جاء في كتاب كامل التوحيد "باب لا يرد من سأل بالله "
وهناك مسالة واقعية ألا وهي كثرة التسول خاصة في الشوارع فهل كل هؤلاء المتسولين لا يردون !! نعم حتى ذهب بعض من أهل العلم أنك دائما تجعل في جيبك صرف رقيق فتعطي كل سائل بالله ولو أدنى شيئ ولا ترده فيأثم هو ولا أنت !


لكن هذا سيؤدي حتما الى حرج كبير ...تخيل أخي لو مر عليك عشرات أو المئات من المتسولين ؟؟





يجيبك الشيخ صالح آل الشيخ في كتاب كامله " التمهيد في شرح مفصل كتاب كامل التوحيد " واحرص عليها
فانها فائدة جليلة نفيسة .....


باب لا يرد من سأل بالله


عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r{ من سأل بالله فأعطوا ومن استعاذ بالله فأعيذوا ومن دعاكم فأجيبوا ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قـد كافأتموه}([1])([2]). رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح. فيه مسائل:



الأولى: إعاذة من استعاذ بالله. الثانية: إعطاء من سأل بالله. الثالثة: إجابة الدعوة. الرابعة: المكافأة على الصنيعة. الخامسة: أن الدعاء مكافأة لمن لم يقدر إلا عليه. السادسة: قوله: حتى تروا أنكم قد كافأتموه. الشرح مفصل: هذا الباب مع الباب الذي قبله ومع ما سبقه- كما ذكرنا- كلها في تعظيـم الله- جل وعلا- وربوبيته وأسمائه وصفات جزائريةه؛ لأن تعظيم ذلك من إكمال التوحيد ومن تحقيق التوحيد، ومن سأل بالله- جـل جلاله- فقـد سأل بعظيم، ومن استعاذ بالله فقد استعاذ بعظيم، بل استعاذ بمن له هذا الملكوت، وله تدبير الأمر - جل وعلا- فكيف يرد من جعل مالك كل شيء وسيلة؟ ولهذا كان من تعظيم الله التعظيم الواجب ألا يرد أحد سأل بالله- جل وعلا - فإذا سأل سؤالا وجعل الله- جل وعلا- هو الوسيلة فإنه لا يجوز أن يرد تعظيما لله جل وعلا والذي في قلبه تعظيم الله جل وعلا ينتفض إذا ذكر الله كما قال سبحانه(نما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم )) [الأنفال:
2] بمجرد ذكر الله تجل

القلوب لعلمهم بالله- جـل وعلا- وما يستحق، وعلمهم بتدبيره وملكوته وعظمة


صفاته وأسمائه- جـل وعلا- فإذا سأل أحد بالله فإن قلب الموحد . لا يكون رادا له لأنه



معظم لله مجّل لله جل وعلا وما يستحق فلا يرد أحدا جعل وسيلته اليه رب العزة سبحانه

وتعالى


.

ومن أهل العلم من قال: إن السائل بالله قد تجب إجابته ويحرم رده، وقد لا يجب ذلك، وهذا القول هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية واختيار عدد من المحققين بعده، وهو القول الثالث في المسألة.


وأما القول الأول: فهو أن من سأل بالله حرم أن يرد مطلقا. والقول الثاني: أن من سأل بالله استحب إجابته، وكره رده.
ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بحالة الوجوب: أن يتوجه السؤال لمعين في أمر معين، يعني: ألا يكون السائل سأل عددا من الناس بالله، ليحصل على شيء؛ فلهذا لم يدخل فيه السائل الفقير الذي يأتي فيسأل هذا ويسأل هذا، كما لم يدخـل فيه من يكون كاذبا في سؤاله، أما إذا لم يتوجه لمعـين في أمر معين، فإنه لا يجب عليه أن يؤتيه مطلبه، ويجوز له أن يرد سؤاله، وعلى هذا التفصيل يكون للمسألة ثلاثة أحوال: حال يحرم فيها رد السائل، وحال يكره فيها رد السائل، وحال يباح فيها رد السائل بالله. فيحرم رد السائل بالله: إذا توجه لمعين في أمر معين، كما إذا خصك بهذا التوجه، وسألك بالله أن تعينه وأنت قادر على أن تؤتيه مطلوبه. ويستحب: إذا كان التوجه ليس لمعـين، كأن يسـأل أشخاصا كثيرين، ويباح: إذا كان من سأل بالله يعرف منه الكذب. قوله: " باب لا يرد من سأل بالله " فيه عموم لأجل الحديث الوارد. " عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r{ من سأل بالله فأعطوه}([4]): وإنما وجب إعطاؤه تعظيما لله جل وعلا. قوله: { ومن استعاذ بالله فأعيذوه}([5]) من استعاذ منك بالله فيجب أن تعيذه، فمن قال: أعوذ بالله منك، تعظيما لله- جل جلاله- تجيبه إلى ذلك وتتركه؛ لأن من استعاذ بالله فقد استعاذ بـأعظم مستعاذ به؛ وفي قصـة الجونية التي دخل عليها النبي عليه الصلاة والسلام واقترب منها، قالت له: أعوذ بالله منك، فابتعد عنـها عليه الصلاة والسلام وقـال: { لقد استعذت بمعاذ، الحقي بأهلك}([6])([7]). فلما استعاذت بالله منـه تركـها عليه الصلاة والسلام. قوله: { ومن دعاكم فأجيبوه}([8]) عامة أهـل العلـم علـى أن هـذا مخصوص بدعوة العرس، وأما سائر الدعوات فهي على الاستحباب. قوله: { ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه}([9]) من صنع إليك معروفا فكافئه، ولتكن مكافأته من جنس معروفه، إن كان معروفه من جهة المال فكافئه من جهة المال، وإن كان معروفه من جهة الجاه فكافئه من جهة الجاه، وهكذا. وعلاقة هذا بالتوحيد كما قال المحققون: أن الذي صنع له معروف يكون في قلبه ميل ونوع تذلل وخضوع في قلبه واسترواح لهذا الـذي صنـع إليه المعروف، ومعلوم أن تحقيق التوحيد لا يتم إلا بأن يكون القلب خاليا من كل ما سوى الله- جل جلاله- وأن يكون ذله وخضوعه وعرفانه بالجميل هو لله - جل وعلا- وتخليص القلب من ذلك يكون بالمكافأة على المعروف، وأنه إذا أدى إليك معروفا فخلص القلب من رؤية ذلك المعروف بأن تـرد إليـه معروفه؛ ولهذا قال: { فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكـم قد كافأتموه}([10])، لأجل أن يتخلص القلب من أثر ذلك المعروف، فترى أنك دعوت له بقدر ترجو معه أنك قد كافأته، وهذا لتخليص القلب مما سوى الله- جل وعلا- وهذه مقامات لا يدركـها إلا أرباب الإخـلاص، وتحقيق التوحيد جعلنا الله وإياكم منهم.

([1]) النسائي الزكاة (2567) ، أبو داود الزكاة (1672) ، أحمد (2/99) .

([2]) أخرجه أبو داود (1672) والنسائي 5 / 82 وصححه النووي في " رياض الصالحين " (653) .

([3]) سورة الأنفال آية : 2 .

([4]) النسائي الزكاة (2567) ، أبو داود الأدب (5109) ، أحمد (2/68) .

([5]) النسائي الزكاة (2567) ، أبو داود الأدب (5109) ، أحمد (2/68) .

([6]) البخاري الطلاق (4955) ، النسائي الطلاق (3417) ، ابن ماجه الطلاق (2037) .

([7]) أخرجه البخاري (5254) .

([8]) النسائي الزكاة (2567) ، أبو داود الزكاة (1672) ، أحمد (2/127) .

([9]) النسائي الزكاة (2567) ، أبو داود الزكاة (1672) ، أحمد (2/99) .

([10]) النسائي الزكاة (2567) ، أبو داود الزكاة (1672) ، أحمد (2/99) .





باختصار,,


من العلماء من قال يحرم ردٌّه تعظيما لله,ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال):من سأل بالله فأعطوا) .رواه أبو داود.ومن العلماء من قال:يكره رده ويستحب إجابته ,



وفصّل شيخ الاسلام ابن تيمية فقال:



يحرم ردّ السائل بالله إذا توجّه لك خاصة بطلبه وأنت قادر على تلبية طلبه,فمن تعظيم الله أن لا تردَّه
.



ويستحب إذا كان توجه لجماعة وسألهم بالله على أمر وأنت فيهمفلم يخصّك فيستحب إجابته
.




ولا يجب عليك إذا سألك ما لا تملك أو كان في سؤاله عنت ومشقة تلحقك من وراء ذالك,أو سألك ما لا تملك
.

أخيرا,,






قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى:
من تعظيم صفات الله- جل وعلا- أن لا تدعو الله بها إلا في الأمور الجليلة ، فلا تسأل الله- جل وعلا- بوجهه أو باسمه الأعظم أو نحو ذلك في أمور حقيرة وضيعة لا تناسب تعظيم ذلك الاسم .






©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©