّوْجَاتِ!
وَأَنْ نَقْبَلَ الْبِغَاءَ وَنَرْفُضَ الزَّواجَ!
وَأَنْ نَرْطُنَ بِالرِّطَانَةِ الْأَعْجَمِيَّةِ بَدَلَ الْإِفْصَاحِ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الشَّرِيفَةِ!
الَّذِي يَجْرِي فِي مِصْرَ الْآنَ يُرَادُ مِنْهُ:
أَنْ تَتَأَخَّرَ الْجَامِعَةُ الْأَزْهَرِيَّةُ لِتَتَقَدَّمَ الْجَامِعَةُ الْأَمْرِيكِيَّةُ!
وَأَنْ يَذْهَبَ الْحِجَابُ لِيَعُمَّ السُّفُورُ وَالْعُرْيُ!
وَأَنْ تُطْوَى أَعْلَامُ الْإِسْلَامِ وَرَايَاتُهُ فِي مِصْرَ لِتَرْتَفِعَ أَعْلَامُ الصَّلِيبِ وَأَعْلَامُ نَجْمَةِ دَاوُدَ!!
نَعَمْ؛ يُرَادُ لَنَا فِي مِصْرَ أَنْ تَتَأَخَّرَ الْجَامِعَةُ الْأَزْهَرِيَّةُ؛ لِتَتَقَدَّمَ الْجَامِعَةُ الْأَمْرِيكِيَّةُ؛ فَإِنَّ الَّذِينَ فَجَّرُوا تِلْكَ الْحَرَكَةَ -الَّتِي أَتَوْا بِهَا- إِنَّمَا هُمْ مِنْ جَحَافِلِ خِرِّيجِي وَطُلَّابِ الْجَامِعَةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ، يَتْبَعُهُمْ وَيُؤَازِرُهُمْ وَيُنَاصِرُهُمُ: الْفَنَّانُونَ الْمُنْحَلُّونَ، وَالْمُخْرِجُونَ السُّفَهَاءُ، وَالْفَنَّانَاتُ، وَأَصْحَابُ الْخِزْيِ وَالْعُرْيِ وَالسُّفُورِ وَالْبَحْثِ عَنْ تَطْلِيقِ الْفَضِيلَةِ؛ لِأَنَّ مُجْتَمَعَ الذُّكُورِيَّةِ لَا يُعْجِبُهُمْ!!
إِنَّهُمْ يُرِيدُونَ مُجْتَمَعًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وَشَرِيفٍ وَوَضِيعٍ.
إِنَّ الصَّرَاعَ الَّذِي يَدُورُ فِي مِصْرَ وَفِي عَالَمِنَا الْعَرَبِيِّ مُنْذُ الْحَمْلُةِ الْفَرَنْسِيَّةِ إِلَى الْيَوْمِ يَدُورُ بَيْنَ مَدْرَسَتَيْنِ رَئِيسَتَيْنِ:
الْمَدْرَسَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ الْوَطَنِيَّةُ: وَهِيَ الَّتِي تَقُولُ بِأَنَّ الشُّعُوبَ الْمُتَخَلِّفَةَ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تُحَقِّقَ تَقَدُّمَهَا التِّقْنِيَّ إِلَّا مِنْ خِلَالِ رَفْضِ قِيَمِ الْحَضَارَاتِ الْمُتَفَوِّقَةِ، تَرْفُضُ الِانْدِمَاجَ فِيهَا، وَتَرْفُضُ التَّبَعِيَّةَ لَهَا, تُؤْمِنُ بِذَلِكَ بِقَدْرِ مَا تَتَشَبَّثُ بِوُجُودِهَا وَذَاتِيَّتِهَا وَتُرَاثِها وَحَضَارَتِهَا، وَبِقَدْرِ مَا تَزْدَادُ قُدْرَةُ الْأُمَّةِ عَلَى اكْتِسَابِ عَوَامِلِ التَّفَوُّقِ الْآلِيِّ عَلَى خَصْمِهَا يَكُونُ تَمَسُّكُهَا بِقَدِيمِهَا، بِتُرَاثِهَا، بِحَضَارَتِهَا، بِلُغَتِهَا، بِدِينِهَا.
كُلُّ أُمَّةٍ يَمَسُّهَا هَذَا الصِّرَاعُ أَوْ تُصْبِحُ طَرَفًا فِيهِ تُدْرِكُ أَنَّ التَّفَوُّقَ الْآلِيَّ هُوَ الَّذِي يُمَكِّنُ خَصْمَهَا مِنْهَا أَوْ يُمَكِّنُهَا هِيَ مِنْ خَصْمِهَا؛ فَمَا مِنْ خِلَافٍ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْآلَاتِ الَّتِي تَصْنَعُ الْأَسْلِحَةَ وَتَتَحَوَّلُ إِلَى أَسْلِحَةٍ.
وَلَيْسَ كَشْفًا أَنْ يَنْتَبِهَ الْبَعْضُ لِأَهَمِّيَّةِ التَّقَدُّمِ التِّقْنِيِّ، وَلَكِنَّ الْمُشْكِلَةَ هِيَ فِي اكْتِشَافِ السَّبِيلِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ نَسْلُكَهُ -لِأَنَّنَا مِنَ الْأُمَمِ الْمُتَخَلِّفَةِ آلِيًّا- لِكَيْ نُحَقِّقَ التَّقَدُّمَ الْآلِيَّ.
إِنَّ رَأْيَ الْمَدْرَسَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ الَّذِي تَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ تَجَاربُ التَّارِيخِ كُلِّهِ مِنَ الْعَرَبِ إِلَى الْيَابَانِ، وَتُعَزِّزُ صِدْقَهُ تَجَاربُنَا الْفَاشِلَةُ بَلْ وَتَجَاربُ كُلِّ الشُّعُوبِ الَّتِي مَا زَالَتْ تَرْزَحُ تَحْتَ نِيرِ التَّخَلُّفِ: -هَذَا الرَّأْيُ الَّذِي هُوَ عَقِيدَةُ الْمَدْرَسَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ- هُوَ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ مَا مِنْ أُمَّةٍ تَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْ دَائِرَةِ التَّخَلُّفِ, وَتَسْتَطِيعُ مُسَايَرَةَ الزَّمَنِ إِلَّا مِنْ خِلَالِ صِرَاعِهَا, وَرَفْضِهَا, وَكِفَاحِهَا ضِدَّ الْحَضَارَاتِ الْمُتَفَوِّقَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمُعَاصِرَةِ.
وَأَمَّا الْمَدْرَسَةُ التَّغْرِيبِيَّةُ الاسْتِعْمَارِيَّةُ فَإِنَّهَا تَقُولُ بِعَكْسِ ذَلِكَ: إِذْ تَعْتَبِرُ أَنَّ الْحَضَارَةَ كَمَجْرَى نَهْرٍ يَكْفِي أَنْ تَشُقَّ تُرْعَةً لِمِيَاهِهِ حَتَّى تَجْرِيَ فِي أَرْضِكَ, وَتَرْتَوِيَ وَتَرْتَبِطَ بِالنَّهْرِ فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ، وَأَنَّ كُلَّ مُحَاوَلَةٍ لِلِانْفِصَالِ عَنْ مَجْرَى التَّقَدُّمِ هُوَ زِيَادَةٌ فِي الظَّمَأِ الْحَضَارِيِّ.
<font color=&quot;maroon&quot;><font face=&quot;Traditional Arabic&quot;> &nbsp%




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©